رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. علي عفيفي علي غازي

مساحة إعلانية

مقالات

651

د. علي عفيفي علي غازي

عبد الله الغزال.. خطاط الفقه الحنبلي

29 مارس 2025 , 02:00ص

قضى المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، طيب الله ثراه، (1827- 1913)، سنوات طفولته في فويرط، حيث تعلّم على أيدي علماء الحنابلة، ما جعل أهل قطر يتحولون إلى المذهب الحنبلي على يديه، وتوارثوا اهتمامهم وعنايتهم بنسخ كتب الفقه الحنبلي، قبل أن تعرف قطر الطباعة والمطابع، فلما اهتم شيوخ قطر بطباعة ونشر الكتب على نفقتهم الخاصة، أولوا كتب الحنابلة اهتمامًا وعناية، وخاصة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

خطاط اليوم من جيل الرواد، الذين اهتموا بجمال الخط والكتابة، واهتموا بنسخ الكتب، وخاصة كتب الفقه الحنبلي، وهو الخطاط عبد الله بن محمد بن صالح الغزال، المولود بفريج الأحمد بالدوحة في عام 1306هـ/ 1888م.

كانت مدينة الدوحة في ذلك الحين، عهد المؤسس، تزخر بالعديد من الكتاتيب، التي تُعلِّم النشء القرآن الكريم، والقراءة والكتابة، والخط العربي، وكعادة أهل قطر ألحقه والده بكتاب المطوعة آمنة محفوظ؛ بجوار بيتهم، فلما أتم هذه المرحلة، اتجه لطلب العلم الشرعي من الفقه والنحو والسنة النبوية المشرفة، حيث تتلمذ على يدي الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، والشيخ محمد بن جابر بن عبد الله الجابر، وغيرهما من علماء قطر، وأهله ذلك لأن يرفع الآذان ويؤم الناس في مسجد أبو القبيب، ولم يكتف بذلك؛ بل كان يُعلم الناس أمور دينهم، وسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة، ويشرح لهم السور التي يقرأها عليهم في صلواته، وفي الوقت نفسه يصلح ما بين المتخاصمين، فأحبه أهل قطر وأكرموه.

ورث الغزال تجارة اللؤلؤ عن والده، فكان نوخذة ثم طواشًا دائم السفر، وخاصة إلى بومباي بالهند، وفي إحدى أسفاره غرقت سفينته «المحروك»، وذلك إثر هجوم مفاجئ عليها من إحدى الغواصات البريطانية إبان الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، ونجا منها وبحارته بأعجوبه، الأمر الذي شجع الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، (1913-1949)، والشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، (1949-1960) كي يستعينوا به؛ لخبرته في اللؤلؤ وأثمانه، ولدوره في الإصلاح بين الناس، خاصة في محكمة السالفة، التي كانت تنظر في قضايا الغوص، فلما انهار اقتصاد اللؤلؤ، اعتمد عليه حاكم قطر في طباعة بعض الكتب الشرعية والأدبية، حيث كان لشيوخ قطر أيادي بيضاء في طباعة ونشر الكتب، وتوزيعها على طلبة العلم.

لم ينشغل الغزال بتجارته وأسفاره، وإمامته وآذانه، وإصلاحه وأعماله، عن الاهتمام بالخط العربي، والذي تجذرت محبته في نفسه منذ طفولته، وتعمقت مع مصاحبته لأهل العلم، فأجاد الخط العربي، فتميزت كتاباته بالجمالية والمرونة، والليونة والتطويع والاستدارة، إلا أنه فيما يبدو لم يحترف الخط، ولم يتتلمذ فيه على يدي خطاط، ولم يُجاز فيه، لأن كل ما اطلعت عليه من تراثه الخطي كُتب فقط بخطي الرقعة والنسخ، والذي يوصف بالخط الحسن المجود.

ومن الإرث الخطي بيده، والذي لا يزال أحفاده يحتفظون به، الكثير من الوثائق والمبايعات، واتفاقيات التسقام، والاتفاقيات التجارية، ودفتر الذمم، وبعض الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، ولهذا فإن بعض ما خطه يمثل وثائق مهمة تؤرخ لحقبة الغوص على اللؤلؤ وتجارته.

ونسخ كذلك كتاب في الفقه الحنبلي، وذكر البعض أن الشيخ محمد بن مانع، هو من عَهِدَ إليه بكتابته، وذلك لجمال خطه؛ وقد تمَّ الفراغ منه في عام 1377هـ/ 1957م، واضعًا اسمه، كعادة الخطاطين، في أعلى بعض صفحات المخطوط ذاكرًا أنه تم «بقلم الغزال».

ويبدو من الإشارات التي كتبها على بعض أغلفة كتب الحديث، أنه كان على معرفة بعلم مصطلح الحديث. وتوفي في 11 أغسطس 1982، عن عمر يناهز الرابعة والتسعين.

مساحة إعلانية