رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خولة البوعينين


[email protected]
@Khawlalbu3inain

مساحة إعلانية

مقالات

390

خولة البوعينين

إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!

04 نوفمبر 2025 , 04:23ص

ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض الروح على ما ألفت، وتحنّ لاتساع لم تختبره بعد.

تلك النداءات النيّرة هي دعوة للعبور، وباب لتدلف منه الأنفس للأرحب والأوسع من الأطوار، فالحياة تُعاش بالحركة، لا بالمكوث، والدنيا تتجدد بالتحول، لا بالثبات، والمألوف وإن بدا آمناً في ظاهره، قد يتحول إلى قيد قابض، أو سكون صامت يخمد في بواطننا وهج التجدد والانتعاش.

ما إن يمس هذا النداء أغوار النفس، حتى يبدأ فيها حراك هجرة داخلي يسبق أي خطوة خارجية، فلا يكون عبورها مجرد انتقال في المكان، بل تحول سحيق في الأعماق.

الهجرة هنا فعل وعي، فهي ليست انتقالًا جغرافياً، أو تحولاً مكانياً فحسب، فهذا ما تستطيع عليه الأجساد حسب المقام، وما تيسر في السياق من القدرة على الارتحال إلى بلاد الله الواسعة حين تضيق على النفس الأرض، أو يشتد على الصدور الكرب، أو تتطلع الأرواح للتوسع في المطامح.

إنما هي كذلك هجرة الوعي، بأن تغادر تصورات ضاقت، أو شعوراً أثقل، أو سلوكاً كان مأوى فصار قيداً.

أن تهجر هيئةً من نفسك لم تعد تعبّر عنك، أو فكرةً كنت تظنها سديدة، أو عادة مقيتة، فكل ولادة جديدة تبدأ بانفصال مؤلم، غير أن الوجع هنا علامة حياة، وبرهان كينونة لأن البقاء فيما يُميت الحس خيانة لنبض الوجود، وانتهاك لعلامة الحياة.

فالانعتاق عن المألوف محبة لا خصومة، والارتحال عن القديم الآسن ازدهار لا أفول، ذلك لأن الوفاء للحياة يقتضي المضي معها حيث تتجه، ويستدعي التدفق معها أينما نبعت، فالهجرة الصادقة تُهذبنا كما تُهذب النار المعدن، فتُصفّينا من الخوف والتكرار، ومن الوقوع في أسر سيئ العادات، أو فاسد التصورات، حتى نُصقل، ويتبدى لنا وهج ذهبنا المتخفي نوراً. 

وحين نبلغ ضفاف هذا الوعي الجديد، ندرك أن الحياة لا تقيم عند السواحل الوادعة الساكنة، ولا المرافئ المتهاوية الذابلة، بل تجري أبداً نحو الاتساع، وتسير وثابة نحو التدفق النابض الرقراق. 

فلا أجلّ من أن يمضي المرء حيث يشير نهرها فيه، ويترك للتيار فرصة أن يقوده نحو حقيقته، ويصل به إلى مرافئ العادات الجديدة النافعة، والأفكار الحكيمة الناضجة، فلا يكون مسوّغه: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون). 

 لحظة إدراك: 

تتكشف الحياة لمن يجرؤ على مغادرة ضفاف المألوف، ليس من سبيل التمرد على الماضي، أو الاحتجاج الثائر على كل شيء، إنما من منطلق الاعتراف بأن النفس أوسع من كل دارج، وأن ما يثقلها من أفكار وعادات ومشاعر ليس إلا ظلاً من قيود تمنعها أن ترى حقيقة ذاتها. حينها تتسع الروح، ويزهر الوعي وتورق أنوار الفؤاد، ويصبح كل رحيل عن الضفاف القديمة بداية اكتشاف للحرية والمعنى. كما قيل: إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك.

اقرأ المزيد

alsharq لغة (السونكي) الدامية

رفع جثة الطفل الذي لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات بطرف (السونكي)، وهي تشبه الحربة الحادة المعلقة في رأس... اقرأ المزيد

261

| 05 نوفمبر 2025

alsharq «ولكنني لست من هنا»

كم مرة جلست بين مجموعة، ومر بك ذاك الشعور بأن كل ما حولك غريب لا تنتمي له؟ كم... اقرأ المزيد

201

| 05 نوفمبر 2025

alsharq السودان.. حوار العقل العربي مع مُشعِلي الفتنة

في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل،... اقرأ المزيد

258

| 05 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية