رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

128

 العمل الإنساني العالمي.. مفاهيم راسخة تمثل الضمير الحي للبشرية

18 أغسطس 2025 , 01:54م
alsharq
اليوم العالمي للعمل الإنساني
الدوحة - قنا

يعد اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008 ويُصادف 19 أغسطس من كل عام، مناسبة لتذكير البشرية بقيم العمل الإنساني وأهمية استحضارها دائما.

ويهدف هذا اليوم إلى تقدير جهود العاملين في المجال الإنساني الذين ينقذون الأرواح في أكثر الأماكن خطورة، ورفع الوعي العالمي حول القضايا الإنسانية ومعاناة المتضررين، إلى جانب الدعوة لدعم العمل الإنساني ماليا وسياسيا في ظل التحديات المتزايدة.

واختارت الأمم المتحدة شعارا لليوم العالمي للعمل الإنساني لعام 2025 بعنوان "تعزيز التضامن العالمي وتمكين المجتمعات المحلية"؛ بهدف توحيد الشركاء الإنسانيين في الدعوة إلى حماية وكرامة ورفاهية الأشخاص المتضررين من الأزمات، وضمان سلامة عمال الإغاثة.

وفي السياق، وفي ظل المعاناة الإنسانية المستمرة والمتنوعة التي تعيشها البشرية جراء ويلات الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية والفقر في عدد من مناطق العالم، يبقى العمل الإنساني شعلة الأمل التي لا تموت، تقدم العون لكل الضحايا. ويبقى عمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية يخاطرون بحياتهم في سبيل إنقاذ المحاصرين من دوائر الخطر أو تخفيف المعاناة عن الكثير ممن يحتاجها.  

وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أعداد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية حول العالم يزداد في كل عام، وتواجه العمليات الإنسانية جملة من التحديات مثل: انعدام الأمن، ونقص التمويل، والقيود السياسية والبيروقراطية، كما أنه يتم في بعض الأحيان استهداف العاملين الإنسانيين في مناطق النزاع المختلفة في ميدان العمل الإنساني حول العالم.

وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت منذ حلول العام الحالي نداء عاجلا لجمع ما يزيد عن 47 مليار دولار لمساعدة ما يقرب من 190 مليون شخص عبر 72 دولة حول العالم.

وحسب الأمم المتحدة، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج إلى 15.9 مليار دولار؛ وذلك لتلبية الاستجابة العاجلة والزيادات الكبيرة للتمويل المطلوب في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، وهو ما يمثل 34 في المائة من الحاجة العامة للعمل الإنساني العالمي.

وقد أدى تصاعد الأزمة في السودان إلى زيادة متطلبات التمويل في شرق وجنوب إفريقيا إلى 12 مليار دولار بعد وصول أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين إلى تشاد ودول أخرى، في حين تمثل الحاجة للتمويل في غرب ووسط إفريقيا 7.6 مليار دولار، فيما تظهر الحاجة في منطقة آسيا والمحيط الهادي في الوقت الراهن إلى 5.1 مليار دولار وبشكل خاص في ميانمار، في حين تحتاج أوروبا إلى 3.3 مليار دولار، لا سيما في أوكرانيا.

وفي هذا الإطار، تحدث توم فلاتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، عن العقبات التي تعترض العمل الإنساني على مستوى العالم، قائلا إن 400 مليون طفل يعيشون في مناطق النزاعات حول العالم، وأن طفلا من بين كل خمسة أطفال يفرون من هذه المناطق طلبا للنجاة، وغالبا ما تكون الفئات الضعيفة من النساء والفتيات هن الأكثر تضررا، وسط عدم كفاية الرعاية وتفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وأضاف أن العقل الإنساني لا يتصور إن تكون كل المعاناة الإنسانية التي نعايشها هي من صنع الإنسان، فالحروب في كل من غزة والسودان وأوكرانيا تتسم بضراوة القتال وشدته.

وفي الاتجاه ذاته، ومع استمرار وقوع الحروب والصراعات المسلحة، يصبح الملايين في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية والطبية، بينما يواجه عمال الإغاثة صعوبات بالغة في الوصول إلى المتضررين، مع أخطار عالية على سلامتهم. 

وقد انتهجت الأمم المتحدة الدبلوماسية الإنسانية كأداة رئيسية لتعزيز السلام والأمن والتنمية عبر الحوار والوساطة والتعاون الدولي، مع التركيز على حماية حقوق الإنسان وتطبيق المبادئ الإنسانية، التي تهدف إلى منع الصراعات وحل النزاعات سلميا، وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، وتعزيز التنمية المستدامة.

 

وتتجلى أهمية الدبلوماسية الإنسانية في العالم المعاصر من خلال دورها الحيوي في تعزيز العمل الإنساني، والاستجابة للاحتياجات الملحة للمجتمعات المتضررة، فهي تسهم في تيسير الوصول إلى المناطق المتأثرة، بما يفتح القنوات اللازمة لتقديم المساعدات الإنسانية، لا سيما في مناطق النزاعات والصراعات، وتعزز الاحترام للقانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين وضمان سلامة المساعدات أثناء النزاعات.

كما تعمل الدبلوماسية الإنسانية على بناء الثقة مع الفاعلين المحليين والدوليين لتسهيل التنسيق والتعاون في تقديم المساعدات بكفاءة، وتوفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني من الأخطار والاعتداءات عبر التفاوض والعمل مع الجهات المختلفة.

إضافة إلى ذلك، تعزز الدبلوماسية الإنسانية الاستجابة السريعة للأزمات من خلال وضع آليات فعالة للتدخل الطارئ، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات، ما يسهم في تحقيق استجابة أكثر تنظيما وفاعلية للأزمات العالمية وحماية حقوق المتضررين والعاملين في مجال الإغاثة.

وفي الإطار ذاته، قدمت دولة قطر جهودا متعاظمة في الدبلوماسية الإنسانية، مثل المساعدات الإنسانية الكبيرة في العديد من الأزمات حول العالم، مثل الأزمة في غزة والسودان وسوريا، وغيرها، كما لعبت قطر دورا مهما في الوساطة في العديد من النزاعات.

وكانت دولة قطر، قد وقعت اتفاقية مع الأمم المتحدة لإنشاء مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الدوحة، لتعزيز التعاون في مجال المساعدات الإنسانية. 

    ومن أنصع جهود الدبلوماسية الإنسانية الراقية ما يقدمه منتدى الدوحة، والذي يعد منبرا عالميا رائدا في تناول القضايا الدولية المعاصرة، وواحدة من أكبر المنصات الدولية للدبلوماسية والحوار والتنوع، حيث يجمع المنتدى سنويا نخبة من رؤساء الدول والحكومات، وصناع السياسات، وقادة الرأي، إلى جانب ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد المنتدى سنويا في الدوحة، بمشاركة محلية ودولية كبيرة، وتحدد اللجنة المنظمة للمنتدى شعارا سنويا لكل دورة من دوراته تندرج تحته العديد من موائد الحوار والنقاش والجلسات التي تخدم أهدافه، والتي تتركز في إطلاق حوار حول التحديات الحرجة التي تواجه العالم، وتعزيز تبادل الأفكار وصناعة السياسات وتقديم التوصيات القابلة للتطبيق.

    وقد أسهمت مخرجات منتدى الدوحة بنسخه كافة، في رسم الخطوط والمؤشرات وإعداد برامج العمل للتحركات الدبلوماسية الكفيلة بمعالجة المشاكل والتحديات المعاصرة، وتمهيد الأرضية والطريق لإيجاد أفضل الحلول للقضايا والأزمات التي تؤرق العالم وتهدد حياة الملايين؛ من أجل العبور بالبشرية إلى بر الأمان انطلاقا من الإيمان بأن مستقبل الإنسانية المشترك رهين بالاستقرار والأمن وحق الجميع في الوجود.

    وفي الاتجاه ذاته، يبذل الهلال الأحمر القطري جهودا مكثفة في مجال الدبلوماسية الإنسانية لتعزيز التعاون والتفاهم بين الدول والمنظمات الإنسانية العالمية، حيث يعتبر الهلال الأحمر القطري عضوا ناشطا في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، مما يساهم في تعزيز دوره الدبلوماسي من خلال الشراكات والاتفاقيات مع المنظمات الإنسانية الأخرى؛ بهدف تحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في المجتمعات المتضررة.

وذلك من خلال جملة من الأهداف؛ أهمها بناء قدرات الهلال في مجالات المناصرة والمفاوضات والدبلوماسية الإنسانية، وزيادة فرص الوصول إلى صانعي القرارات والتأثير والتعاون معهم لما هو في مصلحة المستضعفين باحترام المبادئ الإنسانية الأساسية، وتحديد القضايا الإنسانية المهمة وترتيبها حسب الأولوية، ووضع وتنفيذ خطط الدبلوماسية الإنسانية للقضايا الإنسانية المهمة، بحيث تتضمن الأهداف، والجمهور المستهدف، والشركاء، والرسائل الرئيسية والمواد الداعمة، إلى جانب إقامة تواصل فعال مع الجهات الفاعلة والمؤثرة للمناصرة، وحشد التأييد والدعم للقضايا الإنسانية.

وحسب الخبراء والمهتمين بمجالات العمل الإنساني، وفي ضوء التحديات العالمية المتزايدة، تظل الدبلوماسية الإنسانية أداة حيوية لا غنى عنها لدعم الاستقرار وتخفيف معاناة الناس، ويظهر الدور الشامل والمتعدد الأبعاد لها في تعزيز التعاون والتضامن لمواجهة الأزمات الإنسانية المتباينة، ويتطلب تحقيق هذا الهدف التزاما جماعيا من قبل الدول والمجتمعات والمنظمات الدولية والمحلية، فالتحديات الإنسانية لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا تعتبر ذكرى اليوم العالمي للعمل الإنساني مجرد احتفال، بل هو دعوة مفتوحة لتقدير الجهود الإنسانية حول العالم، ودعم من يهتمون ويقفون في الصفوف الأولى لمساعدة البشر في أشد لحظات ضعفهم وحاجتهم. 

مساحة إعلانية