رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جابر محمد المري

مساحة إعلانية

مقالات

681

جابر محمد المري

تحرير حلب.. أول ملامح فجر الحرية لسوريا

07 ديسمبر 2024 , 02:00ص

شكّلت عملية «ردع العدوان» التي أطلقتها فصائل المعارضة في سوريا في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي تغييراً على الأرض في الحرب ضد النظام السوري والقوى الداعمة له، والتي تستحوذ على مساحات شاسعة تُضيّق على تواجد الفصائل المعارضة المتواجدة في مساحات محدودة من محافظة إدلب، إلا أن العمليات التي شنتها قوات المعارضة تمكنت من تحرير كامل إدلب ووصولهم إلى مدينة حلب وريفها خلال أيام قليلة وسط انهيار لدفاعات النظام وداعميه الإيرانيين وحزب الله.

وأطلقت قوات المعارضة عملية «فجر الحرية» التي استهدفت استعادة السيطرة على العديد من المناطق التي خسرتها بعد تدخل روسيا وإيران ودعمهما للنظام السوري، وهذه المناطق تمتد من الشيخ نجار شمال شرق حلب وصولاً إلى بلدات عين عيسى وتل رفعت ومنغ، وكانت تقع تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية منذ فبراير 2016.

ولعل الأحداث التي جرت خلال الشهرين الماضيين هي التي حركت المياه الراكدة في شمال غرب سوريا وانسحاب عناصر النخبة التابعة لحزب الله عقب الحرب التي شنتها إسرائيل على معقل الحزب في جنوب لبنان وتكبده الخسائر الكبيرة على مستوى القيادات والعتاد، كما أن انشغال روسيا بحربها ضد أوكرانيا وسحبها لأكثر من 30 طائرة حربية من سوريا كانت تشكل عامل قوة للنظام السوري ومصدر عرقلة لحركة قوات المعارضة السورية في أرض المعركة، ناهيك عن إيران التي لم يتوقف دعمها لنظام بشار منذ انطلاق الثورة السورية سواء بالمليشيات القادمة من إيران والعراق أو بالعتاد والدعم اللوجستي اللامحدود هو الآخر تأثر من الحرب الدائرة على ما يسمى بمحور المقاومة الذي تتزعمه إيران وتحرك خيوطه!.

وبالرغم من أن هذه الخسائر التي مُني بها النظام كبيرة جداً وما زالت قواته حتى هذه الساعة تتقهقر وتهرب من أماكن سيطرتها في المناطق التي تستهدفها قوات المعارضة التي زحفت تجاه مدينة حماة وسيطرتها على عدة مدن وبلدات بريف حماة الشمالي، إلا أن استجداء النظام بروسيا وإيران لإرسال تعزيزات لدعم لقواته المنهارة يؤكد مدى هشاشة هذا النظام وأنه ليس له حاضنة تدافع عنه أو تتمسك به، وهو بعكس قوات المعارضة التي وجدت دعماً وترحيباً من كل سكان المدن والمناطق التي استعادتها وهو ما سهّل عملياتهم بأقل الخسائر الممكنة.

ومن يتابع الأحداث في سوريا يتضح له جلياً أن عزة هذه الأمة تأتي عندما يصلح حال الشام وأهله وتستقر أوضاعه، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ، حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ، بِالشَّامِ) رواه الإمام أحمد في «المسند» وصححه الألباني.

وعَنِ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ. قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ. فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ) رواه أبو داود (2483)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

والنبي صلى الله عليه وسلم ميَّز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائماً إلى آخر الدهر، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر، فهو إخبار عن أمر دائم، مستمر فيهم، مع الكثرة والقوة.

وهذا الوصف ليس لغير أهل الشام من أرض الإسلام؛ فلم يزل فيها العلم والإيمان، ومن يقاتل عليه، منصوراً مؤيداً، في كل وقت.

فنسأل الله أن ينصر عباده المرابطين المجاهدين في سوريا وأن يهزم كل أراذل الدول الذين تكالبوا عليهم، وأن ينصر بهم الإسلام وأهله وأن يكونوا فاتحة خير لعزة الأمة وسؤددها.

فاصلة أخيرة

كل من تورط في الدم السوري أشغله الله عز وجل بمصائبه، روسيا انشغلت بتكالب الغرب عليها، وإيران وحزب الله تسلطت عليهما إسرائيل، هي لعنة سوريا ودماء شعبه البريء الذي لن يذهب هباءً!

مساحة إعلانية