رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي alsharq
المبعوثة الأمريكية رينا أميري: قطر داعمة حيوية لقضايا المرأة

أكدت رينا أميري، المبعوثة الأمريكية الخاصة لحقوق المرأة في أفغانستان، على أهمية الأدوار الحيوية التي تقوم بها دولة قطر لاسيما في ملف قضايا المرأة، مؤكدة أنها تشرفت بعقد عدة لقاءات في قطر مع نماذج مشرفة للمرأة الأفغانية، جنباً إلى جنب مع القادة والخبراء، حول الضرورة الأخلاقية والإستراتيجية للدفاع عن حقوق النساء والفتيات الأفغانيات، اللاتي يقفن في الخطوط الأمامية لنهضة ورفعة بلادهن بالكامل، واللاتي يحلمن بأن تكون خالية من الصراعات والتحديات الصعبة والأعباء الاقتصادية، لافتة إلى أهمية الأدوار القطرية موضحة أن قطر لعبت أدواراً مهمة في العديد من الملفات المرتبطة بالقضايا الرئيسية بالمشهد الأفغاني، مستعرضة أهمية المباحثات الدبلوماسية في الدوحة، والرؤية إزاء تحديات المشهد الأفغاني لاسيما في قضايا المرأة، والنظرة إلى المستقبل في أفغانستان، وضرورة تكثيف الجهود المشتركة لما يصبو لآمال الشعب الأفغاني المستحقة، مؤكدة على أهمية الأدوار الدبلوماسية المهمة التي لعبتها الدوحة والفعاليات الحيوية في تدعيم القضايا الأفغانية. امتنان وتقدير تقول المبعوثة الأمريكية الخاصة لحقوق المرأة في أفغانستان، رينا أميري: إنني ممتنة للغاية لما تقوم به قطر بالشراكة مع الأمم المتحدة على التحديات الأفغانية، عبر عقد مؤسسة التعليم فوق أجل الجميع لورشة عمل حيوية، شددت فيها القيادات النسائية الأفغانية وخبراء التعليم على أهمية التضامن الدولي ودعم التعليم على جميع المستويات للنساء والفتيات الأفغانيات، وتذكر أدوار الناشطات البارزات مثل زوليا بارسي، ومانيزا صديقي، ونيدا برواني، وباريسا أزادا، وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان، والتطلعات الأفغانية، ولفتت إلى أن الدوحة دائماً ما أدانت الخطوات بحق تعليم الفتيات، وتحدثت بالفعل مع القادة والفاعلين بشأن الملفات الحقوقية واستشعرت بالغ قلقهم إزاء ما يتعلق بتعليم وعمل المرأة في المشهد الأفغاني. منتدى الدوحة وأكدت رينا أميري في تصريحاتها لـ الشرق: إن الدوحة عقدت فعاليات مهمة لعبت بكل تأكيد دوراً في تسليط الضوء على قضايا المرأة الأفغانية، وحرصت قطر على عقد فعاليات مهمة لتكريم النماذج الرائدة للمرأة الأفغانية، واستضافة تجارب ناجحة في تحدي الصعاب ووضع بصمة حيوية رغم التحديات العديدة، وأطلقت برامج لتقديم جوائز تقديرية للمرأة ورعاية المواهب، وتقديم وجه آخر يجمع الموهبة والأمل، وتغير النظرة المشفقة على أفغانستان التي دمرتها الحروب والصراعات، عبر استعراض ورعاية هذه النماذج التي تبعث الأمل من جديد، ولقد سنحت لي الفرصة أكثر من مرة للتناقش مع مختلف الأطياف الأفغانية وبالفعل هناك نماذج مشجعة تستحق المراهنة عليها ودعمها وتشجيعها، ونشكر لقطر جهودها في استضافة وتكريم هذه النماذج المهمة، فالموهبة والطموح والقدرات المتطلعة للمستقبل تشكل جزءاً من النسيج الأفغاني من التمتع بروح المبادرة والأمل والمقاومة. لقاءات مهمة واختتمت رينا أميري تصريحاتها مؤكدة على أهمية اللقاءات والندوات والفعاليات التي تعقدها قطر والتي تمنح الفرصة لتبادل وجهات النظر، لافتة إلى أهمية اللقاءات التي جمعتها بالمسؤولين القطريين، حيث إن لقاءاتي مع القادة والمسؤولين في قطر ضمت تأكيدات واضحة حول تقديم الدعم الملموس للنساء والفتيات الأفغانيات في مجالات التعليم والتمكين الاقتصادي، وسبل تعزيز التعاون الإيجابي بيننا وتوجيهه إلى غايات دعم الصحة والتعليم والاقتصاد الأفغاني، وسنظل ندفع مرة تلو الأخرى في المحادثات من أجل دعم حقوق النساء والفتيات في التعليم، وتبني قضية تعليم الفتيات والنساء كقضية يجب التأكيد عليها كحق إنساني رئيسي، والدور المهم لتمكين المرأة في المشاركة السياسية والتمثيل المؤسسي والحكومي والانتخابي، وغيرها من القضايا التي سنواصل النقاش حولها والتأكيد عليها، ومحاولة إيجاد حلول مشتركة من أجل تحقيقها لا تعود بالضرر على الشعب الأفغاني نفسه الذي تكبد الكثير من المشقات في غضون النزاعات.

530

| 20 فبراير 2024

محليات alsharq
البرامج الانتخابية لمرشحات الشورى مطبوخة على نار هادئة

تشهد انتخابات مجلس الشورى في دورتها الأولى مشاركة 26 امرأة مرشحة، يتنافسن في 14 دائرة من بين الدوائر الـ 30 التي تجرى بها الانتخابات 2 أكتوبر المقبل، أمام 204 رجال، مما يشير إلى ثقة المرأة القطرية في قدرتها على عكس تطلعات وهموم المواطنين والمواطنات، عبر عضويتها في مجلس الشورى، وقدرتها على كسب ثقة الناخب من خلال برنامج انتخابي يتسم بالشمولية. وتضمنت البرامج الانتخابية للمرشحات محاور عديدة غطت معظم الملفات والقضايا التي تهم المجتمع، مع التركيز على القضايا المجتمعية، وقضايا الأسرة القطرية، بجانب إبراز بعد المشكلات التي تعاني منها المرأة مثل التوازن بين العمل والواجبات الأسرية، ودعم الأرامل والنساء المُعيلات لتحسين مستوى معيشتهن، وطرح الحلول اللازمة لحل مشكلات أبناء القطريات. * أهداف مشتركة ولم تتسم برامج المرشحات بطرح القضايا الفئوية فقط، وإنما شملت العديد من تلك البرامج على محاور تناقش العمل على رفع الإمكانيات والقدرات الصحية والتعليمية لخلق جيل قادر وواع بمتطلبات بناء الوطن، ودراسة القوانين ومراجعة القرارات وطرح المقترحات للارتقاء بكافة المؤسسات بالدولة بالربط فيما بينها، وتسهيل إتمام خدمات كافة أفراد المجتمع، بينما كان العامل المشترك بين العديد من البرامج الانتخابية محور حقوق الإنسان، واحترام الحريات بما لا يتنافى مع تقاليد الشريعة الإسلامية، تحت مظلة العدل والمساواة بتوفير مبدأ تكافؤ الفرص بناء على التقييم الجيد والشفاف للكفاءات، وتنمية السوق المحلي لزيادة فرص العمل للكوادر القطرية من حديثي التخرج. ومن المحاور المشتركة بالبرامج الانتخابية للمرشحات ايضاً إيجاد الآليات اللازمة لتوفير السكن لجميع مستحقيه وتحقيق المناخ المناسب للشباب، في بدء حياتهم لتكوين أسر تنعم بالاستقرار، بما يزيد المواطنة ويقلل دواعي الطلاق، ومساندة المرأة القطرية في سد احتياجاتها واحتياجات من تعول لخلق جيل متوازن. * تطلعات مستقبلية كما قدمت مرشحات مجلس الشورى رؤاهم وتطلعاتهم المستقبلية للعديد من القضايا التي تلامس الشارع القطري، وقد أجمعن على أهمية دعم وتطوير منظومة الشؤون المعيشية والاجتماعية. وقد تبنت المرشحات العديد من القضايا الوطنية التي تمس حياة المواطن بشكل عام وأكدن على أهمية دعم التعليم والتركيز على جودة المخرجات ومكافحة الغلاء والتضخم وتنمية الأمن الغذائي وشددن على أهمية دعم حقوق المتقاعدين والمساهمة في زيادة تمكين المرأة. وقد شددت المرشحات من خلال برامجهن الانتخابية على تحقيق الريادة في العمل الديمقراطي المؤسسي وتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لجميع أبناء الوطن وفق اعلى المعايير الديمقراطية والعدالة في العالم. وقد أجمعن على أهمية ترسيخ معاني الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب القطري والحفاظ على ثوابت وعادات وتقاليد الشعب القطري والهوية الوطنية وتعزيز استقلال الوطن على كل المستويات والحرص على أمنه واستقراره إلى جانب الحفاظ على مكتسبات التنمية الشاملة للبلاد وتعزيزها وتطويرها في إطار العدالة الاجتماعية وتعزيز دور المرأة والشباب في تحمل مسؤولياتهم في مختلف القضايا الوطنية وتحقيق حقوقهم وفق الدستور والقانون وتعزيز دور قطر الريادي في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين. * طموحات المواطنين وحرصت البرامج الانتخابية التي قدمتها المرشحات أيضاً على دعم العديد من القضايا وتبنيها بشكل كبير وخاصة التي تصب في صالح خدمة الوطن. وقد تطلعت المرشحات إلى قانون جديد للتقاعد يصب في مصلحة المتقاعدين ويلبي طموحاتهم وآمالهم ويؤمن لهم حياة كريمة. وشددت البرامج على أهمية إشراك المواطن في السلطة التشريعية وخاصة أن مجلس الشورى المنتخب يتولى سلطة التشريع ويقر الموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على السلطة التنفيذية. كما أن معظم البرامج الانتخابية مستمدة من رؤية قطر 2030 والقائمة على سمات محددة تحتوي على التنمية بأبعادها البشرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتعالج تحديات القطاع الصحي والاهتمام بشرائح الشباب والمرأة والمتقاعدين ومعالجة أوضاع أبناء القطريات بما يكفل لهم حقوق المواطنة والمساواة الاجتماعية وتفعيل القانون الخاص بنظام الإسكان فيما يتعلق بالأرامل والمطلقات وسن التشريعات وتعزيز قدرات المرأة وتمكينها من المشاركة في تقدم وتطور الدولة وتعزيز الخدمات المقدمة للأطفال التوحد. كما أكدت البرامج الانتخابية على أهمية إيجاد فرص وظيفية للشباب وإيجاد آلية واضحة لربط احتياجات سوق العمل مع مخرجات التعليم والحفاظ على الموروث القطري وتطوير القوانيين ومناقشة الموازنة العامة. * خبرات متنوعة وتتنوع خبرات المرشحات لانتخابات مجلس الشورى ما بين محاميات، ومعلمات، وطبيبات، وأساتذة جامعيين، وقياديات في عدد من المؤسسات العامة والخاصة، مما يشير إلى وجود كفاءات نسائية على قدر كبير من الخبرة يخضن غمار الانتخابات، متسلحات بعلمهن ومكانتهن المجتمعية، وقدرتهن على إيصال رسالتهن إلى الناخب لكسب تأييده، مما يجعلهن نداً قوياً للرجال في الدوائر التي يتنافسن فيها خلال الانتخابات يوم 2 اكتوبر المقبل. وشاركت المرأة القطرية في مجلس الشورى أول مرة منذ تأسيسه عام 2017، حيث عيّن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، 28 عضواً جديداً من بينهم 4 سيدات وهن: حصة سلطان جابر محمد الجابر، وعائشة يوسف عمر الحمد المناعي، وهند عبد الرحمن محمد مبارك المفتاح، وريم محمد راشد الحمودي المنصوري، مما يدل على مكانة المرأة في المجتمع والحياة السياسية، وثقة القيادة الرشيدة في المرأة على كافة الأصعدة.

6091

| 28 سبتمبر 2021

ثقافة وفنون alsharq
قضايا المرأة على لوحات معرض (النسوية هي صوت)

40 لوحة متنوعة لـ ( 12) فنانة محلية ودولية فهد العبيدلي: المعرض يقدم تفسيراً متعدد الأصوات من خلال الفن المعاصر د.عائشة المالكي: المعرض منصة للنساء الناجحات عبر الفن الفنانات القطريات لـ (الشرق): الأعمال المشاركة تجسد رؤى فنية متعددة يُقدم معرض النِسْويّة هي صوت، الذي دشن مساء أمس، تفسيراً متعدد الأصوات النسوية من خلال الفن المعاصر، حيث يعالج المعرض المفاهيم المتعلقة بالمرأة في إطار تصورات حرفية أو مجازية، وذلك بمشاركة( 12) فنانة محلية ودولية، بفندق دبليو الدوحة ART29.. ويضم المعرض- الذي يستمر حتى 20 نوفمبر المقبل - أكثر من (40) قطعة تتنوع بين اللوحات القماشية والخط والتصوير الفوتوغرافي، إذ تعرض مجموعة النساء الموهوبات - 9 منهن قطريتان و 3 من جميع أنحاء العالم العربي - مؤلفاتهما المثيرة التي تمثل كل من رحلاتهن الشخصية. (أصوات نسوية) وقد أوضح الفنان القطري فهد العبيدلي، القيم على المعرض لـ (الشرق)، أن المجموعة المشاركة في المعرض ستعرض الأثر النسبي للنسوية على الفن المعاصر وستقدم تفسيراً متعدد الأصوات من خلال الفن المعاصر، لافتاً إلى أن المعرض يبرز الفنانات الإناث اللواتي يرغبن في خلق حوار بين المشاهد والأعمال الفنية. وأشار العبيدلي إلى أن المعرض ليس مجرد منصة لتمكين النساء بمفردهن، بل أيضاً منصة لتمكين الإبداع من خلال فنانين آخرين في قطر، مؤكداً على أهمية المعرض في تسليط الضوء على قضايا المرأة في المجتمع، وذلك عبر أعمال فنية مبتكرة.. كما وأوضح أن المعرض يهدف إلى معالجة فكرة أنه لا توجد حدود في الفن، وأنه على الرغم من أن النساء ينحدرن من خلفيات وأسر مختلفة، إلا أن حبهن للفن هو الخيط المشترك الذي يجمعهم معاً. (الفن والمرأة) وفي تعليقها على رحلتها الشخصية عبر الفن، قالت الدكتورة عائشة المالكي: النسوية هي صوت و ART29 هي المنصة المثالية لمشاركة رؤيتي الفنية لمجتمع الفن المحلي في قطر، مستوحاة من بلدي من العديد من النساء الناجحات في حياتي - بما في ذلك أمي - ذكرياتهم وقصصهم، آمل أن ينتج عملي روابط قوية بين المشاهدين الذين يزورون المعرض، إنه بالتأكيد مكان لمشاركة القصص والتواصل مع الآخرين. الفنانة القطرية سمية الكيلاني قالت: لطالما كنت شغوفة بالفن في صورة سريالية لأنها تمكنني من تصوير أفكاري ورؤيتي من خلال لوحاتي، هدفي إعادة اختراع أفكاري الخاصة وتحويلها إلى فن، وكان من دواعي سروري الحقيقي بالنسبة لي كفنان أن أقدم قصتي للمجتمع المحلي من خلال هذا المعرض، وآمل أن يستغل الزوار الوقت لعرض جميع المؤلفات المعروضة لأنها لا ينبغي تفويتها. (فكرة جديدة) وتحدثت الفنانة عبير الكواري لـ الشرق عن مشاركتها في المعرض قائلة ما يميز هذا المعرض أنه يركز على الصوت النسائي من خلال أعمال فنية تناول العديد من القضايا المتعلقة بالمرأة في المجتمع، والحقيقة أنا سعيدة جداً بهذه المشاركة، عبر تقديم (3) صور فوتوغرافية، تتحدث عن بعض اهتمامات المرأة في حياتها، لافتة إلى أن صورها جاءت من عناصر البيئة المحلية، وهي ترمز إلى أفكار المرأة والقرارات التي تتخذها في حياتها وقد تكون صعبة بعضها. الفنانة القطرية سارة البوعنين أوضحت لـ (الشرق) بأنها تشارك في المعرض بـ (3) أعمال فنية جديدة-رسم ديجتال- حيث تسلط هذه الأعمال الضوء على المرأة في المجتمع، وما تحققها من إنجازات في ظل الصعوبات التي قد تواجهها، مشيرة إلى أن المعرض فكرته جديدة، وسوف يسهم بشكل كبير في دعم الفنانات القطرية والوصول بأصواتهن إلى العالم. (الفن المعاصر) وتشارك الفنانة شيخه الحردان لـ الشرق، بـ (5) أعمال فنية، وتعد هذه المشاركة هي الأولى لها في معرض فني، وقالت لـ (الشرق) مشاركتي في هذا المعرض بمثابة نقلة نوعية في حياتي الفنية، حيث أنني لأول مرة أشارك في معرض فني، يحتضن عدد كبير من الفنانات المبدعات في قطر وخارجها، لافتة إلى أن أعمالها الفنية عبارة عن أوراق مطبوعة بتصاميم بصرية مبتكرة. الفنانة التشكيلية مريم يوسف الحميد أوضحت لـ (الشرق) أنها تشارك بعمل فني واحد وهو عمل ثلاثي الأبعاد، يتكلم بشكل عام عن علاقة المرأة بمن حولها، وما قد يواجهها من استغلال بسبب طيبتها لكون المرأة عاطفية، تحكمها قلبها، مشيرة إلى أنها شاركت في العديد من المعارض الداخلية والخارجية، وأن هذا المعرض فكرته جديدة، يسلط على قضايا المرأة. السفير الإيطالي لـ (الشرق): إبراز قضايا المرأة عن طريق الفن تجربة ثرية أوضح سعادة السيد باسكال سالزانو، سفير الجمهورية الإيطالية لدى الدولة في تصريحات خاصة لـ (الشرق)، أن المعرض يتناول رسالة في غاية الأهمية، رسالة في المرأة في العالم، لافتاً إلى أن إبراز القضايا المتعلقة بالمرأة عن طريق الفن، تجربة فريدة ومتميزة. وقال قضية المرأة في العالم هي قضية واحدة، ولكن طرح هذه القضية من جيل إلى آخر تختلف، ومن هنا يأتي دور الفنون في تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالمرأة، مشيراً إلى أن المرأة هي قلب الحضارة، وعمود العائلة، وأن هذا المعرض يحتفي بدور المرأة في المجتمع عبر أعمال فنية مبدعة ومبتكرة. كما وأوضح سعادته أن هناك تشابها كبيرا بين المرأة القطرية والمرأة الإيطالية في اهتمامهن بالعائلة، وجعلها المحور الأساسي في حياتهن.

4458

| 21 أكتوبر 2018

ثقافة وفنون alsharq
الفاضل: الإعلام يكسب الجمهور بمواكبة التكنولوجيا

شاركت المذيعة شايعة الفاضل في ندوة الإعلام وقضايا المرأة .. الواقع والتطلعات" والتي نظمتها لجنة شؤون الصحفيات بجمعية الصحفيين العمانية وذلك بمحافظة ظفار، إذ طرحت فيها العديد من المحاور عبر جلساتها، وتركزت أغلبها في دور الإعلام التقليدي والجديد في طرح قضايا المرأة . وأشارت شايعة الفاضل، المذيعة بإذاعة صوت الخليج في ورقتها إلى أن المجتمع لابد أن يعزز دور المرأة أيضا، مؤكدة أن الإعلام التقليدي لابد من أن يحدد احتياجات جمهوره حتى يستطيع تقديم ما يلبي اهتماماتهم.وأضافت الفاضل أن الإعلام التقليدي لابد أن يواكب التطورات التكنولوجية حتى يكسب جمهوره ولا يفقدهم، بل لابد أن تستخدم الإعلام الجديد في الاحتفاظ بجمهورها، وذلك عن طريق عرض إعلانات البرامج الإذاعية والتلفزيونية – على سبيل المثال- في شبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن طرح استبيانات في تلك الشبكات، لتقييم بعض البرامج التلفزيونية. بينما أشارت منال الجاسم، مذيعة في قناة المجلس بدولة الكويت أن الإعلام الكويتي اهتم في الفترة الأخيرة بمظهر المرأة وجمالها أكثر من اهتمامه بطرح مشكلاتها الحقيقية.أما فيما يتعلق بدور الإعلام الجديد، فقد أكدت سلمى الحجرية عضوة في اللجنة الوطنية للشباب أن أغلب الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي لهم هدف محدد لتواجدهم في هذه الشبكات، ويسعون إلى إيصال رسالة معينة، مشيرة إلى شريفة البرعمية التي تبذل جهودا في دعم رواد الأعمال، وتقدم عبر تواجدها في حساباتها المختلفة مواد تثقيفية وتوعوية لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وكانت الحلقة قد أوصت على ضرورة تفعيل دور الإعلام في التوعية بالتشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة، وتحديد استراتيجية واضحة الرؤية والأهداف لطرح قضايا المرأة في الإعلام الجديد، ورفع الوعي المجتمعي بما يدفع الإعلام في تناول وطرح مختلف قضايا المرأة ، وتوجيه المرأة في تفعيل حساباتها الشخصية عبر الشبكات الاجتماعية لخدمة قضاياها، وتجويد المحتوى الإعلامي المطروح حول قضايا المرأة والأسرة. فضلا عن تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، والمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص بأهمية دعم مبادرات المرأة العمانية، ومتابعة قضايا المرأة.يذكر أن حلقة العمل التي استمرت على مدار يومين، هدفت إلى الوقوف على واقع الإعلام العماني في تناوله لقضايا المرأة، فضلا عن التعرف على واقع الحقوق والمسؤوليات المرتبطة بقضايا المرأة في القوانين المحلية والدولية، والاقتراب من واقع المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، ودورها في دعم مبادرات المرأة، إضافة إلى استعراض أبرز التجارب المحلية والخليجية للإعلام الجديد في تناول قضايا المرأة.

1507

| 29 أغسطس 2017

محليات alsharq
شايعة الفاضل تمثل قطر في ندوة الإعلام بسلطنة عمان

شاركت الاعلامية شايعة الفاضل باذاعة صوت الخليج في ندوة " الإعلام وقضايا المرأة الواقع والتطلعات " التي نظمتها لجنة شؤون الصحفيات بجمعية الصحفيين العمانية في محافظة ظفار بمشاركة عدد من الشخصيات الإعلامية العمانية والخليجية والتي تطرحت من خلال جلساتها المتنوعة عددا من المحاور التي ناقشت دور الإعلام في تناول قضايا المرأة ، وحقوق المرأة في القوانين الدولية ، كما عرضت الإعلاميات المشاركات أبرز التجارب الخليجية في دور الإعلام الجديد بمنصاته المختلفة في تناول قضايا المرأة ، وحضور المرأة الفاعل والإيجابي عبر هذه المساحات التفاعلية.وعن تنظيم هذه الفعالية أشارت أمل نت طالب الجهورية المشرفة على لجنة شؤون الصحفيات بسلطنة عمان يأتي تنفيذ حلقة العمل "الإعلام وقضايا المرأة الواقع والتطلعات" ترجمة لأهداف لجنة شؤون الصحفيات بجمعية الصحفيين العمانية، المتمثلة في العناية بقضايا المرأة ، وتعزيز دور الإعلاميات في هذا الجانب ؛ كما أنها تعد استكمالاً لعدد من حلقات العمل والجلسات الحوارية التي نفذتها اللجنة. وناقشت حلقة العمل خلال جلساتها الحوارية لمدة يومين عددا من القضايا المرتبطة بالمرأة والإعلام من أجل الوقوف على الصورة العامة لدور الإعلام الخليجي بشكل عام والإعلام العماني خصوصا في تناوله لقضايا المرأة ، ودعم نجاحاتها ، هذا إضافة إلى دور الإعلام الجديد بمنصاته المختلفة في دعم المرأة وتعزيز دورها التنموي، ومشاركتها الوطنية من خلال استعراض عدد من التجارب المحلية والخليجية في هذا الجانب. وستقف حلقة العمل على موضوع قضايا المرأة بين الحقوق والمسؤوليات مستعرضة دور القوانين المحلية والدولية في توضيح هذا الجانب ، ودور اللجنة العمانية لحقوق الإنسان في متابعة قضايا المرأة بالسلطنة ، وستقترب حلقة العمل من واقع المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، ودورها في دعم مبادرات المرأة، هذا إضافة إلى التعرف على بعض الأفكار المجيدة والدراسات التي تناولت قضايا المرأة ، من أجل الوصول إلى توصيات من شأنها تعزيز الدور الإعلامي في تناول قضايا المرأة ودعمه لمبادراتها المختلفة.

4635

| 23 أغسطس 2017

منوعات alsharq
مؤتمر للنساء المسلمات في مدينة كالكاري في كندا

استضافت مدينة كالكاري المؤتمر الإسلامي لنساء أمريكا الشمالية وكندا للعام الثالث على التوالي حيث تناقش فيه الحاضرات القضايا التي تخص المرأة بشكل عام في أمريكا وكندا وقضايا المرأة المسلمة في هذين البلدين بشكل خاص . المؤتمر يختار سنويا عددا من النساء المسلمات في كندا واللائي كان لهن حضور متميز في خدمة مجتمعهن الكندي وأيضا خدمة النساء والقضايا المتعلقة بهن كنساء مسلمات في مجتمع كندا , وقد تم ترشيح 6 سيدات مسلمات لجائزة هذا العام لمن لهن اسهامات مميزة في المجتمع الكندي وقد حازت السيدة شيماء صفوت رئيسة مؤسسة One Nation على جائزة هذا العام . اهم ما قدمته One Nation تقول السيدة شيماء صفوت الفائزة بجائزة هذا العام لـ"الشرق" , اهم ما قدمته المؤسسة هذا العام للمجتمع الكندي هو العمل على كسر الحواجز بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع الكندي , التعريف بالإسلام وصورته الحقيقة بأنه دين محبة وسلام وليس كما يتصوره البعض ومحاولة تصحيح الصورة المغلوطة عما يطرح عن الاسلام والمسلمين في المجتمع الغربي وأيضا بيان دور المسلمة وكيف انها عنصر فاعل في خدمة وبناء المجتمعات التي تعيش بها , وان الحجاب لا يمنع المرأة المسلمة من اداء دورها الايجابي في بناء مجتمعها وتطويره . ام المؤمنين السيدة عائشة تقول شيماء في كل سنة يتم اختيار شخصية تاريخية كان لها دورها المميز في التاريخ الاسلامي وفي حياة المسلمين , وقد تم اختيار شخصية ام المؤمنين السيدة عائشة زوجة النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) لمعرفة دورها في التاريخ الاسلامي وما قدمته من عمل في خدمة الاسلام والمسلمين . تحفيز المسلمات تختم شيماء حديثها بالتأكيد على ان مثل هذه المؤتمرات تحث النساء المسلمات في كندا على بذل الجهود لإعطاء صورة ايجابية عن المرأة المسلمة وكيف يمكنها ان تضع لها بصمة مميزة في خدمة مجتمعها وما يجب ان تكون عليه المرأة من ايجابية تعطي للمجتمع الكندي صورة وضاءة عن المرأة المسلمة حيث تم شرح لكل انجاز قدمته النساء الست المرشحات للجائزة وكيف ساهمن في خدمة مجتمعهن الكندي والمسلم .

1672

| 19 يناير 2017

محليات alsharq
القرضاوي: تكريم المرأة بأن تكون هي المطلوبة لا الطالبة وراء شرعية المهر

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف: د. يوسف القرضاوي الحلقة: السابعة والعشرون الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21). فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35) * ما يترتب على عقد الزواج الصحيح رتب الشرع على عقد النكاح الصحيح، عدة أمور بعضها يكون بمجرد العقد، وبعضها يجب بالبناء بالزوجة: 1- ثبوت حرمة المصاهرة: فيحرم على الزوج بمجرد العقد أم زوجته وإن علت على التأبيد، سواء دخل بها، أم لم يدخل بها، وسواء طلقها قبل الدخول أم توفيت قبل الدخول، وكذا يحرم عليه أن يجمع بينها وبين عمتها وخالتها حتى تموت أو يطلقها، وكذا يحرم على الزوجة المعقود عليها أصول العاقد وفروعه، لكن لا تحرم بنت المعقود عليها إلا بالدخول بالأم لقوله تعالى في آية المحرمات: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}[النساء:23]. وقد فصلنا القول في ذلك في أثناء حديثنا عن المحرمات من النساء. 2- المهر: المهر أو الصداق، وهو ما يعطى من الرجل للمرأة عند الزواج ثابت بالكتاب والسنة وبالإجماع، استقر العمل عليه، وعرفه الخاص والعام من أبناء المسلمين فأصبح من المعلوم من الدين بالضرورة. أما الكتاب فقوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء:24]. وقال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء:4]. وأما السنة، فلحديث المرأة التي وهبت نفسها للنبي، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجةٌ فزوِّجنِيها. فقال: "فهل عندك من شيء؟". فقال: لا والله يا رسول الله. فقال: "اذهب إلى أهلِك فانظر: هل تجِدُ شيئًا؟". فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله، ما وجدت شيئًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظُرْ ولو خاتَمًا من حديد". فذهب، ثم رجع فقال: "لا، والله يا رسول الله، ولا خاتَمًا من حديد، ولكن هذا إزاري، فلها نصفه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تصنع بإزارك؟ إن لَبِستَهُ لم يكن عليها منه شيء، وإن لبِسَتْهُ لم يكن عليك منه شيء". فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا، فأمر به فَدُعِيَ، فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟". قال: معي سورة كذا، وسورة كذا - عَدَّدها - قال: "تقرؤهنَّ عن ظهر قلبك؟". قال: نعم. قال: "اذهب، فقد ملَّكْتُكَها بما معك من القرآن"( ). وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا على مشروعية الصداق. ولا يحل للزوج أن يمطل زوجتها مهرها إذا طلبته، أو يسترده منها- كله أو بعضه- بعد دفعه لها، قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء:20، 21]. إلا أن تختلع هي من غير مضارة من الزوج، لقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة:229]. فإذا تنازلت له عن شيء منه راضية غير مكرهة فلا بأس بأخذه، لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، وإذا رضي الزوج بالزيادة على ما تراضيا عليه فلا حرج في ذلك. قال تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}. والحكمة من وراء شرعية هذا المهر عدة أمور: أ‌- تكريم المرأة بأن تكون هي المطلوبة لا الطالبة، والتي يسعى إليها الرجل لا التي تسعى إلى الرجل، فهو الذي يطلب ويسعى ويبذل، على عكس الأمم التي تُكلِّف المرأة أن تبذل هي للرجل من مالها، أو مال أهلها، حتى يقبل الزواج منها. وهذا عند الهنود وغيرهم، حتى إن المسلمين في باكستان والهند ما زال فيهم رواسب من هذه الجاهلية الهندوسية إلى اليوم، مما يكلف المرأة وأهلها شططًا، ويرهقهم عسرًا، إلى حد أن بعض الأسر تبيع ما تملك لتزوج بناتها، ويا ويل أبي البنات الفقير، وأم البنات الأرملة المسكينة! ب‌- إظهار الرجل رغبته في المرأة ومودته لها، فهو يعطيها هذا المال نحلة منه، أي عطية وهدية وهبة منه، لا ثمنًا للمرأة كما يقول المتقولون.. وفي ذلك يقول القرآن بصريح العبارة: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}[النساء:4]. ج‌- الإشعار بالجدية، فالزواج ليس ملهاة يتسلى بها الرجال، فيتزوج الرجل المرأة ويربطها به، ثم لا يلبث أن يدعها ليجد أخرى.. وهكذا. وقد اتفق الفقهاء على وجوب المهر كاملًا للمدخول بها، فإذا لم يسم لها مهرا فلها مهر المثل إن تنازعا، أو مهر المثل إن اتفقا على ذلك. ويجب للمعقود عليها نصف المهر المُسمَّى إن طلقت قبل الدخول لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة:237]. والمتوفى عنها قبل الدخول لها المهر كاملا، بالإجماع، تستحقه من تركته بعد تجهيزه وقبل تقسيم الميراث؛ لأنه دين. أما إذا لم يسم المهر في عقد الزواج( )، وطلقت المرأة، أو توفي عنها زوجها، فما يكون لها؟ اتفق الفقهاء على أنها إن طُلِّقت ليس لها إلا المتعة لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}[البقرة:236]. على خلاف بينهم في وجوبها، فإلى الوجوب ذهب جمهور الفقهاء؛ لأن الأمر يقتضي الوجوب، ولا يعارضه قوله {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} لأن أداء الواجب من الإحسان، ولأن المفوضة لم يجب لها شيء فتجب لها المتعة للإيحاش، وإلى الندب ذهب المالكية، وهو القديم عند الشافعية، لقوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} قالوا: ولو كانت واجبة لم يخص بها المحسنون دون غيرهم، والحقيقة أن المحسنين يراد بهم المؤمنون، الذين يحرصون على الإحسان ما استطاعوا. أما موته عنها قبل الدخول، فذهب الجمهور إلى أنه إن مات الزوج عن المفوضة قبل الدخول، فلها مهر مثلها، لحديث عبد الله بن مسعود، في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق، فقال: لها الصداق كاملا، وعليها العدة، ولها الميراث. فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت- وكان زوجها مات ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا- فجعل لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط ( ). وذهب المالكية إلى: أنه لا صداق لها وإن ثبت لها الميراث( ). 3- التوراث بين الزوجين: رتب الإسلام على مجرد عقد النكاح الصحيح التوارث بين الزوجين، قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:12] فللزوج نصف تركة زوجته المتوفاة إن لم يكن لها ولد ذكرا كان أو أنثى، فإذا كان لها ولد كان للزوج الربع، وللزوجة الربع من تركة زوجها إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد فلها الثمن، وسواء في ذلك كون الوفاة قبل الدخول أو بعده. 4- عدة الوفاة: فتجب العدة على المتوفَّى عنها قبل الدخول وبعده، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة:234]. ولم يقيده بدخول ولا غيره، أما عدة المطلقة فلا تجب إلا بالدخول، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:49].

6353

| 01 يوليو 2016

محليات alsharq
القرضاوي: الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية ترغيبًا لها في الإسلام

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف : د. يوسف القرضاوي الحلقة : الثالثة والعشرون الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21). فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35) إباحة الزواج من الكتابية الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين( ) هو الإباحة. فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. قال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة:5]. رأي ابن عمر وبعض المجتهدين: وخالف في ذلك من الصحابة عبدالله بن عمر رضى الله عنهما، فلم ير الزواج من الكتابية مباحًا، فقد روى عنه البخاري: أنه كان إذا سُئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين- يعني قوله تعالى: {لَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة:221]- ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول: ربُّها عيسى. وهو عبد من عباد الله( )! ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم، ولكن العبارات المرويَّة عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية. وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية( ) بما ذهب إليه ابن عمر استدلالًا بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ..}[البقرة:221]. وبقوله في سورة الممتحنة: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ..}[الممتحنة:10]. ترجيح رأي الجمهور: والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات، وهي من أواخر ما نزل. وأما قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ..}[البقرة:221]. وقوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة:10]. فإما أن يقال: هذا عام خصَّصته سورة المائدة. أو يقال: إن كلمة (المشركات) لا تتناول أهل الكتاب أصلًا في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البينة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ..}[البينة:1]. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا..} [البينة:6]. وفي سورة الحج يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. }[الحج:17]. فجعل الذين أشركوا صنفًا متميزًا عن باقي الأصناف، ويعني بهم الوثنيين. والمراد بـ(الكوافر) في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة. قيود تجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية: وإذن يكون الراجح ما بيَّناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحُسْن العشرة بين الفريقَيْن. ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألَّا نغفلها: القيد الأول: الاستيثاق من كونها (كتابية) بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة في الجملة بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء. ومن المعلوم في الغرب الآن أن ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيَّيْن تكون مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة، فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها. القيد الثاني: أن تكون عفيفة مُحصَنة، فإن الله لم يُبِحْ كل كتابية، بل قيَّد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة:5]. قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}[النساء:25]. وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوَّج من فتاةٍ تُسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات. وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأى الجمهور، وقال: ((وهو الأشبه، لئلَّا يجتمع فيها أن تكون ذِمِّية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصَّل زوجها على ما قيل في المثل: حَشَفًا وسوء كِيلَة!))( ). وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلًا سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ((ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلًا. فليعمد إليها حَصَانًا (أي محصنة) غير مسافِحة. قال الرجل: وما المسافِحة!؟ قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتَّبعته))( ). ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئًا نادرًا بل شاذًّا، كما تدل عليه كتابات الغربيِّين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف.. ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تُعيَّر من ترائبها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها. القيد الثالث: ألَّا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم. ولهذا فرَّق جماعة من الفقهاء بين الذميَّة والحربيَّة. فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية. وقد جاء هذا عن ابن عباس، فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ..}[التوبة:29]. فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يُعْطِ الجزية لم يحلَّ لنا نساؤه( ). وقد ذُكر هذا القول لإبراهيم النخعي- أحد فقهاء الكوفة وأئمتها- فأعجبه( ). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد( ). وعن علي رضي الله عنه بنحوه( ). وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد( ). وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب، قال الشارح في (الروض النضير): ((والمراد بالكراهة: التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرِّموه، لعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة:5]. فغلَّبوا الكتاب على الدار))( ). يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب. ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا}[الفرقان:54]. فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قومٍ يحادُّونهم ويحاربونهم، وكيف يسوغ للمسلم أن يُصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلًا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم؟ وكيف يؤمن أن تطَّلِع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟ ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًّا له بقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22]. والزواج يوجب المودَّة، يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:21]. قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا؛ لأن قوله تعالى: { يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22] إنما يقع على أهل الحرب؛ لأنهم في حدٍّ غير حدِّنا( ). يؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة:9]. وهل هناك تولٍّ لهؤلاء أكثر من أن يزوِّج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءًا من أسرته، بل العمود الفقري في الأسرة؟ استعمال المباحات كلها مقيَّد بعدم الضرر لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوَّج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني؛ لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود. وكل امرأة يهودية إنما هي جندية بروحها في جيش إسرائيل، إلا من كان منهم معاديا بوضوح لإسرائيل، ويرى أنها خطر على اليهود في العالم، ويصدرون النشرات والصحف المعلنة عن ذلك، كما رأينا بعضهم في لندن وفي قطر وفي عدد من البلاد، ويظهرون معلنين عن شخصيتهم في البرامج التليفزيونية المعروضة، كما في جماعة (حراس المدينة) أو (ناطوري كارتا). القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر، محقَّق أو مرجَّح، فإن استعمال المباحات كلها مقيَّد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًّا مُنعت منعًا عامًّا، أو ضررًا خاصًّا منعت منعًا خاصًّا، وكلما عظُم الضرر تأكَّد المنع والتحريم، وقد قال r: "لا ضرر ولا ضرار"( ). وهذا الحديث يمثِّل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع؛ لأنه وإن كان بلفظه حديث آحاد، إلا أنه مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمَّة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع. ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررًا معينًا.

62923

| 27 يونيو 2016

محليات alsharq
القرضاوي: حرمة الرضاع تثبت بين زوج المرضعة والرضيع ذكرا أو أنثى

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف: د. يوسف القرضاوي الحلقة : التاسعة عشر الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أَولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته، وقد جعل القرآن تكوين الأسر سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به، ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).. فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل؛ يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معاً، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعِّبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم واحتفالات الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".. "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". والزواج إذ يُيَسِّر أسباب الحلال يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35). الرضاع من جهة زوج المرضعة أو ما يسمى (لبن الفحل): أجمعت الأمة على ثبوت محرمية الرضاع بين الرضيع- ذكرًا كان أو أنثى- وبين مرضعته، إذا تحقق الرضاع بأوصافه وشروطه في مدته الموقوتة، فهي تصير له أمًّا، ويصير ابنها، وبهذه البنوة الرضاعية يحرم عليه زواجها حرمة مؤبَّدة، ويحل له النظر إليها، والخلوة بها، والمسافَرة بها، ولكن لا تترتب على هذه البنوة الرضاعية أحكام الأمومة من كل وجه، فلا يتوارثان، ولا يتحمل الدية عنها، ولا يسقط عنها القصاص لو قتلته.. إلخ، فهما كالأجنبيَّيْن في هذه الأحكام . وأجمعت الأمة كذلك على انتشار المحرمية بين المرضعة وأولاد الرضيع، وبين الرضيع وأولاد المرضعة، وأنه من ذلك كولدها من النسب . وأما زوج المرأة المرضعة- الذي كان اللبن بسبب حملها وولادتها منه- ففي شأنه خلاف كبير وقديم منذ عهد الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ومَنْ بعدهم، وهي المسألة التي يعبِّرون عنها في الفقه بعنوان (لبن الفحل)، أي: لبن الرجل الذي منه كان الحمل والولادة، وبالتالي الإرضاع: هل تثبت الحرمة من جهته، وتنتشر كما ثبتت وانتشرت من جهة المرأة أو لا؟ في هذه القضية أربعة مذاهب، ترويها كتب الآثار والفقه المقارن: 1ـ مذهب من يحرِّم بلبن الفحل: مذهب الأئمة الأربعة، بل المذاهب الثمانية المعروفة (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، والظاهري، والزيدي والجعفري والإباضي): أن حرمة الرضاع تثبت بين زوج المرضعة وبين الرضيع- ذكرا كان أو أنثى- ويصير ولدا له، ويصير أولاد الرجل إخوة وأخوات للرضيع، ويكون إخوة الرجل أعمامًا للرضيع، وأخواته عماته، ويكون أولاد الرضيع أولاد ولد الرجل.. وهكذا. ودليل هؤلاء، ما رواه الشيخان- واللفظ لمسلم- عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرت عروة بن الزبير: أنه جاء أفلح أخو أبي القُعَيْس يستأذن عليها، بعدما نزل الحجاب، وكان أبو القُعَيس أبا عائشة من الرضاعة. قالت عائشة: والله لا آذَنُ لأفلح حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته! قالت عائشة: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، إن أفلح أخا أبي القعيس جاءني يستأذن عليَّ، فكرهت أن آذن له حتى أستأذنك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ائذني له". قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرِّموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب. وفي رواية أخرى لمسلم: قالت: استأذن عليَّ أفلح بن قعيس، فأبيتُ أن آذن له. فأرسل: إني عمُّك، أرضعَتْك امرأةُ أخي. فأبيت أن آذن له، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: "ليدخل عليك؛ فإنه عمك". وفي رواية: "فإنه عمُّك، تربت يمينك". وفي أخرى: فقال لها: "لا تحتجبي منه؛ فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". والحديث برواياته كلها صريح في المطلوب؛ لأنه أثبت العمومة من طريق الرجل زوج المرضعة، وهي فرع عن ثبوت أبوته للرضيع، وبنوَّة الرضيع له. يؤيِّد هذا الحديث عموم حديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". 2ـ مذهب من قال: لبنُ الفحل لا يحرم: والمذهب الثاني في هذه المسألة، على عكس المذهب الأول، فهو لا يرى بلبن الفحل بأسًا، ولا يرى التحريم به بحال، وهو مذهب عدد كبير من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، وسنعرض بعد ذكر المذهبَيْن الآخرَيْن للقائلين بهذا المذهب وأدلتهم بتفصيل. 3ـ مذهب من يرى كراهية لبن الفحل: وهناك من الفقهاء من وقف موقفًا وسطًا بين من لم ير بلبن الفحل أي بأس، وبين من رآه محرِّما. فلم يقل بالإباحة المطلقة، ولا بالتحريم المطلق، بل قال بالكراهة فقط. ذكر ابن حزم في (المحلى) بالسند إلى مجاهد: أنه كره لبن الفحل. وذكر أيضا من طريق سعيد بن منصور وأبي عبيد بسندهما إلى عبد الله بن سبرة الهمداني أنه سمع الشعبي يكره لبن الفحل. 4ـ مذهب المتوقِّفين في المسألة: وهناك مذهب رابع لبعض الفقهاء، أنهم توقَّفوا في المسألة، ولم يُفتوا فيها برأي، حيث تعارضت عندهم الأدلة، ولم يوجد أمامهم مرجِّح. فقد روى سعيد بن منصور بسنده إلى عبَّاد بن منصور، قال: سألت مجاهدا عن جارية من عُرْض الناس (أي: من العامة) أرضعتها امرأة أبي، أترى لي أن أتزوجها؟ فقال: اختلف فيها الفقهاء، فلست أقول شيئًا. (وهذه رواية أخرى غير الرواية التي نسبت إليه القول بالكراهة). قال: وسألت ابن سيرين، فقال مثل قول مجاهد. وهذا هو موقف الفقيه المتثبِّت حين تتعارض في نظره الدلائل، ولا يجد أمامه سبيلًا للتوفيق، أو الترجيح بينها. فهنا لا يسعه إلا التوقُّف، وقول: (لا أدري)، ومن قال: لا أدري فقد أجاب. والآن نعود لتفصيل القول في المذهب الثاني. تفصيل مذهب من قال: لا بأس بلبن الفحل: ذهب جمٌّع غفير من الصحابة وأمهات المؤمنين والتابعين ومَن بعدهم مِن الفقهاء إلى أن لبن الفحل لا يحرِّم. فمن الصحابة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، ورافع بن خديج، وزينب بنت أم سلمة، بل عائشة نفسها راوية حديث أفلح أخي أبي القعيس، وغيرهم من الصحابة. ومن التابعين: القاسم بن محمد بن أبي بكر ابن أخي عائشة وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وسالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يسار، وسليمان بن يسار، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وإبراهيم النخعي، وأبو قلابة، ومكحول، والشعبي، وإياس بن معاوية، وربيعة بن عبد الرحمن (ربيعة الرأي شيخ مالك)، وإبراهيم بن عُلَيَّة، وابن بنت الشافعي، وداود الظاهري وأتباعه، والشافعي في قول قديم له( ). وحجتهم في ذلك أولًا: مفهوم قوله تعالى في بيان المحرمات في النكاح بعد ذكر المحرمات من جهة النسب- الأمهات والبنات والأخوات.. إلخ-: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء:23] ولم يذكر العمة ولا البنت وغيرهما كما ذكر في النسب، فدل تخصيصهن بالذكر على أن من عداهن- ممن يُدلي بجهة غير جهة الأم- بخلافهن.

10034

| 23 يونيو 2016

محليات alsharq
القرضاوي: تأخير زواج البنت بلا مبرر شرعي نهى عنه القرآن

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف: د. يوسف القرضاوي الحلقة: الرابعة عشر الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به، ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).. فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معاً، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعِّبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم واحتفالات الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".. "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". والزواج إذ يُيَسِّر أسباب الحلال يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35). وكالة المرأة في عقد النكاح: يرى جمهور الفقهاء أن المرأة بكرًا كانت أو ثيبًا لا يجوز لها أن تباشر عقد النكاح لنفسها، أو نيابة عمن هو في ولايتها، أو وكالة عن غيرها، وأجاز الأحناف أن تباشر المرأة عقد نكاح نفسها أو وكالة عن غيرها، قال القدوري: ((قال أصحابنا: يجوز للمرأة أن تعقد النكاح لنفسها، وتكون وكيلة للرجل فتعقد له وللولي. فتزوج وليته، وتزوج أمتها)). ومستندهم في ذلك أن الله أسند النكاح للمرأة في غير آية منها قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا}[البقرة:230، 231]. فأضاف النكاح إليها، والمراد بالتراجع: العقد ابتداء. ولأنه عقد، فجاز أن تكون المرأة وكيلة فيه كالبيع، ولأن من جاز أن يكون وكيلا في البيع جاز أن يكون وكيلا في النكاح كالرجل، ولأنه عقد بعوض فجاز أن تعقده المرأة كالبيع. والذي أراه: أن المرأة إنسان مكتمل الإنسانية كالرجل، وهي تباشر العقود كما يباشرها الرجال، بيعًا وشراءً وإجارةً وقرضًا ووكالة وشركة ونكاحًا، ويجري عليها في هذه العقود ما يجري على الرجال، فهي مسؤولة مكلَّفة، تؤدي الفرائض، وتجتنب المحرمات، فلهذا لا أرى مانعًا أن تلتزم المرأة بما يلتزم به أخوها الرجل، ما دامت بالغة عاقلة حاملة للمسؤولية مثله، وقد قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:228]. لكن إن باشرت عقد نكاح نفسها فيكون ذلك بإذن الولي وعلمه. نصائح عامة بشأن موضوع الزواج 1 — ثلاثية الرضا لإتمام الزواج الزواج كما شرعه الإسلام عقد يجب أن يتم بتراضي الأطراف المعنيَّة كلها، لا بد أن ترضى به الفتاة، ولا بد أن يرضى به وليها، وينبغي أن تستشار أمها، كما وجه إلى ذلك رسول الله حين قال: "آمروا النساء في بناتهن". وقد أمر الإسلام أن يؤخذ رأي الفتاة، وألَّا تجبر على الزواج بمن تكره، ولو كانت بكرًا، فالبكر تستأذن، وإذنها صمتها وسكوتها، ما دام ذلك دلالة على رضاها — كما بينا — فلا بد أن تستشار الفتاة، وأن ترضى، وأن يعرف رأيها صراحة أو دلالة. ولا بد أن يرضى الولي وأن يأذن في الزواج، وليست المرأة المسلمة الشريفة هي التي تزوج نفسها بدون إذن أهلها. فإن كثيرًا من الشبان يختطفون الفتيات، ويضحكون على عقولهن، فلو تُركت الفتاة الغِرَّة لنفسها، ولطيبة قلبها، ولعقلها الصغير، لأمكن أن تقع في شراك هؤلاء، وأن يخدعها الخادعون، من ذئاب الأعراض ولصوص الفتيات، لهذا حماها الشرع، وجعل لأبيها أو لوليها — أيًّا كان — حقًّا في تزويجها، ورأيًا في ذلك، واعتبر إذنه، واعتبر رضاه، كما هو مذهب جمهور الأئمة. ثم إن النبي زاد على ذلك، فخاطب الآباء والأولياء فقال: "آمروا النساء في بناتهن". ومعنى: "آمروا النساء في بناتهن". أي خذوا رأي الأمهات؛ لأن المرأة أنثى تعرف من شؤون النساء والبنات ما لا يعرفه الرجال، وتهتم منها بما لا يهتم به الرجال عادة. ثم إنها أم تعرف من أمور ابنتها، ومن خصالها، ومن رغباتها، ما لا يعرفه الأب، فلا بد أن يُعرف رأي الأم أيضًا. فإذا اتفقت هذه الأطراف كلها: من الأب، ومن الأم، ومن الفتاة — ومن الزوج بالطبع — فلا بد وفق السنن أن يكون الزواج موفَّقًا سعيدًا، محقِّقًا لأركان الزوجية التي أرادها القرآن من السكن ومن المودة، ومن الرحمة، وهي آية من آيات الله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم:21]. 2 — حرمة تأخير زواج البنت بلا مبرر شرعى والفقه الإسلامي وإن اشترط جمهوره رضا الولي خاصة في زواج البكر، فإنه مع ذلك قد أمر بالمسارعة بتزويج البنات، وجاء في ذلك عن النبي : "ثلاث لا تؤخِّرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيِّم إذا وجدت لها كفئًا". وقال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". فلا يحل للأب أن يؤخِّر زواج ابنته، إذا خطبها كُفء ذو دِين وخلق. وتأخير زواج البنت بلا مبرر شرعي يُعَدُّ نوعًا من العضل الذى نهى القرآن عنه. فإذا حضر الكفء فلا ينبغي للأب أن يعوق الزواج، من أجل أنه يريد أن يقبض شيئًا أكثر، كأنها سلعة يساوم عليها، هذا هو المفروض من الآباء المسلمين، ألا يعوقوا الزواج بهذه المهور، وبهذه المغالاة فيها، فإن هذا هو أكبر عقبة في سبيل الزواج، وكلما عقدنا في سبيل الزواج، وأكثرنا من المعوقات والعقبات، يسرنا بذلك سبل الحرام، وسهلنا انتشار الفساد، وأغوينا الشباب بأن يسيروا مع الشيطان، وأن يتركوا طريق العِفَّة، وطريق الإحصان، وطريق الحلال. ما حيلة الشاب الذي يذهب ليتزوج؛ فيجد هذه الطلبات المعوِّقة أمامه؟ ماذا يصنع؟! إنه سيُعرض عن الزواج، ويبحث عن أمور أخرى، ويترتب على ذلك كساد البنات، وفساد الرجال، وفساد المجتمعات. هذه هي النتيجة الحتمية للمغالاة في المهور، وكم جاءتنى من رسائل، وكم سألني من سائل وسائلة، وكم من شاب شكا لي، ومن فتاة شكت لي ولغيري، من هذا المعوِّق الذي وضعه الناس بأيديهم، وحفروه أمام بناتهم، وأمام أبنائهم، وأمام أنفسهم، لييسروا طريق الحرام ويعوقوا طريق الحلال. المحرمات من النساء هناك عدة أصناف من النساء يحرم على المسلم الزواج بواحدة منهن، بعضها حرمته مؤقتة، وبعضها حرمته دائمة وهن المحارم. وقد فصل القرآن هذه الأصناف في سورة النساء فقال: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}[النساء:22 — 24]. وذكرت سورة البقرة صنفا آخر وهو المشركات، حيث قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[البقرة:221]، فبين حرمة زواج المسلم من المشركة حتى تؤمن بالله تعالى ربا. ثم ذكر القرآن قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة:5]، فبيَّن حكم الكتابيات في الآية، وأباح للمسلم أن يتزوج الكتابية المحصنة — أي العفيفة — زواجا شرعيًّا، وسكت عن حكم تحريم المسلمة على الكتابي، فبقي تحريم زواج المسلمة بغير المسلم عامًّا، سواء أكان كتابيا أم غير كتابي، وأكد ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة:10]. وحرم القرآن أيضًا أن يتزوج مطلقته إذا طلقها ثلاثًا حتى تنكح زوجًا غيره، فقال بعد أن بيَّن أن الطلاق مرتان: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا}[البقرة:230]. وحرم القرآن أيضًا على الرجل أن يتزوَّج فوق أربع نسوة، فقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}[النساء:3]. وزادت السنة الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، والتفريق بين الملاعِن وملاعنَته.

11770

| 18 يونيو 2016

محليات alsharq
القرضاوي: للأب ولاية إجبار على ابنه وابنته الصغيرين على الزواج

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف: د. يوسف القرضاوي الحلقة: الحادية عشرة الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21). فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35). * شروط صحة عقد الزواج شرط الولي: اشترط جمهور الفقهاء الولي لصحة عقد الزواج، فكما أعطى الإسلام المرأة الحق في قبول من يتقدَّم إليها أو رفضه، فقد جعل لوليها حقًّا أيضًا في إبرام العقد أو الاعتراض عليه ومنعه إن شاء؛ لأن المرأة قد تنخدع لغلبة العاطفة عليها، وتتزوج من ليس لها كُفْئًا، فأشرك وليَّها معها، ليكون الزواج مرضيًّا عند أسرة المرأة، كما هو مرضيٌّ عندها، وبذلك يكون الزواج أكثر أمانًا واستقرارًا وبعدًا عن الاضطرابات والزعازع، كما جاء في الحديث: "لا نكاح إلا بولي"( ). وأما تزويج المرأة نفسَها بغير إذن وليها، فهو جائز عند أبي حنيفة وأصحابه إذا تزوجت كُفْئًا( )، حيث لم يصح عندهم حديثٌ في اشتراط الولي( ). ولأن ظاهر القرآن نسب النكاح إلى النساء في غير آية، قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة:230]. وقال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:232]. ورأيُ الجمهور أن الولي شرط للزواج( )، أخذًا بحديث: "لا نكاح إلا بولي"( ). وغيره من الأحاديث. والحكمة في هذا أن يتم الزواج بتراضي الأطراف المعنيَّة كلها، وحتى لا تكون المرأة - إذا تزوجت بغير إذن أهلها - تحت رحمة الزوج وتسلُّطه، حين لم يكن لأهلها رأي في زواجها. وعلى كلِّ حالٍ إذا قضى قاضٍ بصحة هذا الزواج فهو صحيح، ولا يملك أحد نقضه، كما قال ابن قدامة في "المغني"( ). وسنفصل الحديث في معنى الولاية وأنواعها وترتيب من لهم حق الولاية فيما بعد. الولاية هي نوعان ولاية على المال- وهي ليست موضوعنا هنا- وولاية على النفس، وتعني القدرة على إنشاء عقد الزواج، وهي المرتبطة بموضوعنا الذي نتحدث عنه. أقسام الولاية على النفس: يقسم الفقهاء الولاية على النفس إلى: ولاية على النفس قاصرة أو أصلية: وتعني أن الشريعة أعطت الشخص القدرة على تزويج نفسه دون توقف على رضا أحد أو قبوله. وولاية على النفس متعدية أو نيابية: وتعني أن الشريعة أعطت صاحب هذه الولاية القدرة على تزويج غيره وأن ينوب عنه في حق الزواج، وهي إما ولاية إجبار بمعنى: أن للولي أن يستبد بأمر تزويج من تحت ولايته من غير إذنه، وولاية اختيار أو شركة بمعنى أن الولي إنما يشارك في الرأي، ولا يجوز له أن يجبر من تحت ولايته على الزواج بمن يرضاه، فالأمر متوقف على رضا الطرفين جميعًا. ما اتفق عليه الفقهاء فيما يخص الولاية في الزواج: وقد اتفق الفقهاء على عدة أمور تخص موضوع الولاية في الزواج: 1- اتفقوا على ثبوت الولاية القاصرة على النفس للرجل البالغ العاقل، فإذا زوَّج الرجل البالغ العاقل نفسه ممن تحل له بعقد مستوفٍ أركانَه وشروطه فزواجه صحيح لا يملك أحد فسخه أو إبطاله. 2- واتفقوا أن الثيب البالغة العاقلة لا يجبرها أبوها على الزواج بمن لا ترضاه. 3- واتفقوا على أن الأب الكافر لا يكون وليًّا على ابنته المسلمة. 4- واتفقوا أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم، لحديث: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل- ثلاث مرات- فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"( ). ولتزويج النجاشي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم حبيبة بنت أبي سفيان. 1- الشهود: واشترط الفقهاء الشهود - على تفصيل بين الفقهاء في ذلك - حتى يخرج الزواج من دائرة السريَّة إلى دائرة الشهرة والإعلان، وأقل عدد يجزئ في ذلك شاهدان ذكران عدلان عند الجمهور، لحديث: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"( ). وذهب الحنفية وأحمد في رواية إلى أنه لا يشترط ذكورة شاهدي النكاح، فينعقد عندهم بحضور رجل وامرأتين( ). وذهب الحنفية وأحمد في رواية إلى أن عدالة الشاهِدَين ليست بشرط، فينعقد النكاح بحضور الفاسقين؛ لأن عمومات النكاح مطلقة عن شرط، واشتراط أصل الشهادة بصفاتها المجمع عليها ثبت بالدليل، فمن ادَّعى شرط العدالة فعليه البيان، ولأن الفسق لا يقدح في ولاية الإنكاح بنفسه( ). وقد اتفقوا على أنه يشترط في الشهود البلوغ والعقل، فلا تصح شهادة طفل أو مجنون، واتفقوا على أنه إذا كان النكاح بين مسلم ومسلمة فيلزم إسلام الشهود، أما إن كان بين مسلم وكتابية فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه إذا تزوج المسلم ذميَّةً بشهادة ذميَّيْن فإنه يجوز، سواء كانا موافقَيْنِ لها في الملة أو مخالفَيْن( ). 2- خُلُوُّ الزوجين من الموانع التي تحرم على كل واحد منهما الزواج من الآخر: وهذه الموانع هي: المحرمية، بأن يكون أحد الزوجين محرمًا للآخر، سواء كانت المحرمية بسبب القرابة أو الرضاع أو المصاهرة، وسواء في ذلك الحرمة الدائمة أو المؤقتة (أخت الزوجة وعمتها وخالتها)، فإذا طلق الزوج الأخت أو بنت الأخ أو بنت الأخت، حلت الأخت والعمة والخالة. ومن هذه الموانع: كون الزوج مسلما والزوجة مشركة غير كتابية، أو كون الزوجة مسلمة والزوج غير مسلم.. إلى غير ذلك مما ذكرناه قبل في الخطبة المحرمة، وسنفصله في حديثنا عن المحرمات من النساء. تزويج الصغير والصغيرة جماهير الفقهاء على أن للأب ولاية إجبار على ابنه وابنته الصغيرين، فله تزويج الصغير والصغيرة، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك فقال: ((وأجمعوا أن نكاح الأبِ ابنتَه الصغيرةَ البكرَ جائزٌ إذا زوجها من كفء))( ). واستدلوا على ذلك بقوله تعالى في بيان عِدَد النساء: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق:5]. فقد بيَّن الله عدة الصغيرة التي لم تحض، وفي هذا إباحة تزويج الصغيرة، إذ لا تكون العدة إلا من فرقة زواج صحيح، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها فيعتبر. وفي الحديث المتفق عليه عن عائشة أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين ومكثت عنده تسعا( ). وفي رواية: تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزُفَّت إليه وهي بنت تسع سنين. وعند مسلم: قالت: " فقدمنا المدينة، فوعكت شهرا، فوفى شعري جميمة، فأتتني أم رومان، وأنا على أرجوحة، ومعي صواحبي، فصرخت بي فأتيتها، وما أدري ما تريد بي فأخذت بيدي، فأوقفتني على الباب، فقلت: هه هه، حتى ذهب نفسي، فأدخلتني بيتا، فإذا نسوة من الأنصار، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فغسلن رأسي وأصلحنني، فلم يرعني إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى، فأسلمنني إليه( ). ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها. وزوَّج عليٌّ ابنته أم كلثوم وهي صغيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما( )، ولم يعترض أحد من الصحابة. فهذا عمل اثنين من المبشرين بالجنة، وإجماع سكوتي من غيرهم من الصحابة. وخالف في هذا فريق من العلماء فرأوا أنه لا يزوِّج الصغير والصغيرة حتى يبلغا، واستدلوا بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ..}[النساء:6]، فقد نقل الطحاوي في (مختصر خلاف العلماء) عن ابن شبرمة أَن تَزْوِيج الْآبَاء على الصغار لَا يجوز( ). وقال ابن حزم: قال ابن شبرمة: لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن، ورأى أمر عائشة رضي الله عنها خصوصًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كالموهوبة، ونكاح أكثر من أربع( ). وعزاه السرخسي في (مبسوطه) إلى ابن شبرمة وأبي بكر الأصم فقال: ((وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تزوَّج عائشة رضي الله عنها، وهي صغيرة بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، وكانت عنده تسعًا. لو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة، ولأن ثبوت الولاية على الصغيرة لحاجة المولى عليه حتى إن فيما لا تتحقق فيه الحاجة لا تثبت الولاية كالتبرعات، ولا حاجة بهما إلى النكاح؛ لأن مقصود النكاح طبعا هو قضاء الشهوة، وشرعًا النسل، والصغر ينافيهما، ثم هذا العقد يعقد للعمر، وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ، فلا يكون لأحد أن يلزمهما ذلك إذ لا ولاية لأحد عليهما بعد البلوغ))( ). وقد عزاه الكاساني في (البدائع)( ) والعيني في (البناية)( ) إلى عثمان البتي. وفرَّق ابن حزم بين الصغير الذكر والصغيرة الأنثى، فلم ير للأب ولا لغيره ولاية إجبار على الصغير الذكر، فقال: ((ولا يجوز للأب ولا لغيره إنكاح الصغير الذكر حتى يبلغ، فإن فعل فهو مفسوخ أبدًا، وأجازه قوم، لا حجة لهم إلا قياسه على الصغيرة. قال علي: والقياس كله باطل، ولو كان القياس حقًّا لكان قد عارض هذا القياس قياس آخر مثله، وهو أنهم قد أجمعوا على أن الذكر إذا بلغ لا مدخل لأبيه ولا لغيره في إنكاحه أصلًا، وأنه في ذلك بخلاف الأنثى التي له فيها مدخل: إما بإذن، وإما بإنكاح، وإما بمراعاة الكفء، فكذلك يجب أن يكون حكمهما مختلفين قبل البلوغ)).

8378

| 15 يونيو 2016

محليات alsharq
القرضاوي: رؤية الخاطب مخطوبته طريق الشريعة الإسلامية

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة المؤلف : د.يوسف القرضاوي الحلقة: التاسعة الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21). فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35) هل يُشترط علم المرأة بالرؤية؟ ليس علم الفتاة ولا علم أهلها بالرؤية شرطًا فيها، فإن للخاطب أن يراها دون أن يُعلمها، حتى لا يجرح شعورها، وحتى لا يؤذي إحساسها، فبعض الناس يستخِفَّون بذلك ولا يبالون به، حتى سمعت من بعضهم أنه رأى أكثر من عشرين فتاة، ولم تعجبه واحدة منهن، معنى ذلك: أنه جرح إحساس أكثر من عشرين فتاة من فتيات المسلمين، فالأَوْلى أن يراها وهي خارجة، أو في بيت قريب لها دون أن تعلم مَن هذا ولا ما هذا. وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: " فكنتُ أتخبَّأ لها، حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى زواجها". كان يتخبَّأ لها دون أن تعلم ودون أن ترى. ويستطيع الأب أن يساعد في ذلك حفاظًا على شعور ابنته، وكذلك يستطيع شقيق الفتاة أن يُسهم في ذلك. أعراف الناس في رؤية الخاطب مخطوبتَه بين الإفراط والتفريط: والناس في أمر رؤية الخاطب لمخطوبته جد متناقضِين، ففريق من الناس لا يبيح للفتى مجرد رؤية الفتاة المخطوبة فقط، بل يبيح له أن يتأبَّط ذراعها، وأن يذهب بها إلى هنا أو هناك، وأن يصطحبها إلى الأحفال وإلى السينما، ليعرفها ويختبر أخلاقها!.. إلى آخر ما يقال في هذا المجال. وبعد ذلك تكون مآسي، وتكون فضائح، فقد يترك الفتى الفتاة بعد أن دخل عليها وخرج بها أمام الناس، دخل بيتها، وخرج معها، وسافر معها، وتنزه معها، هنالك يصبح عرض الفتاة مضغة للأفواه. وهذا الصنف من الناس، هم عبيد الحضارة الغربية. وفي مقابل هؤلاء صنف آخر، أولئك الذين يحرمون الخاطب أن يرى الفتاة مجرد رؤية عابرة، يمنعون الفتاة من خاطبها حتى يبني بها، فلا يراها إلا ليلة عرسه. وهؤلاء هم عبيد التقاليد العتيقة، وكلا الطرفين مذموم. وأمر الأسرة المسلمة بصفة عامة، وأمر المرأة المسلمة ضائع بين أهل الإفراط وأهل التفريط، بين المتشدِّدين المتزمِّتين الذين يحرصون على تقاليد عتيقة يظنونها من الإسلام وليست من الإسلام، وبين العصريين المتحرِّرين الذي تعبَّدوا للغرب ولحضارة الغرب، وظنُّوا أنفسهم تقدميين، وما هم بالتقدميين، وإنما هم عبيد وأسارى لغيرهم. أما الطريق الوسط والطريق السديد، فهو طريق الإسلام، وطريق الشريعة الإسلامية، وهي بين هؤلاء وهؤلاء. والطريق الصحيح بين هؤلاء وهؤلاء، هو ما جاء به الشرع، وما أمر به النبي أن يرى الخاطب مخطوبته، كما جاء في الأحاديث التي ذكرناها قبل. حق الفتاة في أن ترى من يتقدَّم لخطبتها: ورؤية الخاطب لمن يريد خطبتها، ليست حق للخاطب وحده، بل هو أيضًا حق للمخطوبة، يراها هو، وتراه هي أيضًا، ومن حقها أن ترفض، ومن حقها أن توافق. لا بد أن يرى كل واحد منهما الآخر قبل الزواج، حتى تُبنى الحياة الزوجية على أسس وطيدة، وعلى أركان سليمة متينة. هذا هو الطريق السليم بين المُفَرِّطين والمُفْرِطين، وشرع الإسلام دائمًا هو الوسط، وأمة الإسلام أمة وسط: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة:143]. الفرق بين الخطبة والزواج الخطبة لغة وعرفًا وشرعًا شيء غير الزواج، فهي مقدمة له، وتمهيد لحصوله، فكتب اللغة جميعًا تفرق بين كلمتي الخطبة والزواج. والعرف يُميِّز جيدًا بين رجل خاطب ورجل متزوج. والشريعة فرَّقت بين الأمرين تفريقًا واضحًا، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره. وقد عبر القرآن عن الأمرين، فقال في شأن النساء المتوفَّى عنهن أزواجهن: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}[البقرة:235]. ومهما يصاحب الخطبة من مظاهر الإعلان فإنها لا تزيد عن كونها تأكيدًا وتثبيتًا لشأنها، ولا يترتب عليها على أية حال أي حق للخاطب، إلا حظر المخطوبة عن أن يتقدم لخطبتها غير خاطبها، كما في الحديث الذي ذكرناه: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه". والمهم في هذا المقام أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم زواجه بها، ولا تنتقل المرأة إلى دائرة الزوجية إلا بعقد شرعي صحيح، والركن الأساسي في العقد هو الإيجاب والقبول، وللإيجاب والقبول ألفاظ معهودة معلومة في العرف والشرع. وما دام هذا العقد — بإيجابه وقبوله — لم يتحقَّق، فالزواج لم يحدث، لا عرفًا، ولا شرعًا، ولا قانونًا، وتظل المخطوبة أجنبية عن خاطبها، لا يحل له الخلوة بها ولا السفر معها دون وجود أحد محارمها كأبيها أو أخيها، فضلًا عما هو فوق الخلوة والسفر! ومن المقرر المعروف شرعًا أن العاقد إذا ترك المعقود عليها دون أن يدخل بها يجب عليه نصف مهرها، قال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة:237]. أما الخاطب إذا ترك المخطوبة بعد فترة طالت أو قصُرت فلا يجب عليه شيء، إلا ما توجبه الأخلاق والتقاليد من لوم وتأنيب، فكيف يمكن — والحالة هذه — أن يباح للخاطب ما يباح للعاقد سواء بسواء؟ وننصح الآباء والأولياء أن يكونوا على بصيرة من أمر بناتهم، فلا يفرِّطوا فيهن بسهولة باسم الخطبة، والدهر قُلَّب، والقلوب تتغير، والتفريط في هذا الأمر قد يكون وخيم العاقبة، والوقوف عند حدود الله أحق وأولى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: 229]. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[النور:52]. الرجوع عن الخطبة وما يترتب عليه الخطبة — كما بينا — ليست إلا وعدًا بالزواج، الهدف منه أن يتعرَّف كل من الخاطب والمخطوبة إلى الآخر، وطباعه وصفاته، ليكون على بيِّنة من أمره، هل يُتمُّ أمر الزواج أو لا يتمه؟ لأن الزواج عقد حياة، من المصلحة التأني فيه، وإعطاء النفس فرصة التفكير والاستشارة قبل إبرامه. والخِطبة بإجماع الفقهاء ليست ملزمة، ومعنى ذلك أن لكل طرف من طرفيها — أو لهما معا — مطلق الحرية في الرجوع فيها. لكن قد ينشأ عن عدول أحد طرفي الخطبة ضرر يلحق الطرف الآخر، ((فقد ينال المرأة ضرر بسبب عدول الرجل؛ لأنها أعدت الجهاز — مثلا — فهل يغرم العادل [أي: الراجع في الخطبة] من ماله عوضًا للأضرار المالية وغير المالية؟ لقد أجاب عن ذلك بعض رجال الفقه بأنه لا يسوغ، وليس لقاضٍ أن يحكم به؛ لأن العدول حق للخاطب والمخطوبة، بلا قيد ولا شرط، ولأن العادل بحكم الفقه والقانون يسترد هداياه، فكيف يغرم مالًا؟! ولأن الذي وقع في الضرر من الطرفين يعلم أن الطرف الآخر له العدول في أي وقت شاء)). لكن الشيخ محمد أبو زهرة يفرِّق بين الضرر الناتج عن مجرد العدول عن الخطبة، والضرر الذي للخاطب أو للخاطبة دخْلٌ فيه غير العدول عن الخطبة، كأن يطلب نوعًا من الجهاز، أو تطلب هي إعداد المسكن، ثم يكون العدول والضرر، فالضرر نزل بسبب عمل من جانب العادل، قال: ((وعلى هذا يكون الضرر قسمين: ضرر ينشأ وللخاطب دخل فيه غير مجرد الخطبة والعدول. كالمثالين السابقين. وضرر ينشأ عن مجرد الخطبة والعدول من غير عمل من جانب العادل. فالأول يعوض، والثاني لا يعوض، إذ الأول كان تغريرًا، والتغرير يوجب الضمان، كما هو مقرَّر في قواعد الفقه الحنفي وغيره، وفي قضايا العقل والمنطق، وقد أخذت بهذا محكمة النقض — نقض مدني 14 ديسمبر سنة (1939). وهو ما نميل إليه، خصوصًا إذا كان العدول عن الخطبة عن غير تقصير من الطرف الآخر، إذ قد يشترط الخاطب على المخطوبة — أو على وليِّها — كُلفة حفل الخطبة — أو ما يسمى في بعض البلدان (قراءة الفاتحة) — وقد يشترط أن يكون في فندق معين، أو مكان معين، أو قد يشترط عليهم بعض الأثاث والأدوات المنزلية، وتتكلف المرأة ووليها هذه التكاليف على اعتبار أن الزواج سيتم، ثم يعدل الخاطب عن الخطبة لأي سبب من الأسباب، فنقول هنا: إن عليه أن يعوض المرأة أو وليها عن هذه الأضرار المترتبة عن العدول، والخسائر الناجمة عن تراجعه. وقد يكون العدول من جانب المرأة بعد أن اشترطت — أو اشترط لها وليُّها — شروطًا تتعلق بالمسكن أو الأثاث أو أحفال الخطبة وما يتبعها، من غير تقصير من جانب الخاطب، فنقول هنا: ينبغي على المرأة أو وليها أن يعوض الخاطب عما غرم. وهذا ما استقرت عليه المحاكم المصرية، وتبعتها في ذلك المحاكم العربية، يقول السنهوري باشا: ((والذي يمكن تقريره في هذا الشأن باعتبار أن القضاء قد استقر عليه هو ما يأتي: (1) الخطبة ليست بعقد ملزم. (2) مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سببًا موجبًا للتعويض. (3) إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال أخرى ألحقت ضررًا بأحد الخطيبين، جاز الحكم بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية. وقد قرَّرت محكمة النقض أخيرًا هذه المبادئ في حكم لها جاء فيه ما يأتي: إن الخطبة ليست إلا تمهيدًا لعقد الزواج، وهذا الوعد بالزواج لا يقيِّد أحدًا من المتواعدَيْن، فلكلٍّ منهما أن يعدل في أي وقت شاء، خصوصًا أنه يجب في هذا العقد أن يتوافر للمتعاقدين كامل الحرية في مباشرته، لما للزواج من الخطر في شؤون المجتمع، وهذا لا يكون إذا كان أحد الطرفين مهدَّدًا بالتعويض. ولكن إذا كان الوعد بالزواج والعدول عنه — باعتبار أنه مجرد وعد فعدول — قد لازمتهما أفعال أخرى مستقلة عنهما استقلالًا تامًّا. وكانت هذه الأفعال قد ألحقت ضررًا ماديًّا أو أدبيًّا بأحد المتواعِدَيْن، فإنها تكون مستوجِبة التضمين على مَن وقعت منه، وذلك على أساس أنها في حدِّ ذاتها — بغض النظر عن العدول المجرَّد — أفعال ضارَّة موجِبة للتعويض))( ).

13864

| 13 يونيو 2016

محليات alsharq
القرضاوي : النظر مشروط بأمن الفتنة والشهوة فإن وُجِدَت زالت الإباحة

النظرة البريئة إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال النظراتُ الجائعةُ الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زِنى للعين التحذير من فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال والأولاد النبي نهى عـن النظر إلى العورات ولو كان من رجل إلى رجل الإسلام عفا عن النظرة الخاطفة التي تقع من الإنسان فجأة عورة المرأة للرجل الأجنبي جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها فتنة المرأة بلغت حدًّا فاق كل العصور السابقة وخيالات أهلها الكتاب : فقه الأسرة وقضايا المرأه المؤلف: د. يوسف القرضاوي الحلقة : الرابعة الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها يقوم تماسك المجتمع وقوته، لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته. وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21). فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه. وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات. ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض". وهو - إذ يُيَسِّر أسباب الحلال - يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، لا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن. وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228). ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35). غض البصر: فالغض من البصر ليس معناه إقفال العين عن النظر، ولا إطراق الرأس إلى الأرض، فليس هذا بمرادٍ ولا مُستطاع، كما أن الغض من الصوت في قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}[لقمان:19] ليس معناه إغلاق الشفتين عن الكلام، وإنما معنى الغض من البصر خفضه، وعدم إرساله طليق العِنان، يلتهم الغاديات والرائحات، أو الغادين والرائحين. فإذا نظر إلى الجنس الآخر لم يغلغل النظر إلى محاسنه، ولم يُطِل الالتفات إليه والتحديق به. ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعليِّ بن أبي طالب: "يا عليُّ، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة". وقد جعل النبي عليه الصلاة والسلام النظراتِ الجائعةَ الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زِنًى للعين، فقال: "العينان تزنيان وزناهما النظر". وإنما سمَّاه (زِنًى)؛ لأنه ضرب من التلذُّذ والإشباع للغريزة الجنسية، بغير الطريق المشروع. ويطابق هذا ما جاء في الإنجيل، عن المسيح عليه السلام: ((لقد كان مَنْ قبلكم يقولون: لا تزنِ. وأنا أقول لكم: مَنْ نظر بعينه فقد زَنَى)). إن هذا النظر المتلذِّذ الجائع، ليس خطرًا على خُلُق العفاف فقط، بل هو خطرٌ على استقرار الفكر، وطمأنينة القلب، الذي يصاب بالشرود والاضطراب. قال الشاعر: وكنتَ إذا أرسلت طرفك رائدًا لقلبك يومًا أتعبتك المناظرُ رأيتَ الذي لا كلَّه أنت قادرٌ عليه، ولا عن بعضهِ أنت صابرُ تحريم النظر إلى العورات: ومما يجب غض البصر عنه: العورات، فقد نهى النبي عـن النظر إلى العورات، ولو كان من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة، بشهوة أم بغير شهوة، قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر الـمـرأة إلى عـورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد". العفو عن نظر الفجاءة: ومن سماحة الإسلام: أنه عفا عن النظرة الخاطفة، التي تقع من الإنسان فجأة، حين يرى ما لا تُباح له رؤيته، فعن جرير بن عبد الله قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفُجَاءة، فقال: "اصرف بصرك". يعني: لا تعاود النظر مرة ثانية. حدود عورة للرجل: وعورة الرجل التي لا يجوز النظر إليها من رجل أو امرأة تتحدَّد فيما بين السُّرَّة والركبة، كما ورد في الحديث. ويرى بعض الأئمة كابن حزم وبعض المالكية أن الفخذ ليس بعورة. حدود عورة المرأة: وعورة المرأة بالنسبة للرجل الأجنبي عنها هي جميع بدنها، ما عدا وجهها وكفيها، وأضفنا إليهما قدميها ، أما عورتها بالنسبة لمن كان ذا محرمٍ منها، كأبيها وأخيها فسيأتي الحديث عنها، عند الكلام على إبداء الزينة. وما لا يجوز النظر إليه من العورات لا يجوز أن يُمَسَّ باليد أو بجزء من البدن. وكل ما ذكرنا تحريمه من العورات- نظرًا أو لمسًا- مشروط بـعـدم الضرورة أو الحاجة، فإذا وجدت كما في حالة الإسعاف أو العلاج، فقد زالت الحُرمة. وكل ما ذكرنا من جواز النظر مشروط بأمن الفتنة والشهوة، فإن وُجِدَت، فقد زالت الإباحة، سدًّا للذريعة. حدود إباحة النظر إلى الرجل والمرأة: ومما ذكرنا يتبيَّن أن نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من الرجل- أي ما فوق السُّرة وتحت الركبة- مباح ما لم تصحبه شهوة، أو تُخَف منه فتنة. وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة أن تنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون بحرابهم في المسجد النبوي، وظلت تنظر إليهم، حتى سئمت هي، فانصرفت. دليل عدم عورة الوجه والكفين: ومثل هذا نظر الرجل إلى ما ليس بعورة من المرأة - أي إلى وجهها وكفيها وقدميها- فهو مباح، ما لم تصحبه شهوة، أو تُخَف منه فتنة، وإن كان الغض من البصر أولى. فعن عائشة: أن أسماء بنت أبي بكر (أختها) دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في لباس رقيق، يشِفُّ عن جسمها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال: "يا أسماءُ، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا". وأشار إلى وجهه وكفيه. وفي الحديث ضعف، ولكن تُقوِّيه أحاديث صحاح في إباحة رؤية الوجه والكفين عند أمن الفتنة. وخلاصة القول: أن النظرة البريئة إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال، ما لم تتخذ صفة التكرار والتحديق الذي يصحبه- غالبا- التلذذ الذي تُخاف منه الفتنة. فتنة المرأة للرجل: وقد ورد التحذير من فتنة النساء في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" . وننبِّه هنا إلى إن التحذير من الافتتان بشيء لا يعني أنه شرٌّ كلُّه، وإنما يعني أن لهذا الشيء تأثيرًا قويًّا على الإنسان يُخشى أن يشغله عن الله والآخرة. ومن هنا حذَّر الله من الفتنة بالأموال والأولاد في أكثر من آية في كتاب الله، ومن ذلك قوله تعالى: {واعلموا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[التغابن:15]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المنافقون:9]. هذا مع تسميته سبحانه المال (خيرًا) في عدة آيات من القرآن، ومع اعتباره الأولاد نعمة يهبها الله لمن يشاء من عباده: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا}[الشورى:49- 50]. وامتنانه على عباده بأن منحهم الأولاد والأحفاد، كما رزقهم من الطيبات: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[النحل:72]. فالتحذير من فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال والأولاد، ولا يعني أن هذه النعم شر، وشر كلها! بل يحذر من شدة التعلق بها إلى حد الافتتان، والانشغال عن ذكر الله. ولا ينكر أحد أن أكثر الرجال يضعفون أمام سحر المرأة وجاذبيتها وفتنتها، وخصوصًا إذا قصدت إلى الإثارة والإغراء، فإن كيدها أعظم من كيد الرجال. ومن ثم لزم تنبيه الرجال إلى هذا الخطر، حتى لا يندفعوا وراء غرائزهم، ودوافعهم الجنسية العاتية. وقليل من الرجال من يقف من فتنة النساء موقف سيدنا يوسف الصديق، التى راودته سيدته و{هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}[يوسف:23]، وعندما لم ينجح معه سلاح الإغراء، اتخذت سلاح التهديد أمام نسوة المدينة، وقالت: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[يوسف:32- 34]. وفي عصرنا نجد أن فتنة المرأة بلغت حدًّا فاق كل العصور السابقة وخيالات أهلها، وأصبح الهدَّامون يتخذون منها معولًا لهدم الفضائل والقيم المتوارثة، باسم التطور والتقدم. والواجب على المرأة المسلمة أن تتنبه لهذه المؤامرات، وأن تربأ بنفسها أن تُتَّخذ أداة هدم في أيدي القوى المعادية للإسلام، وأن تعود إلى ما كانت عليه نساء الأمة في خير قرونها: البنت المهذَّبة، والزوجة الصالحة، والأم الفاضلة، والإنسانة الخيِّرة العاملة لخير دينها وأمتها، وبذلك تفوز بالحسنيين، وتسعد في الدارين.

11341

| 08 يونيو 2016