رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فالح حسين الهاجري

فالح حسين الهاجري

مساحة إعلانية

مقالات

1398

فالح حسين الهاجري

الزحمة والبصمة

29 سبتمبر 2014 , 02:50ص

• يجب محاسبة الموظف على "التقصير" في العمل قبل "التأخير"

• الزحمة أزمة "مكانية"... والبصمة أزمة "زمانية"

• التزام أي موظف في العمل ينبع في الأساس من التزام مسؤوله

• مرونة ساعات العمل في الحضور والانصراف مطلوبة

الزحمة التي نشاهدها على مدار الأسبوع، خاصة أيام العمل، أصبحت هما على كاهل جميع الموظفين والموظفات، والبصمة التي تم تطبيقها في بعض الجهات الحكومية زادت الهم الأول هما آخر لم يعودوا يُطيقونه، حدثتني إحدى الأخوات بأنها في كل مرة تحاول الخروج من بيتها مبكرا تقع في "شبك" الزحمة في الشوارع، وكلما حاولت الخروج بصعوبة من الطريق الذي تسلكه إلى طريق آخر تقع في "شبك" زحمة أشد وأكبر بكثير من الطريق السابق، لدرجة أنها تقول (لا فائدة من خروجنا من البيت سواء في ساعة مبكرة أو في الوقت المناسب؛ لأن وصولنا لن يكون قبل الثامنة مهما بلغنا من السرعة في الطريق!!).

ذكرت كلام الأخت وهناك كثيرون من الإخوة والأخوات يعانون من أزمة "الزحمة" الصباحية في الطرق و"البصمة" الحكومية في العمل، ولنبدأ الحديث عن الزحمة أولا: فهي مشكلة يُعاني منها الجميع خاصة أصحاب الأعمال والوظائف المحددة بوقت معلوم، فيعانون أشد المعاناة، وكلما تم افتتاح شارع أو تم تحويل دوار إلى إشارة، حلت الأزمة "المكانية" المُتمثلة في "الزحمة"، ولم تعمل على حل الأزمة "الزمانية" المُتمثلة في "البصمة"! فالأزمة المكانية تتمحور حول الحركة في المكان الذي تم افتتاحه ليصبح طريقا سالكا أمام الجميع، وما أن تصل إلى نهايته حتى تقع في فخ الزحمة المكانية مرة أخرى، والتي حلّت جزءا من المشكلة ولم تقم بحلّها جذريا، وفي حقيقة الحال أن الأمر لم يتغيّر؛ لأن المشكلة فُرجت بنسبة قليلة وتركزت في مكان آخر لا يبعد كثيرا عن المكان الذي كان أساس المشكلة والزحمة في السابق!

ثانيا: البصمة التي تم تطبيقها على بعض الجهات الحكومية، وبعض هذه الجهات تم تطبيقها على بعض الموظفين! فهي تُلزم الموظف بأن يحضر في وقت محدد، وإلا عُوقِب على تأخيره، وللأسف أن طرق التحايل كثيرة في هذا الموضوع لا أريد الخوض فيها، ولكن ما يجب الاهتمام والإلتفات إليه هو العمل الإنتاجي ومحاسبة الموظف على "تقصيره" قبل "تأخيره" هو الأهم، وأنا هنا لا أدعو لعدم الاهتمام بالبصمة، على العكس من ذلك، قد تفيد في الالتزام والانضباط، ولكن ليس على حساب الانتاجية ونوعية العمل، كما أن الالتزام لن يتولد ما دام الموظف محاسبا على التأخير والمسؤولون لا وقت محددا لهم في الحضور والانصراف!! فبرأيي أن التزام أي موظف نابع من التزام المسؤول الذي يعمل معه سواء تحت رئاسته أو إدارته، وقبل تفعيل عنصر الوقت والتأخير عن الحضور في الوقت المحدد يجب مراعاة الزحمة المكانية في الشوارع والتي تؤثر تأثيرا مباشرا على الحضور الزماني المتمثل في البصمة، فمن غير المعقول أن يتم محاسبة الموظف على التأخير والجميع يعلم مدى الزحمة، خاصة في المناطق المعروفة، التي تعاني أيضا من نقص حاد في المواقف، كما أن عملية البصمة ليست حضورا فقط، يجب على الحاضر أن يكون مؤثرا في العمل وذا إنتاجية وإنجاز يُحسب له، لا أن يكون موظفا حضوره وانصرافه آلي فقط دون أي عمل يُذكر!!

دائما ما تتردد نقاشات حول هذا الموضوع، وإن كانت الدولة تعمل جاهدة على وضع الحلول المناسبة لها، وذلك بإعادة تخطيط بعض الشوارع وتوسعتها أو تحويلها، مما ساهم ولو بشكل جزئي في فك بعض الاختناقات المرورية في بعض التقاطعات، والدليل على ذلك موجة الإشارة الخضراء على الكورنيش، الذي تم تحويل جميع دواراته إلى إشارات ضوئية، ولكن المشكلة في الدوارات والتقاطعات التي توصلك إلى منطقة الكورنيش، وهذا مثال واحد وهناك الكثير من الاختناقات المرورية التي نسمعها من خلال إذاعة قطر، وعبر فقرة المرور في برنامج وطني الحبيب صباح الخير، والذي يذكر أحيانا عدم وجود زحمة في المكان الفلاني ونحن عالقون بها، لكن تنبيههم بأن هذه البيانات ليست حالية بل قبل مدة لا تقل عن ثلث ساعة تقريبا كانت مخرجا لعدم تأكيد المعلومة والتي يعلم بها العالقون في الزحمة.

كما أن الحلول التي تقوم بها الحكومة حثيثة في هذا الموضوع، ويكفينا ما يتم ترديده من الجميع عند رؤيتهم للهليكوبتر وهو يحوم فوق أكثر المناطق ازدحاما بأن من بداخلها بعض المسؤولين المختصين في وضع الحلول والخطط المناسبة لتفادي الزحمة وعلاج مشكلاتها بشكل جذري، فنحن بإذن الله متفائلون بأن قيادتنا الرشيدة وحكومتنا يبذلان قصارى جهدهما لحل الكثير من الأمور التي من شأنها أن ترتقي بالوطن والمواطن إلى المكانة التي يستحقها ونستحقها أيضا.

وقد يتساءل كثير من السادة القرّاء ويقول: لقد ناقشت القضية ولم تضع الحلول!؟ وأقول لهم أنا أطرح القضية وهناك الكثير من الحلول، ومثال ذلك أن تكون ساعات العمل مَرِنة كأن يكون الحضور من الساعة السابعة صباحا حتى الثانية ظهرا، وإذا تأخر إلى الساعة الثامنة يكون موعد انتهاء العمل الساعة الثالثة عصرا، وأعتقد أن المختصين لديهم الكثير من الحلول والرؤى التي تناسب الوضع الفعلي والمنبثق عن دراسة ميدانية.

أخيرا وليس آخرا أتمنى أن لا يتم محاسبة الموظفين والموظفات على التأخير خاصة أن الزحمة أزمة يعلم بها جميع المسؤولين، ولأن موظفي الدولة حريصون على أعمالهم ووظائفهم وأن يقوموا بدورهم على أكمل وجه، فهذا أحد الإخوة يقول لي: أنا أصلي الفجر في المسجد والحمدلله، فهل لو ذهبت إلى العمل بعد الصلاة مباشرة، وأنهيت ساعات العمل المطلوبة مني، التي سوف تنتهي بعدد الساعات التي قضيتها في مقر العمل، ستكفي لأن أعود إلى المنزل قبل الموعد المحدد رسميا!؟ خاصة أنني مكثت العدد المطلوب من الساعات بشكل مبكر.. فقلت له: لست المخوّل لكي أعطيك الجواب أخي العزيز، خاصة أن قرار العمل الحكومي واضح ومحدد؛ إلا أنني أستطيع أن أقول انك حريص على عملك ووطنك وهذا هو الأهم.

مساحة إعلانية