رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من عنوان المقال فهمتم لا شك أنني أقصد تعويض النظام العالمي الجديد بما سميته "الفوضى العالمية الجديدة" لأن الذي وقع يوم الجمعة الماضي في البيت الأبيض حدث زلزل العلاقات الدولية بل قلبها رأسا على عقب وأعلن موت الدبلوماسية التقليدية ودفن البروتوكول العادي والقديم، والذي ولد منذ ألفي عام في اليونان عندما نشأت الدبلوماسية وسميت انطلاقا من مصدر (دبلوما) التي كانت تعني الوثيقة الموقعة على رق من قبل دولتين أو مجموعة دول اتفق ملوكها على عقد صلح أو مبادلات تجارية أو تقاسم نهر أو رسم حدود لدولهم. نعم لم تعد في الولايات المتحدة على الأقل حاجة للتعامل المتحضر المتأدب بين السفراء أو حتى بين رؤساء الدول كما وقع بين الرئيسين الأمريكي (ترامب) والأوكراني (زيلينسكي). المعروف عن الرجلين أمزجة وطبائع استثنائية تؤهلهما لما سمته الصحف الأمريكية (كلاش) بالإنجليزية ولعل ترجمتها بالعربية (تصادم) أو تبادل سباب واتهامات! وليس بجديد الحديث عن الشكوك الأوروبية والتساؤلات عن التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي أو بما يتعلق بالمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالدفاع المشترك، وإذا ما كان ترامب سيفي بمسؤولية الحلف بـ"التعامل مع أي هجوم على حليف في الناتو على أنه هجوم على أمريكا".
* في ذات السياق أوردت صحيفة تلغراف البريطانية: "أن على مستشار ألمانيا الجديد الذي عوض (شولتز) العثور على مبالغ ضخمة من المال لعلاج اختلال الاقتصاد والمعاشات والدفاع حتى يجنب شعبه أسوأ كابوس لهم وهو أن تصبح بلادهم مثل فرنسا". من جهته كتب محمد كريشان: إن موقعة زيلينسكي- ترمب في البيت الأبيض ينبغي أن تُفهم على أنها أكبر وأعمق من كونها مشادة كلامية بين رئيسين فهي بالضبط تجسّد بداية لعهد خطير يكون فيه الدائن سيداً والمدين عبداً وبكل تأكيد فإن لدى الدول المرشحة لإهانات مماثلة الإمكانات الفعلية لإنقاذ نفسها وهيبتها قبل أن تقع الفأس في الرأس". وإن ما حدث مع زيلينسكي من إهانة بطرده عنوة من البيت الأبيض هو اختبار مفصلي تتحدد على نتائجه شكل ومحتوى العلاقة الأمريكية مع أوروبا ومع باقي دول العالم. ففي كل مرة يتعمد الرئيس الأمريكي محاولة إحراج ضيوفه علناً أمام الميديا الأمريكية والعالمية اعتقاداً منه أن هذه الطريقة هي أفضل من دبلوماسية الأبواب المغلقة ولكنه في كل مرة يأتيه الرد المحرج من ضيوفه وقد فعل ذلك مع العاهل الأردني الملك عبد الله الذي رد عليه وقال إن خطة غزة خاضعة للنقاش العربي وأن مصر لديها خطة والجميع في انتظارها كما فعل ترامب ذلك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رد مباشرة على ترامب في الملف الأوروبي الأوكراني. بدأ "الكلاش" في أعقاب رد (زيلينسكي) على تعليقات نائب الرئيس الأمريكي (جيه دي فانس) بأن أوكرانيا يجب أن توافق على شروط السلام الأمريكية وعندما بدأ (زيلينسكي) في الرد قال له (ترامب): "ليس مسموحًا لك بالتحدث". وقال (زيلينسكي) "بارك الله فيكم لن تكون هناك حرب" وقال (ترامب) "أنتم لا تعرفون ذلك فلا تخبرونا بما نشعر به". وبعد تصاعد الخلاف بين الرجلين قال (ترامب) "إن أوكرانيا ليست في وضع يسمح لها بتحديد شروط اتفاق مستقبلي"
*وكان (زيلينسكي) قد التقى مع ترامب في واشنطن في 28 فبراير، حيث كان من المتوقع أن يوقع الزعيمان اتفاقا إطاريا بشأن الموارد الطبيعية لأوكرانيا. وصافح ترامب (زيلينسكي) أثناء وقوفهما أمام الصحفيين وظل صامتًا بينما كان يتم توجيه الأسئلة إليهما بصخب وسبقت زيارة زيلينسكي أسابيع من المفاوضات المتوترة حيث رفضت أوكرانيا المقترحات الأولية للمشروع وقدمتها على أنها التزامات أحادية الجانب بالنسبة لأوكرانيا دون أي التزامات أمنية من جانب واشنطن. ولابد من الإشارة الى تصريح غريب وطريف للناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية السيدة (زاخاروفا) التي علقت على ما حدث بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني قائلة: "أتعجب كيف ضبط الرئيس الأمريكي ونائبه نفسيهما ولم يصفعا هذا الوقح (زيلينسكي)!!! نعم الى هذا الحد تغير النظام العالمي الجديد إلى فوضى عالمية جديدة ولعلنا سنكون شهودا في المستقبل القريب على مفاجآت أخرى لم نتوقعها نحن العرب وستنعكس حتما على ممارسات المحتل الإسرائيلي في تعاملاته مع الشعب الفلسطيني الصامد في المقاومة من أجل تحرير أرضه من احتلال غاشم وغير شرعي كما سنرى تغيرات عجيبة في مواقف الدول التي يعنيها شأن الشرق الأوسط.
*ومع انعقاد قمتين الأولى أوروبية في لندن تمت يوم الأحد 2 مارس والثانية عربية في القاهرة أصدر فيها القادة العرب يوم الثلاثاء 4 مارس بيانا كان نقيضا لمخطط (ترامب) الرامي لتهجير أهل غزة من القطاع، واتفق القادة العرب على مخطط إعمار غزة وإقرار أهلها فيها والتفكير في إدارة غزة بتحالف كل الفصائل وتوحيد القيادة السياسية فيها وفي كل فلسطين. وهاتان المجموعتان الأوروبية و العربية تحاولان تنسيق المواقف والدفاع عن المصالح إزاء عواصف الفوضى العالمية فأوروبا خائفة من مصير مجهول وهي ترى تخلي الحليف الأمريكي التقليدي والطبيعي عنها بل وتحالفه مع "العدو التاريخي للغرب" أي روسيا التي أعادها (بوتين) الى الامبراطورية القيصرية ما قبل ثورة 1917 أو إلى شكلها الشيوعي، وفي الحالتين تبقى عدوا منافسا للغرب لا يمكن الثقة فيه أو التحالف معه كما فعل (ترامب)، أما العرب فقد أنقذوا أنفسهم من الانقسام.
*أحيانا يخيل لي وأنا المتابع بحكم التخصص والمهنة لكل ما يطرأ على العلاقات الدولية من أحداث يخيل لي أنني ضحية خدعة "الكاميرا الخفية" ولكني أستعيد وعيي وأدرك فعلا أن ما أراه على قنوات التلفزيون هو الواقع والحقيقة فأسارع إلى تحليل نفسي لأبرز شخصيات السياسة الراهنة فأكتشف أنهم مثيرون للجدل لديهم دوافع غريزية تؤهلهم لتغيير قواعد اللعبة السياسية أولهم الرئيس (ترامب) الذي أصر على العودة للبيت الأبيض وتمسك بهزيمة منافسته الديمقراطية (كاميلا هاريس) المعروفة بضحالة تجربتها في الحكم وتورطها في حربي أوكرانيا والمواجهة بين حماس وإسرائيل والثاني هو (زيلينسكي) الذي دفعه اليمين الأوروبي الى حرب مستحيلة مع الدب الروسي والثالث هو الرئيس الفرنسي الذي يعاني من انسداد أفق الحكم في فرنسا وهي بلا حكومة منذ أن أخطأ وحل البرلمان فأراد تعويض ذلك الفشل الداخلي بانتصار خارجي بتزعم أوروبا والدعوة إلى ما سماه استقلال الدفاع الأوروبي والاستغناء عن المظلة النووية الأمريكية معلنا "عدم الثقة من اليوم في الحليف الأمريكي القوي".
* ولكي نتمم رسم لوحة الفوضى العالمية الجديدة نضيف لكم هذا الخبر المدهش الذي نقلته قناة (فوكس نيوز) يوم الاثنين الماضي في حوارها مع الملياردير الأمريكي المثير للجدل (إيلون ماسك) سألته الصحفية: "هل هي إشاعة لتشويهك أنك أعلنت دعمك المالي والرقمي لأحزاب اليمين المتطرف في العالم وفي أوروبا خاصة؟؟" فكان جواب (ماسك) سريعا وفوريا وهو:" نعم وهي حقيقة وليست إشاعة...سأدعم أحزاب اليمين لأنها تعبر عن ضمائر الشعوب بدون نفاق وما قصص الأقليات المستضعفة والمضطهدة سوى قصص ملفقة ومختلقة لجلب دموع الغافلين! فالبقاء للأقوى فقط!!!" أضيف الى مؤشرات الفوضى العالمية خروج (ترامب) من منظمة الصحة العالمية وتوقفه عن تمويل جزئي لوكالة الغوث الأممية (الأونروا) بل وتلويحه مرات عديدة بعدم تحرجه من مغادرة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، قائلا إن القانون الدولي خرافة كاذبة وربما عزمه على طلب مغادرتها مدينة نيويورك إلى عاصمة أخرى! هذه هي الفوضى العالمية الجديدة وكأنها استعادة النازية والفاشية واستحضار أشباحها التاريخية!
فليعلم المليارا مسلم حقيقة ما ينتظرهم!!! ويستكمل سيناريو الفوضى أمس الخميس بتهديد (ترامب) لحماس مطالبا إياها بتسليم كل الرهائن حالا أو مواجهة حرب مدمرة...! وترد حماس بأنها تعودت بهكذا تهديدات منذ عقود.
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد
168
| 13 أكتوبر 2025
عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد
141
| 13 أكتوبر 2025
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد
96
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8769
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6936
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
2892
| 13 أكتوبر 2025