رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

62937

القرضاوي: الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية ترغيبًا لها في الإسلام

27 يونيو 2016 , 12:35م
alsharq
الدوحة - الشرق

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة

المؤلف : د. يوسف القرضاوي

الحلقة : الثالثة والعشرون

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35)

إباحة الزواج من الكتابية

الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين( ) هو الإباحة.

فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. قال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة:5].

رأي ابن عمر وبعض المجتهدين:

وخالف في ذلك من الصحابة عبدالله بن عمر رضى الله عنهما، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين- يعني قوله تعالى: {لَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة:221]- ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: ربُّها عيسى. وهو عبد من عباد الله( )!

ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم، ولكن العبارات المرويَّة عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.

وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية( ) بما ذهب إليه ابن عمر استدلالًا بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ..}[البقرة:221]. وبقوله في سورة الممتحنة: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ..}[الممتحنة:10].

ترجيح رأي الجمهور:

والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات، وهي من أواخر ما نزل.

وأما قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ..}[البقرة:221]. وقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة:10]. فإما أن يقال: هذا عام خصَّصته سورة المائدة. أو يقال: إن كلمة (المشركات) لا تتناول أهل الكتاب أصلًا في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البينة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ..}[البينة:1]. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا..} [البينة:6].

وفي سورة الحج يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. }[الحج:17]. فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين. والمراد بـ(الكوافر) في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.

قيود تجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:

وإذن يكون الراجح ما بيَّناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحُسْن العشرة بين الفريقَيْن.

ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألَّا نغفلها:

القيد الأول: الاستيثاق من كونها (كتابية) بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة في الجملة بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.

ومن المعلوم في الغرب الآن أن ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيَّيْن تكون مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة، فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.

القيد الثاني: أن تكون عفيفة مُحصَنة، فإن الله لم يُبِحْ كل كتابية، بل قيَّد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة:5]. قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}[النساء:25]. وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوَّج من فتاةٍ تُسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.

وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال: ((وهو الأشبه، لئلَّا يجتمع فيها أن تكون ذِمِّية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصَّل زوجها على ما قيل في المثل: حَشَفًا وسوء كِيلَة!))( ).

وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلًا سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ((ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلًا. فليعمد إليها حَصَانًا (أي محصنة) غير مسافِحة. قال الرجل: وما المسافِحة!؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتَّبعته))( ).

ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًّا، كما تدل عليه كتابات الغربيِّين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف.. ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من ترائبها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.

القيد الثالث: ألَّا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم.

ولهذا فرَّق جماعة من الفقهاء بين الذميَّة والحربيَّة. فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية. وقد جاء هذا عن ابن عباس، فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ..}[التوبة:29]. فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يُعْطِ الجزية لم يحلَّ لنا نساؤه( ).

وقد ذُكر هذا القول لإبراهيم النخعي- أحد فقهاء الكوفة وأئمتها- فأعجبه( ). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد( ). وعن علي رضي الله عنه بنحوه( ).

وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد( ).

وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب، قال الشارح في (الروض النضير): ((والمراد بالكراهة: التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرِّموه، لعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة:5]. فغلَّبوا الكتاب على الدار))( ). يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.

ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا}[الفرقان:54]. فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قومٍ يحادُّونهم ويحاربونهم، وكيف يسوغ للمسلم أن يُصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلًا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم؟ وكيف يؤمن أن تطَّلِع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟

ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًّا له بقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22]. والزواج يوجب المودَّة، يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:21].

قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا؛ لأن قوله تعالى: { يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22] إنما يقع على أهل الحرب؛ لأنهم في حدٍّ غير حدِّنا( ).

يؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة:9].

وهل هناك تولٍّ لهؤلاء أكثر من أن يزوِّج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءًا من أسرته، بل العمود الفقري في الأسرة؟

استعمال المباحات كلها مقيَّد بعدم الضرر

لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوَّج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني؛ لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود.

وكل امرأة يهودية إنما هي جندية بروحها في جيش إسرائيل، إلا من كان منهم معاديا بوضوح لإسرائيل، ويرى أنها خطر على اليهود في العالم، ويصدرون النشرات والصحف المعلنة عن ذلك، كما رأينا بعضهم في لندن وفي قطر وفي عدد من البلاد، ويظهرون معلنين عن شخصيتهم في البرامج التليفزيونية المعروضة، كما في جماعة (حراس المدينة) أو (ناطوري كارتا).

القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر، محقَّق أو مرجَّح، فإن استعمال المباحات كلها مقيَّد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًّا مُنعت منعًا عامًّا، أو ضررًا خاصًّا منعت منعًا خاصًّا، وكلما عظُم الضرر تأكَّد المنع والتحريم، وقد قال r: "لا ضرر ولا ضرار"( ).

وهذا الحديث يمثِّل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع؛ لأنه وإن كان بلفظه حديث آحاد، إلا أنه مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمَّة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.

ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا.

مساحة إعلانية