رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

 تويتر @docshayji

‏@docshyji

مساحة إعلانية

مقالات

360

أ.د. عبد الله خليفة الشايجي

هل يُحيي مؤتمر نيويورك القضية الفلسطينية قبل تصفيتها؟

03 أغسطس 2025 , 03:32ص

شكّل عقد مؤتمر حل الدولتين التاريخي برعاية الأمم المتحدة ورئاسة مشتركة للمملكة العربية السعودية وفرنسا وبمشاركة حوالي 100 دولة حول العالم-وأمين عام الأمم المتحدة ووزراء خارجية عدد كبير من الدول والذي عقد بين 28–29 يوليو 2025-تحت شعار: “المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين جنباً إلى جنب مع إسرائيل». يكتسب المؤتمر أهمية كبيرة نظراً لتدهور وتردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية في غزة. وكذلك بعد تصويت الكنيست الإسرائيلي خارقاً القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بضم الضفة الغربية، ما دفع المجتمع الدولي لإعادة إطلاق مبادرة سياسية عاجلة لإنقاذ حل الدولتين قبل فوات الأوان.

يهدف المؤتمر لإيجاد خريطة طريق بمراحل زمنية لإنهاء الحرب على غزة التي دخلت شهرها الثاني والعشرين، مع إصرار إسرائيل على استمرار حرب الإبادة برغم فشلها في تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة بالقضاء على حماس والافراج عن الأسرى وتحييد غزة حتى لا تشكل تهديدا مستقبليا لإسرائيل.

كان لافتا مطالبة البيان الختامي بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة كنقطة فارقة في الصراع العربي-الفلسطيني-الإسرائيلي بتوقيته ومضمونه وبيانه الختامي. وتزايد عدد الدول ومنها دول رئيسية في النظام العالمي التي أبدت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر القادم. ما أكسب المؤتمر أهمية خاصة كما ورد في البيان الختامي وحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية.

وكان لافتا رفض ومقاطعة وزارة الخارجية الأمريكية وإسرائيل مؤتمر نيويورك لحل الدولتين ووقف الحرب على غزة. ولاحقا فرضت وزارة الخارجية عقوبات على شخصيات في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بحظر تأشيرات دخول الولايات المتحدة ورفض تدويل القضية الفلسطينية مع ارتفاع عدد الدول الي تعترف بفلسطين وعدم الالتزام بتعهدات السلام والدفع نحو تدويل القضية الفلسطينية في المحاكم الدولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

دعا البيان الختامي «إعلان نيويورك» لوقف حرب غزة فوراً وانسحاب القوات الإسرائيلية، وتسليم إدارتها إلى السلطة الفلسطينية وفق مبدأ “حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”. وحدّد البيان الختامي 15 شهرًا لتحقيق دولة فلسطينية موحدة تشمل الضفة الغربية وغزة، ونزع سلاح حماس وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بإشراف قوات دولية. ورفض البيان الختامي توظيف المجاعة كسلاح في الحرب. وطالب بإطلاق جميع الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية. لكن لم يرد في البيان الختامي تقديم أي ضمانات إلى الفلسطينيين بالانسحاب الإسرائيلي من غزة وعدم شن حرب جديدة على غزة وفرض حصار. ولم يُطالب البيان بفرض عقوبات على إسرائيل في حال رفضت وقف الحرب وإدخال مساعدات إنسانية والانسحاب العسكري. وأعلن رئيس الوزراء نتنياهو رفضه عقد المؤتمر بشدة، معتبراً الاعتراف مكافأة للإرهاب ويهدد المصالح الإسرائيلية.

علّق ضباط إسرائيليون سابقون على حرب غزة «بعد 22 شهرا من الحرب نقول هذه الحرب بلا هدف». خاصة مع تفاقم تداعيات فرض المجاعة واستخدام التجويع سلاحا فتاكا-توفي 150 شخصا بينهم حوالي 90 طفلا من سوء التغذية والمجاعة. إضافة لمقتل 1300 فلسطيني أمام مراكز «مؤسسة غزة الإنسانية» التي توزع المساعدات الإنسانية الأربعة لمليوني فلسطيني يتضورون جوعا، حولها الاحتلال لمصائد قتل متعمد بإطلاق الرصاص على المحتشدين الجوعى! في أكبر مأساة مجاعة إنسانية وللمرة الأولى من صنع البشر.

عُقد المؤتمر وسط خلاف علني بين الرئيس ترامب الذي أكد وجود مجاعة في غزة وأرسل ستيف ويتكوف مبعوثه إلى الشرق الأوسط ومفاوضات إسرائيل وحماس إلى غزة مع السفير الأمريكي في القدس المحتلة إلى غزة لتقييم الأوضاع وتعهد بفتح مراكز توزيع غذاء في غزة، بينما ينفي نتنياهو ومسؤولون في ائتلافه المتطرف وجود مجاعة. وسط انتقادات دولية حادة من نواب وأعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي الذين صاروا يصفون جرائم إسرائيل في غزة «بحرب إبادة وتجويع غير مقبول». ووصل الأمر إلى تصويت 27 عضوا في مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي ومستقلين على مشروعي قرار بحظر تزويد إسرائيل بالسلاح حتى ترفع الحظر عن الغذاء والدواء عن غزة وإدخال المساعدات الإنسانية. حتى إن فرنسا وبريطانيا وكندا أعلنوا عزمهم بعد مؤتمر نيويورك الأسبوع الماضي الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر القادم كورقة ضغط على نتنياهو وحكومته لوقف الحرب والسماح بإدخال مساعدات إنسانية وإنهاء المجاعة. 

وفي مواقف عنصرية صادمة تعكس حجم التطرف الصهيوني حكوميا وشعبيا، تؤكد استطلاعات الرأي الإسرائيلية-يدعم 82% من الإسرائيليين وجوب طرد الفلسطينيين- بتطهير عرقي لسكان غزة. بينما يدعم 65% من الإسرائيليين عقيدة «العمالقة» في التلمود بوجوب قتل كل الرجال والنساء وحتى الأطفال»! بينما علّق وزير التراث الإسرائيلي الياهو «تقوم الحكومة بمحو غزة. نحمد الله أننا نمسح ذلك الشر»!.

بات واضحا أن هدف حرب إبادة إسرائيل على غزة، أبعد من القضاء على حماس واستعادة الأسرى-إلى جعل الحياة مستحيلة وغير قابلة للحياة ودفع سكان غزة المحاصرين والجائعين والنازحين والذين يفتقدون أبسط مقومات الحياة للهجرة. ثم يصفونها بكل سخرية «الهجرة الطوعية». في مخالفة وخرق صريح للقانون الدولي وواجبات الاحتلال على توفير حياة كريمة للشعب الذي يرزح تحت الاحتلال وهو ما تخرقه إسرائيل بشكل صارخ. وإعادة الاستيطان وبناء المستوطنات حسب ما يطالب المتطرفون في إدارته لتصفية القضية الفلسطينية.

واضح ان إسرائيل المارقة باتت معزولة ومنبوذة مع تصاعد الغضب الشعبي عالمياً، خاصة في الولايات المتحدة، وتخسر رصيد إنجازاتها خلال العقود الماضية، خاصة داخل الكونغرس وشريحة الشباب. وهذه فرصة يجب استثمارها للدفع نحو تنفيذ مخرجات بنود البيان الختامي لمؤتمر نيويورك بحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.

مساحة إعلانية