رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد الوعي بأهمية الخط العربي، كهوية ثقافية قطرية عربية إسلامية، وكهوية بصرية فنية كلاسيكية وحروفية، ومن هذا الجيل الخطاط عيسى يوسف الحسن الفخرو، الذي ينتمي إلى رواد جيل شباب الخطاطين القطريين المبدعين، فمنذ أن ولد في سنة 1971، والخط العربي أمام عينيه، وشعر منذ التحاقه بالمدرسة برغبة ملحة في تعلم فنون الخط، فإذا ما أتم دراسة هندسة الحاسب الآلي في جامعة قطر سنة 1996، بدأت رحلته مع الخط العربي، لكنه لم يلتحق بدروس تعلم قواعده وفنونه إلا في سنة 2016، حيث درس الخط الديواني، كأول خط يتعلم أسسه وقواعده الكتابية الكلاسيكية والفنية، ثم سافر إلى تركيا، وهناك اكتشف أن عالم الخط العربي؛ ليس فقط الكتابة الاعتيادية، وحُسن الخط؛ بل علم وإتقان يحتاج لمثابرة، وحرفة بحاجة لمهارة، وفي إستانبول تعرف لأول مرة على خطاطين خليجيين، وهنا أدرك أهمية الخط العربي كفن إسلامي، كما تعرّف على الخطاط اليمني زكي الهاشمي (ولد 1982)، المجاز من مركز «أرسيكا» للفنون، وتتلمذ على يديه أساسيات الكتابة والخط، فكان أستاذه الأول في خط النسخ، الذي واصل تعلمه في الدوحة على يدي الخطاط العراقي صباح الإربيلي (ولد 1977)، حتى أجاده وأتقنه، كما تحصل على أساسيات خطوط الثلث والإجازة. بدأت حياته العملية في إدارة تكنولوجيا المعلومات بوزارة البلدية، ثم مساعد الرئيس في النظم الزراعية، ثم التحق بالعمل في إدارة الأعمال بشركة كيوتل سابقاً ، ويواصل عمله حاليًا في إدارة التكنولوجيا بمجموعة «أويدُ» ، ولم يحل ذلك دون أن يواصل دراسة وتعلم الخط العربي، إذ تخصص في خطوط النسخ والثلث والديواني، وفي رحلته مع الخط شارك في عددٍ من المعارض، منها معرض خطوط وزخارف في المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، ومعرض مبادرة أخلاقنا للخط تنظيم مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ومعرض نادي الجسرة للفنانين القطريين، ومعرض المركز الشبابي للفنون سابقاً، ومعرض حوار الحروف بين قطر والصين في كتارا سنة 2025. كما حاضر في ندوات عن الخط العربي، وقام بتدريس أساسيات ومبادئ وقواعد وفنون الخط في عددٍ من المدارس القطرية، وقدم عدداً من الدورات والورش التدريبية في بيت الخطاطين بنادي الجسرة، منها دورة أساسيات الخط الديواني، ودورة أساسيات خط النسخ. وشارك مع كتارا في كتابة صفحة من القرآن الكريم على ورق مقهر، خاصة أن هدفه من تعلم الخط كان كتابة كلام رب العالمين، ولهذا لا يزال حلمه أن يوفقه الله لكتابة مصحف كاملًا، فقد تمت دعوة أكثر من خطاط بشكلٍ رسمي للكتابة، ليستقر القائمون على الأمر على اشترك ثلاثة خطاطين، وكان هو واحدًا منهم، تمت دعوته لمركز كتارا للخط العربي، وكذلك الخطاط إبراهيم علي، وتمت الإشادة بكتابتهما، ولكن تم اختيار الخطاط راشد المهندي لكتابة مصحف كتارا، والذي يعكف حاليًا على كتابته. وأهل اهتمام الفخرو بالخط العربي لأن يُصبح عضوًا في بيت الخطاطين، التابع لنادي الجسرة الثقافي، وتقتني لوحاته هيئات ومؤسسات قطرية، كما أنه يهوى اقتناء المصاحف المخطوطة والمطبوعة، إذ يقتني مجموعة فريدة منها، والتي كتبت بأيدي كبار الخطاطين العرب والعثمانيين، وبعدد من الخطوط العربية؛ أهمها النسخ، وأخيرًا يسعى من خلال مشاركته في المعارض والدورات وورش التدريب التي يقدمها في المدارس والمراكز الثقافية إلى نشر ثقافة الخط العربي وتعزيزها في المجتمع القطري.
516
| 21 سبتمبر 2025
يحظى الخط العربي باهتمام وصحوة كبيرة في دولة قطر، سواءً من الخطاطين القطريين، أو العرب والمسلمين المقيمين على أرضها، ومنهم الخطاط المصري خالد سعد محمد المساوي، المولود في محافظة دمياط سنة 1973، فهو فنان تشكيلي، وخطاط، ومذهب، وحاصل على دبلوم الزخرفة، وآخر في الخط العربي والتذهيب، أعلنت موهبته في الرسم والخط عن نفسها عندما كان في السادسة من عمره، ثم كان نجاحه في رسم صورة المسحراتي، نقلا عن إحدى الصحف، نقطة الانطلاق في رحلته مع الرسم والخط العربي، إذ شجعه المعلم بعدما أعجب بها، وتطورت الموهبة في المرحلة الإعدادية، حيث اشترك في المسابقات الفنية والخطية، وكان يفوز فيها بالمركز الأول، ثم التحق بمعهد الخط العربي؛ لدراسة أنواع وفنون الخط العربي، فأصبح خطاطًا ورسامًا، ووضع بصمته الخاصة في الرسم بالحرف العربي؛ لينتج لوحات تمزج ما بين الرسم والخط العربي في حروفية لونية، تتدرج في ألوانها، وتوازن بين الكتلة والفراغ. يحرص المساوي على توظيف الشعر والخط العربي في رسوماته، وأنتج لوحات تشكيلية حروفية، وظف فيها الخط العربي؛ لإنتاج بروتريهات، حيث رسم موظفًا الخط العربي في لوحات: الموناليزا، والبطولة، ولوحة تقوم على حرف الواو، تحمل في أعلاها تجسيدا للصقر، وأسفله الآية القرآنية الكريمة «ولسوف يعطيك ربك فترضى»، مع خلفية مكونة من تداخلات حروفية خطية، تتدرج في ألوانها؛ لتعطي ذائقة بصرية فريدة ومميزة، تجعل الناقد الناظر إلى اللوحة يتأملها في حالة من الإعجاب. كما وظف الخط العربي في إنتاج لوحات تجسد الخيل العربي الأصيل، مزج فيها بين خط الثلث والرسم، وصولًا إلى لوحة فنية تشكيلية خطية حروفية تعكس أصالة وجمال الخيل العربي، وفيها تتجسد إبداعاته ومواهبه الفنية والحروفية، وتتفرد لوحته التي كتب فيها بالخط الديواني بيت الشعر الشهير لأبي الطيب المتنبي (915-965): ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ وتتميز لوحته التي تمزج بين الخط العربي والتشكيل الرسمي، التي أنتج فيها الصقر، رمز الشموخ، موظفًا أسماء بعض الصقور، كسهيل والشاهين والحر وغيرها، بالإضافة للوحة العيون الزرقاء، التي وظف فيها الخط العربي؛ بتمازج لوني ينم عن إبداع خاص، ولوحة اليوم الوطني، التي تعبر عن حالة وطنية تعمق الوعي الوطني والهوية القطرية، ومصمم لوحة خط عربي تقرأ من اليمين باللغة العربية، وتقرأ من اليسار باللغة الإنجليزية، وأخيرًا وظف الخط العربي في تصميم شعار وزارة البلدية لينتج رسمة الصقر. وشارك في عددٍ من المعارض في قطر ومصر والإمارات، منها ألوان الصحراء بكتارا (2014)، الجمعية القطرية للفنون (2015)، الملتقى الدولي لفناني القصبة بباربس (2016)، لدريشة بمركز سوق واقف للفنون (2017)، دبي العالمي للفنون (2017)، النخبة بالجمعية القطرية للفنون التشكيلية (2019)، لوحات فنية بمركز سوق واقف للفنون (2020)، نخبة الخط العربي بكتارا (2021)، تجارب فنية بكتارا (2022)، نتاج العام للجمعية القطرية للفنون التشكيلية (2023)، غزة بأعيننا بمركز سوق واقف للفنون (2024)، الرسم على السدو بمركز سوق واقف للفنون (2025). كما نظم أول معرض شخصي بكتارا، عن الرسم بالكلمات، بعنوان «بوح الحروف» في عام 2018، كما قدم ورشا تدريبية لفنون الخط العربي؛ بمركز إبداع الفتاه، وورشا تدريبية عن تكوين وسكب الألوان بالمراكز الفنية القطرية. وتكريمًا لذلك حصل على عدد من شهادات التقدير، منها شهادة المنتسب المتميز من مركز سوق واقف للفنون لعامي (2015-2016)، وشهادة تقدير من الجمعية القطرية للفنون التشكيلية؛ لمشاركته في مشروع سنة الطبعة عام 2016، وأخرى من مركز سوق واقف للفنون؛ لمشاركته في فعالية مائدة الفن الأولى والثانية لعام 2016، وشهادة شكر من تجمع مبدعون للفنون والآداب والهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية؛ لدوره في إثراء الحركة التشكيلية والخط العربي.
177
| 12 سبتمبر 2025
عرف جيل الرواد القطريين مواهب متعددة، إذ التحقوا بالمدارس في فترة النهضة، فتعلموا القراءة والكتابة والخط العربي، وأبدعوا في مجالات مختلفة، ومن هذا الجيل المبدع يوسف بن خليفة المناعي، المولود في الدوحة عام 1954، حيث قضى طفولته بفريج عبد العزيز، ثم تخرج من الثانوية عام 1974، والتحق بالعمل في الإسكان الحكومي في الفترة (1974- 1981)، ثم التحق للعمل بدار الكتب (1981- 2004)، حيث عمل في البداية في التصوير الميكروفيلمي، ثم انتقل إلى قسم المخطوطات، حيث تدرب على حفظ وترميم المخطوطات على يدي محمد المرغني، الذي كان يعمل حينئذ في ترميم المخطوطات بالدار، وتمرن على يديه ثلاث سنوات، فلما تقاعد المرغني؛ لبلوغه السن القانونية، أصبح المناعي هو المسؤول عن قسم ترميم المخطوطات، حفظ وترميم، وأظهر براعة في هذا العمل، وتفوق فيه وأبدع بشهادة العاملين في دار الكتب حينئذ. ولأنه يهوى القراءة، ويجيد الخط العربي، لهذا رأى أن أفضل مكان يعمل فيه هو دار الكتب القطرية، فهوايته منذ الصغر هي الخط العربي، إذ عشق الخط العربي منذ طفولته، منذ أن شب على الطوق، والتحق بالمدرسة الابتدائية حيث غرس فيه مدرسوه حُب الخط العربي، وخاصة أستاذه علي بن أحمد بن سيف، إذ كان من مجودي الخط، ولهذا كان يُحضر له كراسات الخط، ويشجعه على أن يقوم بالنسخ والتدريب فيها، وهنا تحسن في الخط والإملاء، وتماهت حياته مع سيرة الحرف، ثم بعد أن تخرج من الثانوية التحق بدورة في الإمارات بمعهد الخط العربي والفن الإسلامي في أبو ظبي، حيث درس الخط العربي وحسنه وجوده، وتعرف على قواعد كتابته على يدي الخطاط العراقي علي ندا الدوري، مؤسس معاهد الخط العربي في الإمارات، ثم التحق بدورات أخرى نظمتها وزارة الثقافة في تسعينيات القرن العشرين، درس فيها قواعد الخط العربي، وتأثر بطريقة الخطاط العراقي هاشم البغدادي في الكتابة ورسم الحرف، واطلع على بعض كتابات الخطاط المصري سيد إبراهيم، وتركت تأثيرها في كتاباته. قام، فترة عمله في دار الكتب، والتي امتدت لأكثر من عقدين، بترميم الكثير من المخطوطات، وبعد الانتهاء من الترميم كان يوقع عليها، كما أكمل حروف بعض المصاحف كانت بعض حروفها مفقودة أو غير واضحة، فكانت إحدى مهامه هي استكمال النواقص، وذلك بإكمال الكلمات والحروف المفقودة، كما كتب بخط يده بعض عناوين الكتب على أغلفتها بعد ترميمها وتجليدها، حيث كان يقوم بالتجليد عبد الله المطوع. وشهد بكفاءته في الترميم والخط العربي مديرو دار الكتب القطرية، الذين عمل معهم، حيث كان مدير الدار عندما التحق بها محمد حمد النصر حتى عام 1998، ثم حسن السليطي حتى عام 2000، ثم عبد الله الأنصاري حتى تقاعد المناعي في عام 2004؛ لبلوغه السن القانونية للتقاعد. وتتميز كتاباته بحُسن الخط، إذ اطلعت على كتابات له بخط الرقعة، تضمنت تشكيلا وتوريقا، وميزانا بين الكتلة والفراغ، تؤكد على أنه مميز في كتاباته، وأنه تعلم الخط على يدي خطاط، حتى وإن لم يُجَز فيه.
543
| 29 أغسطس 2025
ترك الخطاط المصري الغمري عقل أثرًا كبيرًا في كتابة عناوين الصحف والمجلات، وحاولت جاهدًا البحث عن معلومات عنه، وتواصلت مع خطاطين وصحفيين عملوا معه، وكذلك مع الصحف التي عمل بها، لأجل جمع معلومات عنه، ولكني لم أجد ما يروي ظمأ الباحث، ولهذا فقد تتبعت كتاباته، وحاولت الكتابة عنه وفق ما استطعت الوقوف عليه من معلومات، والربط بين ظهور خطوطه في صحف ومجلات سواءً في مصر، أو قطر، فقد بدأ رحلته العملية مع الخط العربي في دار الهلال المصرية، مع الخطاط محمد عبد المطلب، ومحمد حجازي (ولد 1957)، ومحمد هيبة، وآخرين. التحق بالعمل في دولة قطر بصحيفة الراية خطاطًا في إدارة التحرير، حيث كان من مؤسسي الجريدة؛ حيث خط اسمها وشعارها، وكان رئيس تحريرها حينئذ ناصر محمد العثمان (ولد 1939)، ومدير التحرير رجاء النقاش (1934-2008)، وذكر الخطاط محمد حجازي أنه عندما التحق بالعمل في صحيفة الشرق القطرية في عام 1988، كان الغمري يعمل في صحيفة الراية، ثم بعد ذلك عمل خطاطًا في تليفزيون قطر، كما عمل في مجلة الدوحة مع الرعيل الأول من الخطاطين الكبار أمثال: حمدي الشريف (1944-2011)، وصبري القليوبي، محي الدين العشري، في زمن ما قبل خطوط الكمبيوتر، حيث أبدعوا في مجلات: الدوحة، الأمة، الصقر، العروبة، وكتبوا أنواع الخطوط الستة الرئيسة: الرقعة، النسخ، الكوفي، الثلث، الفارسي، والديواني، وبعد عودته إلى مصر افتتح مطبعة بالقاهرة في العمرانية. وقفت على قصص للأطفال كتبها بخطه؛ كقصه «الثعبان اللعين»، تأليف فؤاد إبراهيم عبيد، ورسوم الفنان علاء السعيد، رئيس تحرير مجلة راشد ونورة التي كانت تصدر عن الراية حينئذ، والصادرة عن إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام القطرية في عام 1979، وخطوط سلسلة قصص «عصافير المسا»؛ للشاعر البحريني علي عبد الله خليفة (ولد 1944)، ورسوم الفنان التشكيلي المصري جمال قطب (1930-2016)، والتي كانت تصدر عن دار الغد بالقاهرة، كما كتب خطوط ديوان الشاعر القطري حسن بن فرحان النعيمي (ولد 1924)، المعنون «ديوان ابن فرحان»، في طبعته الأولى بالدوحة عام 1980، وغلاف كتاب «جمع المأثورات الشفهية»؛ للدكتور سعد العبد الله الصويان (ولد 1944)، والصادر عن مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية بالدوحة عام 1985، وغلاف كتاب «المجلس الأعلى لرعاية الشباب.. أنشطته وإنجازاته»، كذلك وقفت على لوحة كتبها بخط الثلث تتضمن الآية القرآنية «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» منشورة بالعدد الرابع عشر من صحيفة الراية بتاريخ 9 أغسطس 1979، وبسملة بالخط الديواني نشرت مع مقاله بمجلة الدوحة (يونيو 1981). ونشر بمجلة الدوحة (يونيو 1981) مقالًا بعنوان «الحرف واللون في تشكيلات بديعة في معرض الخط العربي بالدوحة»، ومقالًا آخر في عدد (نوفمبر 1983) بعنوان «عبقرية العرب في خطوطهم»، كما كتب عناوين الكثير من مقالات المجلة، موظفًا فيها خط الثلث، وخاصة كلمة «القيروان» بعدد مجلة الدوحة لشهر أغسطس 1986، وفيما يبدو أنه كان الخط المفضل فيها.
450
| 10 يوليو 2025
تميز جيل الرواد من متعلمي قطر بالخط الحسن، ما جعل بعضهم يُقدِم على نسخ بعض الكتب، وخاصة الشرعية، في زمان لم تكن الطباعة قد انتشرت، ولم يكن الحاسوب قد اخترع، ومن هذا الجيل الشيخ حسن بن محمد بن عبد الله الجابر، المولود بمدينة الدوحة في حوالي عام 1323هـ/ 1905م، وما إن تفتحت عيناه على الحياة، حتى كان والده الشيخ محمد بن عبد الله الجابر (ت. 1360هـ/ 1941م)؛ معلمه الأول، حيث كان قد افتتح مدرسة، أو كُتابا بمفهوم ذلك العصر، في عام 1900، لتعليم أبناء قطر القراءة والكتابة والحساب، ومبادئ النحو، وعلوم الدين الإسلامي، فلما افتتح الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300-1385هـ/ 1882-1956م) المدرسة الأثرية في عام 1356هـ/ 1938م، التحق بها طالبًا للعلم، فلما تولى الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود؛ رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية لدولة قطر، اختار الشيخ حسن الجابر لشغل وظيفة «مساعدا للقاضي»، في غرة المحرم 1360هـ/ 28 يناير 1941م، واستمر في هذه الوظيفة حتى غرة رجب 1403هـ/ 14أبريل 1983م. تولى كذلك الإمامة والخطابة في مسجد الشيخ علي بن جاسم آل ثاني في منطقة أم صلال علي، ثم مسجد المانع بالجسرة، ثم المسجد الكبير أو مسجد الشيوخ، كما كان مأذونًا شرعيًا، وكان مجلسه مفتوحًا بعد صلاة العشاء، حيث كان يقرأ على ضيوفه كتبًا في العلم والمعرفة الدينية، فقد كان محبًا للكتب، مُغرمًا بالقراءة والمطالعة، ولهذا كان بمجلسه مكتبة عامرة بالكتب الدينية والأدبية والتاريخية، وبعض المخطوطات النادرة، التي قام بخطها بيده، إذ كان بارعًا في الكتابة، حسن الخط. وتوفي في 18 شعبان 1407هـ/ 16أبريل 1987م، عن عمر يناهز الرابعة والثمانين. وقد نظمت مكتبة قطر الوطنية في ديسمبر 2023 ندوة عن «مجموعة عائلة الجابر»، استعرضت مجموعة الشيخ حسن الجابر وابنه محمد، والتي تضم 250 عنوانًا في 498 مجلدًا، يتخطى عمرها قرنًا من الزمان، فقد اهتم كلاهما باقتناء الكتب التراثية والإسلامية، ولهذا فإن المجموعة تغطي مختلف مجالات المعرفة، فمنها الكتب الدينية في الفقه والحديث والتفسير، وكذلك الكتب الأدبية والتاريخ، بالإضافة إلى المجالات الأخرى. وتتزين تلك الكتب بخطوط الممتلكات المكتوبة عليها بخطّ يد الحكام، حيث تحتوي المجموعة على عددٍ من الكتب التي قام الشيخ المؤسس جاسم بن محمد بن ثاني بطباعتها على نفقته، وكذلك التي قام بشرائها من الهند لتوزيعها على طلاب العلم. وبالإضافة إلى الكتب التي تحتوي على تملّكات الحكام، كما تحتوي المجموعة على كتب العديد من الشخصيات المعروفة، ومنهم الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني، وكذلك العديد من الكتب التي قام الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني بنشرها على نفقته الخاصة، وأيضًا مجموعة الكتب التي طُبعت على نفقة العديد من الشخصيات القطرية المعروفة، مثل: إبراهيم الباكر، وأحمد يوسف الجابر، ومبارك بن بخيت السليطي، والشيخ فلاح آل ثاني، وغيرهم، وتعد هذه المجموعة جزءًا مهمًا من الموروث الثقافي والشعبي القطري، بالإضافة إلى وثائق ومراسلات تعكس تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية في قطر حقبة الغوص على اللؤلؤ، وتعبر بشكل أوسع عن التبادل الثقافي والعلمي في منطقة شبه الجزيرة العربية، ومنها الوثائق والمراسلات والمخطوطات، من أيام المؤسِّس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، والشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، بالإضافة للمدوّنات التي كتبها الشّيخ محمد بن جابر بن عبدالله الجابر، وأكملها ابنُه الشّيخ حسن بن محمّد بن جابر الجابر، والتي وثّق من خلالها العديدَ من الأحداث داخل قطر وخارجها، ما يجعل المجموعة مصدرًا تاريخيًا مهمًّا.
630
| 17 يونيو 2025
يحظى الخط العربي باهتمامات في جميع الدول العربية والإسلامية، فهو رابطة تجمعهم جميعًا، فبه خطت كلمات الله عز وجل، وتبارى الخطاطون من مختلف الأقطار العربية والإسلامية لكتابة المصحف الشريف، وصار حلم كل خطاط أن يكتبه كاملا، ودولة السودان ليست استثناء، فقد عرف بها عدد كبير من الخطاطين، الذين كانت لهم إسهاماتهم الملموسة، ومقال اليوم عن خطاط أتى إلى قطر مبكرًا، وترك بصمته في مجال الخط العربي، وهو الخطاط السوداني عصام إبراهيم بابكر، من مواليد عام 1955، وتخرج في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالخرطوم، قسم الخط العربي والزخرف الإسلامي عام 1981. شارك في عدد من المعارض الجماعية في الدوحة وغيرها، نظمت في فندق الواحة، مول المدينة بالدوحة في عام 2001، مدرسة قطر الإعدادية في عام 2005، المركز الثقافي السوداني بالدوحة، قاعة الجمعية القطرية للفنون التشكيلية بالدوحة، مركز أصدقاء البيئة بمناسبة أعياد الاستقلال بالدوحة في عام 2010، بازار متحف الفن الإسلامي في عام 2016، كما اشترك في معرض صنع في قطر في عام 2015 بالدوحة، وفي عام 2016 بالرياض- المملكة العربية السعودية، وكذلك في ملتقى التشكيليين السوداني بالدوحة في عام 2008. ويشارك منذ عام 2010 في احتفالات اليوم الوطني للدولة كخطاط؛ بهدف إبراز الخط العربي كتراث للأمة العربية الإسلامية. كما اشترك في معرض جماعي في الحي الثقافي (كتارا) في عام 2021، وبجناح وزارة الثقافة بمعرض الدوحة الدولي للكتاب في عام 2022. وشارك في فعاليات اللجنة العليا للمشاريع والإرث في عام 2020، بهدف تعريف زوار قطر بالخط العربي، وإظهاره كفن إسلامي، وكإرث يعتز به، وأخيرًا أسهم في معرض كتارا للرواية العربية، واحتفالية كتارا بمرور العيد الرابع عشر لتأسيسها في عام 2024. ونظم عددًا من المعارض الفردية في صالة الفنون التشكيلية بحديقة البدع في عام 2000، وبجامعة قطر، ومركز برجمان بدبي في الأعوام: 2002، و2003، و2007، والمجلس القومي للأدب والفنون بالخرطوم في عام 2005، والقنصلية السودانية بدبي في عام 2007، ومجمع "اللاند مارك" في عامي 2007، و2009، ونظم معرضًا فرديًا بإشراف رابطة الأطباء السودانيين، وبالمدرسة السودانية بالدوحة في عام 2010. ونفذ بعض الأعمال الخطية لمؤسسات كبرى، منها إنجاز 250 لوحة لمصرف قطر الإسلامي، و10 لوحات حروفية لفندق روتانا الدوحة، ولوحة جدارية مقاس 14 مترا في متر ونصف؛ للعلماء العرب بمستشفى سبيتار، و30 لوحة لمستشفى حمد، و4 لوحات بقصر زعبيل، في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخطوط آيات قرآنية وزخارف إسلامية لمسجد حمد المعضادي بمنطقة أبو هامور. ويكتب منذ عام 1992 بطاقات الأعراس والأفراح والمناسبات الرسمية في دولة قطر، وأسهم في عام 2021 في تزكية إدراج الخط العربي ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وشارك في الندوات التلفزيونية والصحفية التعريفية بفنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية، كما خط في عام 2002، عنوان الطبعة الثالثة من كتاب "دليل الخليج". وأسهم في كتابة الكثير من خطوط مجلة الأمة، في الفترة التي عمل فيها بمطابع الدوحة الحديثة، تقريبًا منذ عام 1992 وحتى توقف المجلة في عام 2008، وكذلك في كتابة الكثير من خطوط مجلة المأثورات الشعبية التي كانت تصدر عن إدارة التراث والهوية بوزارة الثقافة.
672
| 15 يونيو 2025
يحتاج التجار دائمًا لمن يدوّن لهم معاملاتهم، إذ إن أغلب التجار كانوا فيما مضى، لا يجيدون القراءة والكتابة، ولهذا احترف بعض حسني الخط الكتابة، وافتتحوا المحال في الأسواق التجارية، تمامًا كالكراني، الذي كان يرافق تاجر اللؤلؤ في جولاته بين سفن النواخذه ليدوّن له معاملاته، والعرضحالجي في مصر، ولأن سوق واقف كان سوقًا مزدهر النشاط التجاري، مفعما بالحركة والحيوية، فقد كان بحاجة لمن يحترف الخط، لحاجة الناس في تلك الحقبة له، خاصة أن عدد من كان يجيد القراءة والكتابة قليل. وسوق واقف أقدم سوق في الدوحة، ويبرز فيه الجانب الاقتصادي الحيوي لحياة الناس اليومية من بيع وشراء، وهو ما جعل السوق يحظى بأهمية خاصة، وبمرور الوقت كبر واتسعت مساحته حتى أخذ يزحف على البيوت المجاورة حول المكان، وبعد أن كان سوقًا مؤقتًا تتم فيه عملية التبادل التجاري والباعة واقفون أو متجولون، بنيت فيه الدكاكين والمحلات والعمائر. وأخذ السوق بالنمو الاقتصادي في القرن العشرين، فتحولت البيوت الواقعة على ضفتي وادي مشيرب حتى الخريس إلى دكاكين، ثم استحدثت أرصفة لتفريغ حمولات السفن الآتية عبر الخليج العربي محملة بالمواد الغذائية ومواد البناء. وكان سوق واقف يضم ثلاثة أنواع من المحلات: العمائر: وهي المخازن الكبرى التي تتعاطى الأعمال التجارية بالجملة والمفرق وتخزن مواد البناء والأغذية كالتمور والأزر وغيرهما. والدكاكين: وهي التي تحتوي على مختلف المصنوعات اليدوية والحرفية كالخياطة والحياكة والنجارة وغيرها. وأخيرًا البسطات: وهي التي يُقيمها الباعة في الهواء الطلق. أما عن المهن والحرف التقليدية التي مورست في سوق واقف، فتتمثل في: العكاس، أي المصور، والمحسّن، أي الحلاق، والخباز، وراعي السعف، ومصلح الراديو (بعد ميلاد الإذاعة)، والصفار الذي يقوم بتلميع وإصلاح وترميم الأدوات النحاسية القديمة، والنجار، والحمال، والحداد الذي يقوم بصناعة الأدوات من الحديد مثل الفأس والمطرقة والسيوف والخناجر والقدور والصحون وغيرها، والصائغ الذي يقوم بصناعة الحلي الذهبية واصلاحها، والنداف الذي يقوم بصناعة الفرش والمخدات والوسائد والأبسطة، ويقوم بترميم وخياطة القديم منها، والخراز، أي صانع النعل ومصلحها، هذا بالإضافة للمقاهي الشعبية، كما عرف الفنادق، والتي كان يطلق عليها حينئذ النزل، وكان أول نزل وأول مطعم فيه يحمل اسم «بسم الله». ومن الخطاطين القطريين، الذين احترفوا الخط والكتابة، الخطاط جاسم بن فرج قاسم الخنجي، المولود في براحة الجفيري بالدوحة في عام 1914، ثم ورث الخط والكتابة عن جده قاسم، والذي كان خطاطًا وكاتبًا، كما كان والده مطوعا يؤم المصلين، ودرس على أيدي عدد من المطاوعة، ولما أحس أنه أجاد الخط احترف الكتابة، فاتخذ محلًا للكتابة والخط، وبيع الملابس الرجالية بسوق واقف، وكان يمتلك بشتخته يقوم بالكتابة عليها، إذ كان يكتب الرسائل والمعاريض، وما يطلبه منه الناس، الذين يترددون على محله، بالقرب من محل جاسم بن عبد الرحمن مفتاح، ودكان عبد الله حسن قايد. انتقل الخنجي في عام 1959 للإقامة في منطقة الدوحة الجديدة، وتوفي في يناير 1966، تاركًا ثلاث بنات، وأربعة رجال: محمد، عبدالله، عبد العزيز، وجاسم.
1272
| 12 أبريل 2025
يظل حلم كل خطاط أن يكتب القرآن الكريم كاملًا، فلأجل كلام الله عز وجل تطورت فنون الخط العربي، وما صاحبها من فنون إسلامية أخرى كالزخرفة والتذهيب والرقش وغيرها، وإذا كانت قطر قدمت للعالم العربي والإسلامي خطاطًا وعالمًا للقراءات القرآنية العشر في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، وهو الخطاط أحمد بن راشد المريخي، الذي كتب أربعة مصاحف بخط المحقق، ولا تزال تواصل عطاءها لخدمة القرآن الكريم، خاصة بعد طباعة «مصحف قطر»، والذي تقوم بطباعته في طبعة فخمة بمطبعة بلنت بإستانبول - تركيا، ويتمّ توزيعه بالمجان؛ منذ شهر ربيع الأول 1431هـ/ مارس 2010م، كُتب بقلم الخطاط عبيدة محمد صالح البنكي. يعكف الخطاط القطري راشد مبارك المهندي على خط مصحف جديد بخط النسخ، منذ شهر جمادى الأولى 1438هـ/ فبراير 2017م، ومنذ هذا التاريخ وهو يعمل لأجل إنجازه، وذلك ضمن مشروع أطلقته المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا؛ وستقوم بتبني طباعته ونشره وتوزيعه، وقد وضعت له معايير خاصة تتمثل في جودة الخط، والجمالية الفنية، وجماليات الكتابة، ووضوحها، وذلك وفق مواصفات فنية وجمالية خاصة، وقد كتب المصحف في ثلاث قارات، وكتب الجزء السابع في مدينة إستانبول بجامعة السليمانية وغرفة شيخ الإسلام. والخطاط المهندي له تجارب سابقة في كتابة بعض اللوحات التي تتضمن بعض الآيات القرآنية الكريمة، وبعض قصار السور الشريفة، والتي شارك بها في بعض المعارض، إلا أنه ليست له تجربة سابقة في كتابة المصحف كاملا. وترجع بداية رحلته مع الخط العربي إلى المرحلة الإعدادية، حينما بدأ تعلقه بالخط العربي، حينما كان يتأمل خطوط الأساتذة المعلمين، فكان ذلك بمثابة الشرارة الأولى التي كشفت عن موهبته الخطية، ثم تعمق بدراسة الفنون الجميلة، حتى حصل على بكالوريوس الفنون الجميلة في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان بجمهورية مصر العربية عام 1990، ثم عاد إلى قطر ليعمل مدرسًا للتربية الفنية لمدة 10 سنوات. شارك في عددٍ من المعارض والمهرجانات الفنية، منها: معارض المرسم الحر الأول (1982)، والثاني (1983) والثالث (1984)، ومهرجان الشباب العربي السادس بالرياض 1986، والمعرضان السابع والثامن للجمعية القطرية للفنون التشكيلية، والمعارض المرافقة لزيارات سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لبعض الدول، وبعض معارض كلية الفنون الجميلة أثناء الدراسة بالقاهرة، والملتقى الأول لخطاطي دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت بشهر فبراير 2013، والمعرض الرمضاني الذي أقيم في الحي الثقافي «كتارا» في شهر رمضان 1434هـ/ 2013، ومعرض (رَدَّه) بالاشتراك مع الخطاطين صباح الأربيلي وصالح العبيدلي في ديسمبر 2013، ومعرض شركة فيراري للفنون بشهر ديسمبر 2014، والملتقى السابع للفنانين القطريين بمدينة الخور بشهر مارس 2015، والملتقي الثاني لخطاطي دول مجلس التعاون الخليجي بدولة الكويت في عام 2016، والمعرض الثالث لجماعة الفن بدولة الكويت في عام 2023. وأخيرًا حصل على الجائزة البرونزية عن الخط العربي في الملتقى الخليجي للفنون البصرية 2015.
570
| 04 أبريل 2025
قضى المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، طيب الله ثراه، (1827- 1913)، سنوات طفولته في فويرط، حيث تعلّم على أيدي علماء الحنابلة، ما جعل أهل قطر يتحولون إلى المذهب الحنبلي على يديه، وتوارثوا اهتمامهم وعنايتهم بنسخ كتب الفقه الحنبلي، قبل أن تعرف قطر الطباعة والمطابع، فلما اهتم شيوخ قطر بطباعة ونشر الكتب على نفقتهم الخاصة، أولوا كتب الحنابلة اهتمامًا وعناية، وخاصة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب. خطاط اليوم من جيل الرواد، الذين اهتموا بجمال الخط والكتابة، واهتموا بنسخ الكتب، وخاصة كتب الفقه الحنبلي، وهو الخطاط عبد الله بن محمد بن صالح الغزال، المولود بفريج الأحمد بالدوحة في عام 1306هـ/ 1888م. كانت مدينة الدوحة في ذلك الحين، عهد المؤسس، تزخر بالعديد من الكتاتيب، التي تُعلِّم النشء القرآن الكريم، والقراءة والكتابة، والخط العربي، وكعادة أهل قطر ألحقه والده بكتاب المطوعة آمنة محفوظ؛ بجوار بيتهم، فلما أتم هذه المرحلة، اتجه لطلب العلم الشرعي من الفقه والنحو والسنة النبوية المشرفة، حيث تتلمذ على يدي الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، والشيخ محمد بن جابر بن عبد الله الجابر، وغيرهما من علماء قطر، وأهله ذلك لأن يرفع الآذان ويؤم الناس في مسجد أبو القبيب، ولم يكتف بذلك؛ بل كان يُعلم الناس أمور دينهم، وسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة، ويشرح لهم السور التي يقرأها عليهم في صلواته، وفي الوقت نفسه يصلح ما بين المتخاصمين، فأحبه أهل قطر وأكرموه. ورث الغزال تجارة اللؤلؤ عن والده، فكان نوخذة ثم طواشًا دائم السفر، وخاصة إلى بومباي بالهند، وفي إحدى أسفاره غرقت سفينته «المحروك»، وذلك إثر هجوم مفاجئ عليها من إحدى الغواصات البريطانية إبان الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، ونجا منها وبحارته بأعجوبه، الأمر الذي شجع الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، (1913-1949)، والشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، (1949-1960) كي يستعينوا به؛ لخبرته في اللؤلؤ وأثمانه، ولدوره في الإصلاح بين الناس، خاصة في محكمة السالفة، التي كانت تنظر في قضايا الغوص، فلما انهار اقتصاد اللؤلؤ، اعتمد عليه حاكم قطر في طباعة بعض الكتب الشرعية والأدبية، حيث كان لشيوخ قطر أيادي بيضاء في طباعة ونشر الكتب، وتوزيعها على طلبة العلم. لم ينشغل الغزال بتجارته وأسفاره، وإمامته وآذانه، وإصلاحه وأعماله، عن الاهتمام بالخط العربي، والذي تجذرت محبته في نفسه منذ طفولته، وتعمقت مع مصاحبته لأهل العلم، فأجاد الخط العربي، فتميزت كتاباته بالجمالية والمرونة، والليونة والتطويع والاستدارة، إلا أنه فيما يبدو لم يحترف الخط، ولم يتتلمذ فيه على يدي خطاط، ولم يُجاز فيه، لأن كل ما اطلعت عليه من تراثه الخطي كُتب فقط بخطي الرقعة والنسخ، والذي يوصف بالخط الحسن المجود. ومن الإرث الخطي بيده، والذي لا يزال أحفاده يحتفظون به، الكثير من الوثائق والمبايعات، واتفاقيات التسقام، والاتفاقيات التجارية، ودفتر الذمم، وبعض الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، ولهذا فإن بعض ما خطه يمثل وثائق مهمة تؤرخ لحقبة الغوص على اللؤلؤ وتجارته. ونسخ كذلك كتاب في الفقه الحنبلي، وذكر البعض أن الشيخ محمد بن مانع، هو من عَهِدَ إليه بكتابته، وذلك لجمال خطه؛ وقد تمَّ الفراغ منه في عام 1377هـ/ 1957م، واضعًا اسمه، كعادة الخطاطين، في أعلى بعض صفحات المخطوط ذاكرًا أنه تم «بقلم الغزال». ويبدو من الإشارات التي كتبها على بعض أغلفة كتب الحديث، أنه كان على معرفة بعلم مصطلح الحديث. وتوفي في 11 أغسطس 1982، عن عمر يناهز الرابعة والتسعين.
651
| 29 مارس 2025
اتجه الكثير من الجيل القطري الذي شهد انهيار صناعة الغوص على اللؤلؤ، إلى العمل في شركات النفط، بعدما جاء البريطانيون والأمريكان بقبعاتهم يبحثون عنه في رمال صحراء قطر، بآلاتهم العملاقة، ولأنهم جيل تعلم في الكتاتيب والتحق بالمدارس النظامية في بدايات تأسيسها في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، (1949-1960)، فقد امتاز بعضهم بالخط الحسن المجود، إذ تعلموا الكتابة والخط على أيدي معلمين أكفاء، فكتبوا بخطوط الرقعة والنسخ وغيرها من الخطوط الدارجة كتابة صحيحة مجودة، ومن هذا الجيل مبارك بن سعد خميس القعاطري المنصوري، المولود بمدينة الخور في ديسمبر 1942، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والحساب، والكتابة والخط العربي على يدي الشيخ صالح بن خميس السليطي، فلما شب على الطوق التحق بالمدرسة النظامية بالدوحة، وفي أواسط الخمسينيات من القرن العشرين التحق بمدرسة خالد بن الوليد الابتدائية، ثم مدرسة الدوحة الإعدادية الثانوية، وغادرها، وعمره 14 عامًا، في ديسمبر 1956 للالتحاق بالعمل في شركة نفط قطر بمدينة دخان، التي أصبحت لاحقًا «المؤسسة العامة القطرية للبترول». وبينما كان يعمل بالشركة التحق بالمدرسة المهنية في مسيعيد، حيث تمرن وتدرب على أعمال الميكانيك، ودرس اللغة الإنجليزية، ما جعله يرتقي وظيفيًا، وأهله للابتعاث لبريطانيا للتدرب على أعمال الاختصاص، فكان من طليعة الشباب القطري الذي ابتعث لهذه الغاية في عام 1959، وبعد سنة ونصف عاد إلى أرض الوطن مرة أخرى؛ ليلتحق مشرفًا على دائرة النقليات، ثم مديرًا للخدمات في الأول من أكتوبر 1988، وحتى تقاعده في 3 أبريل 1993. وقد حصل على عدد من المؤهلات العلمية والشهادات والدورات التدريبية، منها شهادة الجمعية الملكية البريطانية في اللغة الإنجليزية، ودورة في ميكانيك السيارات، ودورة في طرق التدريب بمدرسة الحكومة البريطانية، في عام 1960، ودورة في المعدات الثقيلة والروافع ببريطانيا 1964، ودورة في المحاسبة الإدارية بقطر عام 1972، ودورات في اللغة، وإدارة المحاسبة بمؤسسة كراون إيجنت ببريطانيا عام 1978، وبرنامج تطوير المديرين بالجامعة الأمريكية ببيروت بالتعاون مع جامعة قطر في عام 1981، ودورة في تقديم المشاريع عام 1985، وأخرى في إعداد الميزانيات في عام 1987. وتوفي في لندن يوم 21 سبتمبر 2016. وقد ترك بخط يده بعض المقالات المخطوطة التي لم تنشر، منها مقالة بعنوان «صناعة وصيانة المحامل في دولة قطر في الماضي»، ونشرتها لجنة البحوث والدراسات بالمؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) في كتاب «سفن قطر التقليدية» (2016)، ومقالة أخرى بعنوان «اكتشاف واستخراج النفط من دخان»، كتبها بتاريخ 4 مارس 2015، بخط الرقعة السريع، إلا أنها تنبئ عن أنه كان من ذوي الخط الحسن، ومن جيل الرواد، الذين كتبوا بخطوط مجودة، وكانوا حريصين على إعطاء كل حرف حقه في الكتابة، فكانوا يكتبون تلقائيًا بخطوط مجودة، صحيحة واضحة مميزة.
516
| 22 مارس 2025
كان أهل شبه الجزيرة العربية منذ ما قبل الإسلام أهل "قول"، فكانوا يحفظون المعلقات ذات آلاف الأبيات، ولم يكونوا أهل تدوين وكتابة، وربما يرجع ذلك لندرة أدوات الكتابة والخط، وارتفاع درجات الحرارة التي تتسبب في تلف الرقوق، التي كانوا يكتبون عليها، ورغم اهتمام الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين بالخط والكتابة، وخاصة بعدما عرفوا تصنيع الأوراق من مصر والصين، إلا أن التدوين ظل هامشيًا عند أهل شبه الجزيرة العربية، ولهذا قلما نجد خطاطًا محترفًا، إلا أن جيل الأجداد وجد بين ظهرانيهم من يكتب بخط حسن مجود متقن، وخاصة رواد العلم والتعليم في قطر، والذين منهم عبدالرحمن بن محمد بن سند السنيدي، أحد مشايخ العلم والتعليم في قطر، عُرف بخطه الحسن، ولد عام 1885 بمنطقة الحوطة بإقليم نجد، ودرس وتعلّم علوم القرآن الكريم والعلوم الشرعية على أيدي علماء المنطقة، ثم انتقل للإقامة في قطر في ثلاثينيات القرن العشرين، وكان دائم التنقل بين قطر والمنطقة الشرقية بالسعودية. واستقر به المُقام بمنطقة مشيرب في الدوحة، بجوار دار الوثائق القطرية حاليًا، حيث استزاد من علم الشيخ محمد الجابر، وأسند إليه الشيخ عبدالله مهمة كتابة بعض المراسلات، لحُسن خطه وتجويده للكتابة، كما عينه إمامًا وخطيبًا لمسجد الشيوخ، أو المسجد الكبير في الأربعينيات من القرن العشرين، وكانت تُحال إليه بعض القضايا ليدلي برأيه الشرعي فيها، مقدمًا بعض الفتاوى القضائية، فكان شديدًا في التعليم والقضاء، ولا يخشى في الحق لومة لائم، ثم انتقل إمامًا وخطيبًا إلى مسجد بو قبيب، بمنطقة سوق واقف، حيث كان ندي الصوت، مجيدًا في التلاوة. وافتتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم (كُتّاب) بمنطقة الريان في ستينيات القرن العشرين، حيث درس القرآن الكريم، والقراءة، ومبادئ اللغة، والكتابة، ويروى أن زوجته عائشة الدرهم كانت تعاونه في التدريس، ثم افتتح مدرسة أخرى بالجسرة بعد انتقاله للإقامة فيها لاحقًا؛ عُرفت باسم "مدرسة السنيدي" حيث درس على يديه الكثير من الشخصيات القطرية. عاد السنيدي مرة أخرى للإقامة في الدوحة، حيث سكن بفريج (حي) الجسرة، وكان يؤم المصلين في مسجد الشيوخ، وكان خطيبًا بليغًا، وكان يزوره في مجلسه بالدوحة طوال شهر رمضان شيوخ من الأزهر الشريف، وحينما بدأ التعليم النظامي، وأنشئت مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية، عين فيها مدرسًا لفترة من الزمن. توفي السنيدي في سنة 1960 تقريبًا، وعمر طويلًا، وكان رجلا فاضلا جادا، يتمتع بأخلاق طيبة، ملتزما ومتمسكا بالسنة، ومحافظا على أداء العبادات، وصارما حازما مع طلابه، وهينا لينا في أكثر الأوقات، كما وصفه مؤلفو كتاب "رواد العلم والتعليم في قطر"، وله من الأولاد كثيرون توفوا مبكرا، وبقي له بنت واحدة وأربعة ذكور: محمد، عبدالهادي، أحمد، وعبدالرحمن.
567
| 08 مارس 2025
يهتم بالخط العربي في دولة قطر عددٌ من المؤسسات والهيئات، منها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وكلية الدراسات الإسلامية، عضو جامعة حمد بن خليفة، ولهذا تزينت جدارياتها وأروقتها بالخط العربي، بالإضافة لمسجد المدينة التعليمية ذي المنارتين، الذي ازدانت مآذنه ومحرابه بالخط العربي، والذي خطه الخطاط، والمصمم المعماري، البريطاني من أصل عراقي طه الهيتي (ولد 1971)، والذي اهتم بالخط العربي منذ نعومة أظفاره، حيث مارس الكتابة والخط منذ أن كان تلميذًا يجلس على مقاعد الدراسة بالصف الثالث الابتدائي، ما دفع والده لأن يشتري له كراسة محمد هاشم البغدادي (1921-1973)، فتعلم منها قواعد الخط العربي الكلاسيكية، قبل أن يتتلمذ على يدي الخطاط عباس البغدادي (1951- 2023) قواعد وأسس فن الخط العربي، وأجازه في عدد من الخطوط، ما أدى لأن نظم معرضه الأول بفندق الرشيد في بغداد، وهو بعمر الثامنة عشرة، وأقام معرضه الثاني بقاعة الكوفة بلندن، حيث كان يدرس الهندسة المعمارية، ومع تقدمه في السن جذبه الخط الجميل، الذي تزدان به مساجد بغداد، ولهذا اهتم بعدما أنهى دراسته في الهندسة المعمارية، بأن يواصل استكشاف العلاقة بين فن الخط العربي والعمارة في العصر الإسلامي، وسعى لتطويرها لتتواكب مع الحداثة، وزاوج بينها وبين أصول مدرسة الخط الكلاسيكية، واستخدم في سبيل ذلك الأنماط التقليدية للخط، وقام بتشكيلها في هياكل معاصرة وحرة، مع الانحناء أو تمديد القواعد الكلاسيكية، ومحاولة الخروج عن الحدود التقليدية، وكسر الجمود الذي أحاط بالخط العربي. ويُفضل الهيتي خط الثلث، الذي أبدعه الخطاطون العثمانيون، إذ يرى أنه سيد الخطوط العربية وأجملها للمشاهد، لما فيه من إمكانيات إبداعية كبيرة، ولهذا صمم به الخطوط في مبنى الكلية والمسجد عام 2009، والذي افتتح في عام 2015، واعتبره المشروع الأكثر نجاحًا في مسيرته كمصمم معماري وخطاط، حيث انعكست تأثيرات الخط العربي في تكويناته المعمارية، بتوظيف الحرف كعنصر معماري وظيفي، فزاوج بينه وبين العمارة؛ بما أنتج تضادًا جميلا، بين الحداثة المعمارية والتراث التقليدي من الخطوط العربية، ولم يتم ذلك بين عشية وضحاها، وإنما استغرق سنتين لتصميم مسودات النصوص المختارة قبل الوصول للنتيجة النهائية، التي أبعدت المسجد عن الشكل التقليدي، إذ جاءت سطوحة وواجهاته في شكل منحنيات غير منتظمة، وتماشت معها الخطوط بشكل منفرد، ومصمم خصيصًا للمساحة، التي تشغلها، فجاءت بمساحة وتصميم متجانس، ومتوازن مع المساحة المخصصة له، ولهذا تم تنفيذ بعض الخطوط بشكل عمودي، أو بارز، أو حروف معدنية معلقة على أوتار، بما يوازن بين الكتلة والفراغ، وأبسط التفاصيل المعمارية، مع التركيز على الدقة والتفاصيل والاعتدال والتوازن، مستنبطًا فلسفته التصميمية من العناصر التراثية، والوظيفية، والتعبيرية؛ للخط العربي، لإنتاج هوية معمارية إسلامية تواكب الحداثة والمعاصرة، وتوائم بين النواحي الجمالية والوظيفية والروحية، وفق نسب معمارية؛ تُعزز قدسية الدين، وعظمة الخالق، موظفًا الخط العربي كعنصر معماري جمالي، ويحمل في الوقت نفسه رسالة قرآنية كريمة للتأمل، بما يجعلها عنصرًا جماليًا روحيًا وظيفيًا وبيئيًا، وتؤكد على قوة العلاقة بين العمارة الإسلامية والخط العربي، حيث تم توظيف الخط كعنصر معماري، باستخدام تركيبات الحروف كمرشحات ضوئية أو فتحات، ولا يقل عن ذلك أهمية الدور الذي يلعبه الخط على رأس المأذنتين، والتي جاءت كتابات رأسية، لتحديد المكان والمساحة، بما يساعد في تأكيد العلاقة بين العمارة والخط، ويجعل هذا الفن الرائع حرًا بما يكفي لإظهار جماله وروعته.
714
| 19 فبراير 2025
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...
5361
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
4743
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
4212
| 05 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...
1821
| 07 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...
1515
| 08 أكتوبر 2025
قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن...
1359
| 08 أكتوبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
1023
| 05 أكتوبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
906
| 03 أكتوبر 2025
التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...
795
| 05 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
783
| 02 أكتوبر 2025
المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...
729
| 07 أكتوبر 2025
الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...
720
| 06 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية