رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• يجب محاسبة الموظف على "التقصير" في العمل قبل "التأخير"
• الزحمة أزمة "مكانية"... والبصمة أزمة "زمانية"
• التزام أي موظف في العمل ينبع في الأساس من التزام مسؤوله
• مرونة ساعات العمل في الحضور والانصراف مطلوبة
الزحمة التي نشاهدها على مدار الأسبوع، خاصة أيام العمل، أصبحت هما على كاهل جميع الموظفين والموظفات، والبصمة التي تم تطبيقها في بعض الجهات الحكومية زادت الهم الأول هما آخر لم يعودوا يُطيقونه، حدثتني إحدى الأخوات بأنها في كل مرة تحاول الخروج من بيتها مبكرا تقع في "شبك" الزحمة في الشوارع، وكلما حاولت الخروج بصعوبة من الطريق الذي تسلكه إلى طريق آخر تقع في "شبك" زحمة أشد وأكبر بكثير من الطريق السابق، لدرجة أنها تقول (لا فائدة من خروجنا من البيت سواء في ساعة مبكرة أو في الوقت المناسب؛ لأن وصولنا لن يكون قبل الثامنة مهما بلغنا من السرعة في الطريق!!).
ذكرت كلام الأخت وهناك كثيرون من الإخوة والأخوات يعانون من أزمة "الزحمة" الصباحية في الطرق و"البصمة" الحكومية في العمل، ولنبدأ الحديث عن الزحمة أولا: فهي مشكلة يُعاني منها الجميع خاصة أصحاب الأعمال والوظائف المحددة بوقت معلوم، فيعانون أشد المعاناة، وكلما تم افتتاح شارع أو تم تحويل دوار إلى إشارة، حلت الأزمة "المكانية" المُتمثلة في "الزحمة"، ولم تعمل على حل الأزمة "الزمانية" المُتمثلة في "البصمة"! فالأزمة المكانية تتمحور حول الحركة في المكان الذي تم افتتاحه ليصبح طريقا سالكا أمام الجميع، وما أن تصل إلى نهايته حتى تقع في فخ الزحمة المكانية مرة أخرى، والتي حلّت جزءا من المشكلة ولم تقم بحلّها جذريا، وفي حقيقة الحال أن الأمر لم يتغيّر؛ لأن المشكلة فُرجت بنسبة قليلة وتركزت في مكان آخر لا يبعد كثيرا عن المكان الذي كان أساس المشكلة والزحمة في السابق!
ثانيا: البصمة التي تم تطبيقها على بعض الجهات الحكومية، وبعض هذه الجهات تم تطبيقها على بعض الموظفين! فهي تُلزم الموظف بأن يحضر في وقت محدد، وإلا عُوقِب على تأخيره، وللأسف أن طرق التحايل كثيرة في هذا الموضوع لا أريد الخوض فيها، ولكن ما يجب الاهتمام والإلتفات إليه هو العمل الإنتاجي ومحاسبة الموظف على "تقصيره" قبل "تأخيره" هو الأهم، وأنا هنا لا أدعو لعدم الاهتمام بالبصمة، على العكس من ذلك، قد تفيد في الالتزام والانضباط، ولكن ليس على حساب الانتاجية ونوعية العمل، كما أن الالتزام لن يتولد ما دام الموظف محاسبا على التأخير والمسؤولون لا وقت محددا لهم في الحضور والانصراف!! فبرأيي أن التزام أي موظف نابع من التزام المسؤول الذي يعمل معه سواء تحت رئاسته أو إدارته، وقبل تفعيل عنصر الوقت والتأخير عن الحضور في الوقت المحدد يجب مراعاة الزحمة المكانية في الشوارع والتي تؤثر تأثيرا مباشرا على الحضور الزماني المتمثل في البصمة، فمن غير المعقول أن يتم محاسبة الموظف على التأخير والجميع يعلم مدى الزحمة، خاصة في المناطق المعروفة، التي تعاني أيضا من نقص حاد في المواقف، كما أن عملية البصمة ليست حضورا فقط، يجب على الحاضر أن يكون مؤثرا في العمل وذا إنتاجية وإنجاز يُحسب له، لا أن يكون موظفا حضوره وانصرافه آلي فقط دون أي عمل يُذكر!!
دائما ما تتردد نقاشات حول هذا الموضوع، وإن كانت الدولة تعمل جاهدة على وضع الحلول المناسبة لها، وذلك بإعادة تخطيط بعض الشوارع وتوسعتها أو تحويلها، مما ساهم ولو بشكل جزئي في فك بعض الاختناقات المرورية في بعض التقاطعات، والدليل على ذلك موجة الإشارة الخضراء على الكورنيش، الذي تم تحويل جميع دواراته إلى إشارات ضوئية، ولكن المشكلة في الدوارات والتقاطعات التي توصلك إلى منطقة الكورنيش، وهذا مثال واحد وهناك الكثير من الاختناقات المرورية التي نسمعها من خلال إذاعة قطر، وعبر فقرة المرور في برنامج وطني الحبيب صباح الخير، والذي يذكر أحيانا عدم وجود زحمة في المكان الفلاني ونحن عالقون بها، لكن تنبيههم بأن هذه البيانات ليست حالية بل قبل مدة لا تقل عن ثلث ساعة تقريبا كانت مخرجا لعدم تأكيد المعلومة والتي يعلم بها العالقون في الزحمة.
كما أن الحلول التي تقوم بها الحكومة حثيثة في هذا الموضوع، ويكفينا ما يتم ترديده من الجميع عند رؤيتهم للهليكوبتر وهو يحوم فوق أكثر المناطق ازدحاما بأن من بداخلها بعض المسؤولين المختصين في وضع الحلول والخطط المناسبة لتفادي الزحمة وعلاج مشكلاتها بشكل جذري، فنحن بإذن الله متفائلون بأن قيادتنا الرشيدة وحكومتنا يبذلان قصارى جهدهما لحل الكثير من الأمور التي من شأنها أن ترتقي بالوطن والمواطن إلى المكانة التي يستحقها ونستحقها أيضا.
وقد يتساءل كثير من السادة القرّاء ويقول: لقد ناقشت القضية ولم تضع الحلول!؟ وأقول لهم أنا أطرح القضية وهناك الكثير من الحلول، ومثال ذلك أن تكون ساعات العمل مَرِنة كأن يكون الحضور من الساعة السابعة صباحا حتى الثانية ظهرا، وإذا تأخر إلى الساعة الثامنة يكون موعد انتهاء العمل الساعة الثالثة عصرا، وأعتقد أن المختصين لديهم الكثير من الحلول والرؤى التي تناسب الوضع الفعلي والمنبثق عن دراسة ميدانية.
أخيرا وليس آخرا أتمنى أن لا يتم محاسبة الموظفين والموظفات على التأخير خاصة أن الزحمة أزمة يعلم بها جميع المسؤولين، ولأن موظفي الدولة حريصون على أعمالهم ووظائفهم وأن يقوموا بدورهم على أكمل وجه، فهذا أحد الإخوة يقول لي: أنا أصلي الفجر في المسجد والحمدلله، فهل لو ذهبت إلى العمل بعد الصلاة مباشرة، وأنهيت ساعات العمل المطلوبة مني، التي سوف تنتهي بعدد الساعات التي قضيتها في مقر العمل، ستكفي لأن أعود إلى المنزل قبل الموعد المحدد رسميا!؟ خاصة أنني مكثت العدد المطلوب من الساعات بشكل مبكر.. فقلت له: لست المخوّل لكي أعطيك الجواب أخي العزيز، خاصة أن قرار العمل الحكومي واضح ومحدد؛ إلا أنني أستطيع أن أقول انك حريص على عملك ووطنك وهذا هو الأهم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5280
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
3732
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
2655
| 05 أكتوبر 2025