رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا خلاف على مبدأ إعطاء العامل حرية الانتقال إلى عمل آخر لدى شركة أخرى، وليس مقبولا لدى الجميع، أفراداً أو شركات ومؤسسات، قضية استعباد الناس، لكن لابد من وجود ضوابط تحمي حقوق جميع الأطراف، عمالا وموظفين وشركات ومؤسسات، وألا يتم الجور على حقوق طرف على حساب طرف آخر، تحت أي مبررات، فلا مسوغات تبيح التعدي على حقوق أي طرف، والمؤكد أن الأخوة بوزارة التنمية يعملون في هذا الاتجاه، ويسعون جاهدين لإيجاد عدالة بين العامل والشركة، في قضية حق الانتقال وتغيير جهة العمل.
في تعديلات قانون العمل الأخير، التي تتيح للعامل تغيير جهة العمل، ومع كل التقدير لكل الجهود التي بذلت من أجل إصداره بصورة مثالية قدر الإمكان، إلا أن هناك بعض الثغرات قد ظهرت، وهذا باعتقادي أمر طبيعي، ويمكن معالجتها مع التطبيق الفعلي للقانون.
اليوم هناك شركات ومؤسسات "تئن" بصمت، بسبب نزيف انتقال العمالة منها إلى جهات أخرى، وفي أحيان كثيرة مشابهة للنشاط الذي تمارسه الشركة التي يعمل بها العامل أو الموظف، حتى وإن تم الانتقال الى شركات ومسميات أخرى بعيدة عن القطاع او النشاط، الا أنه غالبا ما يكون هناك تحايل، من خلال الانتقال الى شركة تمارس نشاطا مختلفا، لتكون جسراً أو "محللاً" للعمل بشركة منافسة.
بل أن هناك من العمالة من انتقل فعليا الى جهات مشابهة تماما لنشاط الشركة التي انتقل منها، وتم هذا عبر وزارة التنمية، رغم اعتراض جهة عمل العامل، كون ذلك يشكّل خطرا على الشركة التي انتقل منها، ويهددها بالافلاس أو الخروج من السوق، فهناك من العمال من نقل كل بيانات ومعلومات وعلاقات العملاء من الشركة التي كان يعمل بها الى الشركة الجديدة المنافسة لها، وهذا يشكّل إخلالا حقيقيا بسوق العمل.
الإشكالية الكبرى اليوم أن خيارات الشركات التي تنتقل منها العمالة الى شركات أخرى، باتت محدودة في ظل جائحة كورونا كوفيد-19، فالحصول على موافقات لاستقدام عمالة أخرى لأنشطة بعينها أو جنسية بعينها أمر صعب، وهذا نتفهمه في هذه المرحلة.
أضف الى ذلك، قضية الخبرات التراكمية للعمالة المنتقلة من شركاتها الى شركات أخرى، فكثير من الشركات تنفق على موظفيها تأهيلا وتدريبا..، ثم في لحظة تجد نفسها قد جرّدت من هؤلاء بفعل "مغريات" و"إغراءات" من جهات أخرى.
أعيد مرة أخرى، لست مع "استعباد" الموظفين أو العاملين من قبل الشركات والمؤسسات المختلفة، وأنحاز الى الموظفين والعمال وضرورة اعطاء هذه الشريحة الواسعة من الأخوة العاملين كامل حقوقهم، والسعي لايجاد بيئة عمل مستقرة وعادلة في الحقوق والواجبات، فلا يمكن لأي موظف أن ينتج ويكون لديه ولاء وانتماء لشركته او مؤسسته اذا لم تتوفر له الضمانات الحقوقية وفق بيئة عمل مستقرة، ويمنح كامل حقوقه، لكن في نفس الوقت أيضا مطلوب قوانين منضبطة تحمي الشركات، وضوابط محددة حتى لا تحدث فوضى في سوق العمل، بحيث لا إفراط ولا تفريط، لا بحقوق العامل أو الموظف، ولا بحقوق الشركات والمؤسسات العاملة بالسوق، التوازن والعقلانية في كل شيء هو الأساس لعلاقة سليمة وصحية بين جميع الأطراف.
اليوم وزارة التنمية تقوم بعمل حظر على الشركات التي تتأخر في صرف رواتب موظفيها، وهذا أمر وخطوة ممتازة، فلا يجوز أكل حقوق العاملين والموظفين أو تأخير صرف رواتبهم لأشهر من قبل بعض الشركات، ففي ذلك ظلم كبير، وما تقوم به وزارة التنمية من مساعٍ جادة لحصول الموظف والعامل على راتبه الشهري أمر يحسب للوزارة والقائمين عليها.
لكن في نفس الوقت مطلوب حماية هذه الشركات، بحيث لا تعيش تحت تهديد وخوف من انتقال موظفيها بأي لحظة الى جهات أخرى، تحت أي سبب، واحيانا دون مبررات حقيقية، أو لأسباب واهية.
حتى قضية البت في طلبات تغيير جهة العمل يجب ألا تأخذ وقتا طويلا، ففي ذلك خسائر تتكبدها الشركات، وايضا المتقدم بطلب تغيير جهة العمل يعيش حالة من عدم الاستقرار، وبالتالي من المهم البت بهذه الطلبات بأسرع وقت ممكن، بدلا من تعليق الطلب لنحو شهرين ـ حسب معلوماتي ـ حتى يتم البت فيها، وهذا ليس في صالح الشركة او العامل، اما القبول بطلب الانتقال وتغيير جهة العمل، وأن الموظف أو العامل معه الأسباب المنطقية في ذلك، أو رفض الطلب، وفي الوقت نفسه الحذر من استغلال التعديلات الجديدة للمراوغة من قبل جميع الأطراف.
الإنصاف مطلوب للموظف او العامل وللشركات والمؤسسات، وللقطاع الخاص الذي يشكّل استقراره عنصرا مهما في عجلة التنمية، التي تعيشها الدولة، فالقطاع الخاص ركيزة اساسية في تطور وتقدم الدول والمجتمعات، وهذا لن يتأتى إلا بوجود بيئة عمل مستقرة ومنصفة وعادلة لطرفي المعادلة.
لن يعجز الأخوة بوزارة التنمية الإدارية من إيجاد تنظيم حقيقي لسوق العمل، وتلافي بعض الثغرات في التعديلات الجديدة التي حدثت بقانون العمل، غير مقبول أن يتعرض العامل أو الموظف الى ظلم من قبل جهات عملهم، لكن في نفس الوقت لا يجب القبول بإيقاع الظلم على الشركات، وأن تكون التعديلات الأخيرة على قانون العمل جاءت على حساب الشركات والمؤسسات التي تشكّل عصب القطاع الخاص، من أجل إرضاء منظمات لها أجندات مختلفة، وتستغل قضايا حقوق الانسان أو العمال لفرض إجراءات وتشريعات وقوانين تخل بسوق العمل، وتحدث أضرارا كبيرة، سوف تنعكس حتى على العاملين في تلك الشركات سلبا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5355
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4737
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4188
| 05 أكتوبر 2025