رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
..... نواصل الحديث حول كتاب «محمد كريشان يروي: وإليكم التفاصيل» لمؤلفه محمد كريشان
وهو لا يزال في (الفصل الرابع: فلسطين: المهنة والوجع)، يذهب لتغطية ذكرى النكبة عامي 1998 و2014، فيزور (رام الله) التي يحبها «من أول نظرة»، وحيث (رام) كلمة كنعانية تفيد الأرض المرتفعة، ولفظ الجلالة قد أضافها العرب إبان العهد الصليبي. ومن الجنوب إلى (رام الله) يصل إلى (القدس) الذي يحظى بشرف الصلاة في محراب مسجدها الأقصى حيث مسرى الرسول ﷺ يتبعها الخطى على خطى السيد المسيح في (طريق الآلام) نحو كنيسة القيامة.
وفي (الفصل الخامس: تونس والجزيرة)، وفي حديث الإعلامي عما أسماه بـ «شرارة البوعزيزي» التي انطلقت في يوم تونسي عادي لتستعر في باقي المدن ثم لتشتعل كثورات في ربيع عربي واحد، يتطرق إلى مفارقة تطول النظام السابق الذي أدرك متأخراً خطأ قطيعته مع الجزيرة، حيث أخلى الساحة للمعارضين كل يدلو بدلوه دون دلو مضاد، ما «خلق رأيا عاما ناقدا للسلطة»، حتى باتت تلك المداخلات المتأخرة من وزراء تونسيين على القناة -رغم وجاهتها- كاللعب في الوقت الضائع، أو كما عقّب الإعلامي قائلاً: «عندما تترك كرسيك فارغاً فسيملأه آخرون ويخلقون رأياً عاماً معيناً». وقبل الإطاحة، لم يترك الإعلام التونسي أي شاردة تأتي بها الجزيرة وواردة إلا كان للإعلامي كفل من شرها! وكأمثلة مما نضح ذلك الإعلام من عناوين تصدّرت مقالات: «اتألم لمحمد كريشان»، «قارئ الأخبار في نجدة مشغّليه»، موسم التوسل على أعتاب الجزيرة»، «عندما يخلط محامي الجزيرة بين الردح والفضح». أما حين كتب الإعلامي مقالاً في (القدس العربي) اللندنية بعنوان «مأساة الإعلام في تونس»، تطرق إلى تقصي التونسيين أخبار بلادهم من الإعلام الأجنبي كما في خبر دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي (أرييل شارون) لحضور قمة دولية للمعلومات تنعقد في تونس، فإذا بصحفي تونسي يتصدى له بمقالة عنوانها «مأساة اسمها محمد كريشان»، تنضح بما يكفي من فجور الخصومة، وقد تمكّن الإعلامي من مقاضاته بعد سقوط النظام السابق. غير أن الجميل لا بد أن يعود لصانعه، وكذلك حين شدّ رئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة على يد الإعلامي مؤكداً له أن يواصل اعتبار الجزيرة من (ممتلكات والده) رحمه الله، كرد فعل مباشر على اعتذاره حين انفعل في إحدى المناقشات قائلاً: «المعذرة على هذه الحماسة المفرطة فأنا أتصرف مع الجزيرة وكأنها من ممتلكات والدي التي أورثني إياها».
وفي (الفصل السادس:مع هيكل)، يمتد الحوار بين الإعلامي وصحفي القرن العشرين الأبرز (محمد حسنين هيكل) لمدة عشر سنوات، والذي يتكفل بخلق نوع من الصداقة تظهر علامات وفاقها عبر كافة المقابلات بينهما.. والصحفي يحدثه عن ذكرياته، كالموقف الذي ذُعر فيه الرئيس الأمريكي (جون كينيدي) حين قدم له هيكل سيجاراً كوبياً في مكتب مستشاره للأمن القومي.. وتحفظه على حقيقة خذلان الرئيس المصري (جمال عبدالناصر) لنظيره التونسي (الحبيب بورقيبة) عن خطابه وهو في مدينة أريحا الذي دعا فيه الفلسطينيين إلى قبول قرار التقسيم، حيث ثارت ثائرة الأحرار.. و(زين العابدين بن علي) الذي أعقب سابقه بانقلاب، ثم هرع إلى أحسن المصورين الفرنسيين لاستبدال صورته الرسمية بأخرى وفقاً لملاحظة هيكل الذي اعتبره في الأصل أحسن من الصورة! كذلك، يسترجع الإعلامي رد هيكل عن صعود الإسلاميين في تونس الذي لا يخيفه، وذلك امتثالاً لما يؤمن به من الحديث النبوي الذي يسلّم للناس في شؤون دنياهم، وبأن العقيدة التي يعتنقها القلب شيء والقضايا الإنسانية شيء آخر، وبأن «الإسلام التونسي هو ابن شرعي للزيتونة وللقرويين وللأزهر الشريف». أما عن التجربة الإسلامية في الجزائر، فقد رفضها الأمريكيون رفضاً قاطعاً، لأن في نظره: «ليس مسموحاً على الشاطئ الجنوبي وفي مواجهة أوروبا أن تقوم دولة إسلامية! هذا خط أحمر دولي».
أما (الفصل السابع: دفتر المفارقات والطرائف)، فقد قصد الإعلامي تضمينه وبإيجاز مواقف طريفة جمعت بينه وبين أعلام السياسة، بعد أن أثقل في حديثه السابق حول تعقيداتها! فيعرض الرئيس اليمني (علي عبدالله صالح) كشخصية تلقائية ومرحة إلى أبعد الحدود.. والرئيس السوري (بشار الأسد) عنيداً مراوغاً لا سيما والإعلامي يلحّ عليه بسؤال عن حقيقة زج بعض معارضي الرأي في السجون.. والعاهل المغربي (الحسن الثاني) الذي أخذ سؤال أحد الصحفيين المصريين على وجه شخصي حين انتقد مستوى قمة عُقدت في بلاده، فأغلظ عليه وعلى رئيسه الذي لم يتكلّف عناء مهاتفته أثناء مرضه، ما حدا بالإعلامي دس قصاصة أسئلته في جيبه مؤثراً السلامة.. والرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) المعروف بشخصيته الخطابية التي لا تصلح لأي مقابلة تلفزيونية، وتأكيده على أن إجابته ليست بطويلة إنما السؤال الذي وُجه له هو الطويل!
ختاماً، والإعلامي يُهدي كتابه ضمن من أهدى إلى «كل من ساعدني يوماً في مجال غالباً ما ساد فيه نكران الجميل»، فقد تأتي هذه المراجعة كعرفان لمسيرة فرد عربي حر، أخلص فيها العزم فبلغ المرام، ووضع تجربته التي ارتجى بها أن يُلهم من أراد «السير على درب هذه المهنة الجميلة والمنهكة في آن واحد».. وقد فعل.
أكاد أجزم بأن ما بات حديث المجالس الخليجية والعربية اليوم بعد تفجر أحداث غزة المؤلمة والهجوم الإسرائيلي الآثم... اقرأ المزيد
126
| 29 سبتمبر 2025
في العصر الرقميّ الحاليّ، لم تعد هوية الأطفال والمراهقين تتشكل فقط من خلال الأسرة والمدرسة والبيئة المحيط بهم،... اقرأ المزيد
306
| 29 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من... اقرأ المزيد
2985
| 29 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
3513
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
2985
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2961
| 25 سبتمبر 2025