رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الحلم الذي تجسّد إلى حقيقة

قرر السفر إلى خارج حدود بلده والعمل أخيراً في الصحيفة التي أحبّها، لا سيما أنّه إنسان واثق من نفسه كثيراً، ويحترم شخصه، ولم يعتدِ يوماً على أحد، أو يوجه كلمة واحدة تطعن بأي شخص كان، أو تجعل الناس المحيطين به ينفرون منه. إنّه إنسان بسيط ومتواضع جداً، فضلاً عن أنه هادئ الطباع، وأكثر ما يهتم بعمله، ويوليه أهمية كبيرة، ولا يضيع دقيقة واحدة بعيداً عنه، وحلمه هو تحقيق أمنية كانت تلاعب خياله منذ الصغر، وهو السفر إلى أي دولة خليجية، أياً كانت، لأجل العمل هناك في مجال الصحافة التي يعشقها حتى الثمالة، ويوليها أهمية كبيرة. محاولات مبروك ورغبته في السفر لم تخف على أحد مع مرور الوقت، بل زاد رغبته أكثر، وإن اضطره ذلك إلى دفع أموال كثيرة بهدف تحقيق رغبته التي طالما اجتهد من أجلها لسنوات، ولم يكن المال هو الهدف من كل خطواته، بل انغماسه في العمل والتغلغل فيه والعشق الذي يوليه لها العمل ومنذ صغره، وهذا هو اختياره الذي طالما يأمل أن يتجسد إلى واقع يعيشه. فرح مبروك كثيراً بالفوز بعقد عمل في إحدى الصحف الخليجية، وأفرح معه الكثير من أصدقائه ورفاق دربه، لا سيما صديق طفولته فرحان الذي أكد عليه أنه يجب عدم إعلام أحد من الأصدقاء البقية بفحوى عقد العمل الجديد الذي وصله مؤخراً من قبل الصحيفة التي راسلها عبر البريد الإلكتروني، حتى تكتمل صورة الاتفاق بصيغته النهائية، وما عليه سوى التوقيع عليه وإعادة إرساله مجدداً إلى المصدر ليصار إلى اعتماده من قبل إدارة الصحيفة والمباشرة باستخراج تأشيرة الخروج وإرسالها له عبر مندوب المؤسسة الصحفية ليتمكن بعد ذلك من إرسال رسالة له، والسفر بصورة نهائية من ثم إلى مكان استصدار الصحيفة. بدأ مبروك يَعد عدّته، وتحضير ما يلزمه من حاجيات لزوم السفر إلى مكان إقامته الجديدة بعيداً عن أهله وأسرته وأولاده، حبّاً بالصحافة عشقه الأبدي الخالص. حجز بطاقة رحلته من أحد مكاتب السياحة والسفر، وتم تحديد موعد رحلته بعد أيام، وما عليه سوى السفر قبل يوم من المكان الذي يعيش فيه مع أهله وأسرته، في تلك المدينة الصغيرة، والتوجه إلى العاصمة، مكان انطلاق الرحلة بالطائرة التي انتظرها طويلاً التي ستتوجه إلى المكان الذي كان مجرد حلم وردي. وبعد أيام، وبعد وصوله عاصمة البلد الذي يعيش فيه، اتصل بصاحب تكسي الذي تم الاتفاق معه مسبقاً بتوصيله إلى المطار قبل ثلاث ساعات من موعد الإقلاع كي لا تفوته موعد رحلة الطائرة التي انتظرها سنوات!. وبعد أيام من وصوله، باشر العمل في مركز الصحيفة التي التحق بها، وعلى أن يباشر عمله خلال أيام.

393

| 03 فبراير 2024

عن السفر وأبعاده

صدقت مقولة الشاعر عندما قال: مشينا خطىً كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطىً مشاها ما أصدقه من بيت شعر عرف قائله كيف يُثير فينا نوازع الغربة وما يصاحبها من ألم وحسرة وضيق حال، وهو يصف حالة الخطى التي أوصلت الكثير منا إلى بلاد قصية طالما كانت تسجل حلماً بالنسبة للكثيرين من جيلنا ومن سبقهم، ومن الشباب الطموح الذي ظل يحلم، مجرد حلم، بزيارة بلاد العم سام والدول الأوروبية وغيرها. وفي هذا المقام، أتذكر مقولة صديق طفولة، قضى أياماً طويلة في دراسة الطبّ في احدى الدول الأوروبية، وحاول، وبكل جهد مضن بعد تخرجه في الجامعة أن استقر به الحال في مدينة حلب الشهباء، إلّا أنَّ ظروفه القاهرة وضيق ذات اليد عادت به إلى لوعة الفراق، بغيابه مرة أخرى عن الأهل والأحبّة والأصدقاء، ما اضطرته ظروفه إلى السفر إلى دول الخليج العربي ليتمكن من شراء شقّة سكنية في حيّ متواضع في مسقط رأسه، وسبق له أن سافر إلى دول أمريكا الجنوبية لفترة وجيزة، واستطاع تقوية لغته الإنجليزية وتحسين مستواه، ولم تدم فترة إقامته هناك أكثر من ستة أشهر، وعاد مرة أخرى إلى مدينته يَجرُّ ذيول الغربة القاتلة، وها هو اليوم يمضي سنوات بعيداً عن الأهل والأحبّة مقيماً في إحدى دول الخليج العربي، ورئيساً لمركز طبّي هناك يُلملم جراحه!. هذا الصديق الطبيب، لطالما يردّد مقولة: «اللي يُحبّه ربّه يُشوْفُه مُلكُه»، وقد اتضح لي مع مرور الوقت أنَّ ما قاله صديقي المغترب في محله، وتجلى ذلك من خلال السفر، الذي هو في الواقع يُعدّ مدرسة في هذه الحياة التي نعيش أوارها المستعرة!.السفر، كما يقال: «قطعة من النار»، وإن تعددت أوجهه، سواء أكان ذلك بداعي العمل أو السياحة، فهو يثير في النفس مرارة الشوق واللوعة والفراق.وإن كان هذا الأنموذج ما زال له بريقه بالنسبة لنا، نحن الذين جبلنا على التغنّي بالأسفار والركض وراءها والتمجيد بها، وإن كانت فرصة لمن يريد الاستفادة منها في كثير من الأوجه، إلّا أنَّ ما يمكن أن نجنيه منها يحتاج إلى تركيز وصبر وأناة وحلم كبيرين، وفي النهاية سيكون الحصاد مثمراً، ولكن بقضاء أيام لا يمكن تصويرها ولا يمكن لها أن تعود. والعودة إليها فيها الكثير من الصعوبة، لأننا فقدناها. وفي لحظة ما قد يفقد المرء إنسانا عزيزا، وهو في بلاد الغربة، وهذا الفقدان، وإن كان مؤقتاً بعد أن جمعتهما الأيام، في عمل ما، وترك أحدهما الآخر، فقد يكون ذلك له أثره المباشر في تكوينه، وإن كانت الأيام شهدت على علاقتهما لفترة محدودة، ولكن الألفة والود والاحترام دفعت به إلى التعلّق بذلك الصديق تعلقاً كبيراً، إذا قسنا تلك العلاقة بعلاقته مع صديق طفولته قد لا توازيه محبّة ولا شوق، وهنا يكون الأنموذج، وإن كان وقتيا إلا أنّه أثمر صداقة مخلصة، وفية ومبهجة. فالسفر مفتاح الحياة النبيلة، ويفتح أمام المرء آفاقاً غريبة، ويدفع به إلى تعلّم أشياء جديدة، وعبر ونماذج أخرى كانت مغلقة أبوابها أمامه، ومن خلال التجربة والانخراط فيها، وهذا يكرّس إلى تفعيل دورنا في الحياة بدلاً من عدم الانفعال والتفاعل فيها.وهناك العديد من الصور التي تناولت السفر، أبعاده ومحطاته والصعاب التي تواجه المرء للوصول إلى هدفه، ومنها ما أورده الأديب الطبيب عبد السلام العجيلي، طيّب الله ثراه، عندما وصف لنا السفر في كتبه المنشورة، ومنها ما جاء في مجموعته القصصية: «دعوة إلى السفر»، و»حكايات من الرحلات»، وغير ذلك من الكتّاب والمشاهير العظام. وخير من عبر عن ذلك الإمام الشافعي: تغرّب عن الأوطان في طلب العلا، وسافر ففي الأسفار خمس فوائد:«تفريج همٍّ، واكتساب معيشةٍ، وعلمٍ، وآدابٍ، وصحبة ماجد». وكل ما يهمنا أنَّ الخطى التي بدأناها لا تزال تتقدم، ونأمل أن تظل كذلك حتى يكتب الله أمراً له نتائجه ومنحاه الذي رسمنا له طريقاً مفروشاً بالورود، وسيكون لتلك الخطوات نتائجها الإيجابية على المدى البعيد وإن طالت.

621

| 27 يناير 2024

عن السفر وأبعاده

صدقت مقولة الشاعر عندما قال: مشيناها خطى كتبت علينا... ومن كتبت عليه خطى مشاها ما أصدقه من بيت شعر عرف قائله كيف يُثير فينا نوازع الغربة وما يصاحبها من ألم وحسرة وضيق حال، وهو يصف حالة الخطى التي أوصلت الكثير منا إلى بلاد قصية طالما كانت تسجل حلماً بالنسبة للكثيرين من جيلنا ومن سبقهم، ومن الشباب الطموح الذي ظل يحلم، مجرد حلم، بزيارة بلاد العم سام والدول الأوروبية وغيرها. وفي هذا المقام، أتذكر مقولة صديق طفولة، قضى أياماً طويلة في دراسة الطبّ في احدى الدول الأوروبية، وحاول، وبكل جهد مضنٍ بعد تخرجه من الجامعة أن استقر به الحال في مدينة حلب الشهباء، إلّا أنَّ ظروفه القاهرة وضيق ذات اليد عادت به إلى لوعة الفراق، بغيابه مرة أخرى عن الأهل والأحبّة والأصدقاء، ما اضطرته ظروفه إلى السفر إلى دول الخليج العربي ليتمكن من شراء شقّة سكنية في حيّ متواضع في مسقط رأسه، وسبق له أن سافر إلى دول أمريكا الجنوبية لفترة وجيزة، واستطاع من تقوية لغته الإنجليزية وتحسين مستواه، ولم تدم فترة إقامته هناك أكثر من ستة أشهر، وعاد مرة أخرى إلى مدينته يَجرُّ ذيول الغربة القاتلة، وها هو اليوم يمضي سنوات بعيداً عن الأهل والأحبّة مقيماً في إحدى دول الخليج العربي، ورئيساً لمركز طبّي هناك يُلملم جراحه!. هذا الصديق الطبيب، لطالما يردّد مقولة: «اللي يُحبّه ربّه يُشوْفُه مُلكُه»، وقد اتضح لي مع مرور الوقت أنَّ ما قاله صديقي المغترب في محله، وتجلى ذلك من خلال السفر، الذي هو في الواقع يُعدّ مدرسة في هذه الحياة التي نعيش أوارها المستعرة!. السفر، كما يقال: «قطعة من النار»، وإن تعددت أوجهه، سواء أكان ذلك بداعي العمل أو السياحة، فهو يثير في النفس مرارة الشوق واللوعة والفراق!. وإن كان هذا الأنموذج لا زال له بريقه بالنسبة لنا، نحن الذين جبلنا على التغنّي بالأسفار والركض وراءها والتمجيد بها، وإن كانت فرصة لمن يريد الاستفادة منها في كثير من الأوجه، إلّا أنَّ ما يمكن أن نجنيه منها يحتاج إلى تركيز وصبر وأناة وحلم كبيرين، وفي النهاية سيكون الحصاد مثمراً، ولكن بقضاء أيام لا يمكن تصويرها ولا يمكن لها أن تعود. والعودة إليها فيه الكثير من الصعوبة، لأننا فقدناها..! وفي لحظة ما قد يفقد المرء إنسانا عزيزا، وهو في بلاد الغربة، وهذا الفقدان، وإن كان مؤقتاً بعد أن جمعتهما الأيام، في عمل ما، وترك أحدهما الآخر، فقد يكون ذلك له أثره المباشر في تكوينه، وإن كانت الأيام شهدت على علاقتهما لفترة محدودة، ولكن الألفة والود والاحترام دفعت به إلى التعلّق بذلك الصديق تعلقاً كبيراً، إذا قسنا تلك العلاقة بعلاقته مع صديق طفولته قد لا توازيه محبّة ولا شوق، وهنا يكون الأنموذج، وإن كان وقتيا إلا أنّه أثمر صداقة مخلصة، وفية ومبهجة. فالسفر مفتاح الحياة النبيلة، ويفتح أمام المرء آفاقاً غريبة، ويدفع به إلى تعلّم أشياء جديدة، وعبر ونماذج أخرى كانت مغلقة أبوابها أمامه، ومن خلال التجربة والانخراط فيها، وهذا يكرّس إلى تفعيل دورنا في الحياة بدلاً من عدم الانفعال والتفاعل فيها. وهناك العديد من الصور التي تناولت السفر، أبعاده ومحطاته والصعاب التي تواجه المرء للوصول إلى هدفه، ومنها ما أورده الأديب الطبيب عبد السلام العجيلي، طيّب الله ثراه، عندما وصف لنا السفر في كتبه المنشورة، ومنها ما جاء في مجموعته القصصية: «دعوة إلى السفر»، و»حكايات من الرحلات»، وغير ذلك من الكتّاب والمشاهير العظام. وخير من عبر عن ذلك الإمام الشافعي: تغرّب عن الأوطان في طلب العلا، وسافر ففي الأسفار خمس فوائد: «تفريج همٍّ، واكتساب معيشةٍ، وعلمٍ، وآدابٍ، وصحبة ماجد». وكل ما يهمنا أنَّ الخطى التي بدأناها لا تزال تتقدم، ونأمل أن تظل كذلك حتى يكتب الله أمراً له نتائجه ومنحاه الذي رسمنا له طريقاً مفروشاً بالورود، وسيكون لتلك الخطوات نتائجها الإيجابية على المدى البعيد وإن طالت.

867

| 05 يناير 2024

في رد الجميل

ماذا نفهم من رد الجميل، العبارة ليست بجديدة علينا، ويرددها معنا كثيرون بما تتضمنه من صور راقية تتجلى فيها القيمة الحقيقية للإنسان، فهي تدغدغ مشاعرنا ومحفورة في وجدان كل مواطن عربي لما لها من خصوصية متفردة، ولا يمكن بحال تركها على الرف دون الأخذ بها. رد الجميل.. يعرفه معنا الكثيرون، ومن جميع الأجيال والفئات العمرية، وسواء أكان ذلك بالنسبة للذكور أم الإناث من أبناء شعبنا. رد الجميل، شيء بالتأكيد مدلوله كبير، ومكانه من غير الممكن عدم الأخذ به والإدلال عليه. فهي ترتبط بالإنسان وما مقدار الخدمة والجميل الذي سبق أن قدمه في حياته تجاه أخيه وصديقه، وكل ما يرتبط به. إنّ رد الجميل هو جزء من المعروف الذي سبق أن قدم له من قبل صديق وأخ قريب، وغير ذلك؟ ومثالنا في ذلك، وكما يقال بالعامية: «من يشوفك بعين شوفو بعينين». إنَّ رد الجميل لقاء خدمة ما، أو عمل قمت به دون مقابل فعلى الطرف الآخر هو العمل على تقديره وتفعيله، ودون إرشاد أو توجيه من قبل ذاك الصديق الذي لقي الخدمة من قبل صديقه، وهذه لا تحتاج إلى توصية أو تزكية أو دفع من أحد. ما هو مطلوب من الشخص أن يقوم بنفسه بأداء الخدمة، ليس بالضرورة أن تكون في وقتها، وقد يمضي عليها أيام وأشهر وسنوات. فلا بد من موقف يلزمنا على إعادة رد الجميل في مكانه. قد يكون رد الجميل بسيطاً وتافها، ولكن له مدلوله بالنسبة للشخص الذي سبق أن سارع على أن يقدم خدمة دون مقابل، وهذه صفة يتحلى بها الكثير من الناس. فرد الجميل.. كلمة كبيرة في مفعولها ومدلولها، وتظل لها مكانتها بين الأصدقاء والأحبة لما لها من قيمة اجتماعية متفردة بين شرائح الناس كافة. في الحياة التي نعيش لا يمكن للإنسان أن يعيش وحيداً بعيداً عن المجتمع، ولهذا لابد له من أن يتعايش مع الناس أياً كانوا، والإسلام نهى عن نكران الجميل وردّه، بل إنّه عمّق من مفهومه، وعلى المسلم حفظ المعروف، ومقابلة ذلك الإحسان بالإحسان. فكل معروف هو صدقة جارية، وصانع المعروف لا يقع وإن وقع فإنه لا ينكسر، وعلى الإنسان أن يكون وفياً لكل من يسدي له معروفاً شاكراً له ما قدّم وإن كان بسيطاً. وقال المتنبي في هذه الصورة واصفاً رد الجميل، بقوله: إذا أنتَ أكرمتَ الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا وقالت العرب: ازرع جميلاً ولو في غيرِ موضعه... فلن يضيعُ جميلٌ أينما زرعا إنَّ الجميل وإن طال الزمان بهِ... فليسَ يحصدهُ إلّا الذي زرعا ويقول حكيم بن حزام: ما أصبحتُ وليسَ على بابي صاحبُ حاجةٍ... إلّا علمتُ أنَّها من المصائب وفي هذا يؤكد حكيم بن حزم أنّ المُصاب الحق هو ألا تجد من يحتاج إليك، أو يمر عليك يوم لا تصنعُ فيه معروفاً. ويقول نجيب محفوظ: ليس عليك أن ترد الجميل، ولكن كن أرقُّ مِن أن تنكره. ومن أحب الأعمال إلى الله سبحانه أن تدخل السرور على مسلم، أو تكشف عن كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تقوم على إطعامه في حال أنه جائع. يظلّ رد الجميل من الأخلاق الحميدة التي يتحلى بها أصحاب النفوس الصادقة، وهناك بالمقابل كثير من الناس لا ينكرون فضل من حولهم.

2955

| 30 سبتمبر 2023

البحث عن جنسيات مختلفة

في ظلّ الأزمة الخانقة التي تعيشها شعوبنا العربية، ما تزال أبواب السفارات الغربية، وفي أكثر من عاصمة عربية، تشبه هذه الأيام دكاكين البقّالة أيام الحرب، أو محطَّات البنزين أيام أزمة النفطّ! فالطوابير ظلت تصطف أمامها من الفجر حتى ساعة الإغلاق، كل يطلب فيزا للهروب من الوطن، ومكاتب الهجرة في عواصم الغرب، تكاد تصبح كأبواب السفارات في عواصم العَرب. فالعرب يبحثون اليوم عن جنسيات جديدة. جوازات سفر جديدة. يستبدلون بها القديم، خوفاً من أن يُصبح القديم مثل جواز السفر الروسي بعد سقوط القياصرة. هذا يريد أن يصبحُ أمريكياً، والثاني بريطانياً.. كندياً.. فرنسياً.. ألمانياً.. هولندياً.. نرويجياً.. سويدياً.. نمساوياً.. دنماركياً.. وحتى برتغالياً. وفرحة الحصول على جنسية جديدة أصبحت تعادل فرحة الحصول على حياة جديدة، مستقبل جديد، وآفاق جديدة. هكذا وصلنا مع الوطن، أو هكذا أوصلنا الوطن!!. ولا مانع لدى معظم الدول العربية، فهي تعطي الحق بجوازي سفر، فأنت لبناني في لبنان، وأمريكي في ويسكونسن، ودنْفِر، وسان خوسيه، ولوس انجليس، وأنت أردني في عمَّان، وبريطاني في مانشستر، ونيوكاسل، وليفربول، وبريستول. وأنت سوري في دمشق، وكويتي في الكويت، ومصري في مصر، وتونسي في تونس، وكندي في كيبك. والفرحة.. تكاد تُنسي الناس ماذا تعني الغربة إذا طالت، وماذا يعني أن تكون بلا وطن.. حتى لو امتلأت حقائبك بكل جوازات سفر العالم. وبعيداً عن السخرية التي تثير الدمع، فإنَّ ما يحدث هو أكبر من حجم الكارثة، والغريب أننا لا نهتم لها، ونعتبرها شيئاً طبيعياً، ولكنها إذا استمرت فقد نجد عدد العرب في أسلو أو كوبنهاغن.. في برلين أو ستوكهولم وفي أمستردام أكثر منهم في أي مدينة عربية، ونفقد ـ بالتالي ـ كل آمال وأحلام المستقبل، مع فقدان الذي يصنع المستقبل: الرجال. أطفال الغربة.. لا يعرفون العربية، بعضهم يتقن الهولندية، والآخر الفرنسية، والثالث الألمانية، والرابع السويدية، والخامس الدنماركية، وهكذا دواليك.. ولكن أحداً منهم لا يعرفُ العربية!. يُسمونهم الجيل الثاني، أو الثالث، أو حتى الرابع. هؤلاء في خلال أعوام سيحاربون مع جيوش البلدان التي اكتسبوا جنسيتها، ولا يعرفون عن الوطن إلّا ما يسمونه.. عرضاً من آبائهم وأمهاتهم. وهكذا تضيع الأوطان، وفي زمن الانهيار والهجرة القسرية!. نعد لنقول ما أحوجنا في هذه المتاهة والغربلة التي نعيش، إلى ضبط النفس أكثر فأكثر كي لا نقع في لومةِ لائم، أو حاسدٍ حاقد، وبعدها نلطم على وجوهنا، ونعاقب ما اقترفته أيدينا بدلاً من أن نطلقهما بوجه الريح، ونؤرشف لواقع مسّه الجنون، والاعتراف السائد، تماشياً مع ما نردّده اليوم: (معاهم معاهم، عليهم عليهم!). وما أحوجنا أن نحتكم إلى العقل، وإن كنا نعيش في ظل دمٍ يُراق، على أن ننشد الأمل والحرية، واللقاء بالأهل، وكل ما يربطنا بتلك الأرض الخيّرة المعطاء في كل مكان على هذه الخليقة. وما أحوجنا إلى فارسٍ صنديد، لم يسبق أن رأته العين، أو سمعت به الأذن، ليعلن خلاصنا من هذه اللعنة التي تعيشها أمتنا، وإن صعب عليه التحدّي!. وما أحوجنا إلى أن يكون التعامل الحسن، والاعتراف بالذنب، وهو فضيلة الفضائل، هو ما يربط العلاقة الوجدانية فيما بيننا، فضلاً عن اتساع صدرنا لأي قضية أو مشكلة تواجه مصيرنا، وكل ما له علاقة بالضمير والوجدان والأنا والـ نحن.

1080

| 08 يوليو 2023

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6165

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5067

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3741

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2850

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2439

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1548

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1443

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1077

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

990

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

984

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

954

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

864

| 20 أكتوبر 2025

أخبار محلية