رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي بن راشد المحري المهندي

مساحة إعلانية

مقالات

15533

علي بن راشد المحري المهندي

الصاحب ساحب

27 فبراير 2019 , 02:12ص

خلق الله الإنسانَ في هذه الحياة الدنيا يفتقرُ إلى التعامل مع غيره والأُنس والترابط مع الآخرين، لا يمكنه التكيُّف مع الحياة بدون الاحتياج لمن حوله في كل المعاملات اليومية والحياتية. ومن أهمِّ العلاقات التي تربط الناس بعضَهم ببعضٍ رابطة الصداقة، فالأصدقاء أو الأخِلَّاء لهم حيِّز كبير في حياتنا منذ الطفولة وحتى الشيخوخة، تتغير الأماكن ويزداد الأصدقاء في كل مرحلة من مراحل العمر، فالصحبة لها أهمية كبيرة نتناولها في عدة نواحٍ:
أولا: الناحية الشرعية
من أجل هذه الأهمية والمكانة التي يحتلُّها الصاحب في حياتنا جميعاً، اهتم الدين الإسلامي العظيم ببيان مكانة الصديق وأثره البالغ في تحديد مصير أصدقائه والتأثير فيهم سواء بالسلب أو الإيجاب. فيحذرنا الله تعالى في كتابه العزيز من صُحبة السوء، قال تعالى: "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ". [الزخرف: 67]
فكل صحبة سيئة تؤدي بك إلى المعصية هم أعداء لبعضهم البعض يوم القيامة إلا المتقين الذين يجتمعون على الخير، فاحرص على صحبة المتقين والأخيار الصالحين. وعلى الجانب الآخر جعل الله تعالى للصحبة الطيبة والمحبة في الله مكانةً رفيعة وهي الفوز بظِلِّ عرشه كما جاء في الحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... " منهم "... رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه". ويوضح لنا رسولنا الكريم أهمية الصاحب في حديثه الشريف فيقول عليه الصلاة والسلام: "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ".
ثانيًا: الناحية المجتمعية
لا شكَ أن الصداقة من أهمِّ الضروريات التي نحتاج إليها في إتمام صورة المجتمع القوي، فتبدأ بأصدقاء الطفولة، ثم المدرسة، ثم النادي، ثم الجامعة، ثم العمل وهكذا... وهي صفة مهمة في الشخص السوي السليم فلابد له من أصدقاء وعلاقات ناجحة في المجتمع فيتأثر بأفكارهم ويؤثر فيهم أيضاً.
ثالثا: دور الأهل في اختيار الصحبة
اختيار الأصدقاء قد يأتي بطريقة عفوية لا تحتاج إلى كثرة تفكير، ولكن مع صِغَر سنِّ الأولاد والبنات وقِلة تجاربهم في الحياة قد لا يميزون بين الصالح والطالح، وهنا يأتي دور الأسرة في التوعية لأبنائهم، والحرص على اختلاط أبنائهم ببيئة معروفة لهم سواء من العائلة أو المعارف أو الجيران، فهنا يسهل المتابعة لسلوك هذه الصحبة والتحقق من تربيتهم الصالحة ومعرفة أصولهم الطيبة حتى نطمئن على أولادنا إذا كانوا معهم في أي مكان، ولا نسمح لأولادنا في سن صغيرة بالاختلاط بالغرباء الذين لا نعرف سلوكهم ولا طريقة تربيتهم، حتى لا يُفسدوا علينا تربية أبنائنا ولا يكتسب الأولاد منهم سلوكيات خاطئة.
أثر الصحبة على المجتمع
الصحبة تترتب عليها آثار كبيرة على المجتمع بأَسْره، فالصحبة الصالحة من شأنها النفع لكلِّ مَن حولها، فالأصدقاء الصالحون يجتمعون على الطاعات وفعل الخيرات ويؤثرون على مَن حولهم لصلاحهم، وكذلك يقومون بالأنشطة الخيرية التي تنفع الناس، ونجد كثيراً من القوافل الخيرية والدعوية النافعة يكون العنصر الفعَّال والنشط فيها هو فئة الشباب، فكل صديق صالح يتطوع هو وأصدقاؤه لنفع الناس ومساعدتهم، ويساهمون بالأفكار والابتكارات الجميلة للأحياء التي يسكنونها من النظافة والتجميل وزراعة الأشجار وغير ذلك من النفع، وكذلك هم حصن أمان لبيوتهم وبيوت غيرهم وينعكس كل ذلك على المجتمع.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم صحبة الأخيار الصالحين، وأن يُجنِّبنا وإياكم صحبة الأشرار المفسدين، وأن يحفظ أبناء وبنات المسلمين من كل شر ومكروه، ويرزقهم الصحبة الصالحة التي تعينهم على أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم، وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين. اللهم آمين.

[email protected]

مساحة إعلانية