رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أمس دخلت غزة عامها الثالث في مواجهة مفتوحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، في حربٍ تُعدّ الأشرس في التاريخ الحديث، لكن ما تعانيه غزة اليوم ليس حدثا طارئا، ولا بداية جديدة، بل هو فصل متجدد من مأساة بدأت من بعد جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي عام 1948، حيث تمدد المشروع الصهيوني خارج الحدود التي كانت إحدى نتائج النكبة في اتجاه قطاع غزة ومعه كل أدواته التي استخدمها في تلك المجازر لإعادة إحياء تلك الجرائم في قطاع غزة.
وعلّنا نوضح أنَّ شهوة ابتلاع غزة كانت منذ حرب 1947-1949 خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، إلا أنَّ الضغوط الدولية حالت دون ذلك، إلا أنَّ مع العدوان الثلاثي في 29 أكتوبر 1956، فقد سقطت مدن قطاع غزة تباعا إلى حين انسحاب الجيش في مارس 1957، إلا أنَّ ما ورد في كتاب الباحث عصام السخنيني «الجريمة المقدسة» عن المذابح التي ارتكبها جيش الكيان المحتل في القطاع في ذلك الوقت، وخطط تهجير سكانه قسراً تحاكي ما يشهده القطاع الآن منذ عامين، فلو عدنا إلى عام 1956 فسنجد التقارير الدولية هي ما تؤكد عدد المذابح والإبادة الجماعية التي اقترفها جيش الكيان المحتل في قطاع غزة، والتي راح ضحيتها في ذلك الوقت بين بضع مئات ونحو ألف ومائتي شخص وفق عدد من المصادر، مستنسخا الأساليب الوحشية ذاتها التي استخدمت في حرب 1947-1949، وكانت أعمال قتل غير مبررة، إلى جانب عمليات النهب والسلب، كما اكتشف بعد انسحابه من القطاع بمقبرة جماعية في خان يونس ضمت جثث أربعين فلسطينياً قتلوا بإطلاق الرصاص على مؤخرة رؤوسهم بعد أن ربطت أيديهم، بالاستناد إلى كتاب «الجريمة المقدسة».
وكان من المهم عند تناول الحرب المجنونة والمسعورة على سكان قطاع غزة وهي تدخل عامها الثالث، الإشارة إلى ما أشرت إليه آنفاً، حتى نضع القارئ في قلب المشهد، ونوضح أنَّ ما يجري الآن في قطاع غزة ليس إلا أحد أوتاد المشروع الصهيوني منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بال عام 1897 الذي أقرَّ إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، فعلى القارئ أن يعي تمام الوعي أنَّ ما يعيشه سكان قطاع غزة وحتى أهلنا في الضفة الغربية جميعه يسير وفق سياق تنفيذ المشروع الصهيوني، دون تحميل أي فصيل فلسطيني مقاوم مسؤولية السابع من أكتوبر، بل ما تحياه فلسطين وأهلها من إبادة، وتطهير عرقي، وتجويع، وتشريد، ونزوح، ولجوء، هو مسؤولية المحتل، ومسؤولية قرارات مؤتمر بال عام 1897 التي أقرت إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، إيذانا بابتلاع مدن فلسطين شيئا فشيئا كما الآن.
ونحن على أعتاب السنة الثالثة من الحرب المسعورة على قطاع غزة، التي يشنّها جيش الكيان المحتل بدعم خارجي غير منقطع النظير، تلوح في الأفق بوادر انفراجة لوقف إطلاق النار، بعد قبول حركة حماس لخطة ترامب يوم الجمعة، والتي تستضيف مفاوضات الخطة في هذه اللحظات جمهورية مصر العربية، وبدورنا نحن ندعم أي قرار تتخذه فصائل المقاومة دون تنظير زائد لا يُغني ولا يُسمن، فهم من يقاتل، وهم – ومعهم الشعب الفلسطيني في غزة – وحدهم من يدفع الأثمان الباهظة من أرواحهم، وأرواح فلذات أكبادهم، ونسائهم، وأزواجهم، وشيوخهم. بل إنهم يدفعون الثمن من ذكرياتهم التي يحاولون الاحتفاظ بها في ذاكرتهم، تلك التي يسعى جيش الاحتلال إلى إبادة معالمها، لا اعتباطاً، بل ضمن المشروع الصهيوني الذي يرى في إبادة الذاكرة الجمعية جزءا أصيلا من الإبادة الجماعية، فالهجوم المسعور من الكيان المحتل استهدف البنية التحتية بشكل ممنهج، حيث إن 75 % من المساكن دُمّرت بالكامل، و90 % من المنشآت الصحية خرجت عن الخدمة، وتم قصف أكثر من 500 مدرسة، و160 منشأة صحية، وعشرات المساجد والكنائس، كما تم استهداف مباشر للمكتبات، المتاحف، والمراكز الثقافية، في محاولة واضحة لمحو الذاكرة الفلسطينية، وقطع الصلة بين الإنسان وأرضه وتاريخه.
ووثقت تقارير دولية عدد الشهداء في غزة خلال العامين الماضيين حيث تجاوز 85000 شهيد، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، وأكثر من 238 صحفيا، و1.400 من الطواقم الطبية، إضافة إلى مئات من موظفي منظمات دولية وإنسانية. كما تم توثيق آلاف المفقودين، بينهم أطفال، وأكثر من 120000 جريح، كثير منهم بإعاقات دائمة، هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الدمار، بل تكشف عن نية واضحة لمحو الإنسان الفلسطيني، جسدا وذاكرة.
في هذا السياق، لا يمكن فصل ما يحدث في غزة عن ما حدث في دير ياسين، وصبرا وشاتيلا، وجنين، والشيخ جراح، كلها حلقات في سلسلة واحدة، ذات الأدوات وذات المنهجية الرامية لتفريغ الأرض من أهلها، واستعمار فلسطين تحت عباءة السلام.
ختاما..
لم أجد إلا كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش خاتمة لكمِّ الألم والوجع الذي يعتمل في قلب كل فلسطيني.
علَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ...عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ الأُرْضِ
أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ...كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين
صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين.
لا تأمن لنفسك أمام ChatGPT
في السنوات الأخيرة، تحولت تقنيات الذكاء الاصطناعي من أدوات تجريبية محدودة الوظائف إلى أنظمة قادرة على تحليل النصوص،... اقرأ المزيد
33
| 07 ديسمبر 2025
خير الناس من طال عمره وحسُن عمله
لا شك أن أعظم البر عند الخالق عز وجل هو بر الوالدين التي قرنها سبحانه وتعالى بعبادته وهو... اقرأ المزيد
33
| 07 ديسمبر 2025
العرب يضيئون سماء الدوحة
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025 حدثًا استثنائيًا تمثّل في حفل افتتاح كأس العرب 2025، وهو... اقرأ المزيد
27
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صحفية فلسطينية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
3354
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2634
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1653
| 04 ديسمبر 2025