رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة بنت يوسف الغزال

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

360

فاطمة بنت يوسف الغزال

التوازن.. الثروة التي يجهلها الأغنياء

20 أغسطس 2025 , 05:07ص

في زمنٍ باتت فيه مقاييس النجاح تقاس بما يملكه الإنسان من أرصدة مالية أو عقارات شاهقة، يغيب عن الكثيرين أن الغنى الحقيقي ليس في حجم ما تملك من مال، بل في مدى قدرتك على أن تحيا حياةً متوازنة، تجمع بين الروح والعقل والجسد.

ابدأ بتصحيح أفكارك تكون قد بدأت بالخطوة الأولى والأهم لتحقيق التوازن في حياتك، كما أنه يحتاج خلق التوازن في حياتك إلى أخذ جميع عناصر حياتك بعين الاعتبار من عناصر داخلية، تشملك أنت كشخص، ويندرج تحتها قلبك وعقلك والجانب الروحي فيك، بالإضافة إلى عناصر خارجية تشمل كلّ العوامل المحيطة بك من أشخاص أو أماكن، مثل العمل، النشاطات الاجتماعية، العائلة ووسائل الترفيه، لذلك فإن خروجك من البيت وانطلاقك إلى الحياة الطبيعية هو عنصر مهم في ما ترجو تحقيقه.

الغنى ليس قصوراً من حجارة، ولا حسابات تتضخم في البنوك؛ الغنى هو أن تمتلك سكينةً في قلبك، وعِلماً يغذي عقلك، وإيماناً ينير طريقك، أن تعيش حياة تعرف فيها حق نفسك وحق غيرك، وتدرك أن كل إفراط أو تفريط يسرق منك جزءاً من سعادتك.

لقد علمنا ديننا الحنيف أن المال وسيلة وليس غاية، وأن الغنى غنى النفس لا غنى الجيب، يقول النبي ﷺ: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس»، في إشارة واضحة إلى أن التوازن الداخلي هو أغلى ما يملكه الإنسان، أما من منظور أوسع.

وكذلك الحال مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي كانت إذا جاءها المال أنفقته كله في سبيل الله حتى تنسى أن تترك لنفسها شيئًا، لكن غناها كان في علمها وإيمانها وفقهها، حتى أصبحت معلمة الأمة ومرجعها الأول في الحديث والفقه.

ولعل أعظم الأمثلة على ذلك أولئك الذين تركوا زخارف الدنيا ليبحثوا عن غنى النفس والعلم. الإمام الغزالي، على سبيل المثال، كان محاطًا بالجاه والمال في بغداد، لكنه شعر بفراغ داخلي لا يملؤه سوى القرب من الله، فترك منصبه وعزل نفسه سنوات، ليعود إلى الناس بعلم راسخ وكتابٍ خالد هو إحياء علوم الدين، وفي العصر الحديث نجد قصصًا مشابهة، فـ (توماس إديسون) لم يولد ثرياً، بل كان فتى فقيرا اعتُبر بليداً في مدرسته، لكنه اختار غنى العلم بدل الركض وراء المال، وبعد سنوات من الكفاح صار أحد أعظم المخترعين في التاريخ، واسمه اليوم أغنى من أي ثروة مالية.

حتى في واقعنا المعاصر نسمع عن شباب ورثوا ثروات، لكن المال لم يحقق لهم السعادة، أحدهم خسر ثروته باللهو، ثم عاد فالتفت إلى العلم، وتخصص في الطاقة المتجددة، وبعد سنوات أصبح خبيراً عالمياً يساهم في تنمية وطنه، أدرك أن المال يذهب ويجيء، لكن العلم يبقى ويصنع لك قيمة لا تُشترى.

أما العالم المصري الشيخ محمد الغزالي، فلم يكن غنيًا بالمال، لكنه أغنى الأمة بفكره ووعيه، حتى لُقب بـ «داعية العصر»، وظل أثره حيًا في العقول والقلوب.

هذه النماذج تذكرنا بقول الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ}. فالتوازن هو أن تدرك أن الدنيا محطة عابرة، وأن الآخرة هي الغاية، وأنك حين تضبط حياتك بين طلب الدنيا بالحق والسعي للآخرة بالعمل الصالح، تكون قد بلغت قمة الغنى.

*كيف نصبح أغنياء بدون أموال وثروات*

تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل يُعد من أكبر التحديات التي يواجهها الجميع اليوم، وإذا لم تتمكن من تحقيق التوازن بين عملك والتزاماتك العائلية وحياتك اليومية الخاصة، فإن ذلك سيؤثر سلبًا على أدائك في العمل وعلى حياتك الشخصية.

لذلك ابدأ بأخذ عدد من الإجراءات التي تساعدك في تنظيم وقتك، فمثلًا خذ فترات قصيرة من الراحة خلال ساعات العمل وراحة الصلاة هي أفضلها، هذه اللحظات القصيرة تجدد طاقتك وتزيد من قدرتك على التركيز، تعلم أهمية إدارة الوقت بفعالية، فبدلاً من التركيز على عدد الساعات التي تقضيها في العمل، رَكِّز على الإنتاجية والفاعلية وضع قائمة مهام يومية وحدد أولوياتك، وهذا التنظيم سوف يساعدك على تحقيق المزيد دون الشعور بالإجهاد.

كما أن ممارسة التعاطف مع الذات تجلب لك السعادة مثل القراءة وممارسة الهوايات، هذا الاعتناء بنفسك يعزز من رفاهيتك ويساعدك على التعامل مع ضغوط الحياة بشكل أفضل، وتحديد أولوياتك يساعدك على تجنب الإجهاد والتركيز على اللحظات المهمة مع الأسرة والأصدقاء.

*كسرة أخيرة*

الغنى الحقيقي هو أن توازن حياتك بين الدنيا والآخرة، وأن تجعل العلم والإيمان سلاحك في مواجهة تقلبات الزمن. لا تجعل المال غايتك، بل اجعله وسيلة تعينك على عمل صالح، وحفظ لكتاب الله، وخدمة للناس. تذكّر دائمًا أن كل ما تجمعه في الدنيا فانٍ، وما تزرعه من علم وإيمان وصلاح هو الباقي الذي ستجده في آخرتك.

اقرأ المزيد

alsharq من الخور إلى الدوحة.. نداء لا يُرد

في الفضاء الواسع، لا يسكنُ الناسُ وحدهم، بل يسكنُ معهم وجعٌ لا يُقال، وحنينٌ لا يُحتمل. ذكرياتٌ مثقلةٌ،... اقرأ المزيد

150

| 05 سبتمبر 2025

alsharq الستر.. أعظم درس في التربية

في حياة كل إنسان ثمة مواقف صغيرة قد تغيّر مسار حياته كله. قد تكون كلمة عابرة أو تصرفًا... اقرأ المزيد

201

| 05 سبتمبر 2025

alsharq طفل مُندفع

لا يمكنه السيطرة على انفعالاته؛ وبنبرة تعاطف قالت أمه: ما زال صغيراً فعمره خمس سنوات فقط، وبدأت الشكوى... اقرأ المزيد

168

| 05 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية