رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

 تويتر @docshayji

‏@docshyji

مساحة إعلانية

مقالات

408

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

لماذا سيفشل هروب نتنياهو للأمام.. وتحديه باحتلال كامل قطاع غزة

10 أغسطس 2025 , 01:27ص

أنهيت مقالي الأسبوع الماضي في زاويتي الأسبوعية «البوصلة» في الشرق، حمل عنوان: «هل يُنهي مؤتمر نيويورك الحرب.. ويحيي القضية الفلسطينية قبل تصفيتها؟»، بالتأكيد «باتت إسرائيل المارقة معزولة ومنبوذة مع تصاعد الغضب الشعبي عالمياً، خاصة في الولايات المتحدة وخسارتها رصيد إنجازات عقود، خاصة داخل الكونغرس وشريحة الشباب (قادة المستقبل). وهذه فرصة يجب استثمارها للدفع نحو تنفيذ مخرجات بنود البيان الختامي لمؤتمر نيويورك بحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».

ليُفاجئ العالم برغم معارضة وانتقاد حلفاء إسرائيل ودول عربية وإسلامية والمجتمع الدولي وخاصة قيادات عسكرية وسياسية والأجهزة الأمنية، والحلفاء الأوروبيين واستدعاء سفراء إسرائيل والتلميح بإعادة النظر بالاتفاقيات التجارية، برفض خطة احتلال كامل قطاع غزة، فيما علّق الرئيس ترامب بأن الأمر يعود لإسرائيل! واللافت تحذير ورفض جنرالات وقادة عسكريين وأمنيين من الموساد والشين بيت. وجه 600 من قادة تلك الأجهزة رسالة مشتركة إلى الرئيس ترامب يطالبونه بالضغط على نتنياهو وحكومته بوقف حرب غزة والتوصل لحل بدلا من التصعيد العسكري. لكن نتنياهو يمضي بخطته متحديا العالم. 

أبرز منتقدي ورافضي خطة احتلال كامل قطاع غزة رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت ووزير الدفاع ورئيس الأركان، الخطة التي صوت على تنفيذها الكابنيت المصغر (الحكومة الأمنية) بالموافقة على منح الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو شن حرب مفتوحة واحتلال كامل قطاع غزة وتطبيق خطة احتلال ما تبقى من قطاع غزة حوالي 20%. وتطبيق الخطة على مراحل بما فيها حصار وتهجير سكان مدينة غزة كبرى مدن القطاع جنوبا ومن دير البلح والنصيرات خلال شهرين في أكبر عملية غير شرعية ضد سكان غزة. 

واللافت تلك المدن الثلاث التي لم يحتلها ويمسحها عن الوجود الاحتلال الإسرائيلي. رئيس الأركان ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يهود أولمرت أن الاحتلال هو تطهير عرقي ولن يؤدي للإفراج عن الأسرى»! وهو ما يكرره حلفاء إسرائيل الذين نددوا ورفضوا احتلال كامل قطاع غزة، ووصل الأمر بتعليق ألمانيا الدولة الأوروبية الأكثر دعماً لإسرائيل صفقات الأسلحة إلى إسرائيل حتى لا يتم استخدامها في حرب احتلال كامل القطاع. وبالتالي تطبيق خطة الجنرالات بالتطهير العرقي من خلال مراحل:

حصار كلي للمدن الثلاث وقطع كامل إمدادات الماء والغذاء والدواء وخدمات المستشفيات، وقصف مكثف جواً وبراً وبحراً، والغزو البري المتدرج، وإجبار المدنيين النازحين والجوعى على الرحيل بالقوة تحت مسمى «التهجير الطوعي»، برغم تحذير مسؤولين عسكريين وسياسيين بأن هذه الممارسة هي «تطهير عرقي» وتدفع إسرائيل قوات جيشها وقوة الاحتياط المنهكة إلى مستنقع غزة. وهو ما تهدد حماس بتكبيد قوات الاحتلال خسائر كبيرة. 

سبق وطبق نتنياهو خطة الجنرالات نهاية العام الماضي شمال قطاع غزة ورفح. وأوضح الجنرال غيورا هايلاند صاحب فكرة «خطة الجنرالات» الخبيثة بمنح حوالي 400 ألف سكان شمال غزة بعد حصار مطبق وقطع جميع الامدادات الأساسية10 أيام للمغادرة (تطهير عرقي)! ومن يتبقى منهم سيعد مقاتلا عدوا مواليا لحماس!.

 ويتكرر السيناريو نفسه على مدينة غزة بعد ارتفاع عدد سكانها بتدفق النازحين لأكثر من مليون نسمة مع تدمير معظم أحياء مدينة غزة. في إعادة انتاج الخطة الوحشية والتطهير العرقي بإجبار أهالي شمال غزة في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا على التهجير بالقوة. وذلك بتطبيق حصار كامل على السكان وقطع امدادات الماء والغذاء والكهرباء وتدمير المستشفيات والبنى التحتية على مدى أكثر من 100 يوم. واتهام من رفض الانسحاب بأنه إرهابي أو متحالف مع حماس والإرهاب. وتدمير كامل البنى التحتية والمنازل والأبنية والطرق. وهذا هو النموذج الذي حسب الخطة ينتظر مدينة غزة ودير البلح بإجبار سكانها النازحين والجوعى على الانتقال إلى مخيمات اعتقال في رفح تمهيدا لطردهم وإخلاء غزة من سكانها في أكبر عملية تطهير عرقي في العصر الحديث.

اللافت هو تلاعب نتنياهو بالمصطلحات والواقع. باتت خديعته مفضوحة بتأكيده أن إسرائيل لا تسعى لاحتلال قطاع غزة (Occupation) بل «بالسيطرة ((Controlعلى غزة»- لأن للاحتلال تبعات كبيرة على المحتل توفيرها وسط غضب شعبي ورسمي واسع وانهيار شعبية والتعاطف مع إسرائيل الذي كسبته بعد عملية طوفان الأقصى. لذلك نتفهم غضب وانتقاد وتنديد حلفاء إسرائيل وتحذيرهم مع الأمم المتحدة والدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للتحذير وإقناع إسرائيل بصرف النظر عن خطة الجنرالات العنصرية مع التشكيك بنجاحها. تصوروا يحدث هذا التطهير العرقي ضد يهود أو مسيحيين!. 

وبرغم الواقع الذي يعلمه نتنياهو ووزير حربه ورئيس الأركان الذي يعارض حرب احتلال كامل القطاع، هو أن الجيوش لا يمكن أن تنتصر ضد القوات والفصائل في حرب المدن. خاصة أن الأمريكيين برغم امتلاكهم القوات المسلحة الأقوى في العالم فشلوا في كابول وبغداد والموصل والفلوجة. وكان بايدن يكرر ويحث نتنياهو وقواته المسلحة وحثه بعدم شن حرب برية في غزة!

لأن الهدف في عقلية نتنياهو وقيادات ائتلاف حكومته المتطرفين خدمة اجندتهم باستمرار الحرب وتهجير سكان غزة بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وكان معبراً مقال نيويورك تايمز التحليلي قبل شهر بعنوان: «كيف أطال نتنياهو حرب غزة ليبقى في السلطة» داخل حسابات نتنياهو السياسية. وعدّد المقال أسلوب تلاعب نتنياهو باجتماعات سرية، وتعديل الوثائق، وتجاهل توصيات المؤسستين العسكرية والاستخباراتية.

وكذلك تعمده إفشال جميع جهود الوساطات التي تقودها دولة قطر ومعها الولايات المتحدة وآخرها اجتماع سيعقد في مدريد بين رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن ومبعوث ترامب ويتكوف لوضع مقترح يقدم لحماس ونتنياهو خلال الفترة القادمة.

ويبقى صادم جرأة نتنياهو بانتقاده وتقريعه منتقديه. انتقد عزم فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين، وتجميد المستشار الألماني تصدير صفقات أسلحة لإسرائيل حتى لا تُستخدم في احتلال كامل قطاع غزة. علّق نتنياهو: «ألمانيا بقرارها وقف تصدير السلاح لإسرائيل تكافئ حماس». ويكرر بترهيب مفضوح، ولم يعد مقنعا لمنتقدي ومطالبي وقف حربه العبثية الوحشية، بأنه مكافأة للإرهاب ولحماس ومعاداة للسامية.

مساحة إعلانية