رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد القديدي

د. أحمد القديدي

مساحة إعلانية

مقالات

54

د. أحمد القديدي

تحالفات جديدة تغير توازنات العالم

05 سبتمبر 2025 , 12:35ص

من واجبنا أن نرصد ما يطرأ هذه الأيام على العلاقات الدولية من تغييرات عميقة وجذرية تمس مصالحنا وتهدد حقوقنا ونستعرض في مقالنا مؤشرات هذه التغييرات. لعل أقربها لنا ذلك اللقاء العجيب الذي جمع بين الرئيس (ترامب) وقادة الدول الأوروبية الذي أثار موجات متتالية من التعليقات وكثرت التقييمات لإيجابياته وسلبياته وانطلقت الأقلام تحلل وتستخلص العبر من نتائج اللقاء واهتم أغلب الملاحظين بالديكور ومدى ملاءمته مع الأعراف البروتوكولية التقليدية وطبعا خرج بعض مشاهير الإعلاميين الأوروبيين بملاحظة مفادها أن رؤساء دول كان لها تاريخ إمبراطوري مثل فرنسا وبريطانيا شعروا أنهم عوملوا معاملة أقل ما يقال فيها إنها عرضتهم لإهانة مجانية لا يستحقونها ولا تليق بمقامهم. وأُذيعت من البيت الأبيض صور ستظل محل حديث طويل في السنوات القادمة.. ولم يعد خافيا أن سباق القوى العظمى في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح أشد احتداما من أي وقت مضى حيث تتسابق الولايات المتحدة والصين على صعيد الابتكار التكنولوجي تماما كما تتنافسان على كسب التحالفات الاقتصادية والسياسية في جميع أنحاء العالم. وبينما تقدم كل دولة رؤيتها الخاصة يجد العالم نفسه أمام خيارات حاسمة ستحدد مسار التطور التكنولوجي في المستقبل. في هذا السياق أطلقت الإدارة الأمريكية خططا للفوز في سباق الذكاء الاصطناعي حيث ركَّزت على تصدير التكنولوجيا الأمريكية وتقديمها على أنها الخيار الأفضل للدول الأخرى. وعودة إلى لقاء البيت الأبيض لنقول إن موضوع الاجتماع كان مستقبل أوكرانيا ولكن الغائب الأكبر عن اللقاء كان الرئيس الروسي وهو الطرف الرئيسي في الحرب. وأعلن الرئيس (ترامب) أنه سيمثّل الرئيس (بوتين) في الاجتماع وسيطلعه لاحقا على ما دار فيه! ويقول أغلب المعلقين إن هذه المشاهد والصور وذلك الاجتماع سيبقى شاهدا في المستقبل كدلائل حية على نظام عالمي جديد بدأت تتحدد ملامحه الكبرى! وكما كان متوقعا فإن الصين لم تبق على الهامش بل نظمت مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة (تيانجين) يومي 31 أغسطس و1 سبتمبر ودعا الرئيس الصيني (شي جين بينغ) لدى استقباله المشاركين في المؤتمر الدول الأعضاء في المنظمة إلى السعي لبناء توافق أكبر بشأن تعزيز المنظمة بطريقة تُظهر إحساسًا بالمسؤولية تجاه التاريخ والمستقبل. وفي افتتاح المؤتمر طرح وزير الخارجية الصيني السيد (وانغ) خمسة مقترحات بشأن تطوير المنظمة وقال إنه يتعين على الدول الأعضاء أن تظل وفية للتطلعات الأصلية وأن تمضي قدما بروح شانغهاي وأن تعزز أساس الأمن وأن تسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجميع لدفع المحرك الجديد للتنمية وأن تسعى إلى الصداقة وحسن الجوار وأن تصون النزاهة والعدالة. وأعرب (وانغ) عن تقديره لدعم الدول الأعضاء لدور الصين كرئيسة دورية للمنظمة، مضيفًا أن المنظمة مهيأة لدخول مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة من خلال الجهود المشتركة التي تبذلها الدول الأعضاء. وأشادت الأطراف المشاركة بالعمل المتميز الذي قامت به الصين والنتائج الإيجابية التي حققتها بصفتها الرئيسة الدورية للمنظمة معربة عن استعدادها للتنسيق والتعاون مع الصين لضمان نجاح قمة تيانجين. كما أشادت كافة الأطراف بالدور المهم الذي تلعبه المنظمة في تعزيز الثقة الإستراتيجية المتبادلة بين الدول الأعضاء وتعزيز التنمية والازدهار على المستوى الإقليمي والحفاظ على الأمن المشترك وتعميق الروابط بين شعوبها. ونرى من جهتنا أن هذا التحرك الصيني جاء كرد طبيعي على محاولة واشنطن الانفراد بالريادة ولتأكيد (بيجين) أنها جاهزة لكل منافسة وأنها قوة تلتف حولها أمم عديدة. المؤشر الأخطر قي مؤتمر شنغهاي هو مفاجأة للعالم بكل المقاييس وتمثل في احتفال الصين بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية باستعراض عسكري مهيب في ساحة (تيان أن مين) وحضور أبرز ضيوف بيجين هذا الاستعراض من المنصة الرسمية وهم طبعا الرئيس الصيني وإلى جانبه (بوتين) ورئيس كوريا الشمالية (كيم جونغ أون) والرئيس الإيراني (مسعود بازكشيان) وهم كما لا يخفى من أعداء الغرب الرافضين لما يسمونه «هيمنة القطب الواحد» وكأن الرئيس الصيني أراد بهذه المناسبة إرسال إشارة إلى الغرب تتضمن تهديدا عسكريا حين استعرض أمام الحاضرين المصفقين وأمام شاشات العالم أحدث صاروخ بالستي عملاق يصل مداه إلى 12 ألف كلم ويحمل 4 رؤوس نووية! كأنما الرئيس الصيني أصر على إرسال تهديد عسكري إلى الغرب فتـضمن البيان الختامي لمؤتمر شنغهاي عبارات «الاتفاق حول الاشتراك في حماية كل الدول الموقعة في حماية أمنها والرد المشترك على أي عدوان مسلح يستهدف أيا منها». مؤشر إضافي جاء هذه الأيام يؤكد أن التغيير الحاصل في العلاقات الدولية أصبح أوضح وهو ردّ الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) على اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) له بتأجيج معاداة السامية في فرنسا بتعهده بالاعتراف بدولة فلسطينية. ففي رسالة موجهة إلى (نتنياهو) سرد (ماكرون) العديد من الإجراءات التي اتخذها لمكافحة معاداة السامية قائلاً إن مزاعم التقاعس غير مقبولة وتُسيء إلى فرنسا بأكملها. كان (ماكرون) يرد على رسالة بعث بها (نتنياهو) إليه في وقت سابق من الشهر الماضي وجاء فيها: «إن دعوتك لدولة فلسطينية تُؤجج نار معاداة السامية. إنها ليست دبلوماسية، بل استرضاء. إنه مكافأة «إرهاب حماس» وتُشجع كراهية اليهود التي تجوب شوارعكم». وشرح الرئيس الفرنسي غايات الاعتراف بدولة فلسطين فكتب: إن قرارنا ينبع من قناعتنا الآن «وتصميمنا على أن يكون للشعب الفلسطيني دولة أمر ضروري لأمن دولة إسرائيل ولتكاملها الإقليمي الكامل في شرق أوسط ينعم بالسلام أخيرًا ولعملية التطبيع التي ندعمها والتي يجب أن تكتمل في أسرع وقت ممكن»، كما انتقد (ماكرون) استيلاء إسرائيل الوشيك على مدينة غزة واحتلالها بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي تتخذها حكومة (نتنياهو) ضد الفلسطينيين وقال: «إن احتلال غزة والتهجير القسري للفلسطينيين وتجويعهم ونزع الصفة الإنسانية عن خطاب الكراهية وضم الضفة الغربية لن يحقق النصر لإسرائيل أبدًا بل على العكس سيعزز عزلة بلدكم ويغذي أولئك الذين يجدونها ذريعة لمعاداة السامية ويعرضون الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم للخطر». واختتم الرئيس الفرنسي رسالته بحثّ (نتنياهو) على التخلي عن «الاندفاع القاتل وغير القانوني نحو حرب دائمة في غزة».

مساحة إعلانية