رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الثورة السورية أسقطت القناع وكشفت الوجه الحقيقي
"حزب الله".. من "مقاوم" للعدو إلى قاتل للشعوب
شعارات "الموت لأمريكا وإسرائيل" ترجمت إلى قتل للشعب السوري
حزب الله مارَسَ إرهاباً في دول الخليج.. وخلاياه كُشفت في أكثر من دولة خليجية
الشقيقة السعودية أكثر دولة ساعدت لبنان مادياً واقتصادياً وسياسياً.. ثم كان الجحود والنكران
أتيحت لحزب الله فرصة تاريخية في 2006 لبناء علاقة صحية مع العالم العربي إلا أنه فضّل أجندته "الطائفية" على الانخراط في مسار الأمة
ما بين 2006 و2016، اختلفت العلاقة بين حزب الله "المقاوم" آنذاك ودول مجلس التعاون الخليجي، التي وقفت معه ومع لبنان داعمة في 2006، فمن الذي اختلفت مواقفه وتغيرت "بوصلته"؟
ما الذي دفع دول مجلس التعاون ومجلس وزراء الداخلية العرب إلى اعتبار حزب الله وقادته وكل التنظيمات التابعة له أو المنبثقة عنه منظمات إرهابية؟.
نستذكر جيدا في يوليو 2006 كيف وقف زعماء وقادة بالعالم العربي مع "مقاومة" حزب الله للكيان الإسرائيلي، وكيف "تغنت" الشعوب العربية "السنية" بأسماء قادته، وكيف دافع المفكرون والكتّاب والإعلاميون عن حزب الله في معركة 2006، فمن الذي تغيّر، الشعوب العربية وتحديداً الشعوب الخليجية، بما فيها الأنظمة، أم حزب الله؟
عندما كانت "بندقية" حزب الله موجهة - هكذا كنا نعتقد - إلى الكيان الإسرائيلي، وقف الجميع مع الحزب، داعما ومساندا ومؤيدا، ولكن إذا بنا نستيقظ من هذا "الحلم" على واقع مرير، وتتكشف حقيقة هذا الحزب وقادته، وإذا بالثورات العربية، وخاصة ثورة الشعب السوري الأبي، تكون هي الفاضحة والكاشفة لدول ومنظمات وأحزاب وقيادات وأفراد، وفي مقدمتهم حزب الله، الذي سقط القناع من على وجهه، وظهر بوجهه الحقيقي، هكذا تراه الشعوب العربية اليوم.
لقد تحوّل الحزب من "مقاوم" للكيان الإسرائيلي، إلى "قاتل" للشعب السوري، من مدافع عن قضية القدس والأقصى وفلسطين، إلى داعم لنظام قمعي واستبدادي مجرم، من حزب كان يقول إن وجهته القدس، إلى زاحف على مدن سورية، قتلا وتشريدا لأطفالها ونسائها وشيوخها، وتدميرا لمدنها الشامخة.
من شعارات "جوفاء" مرفوعة تنادي: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، إلى ترجمة عملية، لكن ليس إلى من تتحدث عنهم الشعارات، إنما الموت للشعوب العربية التي رفضت السير في ركابه.
سلاح حزب الله اليوم موجه للشعب السوري، الذي احتضنه في عام 2006، وفتح له أبوابه، آواه ونصره، وقدم له ما يستطيع، ولكن إذا بهذا الشعب الأعزل يتلقى طعنة غدر من الحزب، الذي لم يصبح فقط مشاركا في القتل البشع الذي يقوم به النظام السوري وحلفاؤه، بل بات موغلا في الإجرام، وغارقا ليس للركب في الدم السوري فقط، بل إلى "لحى" قادة هذا الحزب.
وغرر ربما بالعشرات من شباب الحزب ومن شباب لبنان للزج بهم في المحرقة التي أقامها النظام السوري لشعبه، فأصبح عدد الذين قتلوا من أفراد حزب الله في سوريا يتجاوز الألف قتيل، حسب الإحصاءات الرسمية المعلنة، وهو بالطبع رقم أكبر بكثير، ربما بعشرات المرات من أفراد الحزب الذين سقطوا في "المناوشات" و"المسرحيات" مع الكيان الإسرائيلي.
ليس هذا فحسب، لقد وصل الإرهاب بالحزب وقادته إلى العبث بالأمن الخليجي في أكثر من دولة، وسعى للتخريب والتفجير، وتم ضبط "خلاياه" في أكثر من دولة، وتم الكشف عن مخططات لزعزعة الأمن والاستقرار بدول خليجية لشبكات إرهابية مرتبطة بحزب الله، وهذا الأمر أعلن، وتم تحويل أفراد تلك الشبكات المرتبطة بالحزب إلى المحاكم والقضاء.
إذن من الذي تغيّر في السياسات والمواقف، دول مجلس التعاون الخليجي أو حزب الله؟
لقد ظلت دول المجلس داعمة للمواقف المشرفة التي تدافع عن قضايا الأمة، وما فلسطين إلا خيرُ شاهدٍ ودليلٍ على ذلك، فها هي اليوم دول الخليج تتصدى للمشروع الصهيوني في فلسطين بما تستطيع، عبر دعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، وعبر دعم حركات المقاومة الشريفة، والدفاع عن القضية الفلسطينية في المنابر الدولية، وإعادة إعمار غزة، رغم الحصار الخانق لأهلنا وأحبتنا في القطاع لعام عاشر.
وها هي الدول الخليجية منحازة لشعوب أمتها، داعمة للدول العربية، ساعية للتنمية بها عبر مشاريع تنموية صادقة وجدية، وعبر استقبال مئات الآلاف من الشعوب العربية الذين يعملون فيها، وتتشارك مع أبناء دول المجلس لقمة العيش، دون أن يصدر من هذه الدول مَنٌّ أو أذى.
لم تتخل هذه الدول عن أدوارها التاريخية في دعم الشعوب العربية، حتى وإن أبدى البعض ملاحظات على ذلك، إلا أن هذه الدول ظلت الوحيدة التي تفي بوعودها للعمل العربي المشترك، ولدعم قضايا الأمة وشعوبها، وهي حقيقة لا ينكرها إلا جاحد وحاقد على هذه الدول.
لبنان المختطف اليوم من قبل حزب الله، تلقى من الدعم من الشقيقة السعودية، تحديدا، ما لم تتلقه أية دولة أخرى، ليس فقط اقتصاديا أو ماديا، إنما سعت الشقيقة السعودية التي تُسَبُّ اليوم على منابر حزب الله وأطراف لبنانية أخرى إلى إخراج هذا البلد من حرب طائفية مزقته شر ممزق، فكان اتفاق الطائف 1990 الذي انتشل لبنان من الهاوية، وأعاد له العافية، ثم اليوم تعض اليد التي أنقذت هذا البلد من قبل حزب الله وأطياف أخرى، أيُّ جحودٍ ونكرانٍ هذا الذي نراه من قِبَلْ هذا الحزب وقادته.
لقد أتيحت لحزب الله فرصة تاريخية بعد 2006 لبناء علاقة جديدة وصحية مع الأنظمة والدول والشعوب العربية، وكان بإمكانه لو ابتعد عن أجندته "الطائفية" أن تكون له الصدارة في العالم العربي، وأن يكون مرحبا به رسميا وشعبيا، لكنه فضّل اختيار أجندة طائفية ضيقة عن الانخراط في مسار الأمة.
لم تتجَنَّ الدول الخليجية أو الدول العربية على حزب الله، الذي يمارس اليوم إرهابا، وأبعد من ذلك، يمارس إجراما وقتلا في أكثر من مكان، ليست الأرض السورية أو الشعب السوري المظلوم هو الوحيد الذي يكتوي بنيران حزب الله، بل هو شريك في الإجرام والإرهاب في بقاع شتى من عالمنا العربي والإسلامي.
لقد تحوّل حزب الله من "أمل" إلى "ألم"، وبات إداة قاتلة للشعوب العربية، وخنجرا في خاصرة الأمة، تحوّل من حزب "مقاوم" للعدو، إلى حزب قاتل لشعوبنا، ومزعزع لأمننا، وممارس للإرهاب في أوطاننا، وذراع لفتنة طائفية تعصف بالمنطقة.
آن الأوان للبنان البلد أن يتخلص من الارتهان لحزب الله، وأن يرفض إملاءات الحزب، وأن تعود للدولة هيبتها، بدلا من هذا الوضع "المعتل" الذي يعيش فيه.
آن الأوان للبنان أن يعود إلى الجسد العربي، وأن ينهي حالة "الاختطاف" التي يعيشها.
في زمنٍ تتنازع فيه القوى الإقليمية والدولية على النفوذ السيادي وتغيب فيه لغة العقل أمام صخب المصالح تبرز... اقرأ المزيد
144
| 12 أكتوبر 2025
المنطق يحتم على السودانيين باختلاف انتماءاتهم العرقية والجهوية وبصفة خاصة النخب السياسية والأكاديمية منهم أن يتدبروا أمرهم جيداً... اقرأ المزيد
141
| 12 أكتوبر 2025
في خطوة نوعية تعكس رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، صادق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم... اقرأ المزيد
207
| 12 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8715
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6912
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4860
| 05 أكتوبر 2025