رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

655

فرنسا تعيد تأهيل أوروبا لتحديات العقود المقبلة

28 يونيو 2018 , 01:03م
alsharq
الدوحة - قنا

تراهن فرنسا ممثلة في الرئيس إيمانويل ماكرون بقوة على ضرورة إعادة تشكيل وتأسيس القارة الأوروبية، في ضوء التحديات الخطيرة التي تواجهها وضرورة تأهيل دولها واقتصادياتها وقدراتها العسكرية والعلمية وغيرها لمواجهة المخاطر الراهنة والمستقبلية.

وفي خطابه الشامل الذي ألقاه في جامعة السوربون في سبتمبر الماضي، عَرَض الرئيس الفرنسي رؤيته للقارة الأوروبية في العقود المقبلة ، وتضمن الخطاب العديد من الرؤى والأفكار والمقترحات والاستراتيجيات التي تؤسس لقارة أوروبية قوية موحدة ومستقرة وفعالة ومبدعة في كل الحقول والمجالات.

ولأن الأمن هو أساس الاستقرار والتنمية والازدهار في كل المجتمعات المتحضرة ، كان هذا الموضوع في صميم وجوهر الخطاب ، حيث دعا الرئيس ماكرون إلى تشكيل قوة تدخل عسكرية أوروبية مشتركة، تتمتع بقدرة تدخل مستقلة مكملة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتتولى التخطيط المشترك بشأن سيناريوهات الأزمات التي يمكن أن تهدد الأمن الأوروبي.

وبعد هذا الخطاب بعدة أشهر بدأت فرنسا وضع النقاط على الحروف لتحويل أفكار الرئيس ماكرون ورؤيته إلى حقائق ملموسة ، فقد وقعت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، في لوكسمبورغ هذا الأسبوع خطاب نوايا يطلق "مبادرة التدخل الأوروبية"، وهي آلية جديدة للتعاون الأوروبي في مجال الأمن مع كل من ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا والدنمارك وإستونيا وهولندا وإسبانيا والبرتغال، وقالت للصحفيين بعد حفل التوقيع إنّ المبادرة التي تقودها فرنسا تتماشى على نحو ما مع دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأن تبذل أوروبا المزيد فيما يتعلق بأمنها.

وقد تنضم دول أخرى إلى هذه القوة المشتركة، التي ستتيح لجيوش الدول المعنية التنسيق في ما بينها والتحرك معا، دون مشاركة من حلف/ الناتو/ أو الولايات المتحدة. وسيخصص لهذه القوة صندوق بمليارات اليوروهات بداية من عام 2021. وكانت إيطاليا تدعم هذه المبادرة، لكن التحول السياسي الأخير فيها والمتمثل في تشكيل حكومة جديدة تضم يمينيين و"شعبويين" جعل روما تتراجع، ولكنها لم تستبعد الالتحاق بهذه الآلية الدفاعية الأوروبية فيما بعد .

وتريد باريس في حال اضطرت الدول المعنية بالمبادرة إلى شن عملية على غرار عملية "سيرفال" ، التي نفذتها باريس في مالي عام 2013- أن يكون بالإمكان تنفيذها بشكل سريع ومشترك، كما تريد أن تكون هذه الآلية خارج إطار اتفاق أوروبي سابق ، تم توقيعه في ديسمبر الماضي ،يركز أكثر على تطوير الأسلحة والعتاد.

ومن الواضح أن باريس ترغب في الإبقاء على لندن قرب الدفاعات الأوروبية بعد خروجها من التكتل ، ويُعتَقد أن ماكرون حريص على إشراك بريطانيا في التعاون الدفاعي الأوروبي في المستقبل كون جيشها يعد من أكثر الجيوش فعالية في القارة الأوروبية ، ويبدو أنّ دور بريطانيا في القوة ساعد على تخطي خلافات بين ألمانيا وفرنسا بشأن التدخلات العسكرية، حيث تقاوم ألمانيا فكرة المهام العسكرية التي تستخدم القوة، فيما تريد فرنسا استجابة أسرع لأزمات ساخنة مثل ما حدث عام 2013 في مالي حيث تدخلت باريس كي تتصدى لمسلحين متشددين.

وتسعى بريطانيا رغم انسحابها من الاتحاد الأوروبي، إلى إبرام معاهدة أمنية مع التكتل بحلول العام المقبل، في إطار حرصها على الحفاظ على إمكانية الوصول لقواعد بيانات الاتحاد

وعقود الأسلحة، وتبادل معلومات المخابرات، وتساند كثير من دول الاتحاد الأوروبي هذه الفكرة.

ويجادل بعض المحللين بأن المبادرة تم إطلاقها لأن الدول الأوروبية لم تعد تشعر أنها تستطيع الاعتماد على منظمة حلف شمال الأطلسي لحمايتها ، كما أعرب مسئولو الناتو عن بعض القلق من أن المبادرة قد تقوض الحلف ، وقد تخلق ازدواجا في الأدوار أو تنشئ مؤسسات موازية تبعد الدول الأوروبية عن الولايات المتحدة، لكن " ينس ستولتنبرج" الأمين العام لحلف شمال الأطلسي رحب بمبادرة التدخل الأوروبية، وقال إنها ستدعم تحديث جيوش أوروبا لجعلها أكثر قدرة على الاستجابة والحشد السريع، خاصة وأن هناك حاجة لأن تكون هذه الجيوش على أهبة الاستعداد .

وكان العقد الماضي صعباً للغاية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حيث واجه فيه مزيجاً من الأزمات العسكرية والسياسية والاقتصادية ، والتحديات في مجالات الدفاع والأمن والهجرة والتنمية وتغير المناخ والثورة الرقمية والهزات المالية وصعود أحزاب اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية.

وترى باريس أن مؤسسات وهياكل الاتحاد الأوروبي أثبتت حتى الآن أنها لا تساعد كثيراً في التدخلات السريعة، لأن اتخاذ القرار بين 28 دولة أعضاء في الاتحاد أمر معقد ويتم ببطء.

وتخشى باريس من أن المبادرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي التي تم إطلاقها منذ عام 2016 ، ستكون مرة أخرى كلاماً وليس فعلا، وبناء على ذلك تركز فرنسا على الحلول خارج إطار الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

وحسب مصادر إعلامية غربية فإن التقدير الأوروبي المشترك للأزمات التي قد تنشأ سيؤدي بطبيعة الحال إلى النظر المشترك في أنواع الاستجابات المطلوبة، بما في ذلك الاستجابات العسكرية، التي يمكن المطالبة بها، وكذلك إمكانية فرض مناطق حظر جوي، والقيام بعمليات إخلاء بمساعدة الجيش للرعايا الأوروبيين، مما يؤدي بدوره إلى النظر في القدرات المتاحة للمشاركين، وكيفية توزيع الأدوار والمسؤوليات على أفضل وجه.

في خطابه في السوربون، أوجز الرئيس إيمانويل ماكرون فكرته لتطوير ثقافة استراتيجية أوروبية، والتي سيتم تحقيقها من خلال العمليات المشتركة، وصولا إلى تحويل أوروبا في النهاية إلى طرف قادر على الدفاع عن نفسه، وعن مصالحه ومد يد العون لمن يطلب منه المساعدة.

ويرى بعض المحللين أن نهج الرئيس ماكرون الأساسي يتطلع إلى قيادة فرنسا للأمن، وقيادة ألمانيا للاقتصاد وأن هذا من شأنه في نهاية المطاف إعادة بناء مشروع الاتحاد الأوروبي بأكمله.

ووفق الرؤية الفرنسية سيتعين على أوروبا في بداية العقد المقبل أن يكون لديها فريق عمل مشترك، وميزانية دفاع مشتركة، وعقيدة مشتركة للعمل، وتأسيس أكاديمية استخبارات أوروبية، مع بداية العقد الثالث من القرن الحالي، وإنشاء قوة مشتركة للدفاع المدني لمواجهة الكوارث الطبيعية، إلى جانب مكتب أوروبي للجوء، وشرطة أوروبية للحدود، وتعيين وزير مالية لمنطقة اليورو إلى جانب موازنة مشتركة وبرلمان، وإنشاء وكالة أوروبية للإبداع قادرة على تمويل مجالات بحث جديدة من تلقاء نفسها، على غرار الوكالة الأمريكية للأبحاث العسكرية التابعة لوزارة الدفاع المكلفة بتطوير تكنولوجيات جديدة، والتي كانت في السبعينيات وراء ظهور الإنترنت.

كما عرض ماكرون رؤيته حول "تحول عميق" للاتحاد الأوروبي وكشف عن سلسلة مقترحات تقوي التكتل سياسيا، وترسي قوانين مشتركة في مختلف أنحاء القارة، حيث قال إن أوروبا التي نعرفها اليوم ضعيفة جدا وبطيئة جدا وغير فاعلة، وتابع "ً أن أوروبا وحدها يمكنها أن تعطينا القدرة على التحرك في العالم لمواجهة تحديات العصر الكبرى".

ويؤمن الرئيس ماكرون بأوروبا ، فقد تعهد بمواصلة العمل من أجلها دون توقف، وقال" إنها المكان الذي تكمن فيه معركتنا، تاريخنا، هويتنا، أفقنا، ومايحمينا ويمنحنا المستقبل"..

مضيفا " أن أفضل الأفكار هي تلك التي تدفعنا إلى الأمام، والتي تعمل على تحسين حياة الناس".. داعياً للتحلي بالجرأة والشجاعة لرسم طريق المستقبل، والطريق لإعادة بناء أوروبا ذات سيادة، موحدة وديمقراطية.

اقرأ المزيد

alsharq  العمل الإنساني العالمي.. مفاهيم راسخة تمثل الضمير الحي للبشرية

يعد اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008 ويُصادف 19 أغسطس من كل... اقرأ المزيد

192

| 18 أغسطس 2025

alsharq إيطاليا تغرّم شركة ملابس صينية شهيرة مليون يورو.. ما حقيقة المواد المستخدمة؟

غرّمت هيئة مراقبة المنافسة الإيطالية، اليوم الإثنين، الجهة المسؤولة عن المواقع الإلكترونية في أوروبا لمجموعة شين للتجارة عبر... اقرأ المزيد

294

| 04 أغسطس 2025

alsharq مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء

في ظل العديد من التحديات العالمية المتصلة بالتغيرات المناخية، يبقى البحث عن مصادر جديدة لطاقة نظيفة ومستدامة مسعى... اقرأ المزيد

254

| 28 يوليو 2025

مساحة إعلانية