رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

غزة أطفأت نار المجرمين وستنتصر

منذ أوقد الكيان الغاصب نار الحرب قبل عامين قلت وما زلت أقول، بيقين لا يتزعزع، إن غزة أطفأتها وستنتصر؛ قد يستغرب البعض هذا الحكم في ظل موازين القوى المادية المختلة، لكن التاريخ له منطقه الخاص الذي يتجاوز حسابات الحقد وآلة القتل والعتاد. لم أسمع في حياتي عن جيش نظامي، بكل ما أوتي من قوة وتكنولوجيا وجسور جوية داعمة، استطاع أن يصمد لعامين متواصلين وهو تحت حصار خانق فكيف إذاً بشعب أعزل، محاصر منذ 18 عاما براً وبحراً وجواً، يعاني نقص الغذاء والدواء والماء، ويقاوم ببسالة لعامين كاملين. إن لم يكن هذا الصمود الأسطوري هو الانتصار بعينه، فما هو تعريف الانتصار إذن؟ إن الانتصار ليس مجرد رفع راية على أنقاض مدينة، بل هو كسر إرادة الخصم وإفشال أهدافه وها هي إرادة غزة لم تُكسر، وأهداف المجرم نتنياهو تبخرت في رمالها. لذلك، أدعو جميع المهللين والمتخاذلين الذين راهنوا على حلم مجرم الحرب نتنياهو بـ «النصر المطلق»، أن يدركوا الحقيقة المرة التي تتكشف يوماً بعد يوم. الاحتفال الذي ينتظرنا ليس احتفالاً بانتصار العدو، بل هو احتفال مزدوج: احتفال بالفشل الذريع للمجرم نتنياهو، والأهم من ذلك، احتفال ببداية نهاية الاحتلال الذي طال أمده. لقد أثبتت غزة أن الاحتلال لم يعد مشروعاً قابلاً للحياة وأن العالم الذي تعاطف ذات يوم مع الرواية الصهيونية، وقبل بوجود هذا الكيان تحت ذريعة «شعب بلا وطن»، مستغلاً كرم العرب وطيبتهم التاريخية، يرى اليوم وجهاً آخر لهذا الكيان الغاصب. جرائم الحرب، والتجويع الممنهج، وتدمير المستشفيات والجامعات، كلها مشاهد تُبث على الهواء مباشرة، لتكشف عن وحشية لم يشهدها التاريخ الحديث بهذه الصورة الفاضحة. لقد تحول الكيان الغاصب من صورة حاولوا تسويقها «المعجزة الديمقراطية في الشرق الأوسط» إلى عبء أخلاقي وسياسي على العالم الغربي نفسه، الذي يجد نفسه متورطاً في دعم آلة قتل لا يمكن تبرير أفعالها. وعليه لم يعد خصم المجرم نتنياهو اليوم المقاومة البطلة في غزة فحسب، بل نصب نفسه عدواً للعالم أجمع هو يتحدى قرارات مجلس الأمن، ويسخر من أوامر محكمة العدل الدولية، ويتجاهل تحذيرات أقرب حلفائه في واشنطن ولندن وباريس. لقد تجسدت فيه مقولة «من أمن العقوبة أساء الأدب»، لكن يبدو أن زمن الحصانة المطلقة قد ولى، وأن صبر العالم قد نفد ولا أظن أن المجتمع الدولي، بكل مؤسساته وقواه الفاعلة، سيقف مكتوف الأيدي ليسمح لنزوات ورغبات مجرم بتحديد مصير منطقة بأكملها. هذا المجرم المختل وهو يرسم خرائط القتل والدمار والتشريد، لا يرسم مستقبلاً لكيانه اللقيط، بل يرسم نهايته السياسية ونهاية مشروعه، وكما قال نابليون بونابرت بحكمته العسكرية والسياسية: «عندما يدور رأس الإنسان بغرور النجاح، يكون هذا الإنسان قد وصل إلى الفشل» وها هو رأس المجرم نتنياهو يدور بغرور القوة، معلناً عن فشل استراتيجي مدوٍ، سيشهد عليه العالم أجمع.

237

| 03 سبتمبر 2025

في عالم اللامعقول

في عالم اللامعقول تخرج علينا سلطة الاحتلال الصهيوني بمشروع جديد يدرسه ويخطط له عباقرة العصابات الصهيونية، وأقصد بهؤلاء.. المستعمرين، ليس سلطة الاحتلال بل سلطة المستوطنين الصهاينة، والذين يتولون دور التخريب والتدمير في المناطق غير التابعة لسلطة العدو في غزة وفي الضفة الغربية ويواصلون بناء مستعمرات يسمونها مستوطنات، ويعتمد العالم كله تلك التسمية المضللة. وبذلك يبدو ان هدف الإصرار على التوسع في إنشاء هذه المستعمرات أنها ليست فقط لتعطيل وتخريب حياة سكان البلاد الأصليين بل لتقطيعها إلى مناطق معزولة عن بعضها البعض لكي تلغي سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية عليها، ولكي تسعى لتقسيم المقسم إلى مناطق يحكمها هؤلاء المستعمرون. وقد ظهر ذلك جليًا في محاولاتهم في الضفة الغربية وفي قطاع غزة مما جعلهم يستحقون الاسم الذي أطلق عليهم بأنهم كالسرطان. لقد أصبحت الصورة واضحة إذ أعلن هؤلاء المستعمرون والذين يسمون خطأ بالمستوطنين مسؤوليات رسمية في وضع الخطط كخبراء في نشر هذا السرطان لينهش ما تبقى من فلسطين ومن الدول العربية الأخرى المستهدفة، بمواصلة التدمير والتهجير والابادة والتنظيف العرقي المتواصل والممنهج. ومن الغريب ان نسمع تصريحا واضحا من الرئيس ترامب يقول فيه ان أمريكا تؤيد تأييدا كاملا كل ما تقوم به إسرائيل وكأنه لا يبدي أي اعتبار للبحث الذي تقوم به حاليا محكمة العدل الدولية التي اتهمت إسرائيل بالإبادة الجماعية، مما يجعل أمريكا شريكا حسب نظام المحكمة في هذه الجرائم الموصوفة. كنت قد توقعت قبل عام حربا أهلية في سلطة الاحتلال، ونسمح الآن نقاشا واضحا وعلى المستوى السياسي الصهيوني بأن سلطة الاحتلال قد تكون دخلت هذه الحرب. وما نفي رئيس الوزراء نتنياهو حرفيا بأنه ليس هنالك حرب أهلية متوقعة الا تأكيد على صحة إمكانية ذلك. واليوم أتوقع مرحلة ما بعد الحرب الأهلية ومن خلالها اتجاه سلطة الاحتلال الى ما يسمى حربا دستورية لأن خلاف الأطراف أساسه خلاف على ما يسمونه دستورا وعلى صلاحيات الأجهزة المختلفة بموجب هذا الدستور. وذلك الخلاف الذي جر أيضا المستشارة القانونية للدولة والمحكمة العليا لبحث الخلاف الدستوري، يمثل مرحلة ما قبل انحلال الكيان كليا لأن الخلاف الآن هو على الأسس الزائفة التي أنشئ بموجبها هذا الكيان المصطنع.

312

| 26 مارس 2025

جنوب أفريقيا نموذج للصمود أمام الضغوط الدولية

ظلت جنوب أفريقيا دائمًا مثالًا للثبات على المبادئ، خاصة في دعم القضية الفلسطينية، رغم التكاليف الباهظة التي تتحملها، فالدولة التي عانت لعقود من نظام الفصل العنصري تدرك جيدًا معنى الظلم والقمع، ودعمها لفلسطين ليس مجرد موقف سياسي، بل التزام أخلاقي نابع من تجربتها التاريخية. ورغم ضغوط الولايات المتحدة المتزايدة لسحب الدعوى ضد الكيان الغاصب أمام محكمة العدل الدولية، والتي تشمل وقف المساعدات وتجميد اتفاقيات تجارية كبرى مثل «أغوا»، ما يهدد صادرات بقيمة 3.6 مليار دولار، فلا تزال بريتوريا متمسكة بموقفها. وقد ترجم هذا الموقف النبيل من قبل إلى إجراء قانوني غير مسبوق، اذ رفعت العام الماضي دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة، مقدمة أدلة قوية تدعم القضية، ومؤكدة أن العالم لا يمكن أن يغض الطرف عن هذه الفظائع. لكن هذا الموقف لم يأتِ دون ثمن، فالعقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية تهدد استقرار جنوب أفريقيا، التي تعاني أصلًا من تحديات داخلية معقدة، ومع ذلك، تؤمن قيادتها بأن العدالة الدولية ليست مجرد شعار، بل مبدأ بطولي ونبيل يستحق الدفاع عنه، مهما كان الثمن. وفي هذا السياق، أحيي تصريح وزير العلاقات الدولية والتعاون رونالد لامولا لتأكيده لهذا الالتزام، حيث قال: «نحن قادمون من تاريخ نضال وسعي نحو الحرية، ونؤمن بأن كل إنسان يستحق العدالة والكرامة الإنسانية وأن جنوب أفريقيا لن تتراجع عن دعمها للقضية الفلسطينية، مشددًا على أن التمسك بالمبادئ قد يكون مكلفًا، لكنه ضروري لحماية القانون الدولي من الانهيار. إن موقف جنوب أفريقيا ليس مجرد تحدٍ سياسي أو قانوني، بل هو معركة للحفاظ على الكرامة الإنسانية والنظام الدولي في مواجهة المصالح الجيوسياسية. ووسط تراجع الالتزام بالقانون الدولي، تظل جنوب إفريقيا وفية لرؤية زعيمها الراحل نيلسون مانديلا، الذي قال: «حريتنا منقوصة بدون حرية الفلسطينيين.» ورغم أن التحديات تأتي في الأساس من الخارج، إلا أن بريتوريا تواجه أيضًا تحديات داخلية، فبينما تطالب بعض الأصوات داخل الحكومة بإصلاح العلاقات مع واشنطن، يرى آخرون أن الضغوط الأمريكية جزء من حملة أوسع ضد استقلال القرار الدولي. ومع ذلك، تؤكد جنوب أفريقيا أن العدالة لا يمكن أن تخضع للابتزاز السياسي، وأن القيم الإنسانية يجب أن تبقى فوق المصالح الضيقة.

357

| 04 مارس 2025

الانعزالية الأمريكية.. خسارة النفوذ وفرصة للصين

في خطوة تعكس نزعة انعزالية متزايدة وتجاهلًا لدورها التاريخي، يسعى مشرعون جمهوريون إلى سحب واشنطن من الأمم المتحدة، في مشروع يعكس أيديولوجيا (أمريكا أولًا) التي تبناها الرئيس ترامب في ولايته الأولى وعززها أكثر في ولايته الحالية. لكن هذا القرار-برأيي- لا يهدد فقط مكانة واشنطن كقوة عظمى، بل يضعف النظام الدولي الذي ساهمت في بنائه منذ الحرب العالمية الثانية، ويفتح الباب أمام بكين لملء الفراغ. فرغم عيوبها، تبقى الأمم المتحدة المنصة الوحيدة التي تجمع دول العالم لمعالجة القضايا المشتركة، من الأزمات الإنسانية إلى تغير المناخ، وعليه فإن الانسحاب ليس مجرد عزلة دبلوماسية، بل تنازل طوعي عن القيادة العالمية، لاسيما أنها ساهمت بأكثر من 18 مليار دولار عام 2022 أي ما يعادل ثلث ميزانية المنظمة، فهل تتخلى اليوم عن نفوذها في منظومة دولية تمولها بهذا الحجم. تاريخيا سبق تقديم مشاريع مشابهة في الكونغرس، لكنها لم تحظَ بالدعم الكافي، ومع ذلك، أرى أن الانسحاب من الأمم المتحدة ليس فقط خيانة للنظام العالمي، بل هو أيضًا خيانة للمبادئ التي قامت عليها الولايات المتحدة، فبدلًا من إصلاح المنظمة، تختار واشنطن تقويضها، وبدلًا من دعم حقوق الإنسان تنسحب من الساحة الدولية، تاركة فراغًا قد تملؤه قوى أخرى. لكن إن أبصر المشروع النور، ستكون بكين المستفيد الأكبر، إذ تعد ثاني أكبر مساهم مالي، وستعزز نفوذها داخل المنظمة، كما ستوسع وجودها في المنظمات الأممية الفرعية مثل الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان، وغياب واشنطن سيمنحها فرصة ذهبية. أما موسكو، فستعمل على تعزيز تحالفاتها مع دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية لتعزيز تأثيرها داخل المنظمة، ورغم ذلك، يظل تأثيرها محدودًا مقارنة بالصين، ذات النفوذ الاقتصادي الأقوى. أما القارة العجوز وفي ظل غياب الولايات المتحدة، فقد يسعى الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور أكبر رغم عدم قدرته على تعويض التمويل الأمريكي بالكامل، لكن ربما تزيد دول القارة مساهماتها تدريجيًا، فيما قد تلعب فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دورًا دبلوماسيًا أكثر نشاطًا، وإن كان دون أن يعوض الغياب الأمريكي بالكامل. أما نيودلهي، التي تسعى للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، فقد تستغل الفرصة لتعزيز مطالبها، فيما قد تزيد البرازيل وجنوب أفريقيا، الأعضاء في «بريكس»، من نفوذهما داخل المنظمات الأممية الفرعية مثل برنامج الغذاء العالمي. * عربيا، قد تعمل دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، على زيادة مساهماتها المالية لتوسيع نفوذها الدبلوماسي عالميًا. وأرى أن انسحاب الولايات المتحدة لن يؤدي مباشرة إلى حرب، لكنه سيزيد من عدم الاستقرار العالمي، ويؤدي إلى تصعيد الصراعات الإقليمية وسباق تسلح جديد، مما قد يرفع من احتمالات نشوب حروب مستقبلية، وعليه لمواجهة هذا التغيير، قد تلجأ الدول إلى بدائل عن الأمم المتحدة، مثل حلف الناتو الذي قد يزداد نفوذه في بعض القضايا الأمنية، والتحالف الرباعي الذي يضم الولايات المتحدة، اليابان، الهند، وأستراليا ليشمل مزيدًا من الدول لمواجهة النفوذ الصيني. وقد نشهد تحالفات إقليمية جديدة، بما قد يقسم العالم إلى محاور متنافسة، حيث تتحالف الدول الغربية بقيادة الاتحاد الأوروبي مع اليابان وكندا وأستراليا، بينما تقود الصين وروسيا محورًا مضادًا يضم إيران وكوريا الشمالية وبعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية. لكن الحسنة الوحيدة تكمن في أن الكيان الصهيوني، الذي طالما استفاد من الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، قد يجد نفسه أمام حقيقة جديدة: لا حماية أمريكية أبدية، ولا حصانة من العدالة الدولية، لاسيما أنه ومنذ سبعينيات القرن الماضي، استخدمت واشنطن حق النقض عشرات المرات لحمايته من الإدانة الدولية. إذن، نحن لسنا أمام «أمريكا أولًا» التي يروّج لها ترامب وفريقه، بل «أمريكا وحدها» ومن ثم حلفائها في عالم لن ينتظرهم.

525

| 24 فبراير 2025

العالم العربي على أعتاب لحظة تاريخية

خلف المشهد المتدحرج عميقا في المنطقة تقفز إلى الواجهة مشاريع ومخططات تهدف إلى إعادة رسم خريطة العالم العربي وتفتيتها سياسيًا، واجتماعيًا، وجغرافيًا بما يتجاوز خطر سيئة الذكر اتفاقية (سايكس-بيكو) التي مضى عليها أكثر من قرن لتبقى المنطقة حبيسة مصالح القوى الإقليمية والدولية التي لطالما استغلت ضعفنا لتحقيق أجنداتها على حساب الشعوب ومستقبلها. وتشير الأحداث الأخيرة إلى وجود محاولات لتقسيم العالم العربي إلى مناطق نفوذ متناحرة، حيث تعتبر سوريا نقطة محورية لهذه المخططات، إذ يؤدي تقسيم سوريا إلى تحقيق مصالح استراتيجية للكيان الغاصب، مع تداعيات كارثية على استقرار المنطقة من خلال خلق فراغات في السلطة وزيادة حدة الصراعات. دول عدة تشترك في تشكيل هذه المعادلة المعقدة، بينما تواجه إيران ضغوطًا دولية لإضعاف نفوذها الإقليمي، والنتيجة المتوقعة هي تقويض استقرار المنطقة برمتها وتحويل الدول العربية إلى كيانات مفككة ضعيفة دون أمل بعمل عربي مشترك. وفي قلب هذه التحديات المتشابكة تأتي قضيتنا المركزية الفلسطينية فبينما كانت تاريخيًا رمزًا للوحدة العربية، فإنها أصبحت اليوم تعاني من تراجع مستمر في مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، إضافة إلى عوامل أخرى كضعف الالتزام العربي، إلى جانب التغيرات في التحالفات الإقليمية وتراجع الدور الإقليمي لإيران التي كانت داعمًا رئيسيًا لمحور المقاومة ووحدة الساحات. وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن للعالم العربي الوقوف مكتوف الأيدي، بل يجب على الدول العربية رفض الانقسام والسلبية والعمل بشكل جماعي لمواجهة هذه التحديات والوقوف بحزم أمام أية محاولات لتقسيم سوريا أو العراق، والتأكيد على سيادة الدول ووحدتها، كما يتوجب عليها إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بإحياء الالتزام العربي من خلال دعم دبلوماسي ومالي قوي، مع الضغط لاستعادة مكانتها المحورية في الأجندة الدولية. كما يجب تعزيز التعاون العربي والتنسيق بين الدول العربية كضرورة استراتيجية لمواجهة التدخلات الخارجية عبر توظيف الدبلوماسية والقوة الناعمة وهي كثيرة، فضلا عن تأكيد الهوية العربية كحجر الزاوية لاستعادة التضامن وتوحيد الرؤية لمستقبل مشترك. وأقول إن العالم العربي يقف اليوم على أعتاب لحظة تاريخية فالتحديات جسيمة والأخطاء من أمامنا وخلفنا وما من راد لها إلا الإرادة الجماعية بعكس مسار التفكك ولا يتطلب ذلك إلا وضوحًا في الهدف، وعزيمة في التنفيذ، والتزامًا بمبادئ الوحدة والسيادة.

855

| 18 فبراير 2025

وكلاء الذكاء الاصطناعي.. مستقبل التعلم

التعليم حق إنساني أساسي، وهو من القضايا التي طالما كنت شغوفًا بها طوال حياتي. فمن الضروري أيضا أن نعمل على القضاء على الأمية وتعميم التعليم إذا كنا نرغب في القضاء على الفقر وبناء مجتمعات تساهم بشكل إيجابي في التنمية العالمية. في عام 1995، وبصفتي رئيس فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالمعايير والإفصاح، ترأست أول مؤتمر للأمم المتحدة حول تغيير التعليم. ولتحقيق هذا الهدف، أسست العديد من المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب في الماضي، وكان آخرها جامعة طلال أبوغزالة الرقمية (TAG-DU)، التي أُنشئت بهدف توفير تعليم عالي الجودة لجميع من يسعى إليه. أنا أؤمن بأن التعليم يجب أن يتطور ويتبنى أساليب مبتكرة لإعداد كوادر بشرية مؤهلة، وهو أمر بالغ الأهمية في هذا العالم الرقمي. ومع تزايد انتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبح استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي في التعليم هو التكنولوجيا الحديثة التي من المتوقع أن تحدث تحولاً كبيراً في عملية التدريس والتعلم. * يشهد التعليم تحولاً من النمط التقليدي إلى التعليم المرن والشامل، حيث يوفر وكلاء الذكاء الاصطناعي منصات قابلة للتخصيص يمكن من خلالها أتمتة المهام الروتينية مثل تخطيط الدورات الدراسية والتقييم والاختبارات، مما يتيح للمعلمين تركيز جهودهم على تحقيق نتائج تعلم أفضل. وباستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة ومعلومات الطلاب، تمتلك هذه الأنظمة القدرة على تحليل اهتمامات الطلاب، أدائهم السابق، وطموحاتهم المهنية، وذلك للتوصية بالدورات التدريبية التي تتناسب مع أهدافهم، مما يضمن تجارب تعلم مخصصة، ويجعل التعليم أكثر تخصيصًا وملاءمة. تلعب الأدوات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في التعلم المخصص من خلال أتمتة المهام وتوفير التغذية الراجعة الفورية، مما يجعل التعليم أكثر ديناميكية وتعاونًا. * إن تحقيق الديمقراطية في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يُمثل تحولًا كبيرًا، حيث يشجع على الابتكار بطريقة لم تكن ممكنة سابقًا. فقد أصبح العديد من المعلمين في المدارس والجامعات الآن قادرين على إنشاء وكلاء ذكاء اصطناعي خاصين بهم باستخدام اللغة الطبيعية. تضمن هذه الإمكانية توفير الوصول الذي يلبي احتياجات كل من المتعلمين والمعلمين عبر الأدوات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه، تعزز من جودة التعليم. يعد «وكلاء الذكاء الاصطناعي» بتوفير تعليم أكثر ذكاء وترابطًا، مما يفتح الأفق لمستقبل تعليمي أكثر إشراقًا للجميع. وهذا أمر حيوي للغاية نظرًا لأننا نتعامل مع نظام تعليمي تقليدي قديم ومعطل، تم تصميمه لخدمة اقتصادات الماضي، وليس الاقتصاد التكنولوجي الذي نعيش فيه اليوم. * ومن خلال استغلال قوة الذكاء الاصطناعي، يمكننا بناء نظام تعليمي أكثر عدلاً وفعالية، يعزز قدرة الطلاب والمعلمين على حد سواء. لقد بدأت الثورة بالفعل، ويبدو أن مستقبل التعليم يحمل آفاقًا واعدة للغاية. لقد طالبت لسنوات عديدة بضرورة تحول النظام التعليمي التقليدي. وأتطلع الآن إلى ما يخبئه هذا العام من تطورات في مجال التعليم. لذلك أناشد جميع المعلمين والمؤسسات التعليمية أن يكتسبوا مهارات الذكاء الاصطناعي وأن يصبحوا مراكز للتعلم في هذا المجال، من أجل إعداد جيل مستقبلي من العمال الرقميين المهرة.

879

| 04 فبراير 2025

حمائم السلام دائماً ترفرف من قطر

ليس جديداً على قطر مسعاها الخيّر للوقوف بين «خصمين «، إذ لطالما كانت السبّاقة لإنصاف الأطراف المتنازعة أينما كانوا، وهي لا تتوانى ببذل الجهود لإنصاف الأطراف المتنازعة بخلقِ فرصٍ استثنائيّة للتفاهم وللحدّ من الصِراع.. لم يسبِق لقطر أن خَسِرَت وساطتها في أيّ مسعى، بل لطالما استطاعت في معظم جولاتها الخيّرة النيّرة أن تكسب رضا جميع الأطراف التي تجد كل مرّة في قطر ملاذها الآمن، لإنهاء الاستنزاف الحربي الذي عادة يأخذ مساراتٍ تصعيديّة، لا تعود على «المفتري « بغير الانزلاقات التي لا يعرف كيف يخرج منها، وهنا يأتي دائماً دور الدوحة لتكون الجسر الواصل لبرّ الأمان، واليد الطولى التي تقدّم طوق النجاة، وبوصلة الطريق للخروج من المأزق في الوقت المناسب. فالحرب التي أشعلتها أيادي الاحتلال البارعة في الغدر والخراب والحقد والغل والاستغلال، وعاثت في غزّة الفوضى والدمار، وشرّدت النساء والشيوخ والأطفال، وقتلتْ وسعتْ لشطب أسماءَ عائلاتٍ بأكملها من السجلّ المدني، وروّعتْ دون استثناء جميع الآمنين، ولم يسلم من ظلمها وجورها وغوغائها ووضاعتها بشر أو حجر، لم توقفها الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي موّلت على أكمل وجه، ولم يكبحها الاتحاد الأوروبي الذي ساهم دون رفّة جفن أو رادع من ضمير، ولم تضع ختاماً لسيناريوهاتها الغثّة التي كتبها «نتنياهو « وحكومته الرعناء.. بل العناية الإلهية التي تجلّت في تمكين «قطر « بلد الصفاء ومهد اليقين ألهمتْ قطر بأن وقف إطلاق النار «خير « لما عاناه وما زال يعانيه الشعب الفلسطيني.. لقد قالت قطر كلمتها.. حدّدت صباح اليوم التاريخي المَشهود 19 /1 /2025 لوقف إطلاق النار، لهذا كانت آلة الحرب المسعورة تكثّف من اعتداءاتها لحصد المزيد والمزيد من الأبرياء في اليومين الأخيرين اللذين سبقا الاتفاق لوقف النار، وقد أظهرت للعالم أجمع تعطّشها للدم والإجرام، ولم يَكْفِهَا المجازر والإبادات الجماعيّة بحقّ الشعب الفلسطيني الذي لم يبدأ منذ عام ونصف العام فقط بل منذ مجزرة «دير ياسين « التي بدأت في نكبة ١٩٤٨ وما تزال حتى يومنا هذا.. وقطر حتماً لن يقف دورها إلى تلك المناسبة بل سيتعداها إلى التفاصيل القادمة فقد تعهدت بترميم المشافي، وفتح المدارس، وتأمين البيوت المُسبقة الصنع لإيواء النازحين من أبناء غزة المُرهقين ما بين شمالٍ وجنوب، وتعهّدت مع الجانب المصري والأمريكي بإيصال المئات من شاحنات المساعدات الإنسانية العاجلة، لإغاثة المتضررين.. شكراً قطر وشكراً مصر وشكراً أمريكا. والشكر الأكبر للشعب الفلسطيني الذي صمد، وسطّر ملاحم الانتصار بدمِه وبأجساد أطفاله ونسائه وشيوخه وأبطاله وأشلاء فلسطين المحاصرة والمهددة في كل يوم أكثر مما سبقه لأن الاحتلال بلا ذمّة وبلا ضمير ولا يحب السلام ولا الأمان والهدوء كما يدّعي، لهذا وريثما يأتي الحلّ النهائي لمعضلة الاحتلال سأقول اليوم وكل يوم شكراً لغزّة التي جعلت من صمودها أيقونة للنصر بشهادة العالم أجمع.

597

| 28 يناير 2025

إصلاح الأمم المتحدة ضرورة حتمية

ما من شك أن الأمم المتحدة، التي تأسست على مبادئ العدالة والسلام، لم تعد قادرة بصيغتها الحالية على مواكبة تعقيدات القرن الحادي والعشرين، إذ تبدو مقيدة بالبيروقراطية ومصالح القوى الكبرى، بما يحدّ من قدرتها على إحداث التغيير الحقيقي، وإعادة إحيائها تتطلب إصلاحًا جذريًا يعيدها إلى جوهر رسالتها، ويجعلها أكثر تمثيلًا وإنصافًا لشعوب العالم، بدلًا من أن تكون رهينة لمصالح القوى العظمى. * ومن خلال عملي لسنوات في المنظمة، في قيادة فرق عمل تقنية المعلومات والاتصالات، والتحالف العالمي للأمم المتحدة لتقنية المعلومات والتنمية، والميثاق العالمي للأمم المتحدة وغيرها، إضافة الى انني عايشتُ عن قرب هذه التحديات وأدركت حجم الفجوة بين الأهداف المعلنة والواقع العملي. ولذا فإنني أستعد لإطلاق كتاب جديد يتناول كيفية تحويل هذه المؤسسة إلى كيان أكثر فاعلية وعدالة، يعكس مصالح الشعوب بدلًا من أن يكون أداة بيد القوى المهيمنة. إحدى أبرز الإشكاليات التي سأتناولها في كتابي هي البيروقراطية المعقدة التي جعلت الأمم المتحدة منفصلة عن الشعوب التي من المفترض أن تمثلها، فبدلًا من أن تكون منصة عالمية لحماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، تحولت في كثير من الأحيان إلى نادٍ للنخب الحاكمة، حيث تُدار المصالح خلف الأبواب المغلقة، فيما يظل صوت الشعوب غائبًا. لكن البيروقراطية ليست المشكلة الوحيدة، إذ يظل مجلس الأمن أحد أكبر العقبات أمام تحقيق العدالة الدولية. فالهيمنة التي يمنحها حق النقض (الفيتو) للدول الخمس الكبرى تجعل المجلس أداة لحماية مصالحها، بدلًا من أن يكون ضمانة للسلام العالمي. وهذه المركزية المطلقة في اتخاذ القرار تكرّس انعدام التوازن داخل المنظمة، وهو خلل لا يمكن تجاهله إذا ما أردنا إصلاحًا حقيقيًا. * وأرى أن إصلاح الأمم المتحدة لن يكتمل دون إعادة هيكلة مجلس الأمن ليكون أكثر ديمقراطية وتمثيلًا للعالم بأسره. وفي كتابي، سأقترح توسيع العضوية الدائمة لتشمل دولًا من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، بما يعكس التحولات الجيوسياسية الحديثة ويضمن توزيعًا أكثر عدالة للسلطة، كما سأدعو إلى إلغاء أو تقليص صلاحيات الفيتو بحيث تصبح قرارات المجلس أكثر استجابة لإرادة المجتمع الدولي، وليس لمصالح قوى متميزة بعينها. لكن الإصلاح يجب ألا يقتصر على الجوانب السياسية، بل يجب أن يشمل إيجاد وسائل جديدة لمشاركة الشعوب في صنع القرار الدول، ولهذا أطرح في كتابي رؤية لإنشاء منصة رقمية عالمية، تتيح للأفراد من مختلف الدول التعبير عن آرائهم والمشاركة في القرارات الدولية، وهذه المنصة يمكن أن تكون نواة لـ «برلمان رقمي عالمي»، يمنح الشعوب صوتًا في القضايا المصيرية بدلًا من أن يكون القرار حكرًا على الحكومات وحدها. كما يجب أن يمتد الإصلاح ليشمل دور المنظمة الدولية في مواجهة التحديات العالمية الكبرى، مثل التغير المناخي، الأوبئة، وعدم المساواة، فهذه القضايا تهدد مستقبل البشرية، ومع ذلك، تفتقر الأمم المتحدة للأدوات الفعالة لمواجهتها. * لذلك، سأقترح إنشاء مجلس عالمي للبيئة والمناخ يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة، ليكون قادرًا على فرض سياسات بيئية دولية فعالة. كما سأدعو إلى تعزيز استقلالية منظمة الصحة العالمية، بحيث تمتلك القدرة على التصدي للأزمات الصحية دون أن تخضع لضغوط سياسية أو تمويلية. ومع تزايد التحديات، يظل النفوذ الأمريكي عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل الأمم المتحدة. فالولايات المتحدة، بصفتها الممول الأكبر للمنظمة، تفرض نفوذها على قراراتها، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في تحديد مسار الإصلاح. لكن الحديث المتزايد عن احتمالية انسحابها من الأمم المتحدة يطرح سؤالًا جوهريًا: هل سيكون هذا الانسحاب تهديدًا لاستمرارية المنظمة، أم فرصة لإعادة تشكيلها على أسس أكثر عدالة واستقلالية؟ سأطرح في كتابي بدائل جديدة لتمويل الأمم المتحدة، مثل فرض ضرائب عالمية على المعاملات المالية الدولية أو انبعاثات الكربون، بما يجعلها أقل اعتمادًا على دعم الدول الكبرى وأكثر قدرة على العمل باستقلالية تامة، استجابةً لاحتياجات الشعوب وليس لمصالح القوى المهيمنة. * وعليه فإن إصلاح الأمم المتحدة ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية، إذ لا يمكن لمنظمة أُنشئت لحفظ السلام أن تبقى عاجزة أمام النزاعات، ولا لمنظمة تدعو إلى العدالة أن ترضى بأن تُدار بمقاييس غير عادلة، وما أطرحه ليس مجرد مقترحات نظرية، بل رؤية عملية لإعادة إحياء الأمم المتحدة، تقوم على العدالة، الشفافية، والمشاركة الشعبية.أنا على قناعة تامة بأن الأمم المتحدة قادرة على التحول إلى كيان أكثر فاعلية وديمقراطية وإنصافًا، ولكن فقط إذا وُجدت الإرادة الحقيقية لإصلاحها.

99

| 05 أبريل 2020

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

6123

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4494

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3348

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الفن ضد الدمار

تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...

1605

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1338

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1197

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1044

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

873

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

831

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

657

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
خطاب عربي يكسر الصمت العالمي!

لم تكن كلمة سموّ الأمير تميم بن حمد...

630

| 26 سبتمبر 2025

أخبار محلية