رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سطرت في هذه الزاوية خلال الأشهر الماضية عددا من المقالات عن الخلافات والتباين بين الحلفاء الخليجيين والولايات المتحدة الأمريكية: «أمريكا تخفض أهمية الخليج العربي لمواجهة روسيا والصين»، و»هل نشهد صعود الصين في الخليج العربي على حساب أمريكا»-بعد نجاح وساطة الصين في مصالحة السعودية وإيران وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عقر دار النفوذ الأمريكي التقليدي في مارس الماضي. وآخر تلك المقالات قبل أسبوعين «هل تنتهي معادلة النفط الخليجي مقابل الحماية الأمريكية»، ومقال الأسبوع الماضي «لمعادلة ربحية نحتاج تفعيل العلاقات الخليجية-الأمريكية».
وأستكمل موضحاً في مقال اليوم لماذا برغم كل التباين وتراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج لماذا لن تنسحب أمريكا من الخليج؟ ولماذا لا تملك القوى الكبرى الإقليمية والدولية القدرة والامكانيات والقرار السياسي لملء ذلك الفراغ الاستراتيجي وتعويض التراجع الأمريكي.
يتساءل الكثيرون بقلق هل ستنسحب أمريكا من المنطقة بعد سلسلة تراجعات ونكسات وهزائم وانسحابات و»تعب من الحروب»، بدأها الرئيس بوش الابن قبل عقدين من الزمن بمغامرات غير محسوبة العواقب و»حرب عالمية على الإرهاب»، وحروب استباقية قادت لهزائم في أفغانستان والعراق. وعلى طالبان والقاعدة. وفي رئاسة أوباما حرب على تنظيم داعش بقيادة 70 دولة. نتيجة لتلك الانتكاسات شهدنا تنامي فجوة غياب ثقة الحلفاء الخليجيين والعرب بالحليف الأمريكي. بالانسحاب من العراق ما سمح لهيمنة إيران، وانسحاب فوضوي ومرتبك من أفغانستان بعد حرب دامت عشرين عاماً الأطول بتاريخ أمريكا. واستعادة طالبان نفوذها وهيمنتها على كامل أفغانستان.
سبق ذلك إعلان الرئيس باراك أوباما الاستدارة شرقا، ومفاوضات النووي السرية مع إيران دون طمأنة الحلفاء الخليجيين. وتخلي إدارة أوباما عن الحلفاء التقليديين إبان الربيع العربي في مصر وتونس. وأثار قلق الحلفاء الخليجيين استخفاف ترامب بالاعتداءات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص أكبر شركة نفط في العالم. عطّلت نصف انتاج النفط السعودي 5 ملايين برميل نفط يومياً يعادل 5% من انتاج النفط العالمي اليومي، علّق ترامب، ما حدث كان في السعودية وليس في أمريكا! خاصة لم تتصد أمريكا للعدوان ولم تهب لنجدة السعودية وتزيد عديد قواتها.
كما كاد الرئيس ترامب يورط الحلفاء الخليجيين بمواجهة عسكرية مع إيران بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري في يناير 2020. ما هوى بمؤشر الثقة وجدية وعود الحليف الأمريكي بحماية ودعم الحلفاء الخليجيين كما يكرر الرؤساء والمسؤولون الأمريكيون.
استمرت إدارة بايدن على نهج تراجع مكانة وأهمية منطقة الخليج العربي، برغم ارتفاع أهمية منطقتنا بالقدرة على توفير امدادات الطاقة من نفط وغاز بسبب تداعيات حرب ورسيا على أوكرانيا ومقاطعة امدادات الطاقة. ورغم تصعيد الحوثيين بقصفهم واستهداف السعودية والإمارات بصواريخ ومسيرات إيرانية الصنع، حذفت إدارة بايدن جماعة أنصار الله-الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية التي صنفها الرئيس ترامب في أيام رئاسته الأخيرة. وتبعها بايدن بتصرف غير مسؤول بسحب بطاريات صواريخ دفاعية من السعودية والكويت ودول أخرى. واشتبك مع السعودية في مواجهة مفتوحة منذ بدء رئاسته شملت انتاج النفط، وحقوق الإنسان. ما عمّق فجوة التشكيك بنوايا وجدية الحليف الأمريكي بتوفير الحماية التي قامت عليها الشراكة الاستراتيجية في معادلة الحماية مقابل النفط بين الطرفين.
لكن حملة إدارة بايدن، وهو شخصياً، ومعه الكونغرس بمجلسيه في تحالف غير مسبوق، وهما قلما يتفقان على أمر، نددا ورفضا بهجوم منسق ضد مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا في شهر أكتوبر 2022 بعد قرار خفض انتاج النفط مليونين برميل يومياً-وصف بايدن والبيت الأبيض القرار بقصير النظر ويأتي في وقت حرج للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي ووعده بمراجعة العلاقة مع السعودية. ما زاد من الريبة الخليجية بالتزامات أمريكا!
ويبقى السؤال المهم، تأثير تصعيد الإدارات الأمريكية ضد الحلفاء الخليجيين على مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية، والسعودية خاصة. شاركت بعدة مؤتمرات وورش عمل وسطرت مقالات بحثية عن مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية على مدى عام. بما فيه المركز العربي لدراسة السياسات في قطر-في «منتدى دراسات الخليج التاسع»-والمؤتمر الحادي والثلاثين لمجلس العلاقات الأمريكية العربية الأمريكية في واشنطن وندوات عامة في جامعة الكويت وتركيا-وعن «تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا على واقع ومستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية-ومنتدى الجزيرة الرابع عشر في الدوحة في نوفمبر الماضي عن «تراجع الثقة بالحليف الأمريكي والحاجة لتصحيح بوصلة العلاقات الخليجية-الأمريكية لمعادلة ربحية».
ما نشهده من مماحكات وتصعيد أمريكي يهدف لاحتواء استقلالية القرار السيادي الخليجي، خاصة السعودي. سيكون بتداعيات لا تصب في مصلحة كلا الطرفين لخدمة الأجندة والقضايا الداخلية التي بمجملها تقتصر على خدمة أولويات الناخب الأمريكي على حساب الحلفاء الخليجيين الموثوقين الذين لا يكلفون دافع الضرائب الأمريكي دولاراً واحداً، بعكس إسرائيل التي تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين حوالي 4 مليارات دولار سنوياً.
يتمركز حوالي 30 ألف عسكري أمريكي في قواعدها العسكرية بمعداتهم الثقيلة ومقاتلاتهم في قواعد عسكرية من الكويت إلى مسقط. وخطط أمريكا الاستراتيجية البقاء لردع إيران ومنع فراغ استراتيجي يغري روسيا والصين لملئه، ولضمان أمن الطاقة للحلفاء في أوروبا وحتى للصين والدول الآسيوية، لأهميته للنمو الاقتصادي العالمي.
رغم حالة الشحن والتصعيد وتحول أمريكا لأكبر منتج للنفط في العالم وتراجع حاجتها إلى الطاقة من النفط والغار الخليجي، ورغم تخفيض أهمية ومكانة منطقة الخليج العربي في استراتيجيتها، لكن أمريكا لن تنسحب من الخليج، بل ستخفض عديد قواتها والتزاماتها الدفاعية والعسكرية وستعمد لمشاركة الحلفاء بالأعباء، دون السماح للقوى الكبرى والإقليمية بموطئ قدم. لذلك مستبعد انسحاب أمريكا من منطقة الخليج العربي على المدى المتوسط.
            
            حدود العنكبوت
            حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
591
| 04 نوفمبر 2025
            
            إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
            ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
207
| 04 نوفمبر 2025
            
            نظم في قطر
            انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
219
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
 
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2808
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1875
| 03 نوفمبر 2025