رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1282

قراءة في كتاب "على قدر أهل العزم" للدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري

28 أغسطس 2015 , 01:33ص
alsharq
د. حسن رشيد

كثيراً ما يطرح المبدع العربي والمسؤول العربي نتاج رحلته في الحياة والعمل في نهاية المطاف، ويحاول قدر المستطاع أن يقدم صورة ناصعة البياض لتاريخه. وهذا ما ينطبق على الفنانين ومن يرتبط بأي إطار إبداعي في شرق الأمة العربية وغربها. هذا الأمر يختلف في أوروبا وأمريكا.

ذلك أن السيرة الذاتية رحلة لحياة محفوفة بكل المخاطر والهنات.. ذلك أن الحياة بحلوها ومرها سطور تتناغم. وقانون العيب والعار والمجتمع والبيئة والأسرة أبعد ما يكون عن ذاكرتهم. في هذا السفر الجميل والمعنون تحت عنوان "على قدر أهل العزم" يهرب بذكائه المعهود المؤلف الدكتور. فيؤكد أنها سيرة فكرية. وأن الأوان لم يحن بعد لرصد تجربة ثرية لحياة أثمرت كل هذه النجاحات.. وكيف لا يكون النجاح مرافقاً لمسيرة إنسان أعطى هذا الوطن الشيء الكثير. إنسان يعي جيداً المعنى المترادف لمفرده "الإنسانية" في تواضعه الجم وعمله الدؤوب والارتكان إلى ثقافة موسوعية زاده اليومي. فهو لا يغرف من معين أحادي المصدر ذلك أن ثقافة الأجداد والانتماء العروبي الإسلامي جزء يسير من ثقافة شمولية عبر لغات حية يملك ناصيتها مثل الإنجليزية والفرنسية. وتجوال عبر المدن والعواصم واحتكاك يومي بمناذج شتى.. شكلت وعيه الحقيقي. حمد عبدالعزيز الكواري مع حفظ الألقاب، الوزير والدكتور والكاتب والباحث والدبلوماسي. صورة قلمية رائعة ونموذج رائع لإنسان هذا الوطن المعطاء.

كما أسلفت قليلون، بل نادرون من يطرحون رحلتهم عبر الحياة والمحطات التي شكلت إطاراً تكاملياً لذواتهم والمسؤوليات والمهمات الملقاة على عاتقهم. ذلك أن البعض يؤجل كل ما هو مرتبط برحلته الحياتية والوظيفة إلى لحظات التفرغ لقراءة ما مضى . أما سعادة الدكتور فهو قد طرح عبر محطات تشكل في النهاية حلقات متصلة منفصلة لرحلة مسؤول اجتاز كل المحطات بنجاح كما يقول في نهاية الكتاب "والآن بعد هذه الرحلة في شعاب الذاكرة ومضايق القضايا والإشكالات الإنسانية والثقافية أصبحت أرى معنى حياتي على نحو أفضل وأوضح" .

في سيرة فكرية. لا ترتبط الرحلة برحلة فرد. بل برحلة الوطن في تعدد المراحل. والانطلاق نحو احتلال قطر مكانتها تحت الشمس شمس المعرفة والانطلاق لتأكيد دور قطر في كل المحافل الدولية عبر الأطر السياسية والاقتصادية والرياضية.

والدكتور حمد هو قامة من قامات هذا الوطن ارتبط بالدبلوماسية والإعلام والثقافة . فاستحضار محطات من رحلته في حقيقة الأمر ما هو إلاّ امتداد لرحلة الوطن.. خبرة سنوات في مدن وعواصم شكلت إطاراً تنويرياً للذاكرة وعرف بما عرف عنه من حب للمعرفة في كل مكان حل فيه الكثير من المعارف الإنسانية. ولا يمكن أن يأتي كل هذا الثراء المعرفي من فراغ ولكن لأن هناك نهراً متدفقاً عبر معرفة الآخر وتأكيداً للمقولة "من عرف لغة قوم أمن شرهم" من هنا فإن المؤلف يحتاج إلى دراسة شخصية كنموذج. لماذا ؟ لأنه نبتة قطرية، عربية، إسلامية. يتصف كما في كل مشهد ثقافي بحضور ثقافي في شمولية كلمة الثقافة.

قليلون من يملكون الكاريزما. ذلك أن هذا الإنسان يترك الأثر الجميل منذ اللقاء الأول. وكما أسلفت ذات مرة أن قلبه مفتوح وباب مكتبه مفتوح وأتذكر هنا ما عبر عنه الشاعر العراقي الكبير عبدالرزاق عبدالواحد عندما قام بزيارته. عبّر عبر كلمات تحمل رؤية شاعر عرك الحياة وكان قريباً من أصحاب السلطة في وطنه قال "هذا نموذج لابد وأن يحتذى به في كل مكان، نموذج إنساني رائع" هذه كانت رؤية مفكر خلق وشائج مع الحياة.

ذات مرة طرحت على سعادته تساؤلاً من باب الفضول "متى تقدم للأجيال رصيدك في الحياة، مفكراً، مثقفاً، رجل دولة كان رد سعاته قريباً، اعتقدت للوهلة الأولى أنها إجابة دبلوماسية لرجل ساهم في هذا الإطار سنوات وسنوات، ومن أين يأتي بالوقت وهو مهموم بمهام عمله التي لا تنتهي. ومع هذا فقد سرق من الزمن سويعات كي يأخذنا عبر فصول كتابه. في رحلة ممتعة مغلفة بالعديد من الحكايات والمواقف. مستشهداً بالفكر الإنساني. عبر الأساطير والحكم والمواقف والمواعظ . مرتكزاً أيضاً على ذلك البيت الشهير لشاعر العرب الأكبر "أبي الطيب المتنبي" على قدر أهل العزم..

في إيجاز ينقلنا الكاتب الدكتور عبر سطوره فقرة "أما بعد" إلى بدايات فكرة خروج هذا الكتاب إلى حيّز الوجود، فالأفكار التي كانت تختمر في ذاكرته اتسع مداها حتى أنجزها لاحقاً. هذا السفر الحياتي عبر رحلة عمر يمتد لسنوات طوال عاشها كرجل عمل وفكر وثقافة وسياسة وإعلام في "سيرة فكرية" تجمعت قطرات من اختمارات الذاكرة والتي شكلت لاحقاً ينبوعاً فياضاً من المعرفة. ولأنه رجل أعطى للوطن ما يستحق وحمل فوق كاهله سنوات عدة من المهمات الصعبة في كل الأطر. لذا فلا أقل من أن يقدم لكل الأجيال خلاصة تجاربه. ليس في إطار سرد الذاكرة الذاتية. ولكن سيرة وطن عبر فرد ينتمي إلى ثرى هذا الوطن الرائع بناسه ورجاله. شيباً وشباناً. قادة ومواطنين. كما أن هذا السفر يشكل بداية لنماذج أخرى لابد وأن تشمر عن ساعد الجد وتطرح تجاربها الحياتية والعملية. وما أكثر النماذج فهناك على سبيل المثال لا الحصر تجارب الشاعر والدبلوماسي سعادة الدكتور حسن النعمة وتجارب سعادة الدكتور عيسى بن غانم الكواري وسعادة الأستاذ عبدالعزيز بن تركي، وسعادة الأستاذة شيخة المحمود وعشرات الأسماء. لأنها نماذج أعطت للوطن الكثير.

وللحقيقة فإن سعادة الدكتور حمد في سرده للحكايات والمواقف ارتكز على ذاكرة تحتفظ بكل ما مرّ بالذاكرة وإن لم يبتعد عن الإطار العام لشخصه وأعني "الدبلوماسية" لأنه يعرف ماذا يريد وكيف يقدم الموضوع. ذلك أننا مع الأسف عندما نقرأ أو نتصفح بعض الذكريات والمذاكرات لبعض رجال السياسة والفن. نصدم كثيراً بالمبالغة وتبييض صفحاتهم. خاصة بعد أن ينزوي صاحب الذكريات والمذكرات إلى الظل. هنا يحاول أن يقدم ذاته في صورة مغايرة للمألوف. فيتحول إلى إنسان آخر يملك من المواصفات ما لا يملكه الملائكة وإن ما مرّ بالوطن من خلاله لم يكن مسؤولاً عنها.

قليلون. بل نادرون من يملكون صفة الموضوعية في الطرح والتناول، يتساوى في هذا السياسي والفنان، والشاعر. ذلك أن المبالغة جزء من الطرح والتناول عند البعض.

في هذا الإطار تجنب الدكتور حمد ذلك الأمر. بدءاً وهو يطرح "سيرة فكرية" وهو يمارس مهام عمله.. بخلاف أولئك النماذج التي تستحضر تاريخها في أي إطار كان في نهاية المطاف أو يتم طرحها عبر بعض أصحاب القلم الذين يرتكنون إلى المبالغة وتجسيد كل المثل الإنسانية ومزجها بتاريخهم. فهم يكونون مثالا للعدالة والمساواة والمحبة والإيثار وكل المفردات الإنسانية.

أما في "سيرة فكرية" فالأمر مختلف. ليس فقط في إطار التنوع عبر الفصول التسعة. والسرد المنفصل المتصل في آن واحد وهذا لا يمثل لغزاً. ولكن في نهاية المطاف هي في حقيقة الأمر حلقات ترتبط برابط عضوي محورها الأساسي "الثقافة" في شمولية الكلمة بجانب استحضار الأدب والإعلام والفكر والسياسة وتنوع الثقافات منذ هوميروس والأساطير الإغريقية مروراً بمزج الماضي السحيق بالواقع المعاش في إطار التربية والتعليم والتراث وغيرها من المواضيع التي تلامس واقعنا المعاش وحتى تلك المضامين التي تشكل إرثاً ثقافياً لكل شعوب الأرض المحبة للسلام والمعرفة.

يقول الدكتور حمد "إنني مدين في تصوراتي إلى المسؤوليات التي اضطلعت بها بقدر ما كنت حريصاً على أن تكون الثقافة في أدق دلالاتها نبراساً لي في عملي".

وإذا كان الانتقال المكاني يشكل محوراً من محاور تعدد الروافد الثقافية والاحتكاك بالآخر والانغماس في تعدد الثقافات عبر تعدد المصادر سواء بالقراءة أو بالمشاهدة. سواء في شرق العالم أو غربها المتحضر والمنفتح على ثقافة الآخر. فإن المشاهدة جزء هام أيضاً في تغذية الذاكرة بين العواصم التي تجسدّ أقدم المدن في حاضرة العالم مثل دمشق وبيروت وثقافة مدينة النور عبر المتاحف وفنون المشاهدة من عروض مسرحية وعروض الباليه هذا بخلاف ثقافة القارة الجديدة بفنونها.

وعندما اختير في المرة الأولى أن يحتل منصب وزير الإعلام والثقافة في الفترة من (1992 – 1997) لم يأت هذا الاختيار من فراغ ولكن لأنه كان الأقدر على تحمل المسؤولية عبّر خبرة ممتدة لسنوات طوال.. وعندما تم اختياره للمرة الثانية (2008) لقيادة وزارة الثقافة والفنون والتراث فإن المهمات التي أنجزها خلال هذه السنوات شهادة على حنكة وخبرة رجل نبراسه النجاح في كل أمر يوكل إليه.

ولذا فهو يعبر بالقول "إنه لا يروي ما مضى مع أنه شاهد على الكثير من المتغيرات السياسية والثقافية" إنه مارس هذا الدور كواحد من حملة مشعل الثقافة والفكر سنوات وسنوات وخبر دهاليزها.. وكان يضع نصب عينيه دوماً أن يلتفت الجميع إلى أهمية وضرورة الثقافة في شمولية هذه الكلمة.

اقرأ المزيد

alsharq بعد دعوة الأوقاف لإقامتها.. إليك كيفية أداء صلاة الخسوف

أعلنت دار التقويم القطري أنه بمشيئة الله تعالى سوف تشهد سماء دولة قطر ظاهرة الخسوف الكلي للقمر، وذلك... اقرأ المزيد

542

| 07 سبتمبر 2025

alsharq  وزير الدولة للشؤون الخارجية يتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفراء كندا وفنلندا والعراق ومصر

تسلم سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية اليوم، نسخة من أوراق اعتماد سعادة السيد... اقرأ المزيد

550

| 07 سبتمبر 2025

alsharq  جهود قطرية مستمرة لحماية التعليم من الهجمات رغم التحديات

تحتفل الأسرة الدولية في التاسع من شهر سبتمبر كل عام باليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات، وذلك للتذكير... اقرأ المزيد

136

| 07 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية