رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. ياسر محجوب الحسين

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

849

د. ياسر محجوب الحسين

حرب غزة ودروس المقاومة الفلسطينية

14 أبريل 2024 , 02:00ص

لا يتحقق النصر والانتصار في المعارك العسكرية بالحسابات المادية من خلال القتل والتدمير وحتى عبر الإبادة الجماعية للطرف الآخر، بفضل تفوقه الكمي والنوعي عتادا وعدة؛ وإنما حسابات النصر الإستراتيجي لها مظان أخرى. فالحرب الإسرائيلية على غزة أرادها الاحتلال الغاشم حرب إبادة للشعب الفلسطيني وتدميرا كاملا للحياة المدنية حتى يكتب التاريخ يوما أنه كان هناك شعب وكانت هناك مدن وأرياف تنبض بالحياة. أما وقد أرادت إسرائيل قتل روح وفكرة المقاومة في الفلسطينيين باعتبار ذلك هدفا إستراتيجيا ومقدما على كثير من أهدافها العسكرية، فإن هذه الحرب أكدت خيار وخيرية المقاومة، وخطل وعبثية ما يسمى بالسلام والتطبيع مع إسرائيل أو حتى مزاعم خيار الدولتين. فأي مقاومة لا تختار رفع البندقية في وجه جبروت الاحتلال تعتبر جزءًا من مشروع إسرائيل في المنطقة وإحدى أدواتها وتلعب دورا وظيفيا في خدمة المشروع الاستيطاني الاستعماري لهذا الكيان الغاصب. إذ أن المشروع الإستراتيجي الإسرائيلي يتطلب وجود أدوات تساعد على إطالة الجدل والمماحكة وبالتالي التمكّن من شراء الوقت، بينما تمضي مشاريع الاستيطان على الأرض وبناء القوة العسكرية، والعمل على إزاحة القضية الفلسطينية من الأجندتين الإقليمية والدولية.  

ومن الناحية الفلسفية، فلو لم تكن هناك مقاومة لما وجدت أي علاقات قوة لأن كل شيء، سوف يصبح مسألة طاعة وحسب، فعلى المرء أن يستخدم علاقات القوة من اللحظة التي يصبح فيها في وضعية العجز عن فعل ما يريد، ومن ثمّ فإن المقاومة تأتي أولا وهي تبقى فوق كل قوى الصيرورة، وتجبر باقي علاقات القوة الواقعة تحت تأثيرها على التغيّر. وطالما نشأت جرأة على اعتراض الباطل، فإنه تكون هناك مقاومة قد تشكلت. وإرادة الاعتراض تعني بالضرورة اليقين بالحق المشروع، فالمقاومة نضال وجهاد مشروع وليست مشروع سلطة سياسة ذات مصلحة ضيقة وظرفية. والفئة المقاومة تعيش في كبدٍ حتى تحقق حريتها إذ أن الحرية منال صعب، وليس من السهل أن تلتزم وأن تفعل، فغالب الناس ما تكتفي باليقين النظري بضرورة الانعتاق. إنها خطوة ما قبل عقبة بن نافع، وإن شئت خطوة ما قبل تشي جيڤارا، فيجب أن يتخطى المقاوم خوفَه من الموت ليمتلك كل قوة وألق المقاومة. عندها (وفق للفلاسفة)؛ يحدث التحرر من النفس الأمارة بالخوف وتحرر الآخرين وتخلق النموذج، أي عندما يمارس المقاوم فعل الحرية، يخرجه ذلك من حياته الذهنية إلى حياته الجسدية الوظيفية.  

لقد قضت المقاومة الفلسطينية الباسلة على فكرة أن لإسرائيل جيشا لا يقهر، وألحقت ضررا كبيرا بمزاعم الردع لديها والتي ظلت تتفاخر إسرائيل بها. بل شككت المقاومة على قدرة الدولة الإسرائيلية على الاستمرار حتى في المدى المتوسط دعك من المدى البعيد.  كذلك فإن جزءا مهما من نجاح دولة الاحتلال الإسرائيلي في الترويج لسوق سلاحها وخبرتها في مجال الأمن والمخابرات، ظل قائما على صورة جيشها الذي لا يقهر، فانحطت هذه الصورة وتداعت بدون شك. ومن المعطيات المهمة لحرب غزة، أن المقاومة خرجت من اطار فعل التفجيرات المنفردة والمتباعدة في عمق دولة الاحتلال وتلكم مسألة تثير جدلا كبيرا ظل يكبح التعاطف مع القضية الفلسطينية، إلى اطار الحرب المنظمة.  

وضربت المقاومة مثلا فريدا في صمودها أمام آلة الاحتلال العسكرية لأطول فترة من أي حرب خاضتها دولة الاحتلال على الإطلاق. وعلى المستوى الدولي، غرقت الإدارة الأمريكية في محاولات موازنة دعمها لإسرائيل مع الضغوط المحلية والإقليمية والدولية لإنهاء الجرائم الإسرائيلية، فتراجعت قدرتها على التأثير دوليا، وتمدد آخرون للسعي إلى توسيع نفوذهم، كروسيا والصين. وتشكل هنالك ضغط كبير على العلاقات الأميركية الإسرائيلية. كما برز اتجاه لدى عدد من الدول للتفكير في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهذا ما أخفقت في تحقيقه السلطة الفلسطينية التي فشلت كذلك في وضع القضية الفلسطينية في أعلى الأجندة الدولية.

وضمن اعترافات الداخل الإسرائيلي بعيدا عن مغالطات وتكتيكات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال وزير العدل الأسبق حاييم رامون إن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة انتهت بهزيمة إستراتيجية لإسرائيل. مؤكدا أن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف التي حددتها من الحرب. ومن ضمن ذلك الهدف الرئيس وهو انهيار المقاومة الفلسطينية عسكريا، مضيفا أنها لا تزال واقفة على قدميها. وعضد تصريحات رامون موقع «والا» ناقلا عن نائب رئيس الأركان الإسرائيلي السابق يائير غولان قوله: «إننا عالقون في غزة دون أهداف حقيقية أو إستراتيجية للخروج. أما الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي بيّن في مقال له بصحيفة هآرتس أن الجميع كان يعرف منذ البداية أنه لن يتحقق نصر في هذه الحرب، وأعتبر غزو رفح فكرة مرعبة، وهي قد لا تعدو مجرد تعطش للدماء، وتعبير عن كراهية الفلسطينيين ورغبة في الانتقام من هجوم السابع من أكتوبر. وأضاف بأن الذين يظنون أن نصرا ما سيتحقق من خلال غزو رفح هم أناس أشرار ومتوهمون.

اقرأ المزيد

alsharq العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر البيئية الناجمة عن الصناعات الهيدروكربونية، وفي مقدمتها النفط والغاز. وقد... اقرأ المزيد

804

| 09 أكتوبر 2025

alsharq فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق به، فارتقى إلى مصاف الدول المتقدمة في المنظومة التعليمية، ولم... اقرأ المزيد

756

| 09 أكتوبر 2025

alsharq رفقاً بالقوارير لا عطفاً.. بل عدلاً

تتقدّم الأوطان حين تضع الإنسان أوّلا: تعليمًا وتربية وكرامة وعملا. في قطر، أنصفت الرؤية وتمكينُها المرأةَ وفتحت أمامها... اقرأ المزيد

324

| 09 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية