رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد القديدي

د. أحمد القديدي

مساحة إعلانية

مقالات

123

د. أحمد القديدي

13 أغسطس ذكرى صدور قانون تحرير المرأة التونسية وانعكاساته (ج2)

22 أغسطس 2025 , 01:54ص

رأينا في الجزء الأول كيف تناقضت نتائج قانون الأسرة مع نوايا الزعيم الحبيب بورقيبة بعد مرور عقود على تاريخ صدوره عام 1956 وهو أمر طبيعي لأن المجتمعات تتغير بسرعة وأحيانا من الضد للضد بسبب خروج المرأة للعمل والوظيفة خارج البيت بعد أن عاشت قرونا ربة بيت تربي أولادها وهي رسالتها النبيلة كعماد للأسرة وسند للزوج وضمان لتربية أصيلة للعيال وبسبب تزايد الحاجيات المالية وظهور اختلافات بين الرجل والمرأة في كيفية إنفاق الراتبين وغير ذلك من الطوارئ التي جدت مما يدعو إلى تعديلات جوهرية في بنود هذا القانون. ونعود «للمناضلة النسوية المتحمسة» التي تنكر على الزوج أن يكون مسؤولا عن أسرته وعياله لنقول لها ما قاله لي صديق محام تونسي كبير سمعها مثلي فأكد لي أن مؤسسة الزواج هي بمثابة الشركة وحتى إذا افترضنا أن الطرفين المساهمين فيها متساويان تماما يعني (50 % 50 %) فالقانون يطالب دائما بأن يعلن أحدهما مسؤوليته المدنية والجزائية ويسمى (المتحمل للمسؤولية القانونية أو المتصرف أو المدير) وهو الذي يحاسب أمام القضاء في حال ارتكاب أحد الأبناء القصر جنحة أو جناية فيودع الأب السجن متحملا المسؤولية المدنية وهي مسؤولية جسيمة تفرضها (رئاسة العائلة) التي تريد السيدة الحداثية اقتسامها مع الزوج! فهل فكرت في احتمال اقتسام السجن؟ وأذكر أني شخصيا كنت في يوم من أيام مطلع الثمانينيات أجلس بالصدفة وراء الزعيم بورقيبة في إحدى الحفلات التي يحبها بمناسبة أعياد ميلاده يوم 3 أغسطس في قصر المرمر بالمنستير وهو يحضر عرضا موسيقيا لإحدى الفرق الجهوية فلفت نظره أن الفرقة يقودها شابان اثنان يمسك كل منهما بعصا قائد الأوركسترا يسيران العازفين معا فانزعج بورقيبة ونادى منظم هذه الحفلات صالح المهدي وقال له ادع لي هذين الشابين فاقتادهما صالح المهدي فوقفا أمام الرئيس وجلين خائفين فسألهما أيكما رئيس الجوقة؟ فأجابا بصوت واحد: نحن الاثنان! فقال الرئيس: لا يمكن وذلك أمر مستحيل لأن فيه ازدواج القيادة ألم تسمعا بالمثل التونسي القائل: «إن مركبا على متنه قبطانان اثنان يغرق» وهممت أنا بأن أهمس في أذن الزعيم بأن حال الأسرة التونسية كما أرادها هو نفسه أشبه بحال المركب بقائدين مصيرها الغرق. هذه هي النواميس الخالدة في المجتمع والقانون والفيزياء والطبيعة لأن أي اختلاف بين رئيسين حول قرار أو هدف يؤدي إلى الفوضى والفتنة على مستوى دولة أو أسرة أو أوركسترا أو سفينة. وهذه السيدة المتحمسة للحط من قدر الرجل تعتقد بسذاجة أنها بالحط من قدر الرجل ترفع من قدر المرأة وتتقدم على طريق المساواة الكاملة بين الجنسين وتدافع عما سماه المرحوم بورقيبة تحرير المرأة!

 ثم إني أتوسل إلى هذه السيدة وهي جامعية أن تفسر لنا أسباب الأرقام القياسية التي بلغتها بلادنا في نسبة الطلاق ونسبة العنوسة ونسبة الإجهاض من دون أسباب شرعية ونسبة الأمراض النفسية ونسبة الكوارث في البرنامج التلفزي (عندي ما نقول لك) ونسبة تعاطي المخدرات وهي أوبئة اجتماعية تنخر النسيج الأسري وتهدد استقرار المجتمع ولا تحصنه إذا ما اضطر المجتمع إلى مواجهة تحديات صعبة سياسية واقتصادية وأمنية فرضتها علينا بالرغم عنا عواصف إقليمية وعالمية؟ أعتقد أن هذا النموذج من التخبط الديماغوجي خاصة في وضعنا الراهن العسير هو أسطع مثال على الحداثة الدخيلة أي المستوردة من خارج حدودنا الحضارية بعكس الحداثة الأصيلة التي نهضت بها اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وفنلندا ودول أوروبا الشمالية وتركيا وغيرها من المجتمعات التي انطلقت من أصولها ومن لغاتها ومن قيمها فنجحت وارتقت وحققت ما عجزنا نحن عن بلوغه. وفي نفس السياق كنت وما زلت أقول إن الحط من قدر الرجل لا يرفع من قدر المرأة. 

* المتأمل في تاريخ الشعوب التي دمرتها حرب ضروس بل ومحت عمرانها من على وجه الأرض وخذ لذلك مثل ألمانيا التي هزمت فيها النازية وقسمها المنتصرون (الحلفاء أمريكا وروسيا وأوروبا) إلى شطرين: شطر ليبرالي يعمل بحرية الأسواق والأفكار والتداول الديمقراطي على السلطة (سموه ألمانيا الغربية) وشطر استولى عليه الاتحاد السوفييتي سابقا وجعله شيوعيا ماركسيا وضم إليها شعوب البلقان وفرض عليهم رؤساء من الشيوعيين المستبدين آخرهم (هانس مودرو) حاكم ألمانيا الشرقية و(فلاديسلاف غوموكا) آخر رئيس لجمهورية بولندا الشيوعية ثم زلزلت العلاقات الدولية زلزالها على أيدي (ميخائيل جورباتشوف) وقبله بقليل (يلتسين) اللذين مهدا لعمل تاريخي عظيم وهو ثورة كل الألمان على جدار برلين الذي فصل بين الألمان عقود الحرب الباردة وأسقطت فؤوس المواطنين الألمان من الشباب خاصة ذلك الجدار (جدار العار) في نوفمبر 1989 وانتصر الشعب وتوحد وبإرادة صلبة استوعب النصف الغربي الغني شقيقه النصف الشيوعي البائس. واليوم سنة 2025 نرى ألمانيا في أوج قوتها الاقتصادية واستقرارها الاجتماعي أول قاطرة أوروبية في التصنيع والتصدير! وكذلك اليابان المهزومة في نفس الحرب هي اليوم ليست أقل من هازمتها أمريكا تصنيعا وتصديرا دون التفريط في أي من عاداتها العريقة من احترام الزوجة للزوج وطريقة تربية العيال على سنن دينهم ونزع نعليك حين تدخل بيتا يابانيا كما ندخل مساجدنا حرصا منهم على الطهارة! 

ونحن لم نخرج عن موضوع مقالنا وهو الانحراف الاجتماعي عن تقاليدنا الإسلامية بتوريد منظومة قوانين الأسرة من الغرب الأوروبي كاملة عوض القيام منذ عام استقلال تونس سنة 1956 بتعديلات ضرورية على القوانين المعمول بها عن جهل والتي بحق غلبت جنس الذكور على جنس الإناث بينما ديننا الحنيف ساوى بينهما في كل مجالات الحياة فخاطب المؤمنين والمؤمنات وأوصى الرجال بصيانة المرأة والدفاع عنها من أي ظلم يسلط عليها باسم مفاهيم خاطئة عن مقاصد الإسلام. ولم يفهم المجتمع حكمة الله تعالى من (للذكر مثل حظ الأنثيين) فأولها العلمانيون المتطرفون تأويلا خطأ بل واتهموا الدين (حاشا الدين) بالعنصرية وبإقرار الدكتاتورية الذكورية على المرأة «المستعبدة» حسب تأويلهم السخيف.

اقرأ المزيد

alsharq إسرائيل تخسر روحها ونفوذها ودعم جيل الشباب.. أمريكا أولا

فيما تقترب حرب إبادة إسرائيل على غزة من عامين- وبسبب التغطية الإعلامية المكثفة التي تعرض فيديوهات وصورا وتصريحات... اقرأ المزيد

108

| 07 سبتمبر 2025

alsharq المعجم التاريخي للعربية إنجاز حضاري قطري جديد

تقف دولة قطر إلى جوار الأمم الكبرى بل وتتفوق بإنجازاتها الحضارية الانسانية وشاهدنا بالامس العديد من المشاريع العملاقة... اقرأ المزيد

120

| 07 سبتمبر 2025

alsharq وزارة الصحة.. شريك إستراتيجي في دعم القطاع الطبي الخاص

تواصل وزارة الصحة العامة في دولة قطر تأكيد حضورها كجهة تنظيمية رائدة وشريك إستراتيجي في بناء منظومة صحية... اقرأ المزيد

84

| 07 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية