رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

3459

طيار ومهندسة وأستاذ وزوجة رجل أعمال طباخو مطعم "نحن"

15 ديسمبر 2015 , 08:46م
alsharq
كتب محمد زهران - ياسين حسن

آلاف المطاعم تقف معلنة عن نفسها في الدوحة، ولاشيء غريب في ذلك، تجارتهم مربحة بما إنها تستهدف البطون وتديرها أياد وافدة رخيصة. أيضاً لاشيء غريب في ذلك.

المهندسة أمينة موسى وجاسم الخراز خلال حديثهم لبوابة الشرق

الغريب هذه المرة أن يكون المطعم قطريا من الألف إلى الياء، بداية من المنتج مروراً بالعاملين بالمطبخ وصولاً إلى البائع المترجل خلف صندوق المال أو كما يعرف بـ "الكاشير".

أولئك الشباب أضحوا ضرورة وسط الأمواج الآسيوية التي تتلاطم على السوق المحلية، فأصبح دخولك السوق القطرية كأنك في إحدى أسواق بلاد ماخلف النهرين أوالدول الشرق آسيوية، منتجاتنا الشعبية يبيعها زوار، وينادون على أسمائها التي حمتها الأجيال من غزوات الزمن بعربية ركيكة تهدد تراث الخليج بالاندثار.

كل ذلك قام به شباب قطريون، نساء ورجالاً عشقوا الوطن فخدموه بموهبتهم، فلم يلتفتوا للمال يوما، تركوا برودة العيش ووقفوا أمام لهيب المطابخ يعرفون الناس بتراثهم وتاريخ خليجهم. ربما تقول أيها القارئ بصوت مكتوم، إنها مبالغة صحفيين أو حبر يرسم عبارات رنانة لاتصلح للتصديق، هي فقط صالحة للنشر، بالتأكيد هي الحاجة التي دفعت هؤلاء لامتطاء دروب المعاناة وامتهان التعب. ونرد فنقول إليك قصة، الطيار حسن الإبراهيم والمهندسة أمينة موسى والمدرس جاسم الخراز وزوجة رجل الأعمال مريم العبيدلي- أم يوسف - هؤلاء هم عشاق الوطن الذين وقفوا أمام أباريقهم وأوانيهم يستنشقون الانتماء من رحيق أكلاتهم الشعبية، حاملة القصص والروايات القديمة.

أسماء: نعرف الزبون بالتراث القطري قبل البيع..نسعى لإنشاء أكاديمية للمأكولات الشعبية

وبينما كانت المهندسة أمينة موسى "33 عاما" تعد الثريد لسائح ألماني الجنسية وتحدثه عن الحياة القطرية قبيل ظهور البترول وخلال عصور اللؤلؤ، اقتربنا منها لنتعرف على حدوثة تلك السيدة التي باتت كلغز برمودا أو فرضية ريمان متشحة بعلامات الاستفهام، فلماذا تركت رغد الحياة وغمست يدها في صهد الأواني؟.

تعرفنا أمينة بنفسها وتقول إنها تخرجت من كلية الهندسة بجامعة قطر 2007 وعملت مهندسة بإحدى المؤسسات المرموقة بالدولة. ولكنها تنهي عملها مهندسة برمجيات في الصباح. لتنحي أرقامها وشفراتها جانباً في المساء مرتدية ثوب بائعة الأكلات الشعبية بمطعمهم "نحن".

وتمضي في قولها لتؤكد أنها من طبقة اجتماعية مستقرة مادياً وحالتها الاقتصادية لا تجبرها على امتهان أي حرفة إضافية، ولكن كل مافي الأمر أنها شعرت بأن التراث القطري ينادي على أبنائه. لماذا تركتموني لأبناء لم تلدهم أرضي. لماذا تركتموني لورثة لم يرضعوا من صدري.

هكذا وصفت "بنت موسى" السبب الذي دفعها لامتهان التعب وهجر راحة البال، إنه الوطن بمعناه العميق الذي خشيت عليه أن يصبح بلا عنوان أو مجرد قطعة من ورق الخريطة الصماء، بلا هوية محط للنسيان.

حسن الإبراهيم من مقود الطائرة إلى مضرب الهريس.. الخراز: أغادر مدرستي متجهاً للفرن

وسط حديثنا خرج علينا المدرس جاسم الخراز من خلف الأبخرة المتصاعدة من "قدر النخي" ليسرد علينا تفاصيل نشأة فريق عمل مطعمهم القطري.

يقول إن الكابتن حسن الإبراهيم صاحب مطعم "مشخول" اختار المميزين في مجال الطبخ عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتجميع المشاريع القطرية الصغيرة وتبنيها، ومشروع مطعمنا "نحن" تحول من مجرد مطعم إلى مركز ثقافي. فاتفقنا على تصدير التراث القطري من خلال الأطعمة الشعبية القديمة.

وكذا تعريف السائحين بتاريخ قطر وأنماط حياة غواصي اللؤلؤ، فوجدنا لديه الكثير ليروى وأكلاتنا تضمر تاريخا وقصصا تفوق بالإثارة مذاقها الأخاذ.

وعن غرابة اضطلاع الرجل القطري بالطبخ يقول الخراز أو كما ينادونه طلابه أستاذ جاسم، إنه لا عيب أن يقف الرجل في مطبخه الشعبي يبيع الطعام للناس ويعلم الغرباء تاريخ وطنه، فلا عيب أن يعمل الإنسان بيده رغم وفرة العمال، مضيفاً أنه من عجائب الدنيا التي تفوق السبع بكثير أن نفسك تنتصر حين تهزمها وتكسر حدة تكبرها.

نحو العالمية

تطلعنا مريم العبيدلي أو كما تعرف "بأم يوسف" على طموح فريق عمل مطعم "نحن" وتقول إننا نسعى لتأسيس أكاديمية قطرية لتعليم المأكولات الشعبية، ونشر الثقافة القطرية التي نخشى أن يتلو عليها الزمن آياته.

أم يوسف: سنصل للعالمية مبلغين الأرض تاريخنا.. ليس مجرد مطعم إنه مركز ثقافي

وبأمل كبير بات منقوشاً على ملامحها كطلاسم الفراعنة على جدران الكباش و معبد أبو سمبل، قالت أم يوسف سوف نصل إلى العالمية، وفريق "نحن" سيصدر التراث القطري للعالمين، سنجول العالم ونصول مبلغين تاريخ دولتنا، ونسعى بالفعل للمشاركة في مسابقات دولية باسم قطر، بعد أن حققنا نجاحاً كبيراً على المستوى الخليجي.

وتخبرنا أم يوسف أنها قبل لقائنا بدقائق، قال لها أحد الزبائن القطريين إنه يفخر بوقوف المرأة القطرية للتعريف بثقافة وطنها، والمشاركة الفعالة في المجتمع.

مطالبنا

عندما سألناهم عن مطالبهم وما ينقصهم، التفوا حولنا هامسين بتخصيص قانون ينظم الأعمال الحرة الصغيرة، وتبني براعم المشاريع القطرية التي تنشأ بين كنفات مواقع التواصل الاجتماعي.

أيضاً تخصيص قانون لتلك الفئات في غرفة التجارة القطرية، وسن نصوص دستورية تضمن حقوق أصحاب المشاريع التي تولد في مواقع التواصل.

وفي دراسة نشرها مركز الجزيرة للدراسات في 6 سبتمبر 2015، كشفت أن عدد العمالة الأجنبية بقطر تبلغ 1.1 مليون نسمة، من مجموع سكان يقدر بـ2.4 مليون نسمة على أرض قطر.

الزبائن يأكدون دعمهم للمشروع

وهذا ما جعل المبادرات القطرية الشابة بمثابة طوق نجاة لانتشال الثقافة القطرية من الذوبان وسط الحشود الوافدة.

طار قبل أن نصل إليه بأمتار

وفي نهاية لقائنا أردنا مقابلة الطيار حسن الإبراهيم مؤسس مطعم "نحن"، ولكن زملاءه أخبرونا بأنه يحلق الآن فوق سماء أوروبا الشرقية عائداً إلى مطبخ مطعمنا.

قائلين إنه يغادر كبينة القيادة متجهاً على فوره لإعداد أطباق البرياني والنخي والهريس، باختصار كانت تلك هي حكاية الطيار حسن عاشق المشخول والخراز مدرس البرياني وأسماء مهندسة لقيمات، ليؤكدوا أن قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته، لا ما يجمعه في جيبه.

مساحة إعلانية