رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1247

الكتابة على فيسبوك جريمة لدى الاحتلال الإسرائيلي!

14 يناير 2022 , 06:35ص
alsharq
القدس - حنان مطير

لم يتوقع المقدسي المُحرّر نادر حلاحلة -34 عامًا- أن تضامنه مع الأسرى ومع الشهيدين غسان وعدي وعلاء أبو جمل اللذين لمع اسمهما في سماء القدس عام 2015 ونشره لصورهما على حسابه فيسبوك، ودعوته لهما بالرحمة والخلود في جنات النعيم ستكون سببًا في اعتقاله وأسره لمدة 7 أشهر، لقد عبر عن مشاعره متمنيًا لهم الخير.

ذلك الخير هو شرٌ كبير بنظر الاحتلال الصهيوني الذي يراقب كل صغيرة وكبيرة ينشرها الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا ينفك يعتقل هذا ويحاكم ذاك موجهًا للفلسطيني تهمة التحريض.

الأسيرة المحررة صباح فرعون -39 عامًا- والتي تم اعتقالها أيضًا بسبب منشورٍ كتبته على فيس بوك تؤكد لـ"الشرق" أن "المحتلّ يعاني من وسواس دائم يلاحقه أينما تواجد الفلسطيني، فأي حركة يقوم بها أو كلمة يتلفظها تكون بنظره محلّ شكٍ ونيةٍ للقيام بعملية فدائية".

تُهمتها أُغنية

وتروي: "نشرت على حسابي كلمات أنشودة يقول فيها كاتبُها "سامحوني إن غاب جسدي"، وأنا وين وها الأغنية؟".

تقول: "كنا نقضي أول أسبوع في شهر رمضان، فإذ بجيش الاحتلال يقتحم بيتي بعد منتصف الليل، لم أتخيل للحظة أنهم جاءوا لاعتقالي، فهم لم يتوقفوا عن اقتحام بيتنا بالعادة للتنغيص فقط، لكن هذه المرة كان واضحًا أنهم جاءوا لاعتقال أحدٍ، ظننت أن ابني البالغ 14 عامًا حينها قد ألقى حجرًا على "جيبهم العسكري" أو فعل شيئًا ما، لكن سرعان ما أخبروني أنهم جاءوا لاعتقالي". وتضيف:" طمأنت صغاري بأنني سأعود سريعًا، وضعوا القيد في يدي للخلف، وأغمضوا عيني وأمسكوني وراحوا يدفعونني على السلالم".

وتتابع:" اقتادوني مقيدة اليدين والقدمين بالجنازير لمركز تحقيق عتصيون بالخليل ثم لعوفر برام الله عبر وسيلة نقل هي عبارة عن صناديق حديدية داخل صناديق، فتشوني تفتيشًا عاريًا مرتين خلال نصف ساعة وما بين المرة الأولى والثانية لم تكن المجندة فارقتني، فقط يريدون إذلالنا وكسرنا".

وتوضح: "وضعوني في الشمس الحامية وفي كل دقيقة يخبرونني إن كنت أريد ماءً وهم يعلمون أنني صائمة، فكان هدفهم فقط الاستفزاز، وفي كل دقيقة يتناولون الطعام، أما أنا فكل تفكيري بأطفالي".

لم تكن تعلم صباحُ بعد أن تهمتها هي ذلك المنشور، إلى أن صُدِمت بذلك، تعبر: "أخبرني المحقق أنني أعني من تلك الأغنية أن هناك نية لي للقيام بعملية فدائية، وأنني أشكل خطرا على أمن إسرائيل وأنني أتخابر مع أخي المقيم في قطاع غزّة، أخذوا بصمات يديّ وعينة من الأنف والفم وقاموا بتصويري من الأمام والجنب والخوف وأنا لا أعلم إن كنت سأبكي أم أضحك على كل ما يفعلونه، وكأنني ارتكبت جرمًا عظيمًا".

حُكِم على صباح بالسجن مدة 4 شهور، وفي يوم خروجها قاموا بتجديد اعتقالها، لتكون أكبر صدمةٍ لها بعد انتظارها للحرية يومًا بعد يوم، وفي يوم الإفراج الآخر جددوا لها الاعتقال لتكون صدمتها الثانية، ولم تخرج إلا بعد تمديد لخمس مرات، حيث قضت ما مجموعه سنة و3 شهور في السجون، بتهمة تلك الأغنية.

وفي عام 2015 اعتقل الاحتلال الشاعرة دارين طاطور ودامت محاكمتها ثلاث سنوات متتالية قضتها ما بين السجن والاعتقال البيتي والمنفى والإقامة الجبرية، وحكم عليها أيضا بالسجن لفترة خمسة شهور لكتابتها قصيدة ضد الاحتلال بعنوان "قاوم يا شعبي" بعد أن قامت بنشرها في مواقع الاتصال الاجتماعي، حيث اتهمت بالتحريض على العنف والإرهاب وتأييد منظمة إرهابية.

تصاعد الاعتقال

منذ نهاية عام 2014 وحتى الآن، تصاعدت حملات الاعتقال التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي على خلفية نشر منشورات باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة فيسبوك.

وأوضح الباحث رياض الأشقر مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاحتلال اعتقل 390 فلسطينيًا على خلفية الكتابة على مواقع التواصل خلال 2021 موجهًا لهم تهمة التحريض.

وبين أن العدد الأكبر من المعتقلين على خلفية الكتابة على مواقع التواصل من سكان القدس المحتلة، والداخل الفلسطيني، وجاءت معظم هذه الاعتقالات خلال شهري مايو ويونيو لمنع الهبة الشعبية الواسعة التي شهدتها مدن الداخل والقدس تضامناً مع أهالي الشيخ جراح ورفضاً للعدوان الهمجي على قطاع غزة.

وقال: "الاحتلال وجه لوائح اتهام لبعضهم وصدرت بحقهم أحكام مختلفة تراوحت ما بين شهر وعام، بينما آخرون تم تحويلهم الى "الاعتقال الإداري" دون محاكمات، وجددت لهم لفترات أخرى".

وأضاف: "لم يكتف الاحتلال بذلك بل أمعن في انتهاك حقوقهم بالاشتراط عليهم قبل إطلاق سراحهم وقف استخدام مواقع التواصل لفترات تصل إلى عدة أشهر بجانب الغرامة المالية والحبس المنزلي".

وتابع: "الاحتلال يضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية والاتفاقيات والمعاهدات التي تتيح للإنسان حرية التعبير عن رأيه ومعتقداته، وذلك يشكّل سياسة عقابية يستخدمها الاحتلال من أجل تحقيق سياسة الردع".

عنف وتعذيب

وكان المقدسي عمر الهشلمون (17 عاماً) تعرّض للاعتقال على خلفية منشور على موقع "الفيس بوك"، كتب فيه: "لست متأكداً من وجودي طويلاً بالدنيا، لكنّني أتمنّى أن أكون قد غرست داخل الجميع ذكرى طيبة تبقى للأبد"، وبعد دقائق معدودة من كتابة المنشور تلقى والده اتّصالاً من المخابرات وطالبته بضرورة حضور نجله عمر للتّحقيق، ليفاجأ بالتّحقيق معه بشبهة "التهديد بعمل إرهابي"، وتعرض للتعذيب والتعنيف والضغط النفسى وجرى تمديد توقيفه لليوم الثاني، وعقدت له جلسة محكمة، إلا أن المحامي استطاع إنكار الشبهة الموجهة له وتم الإفراج عنه.

وأشار الأشقر إلى أن النيابة العسكرية تقدم للمحكمة ملف الأسير المتهم بالتحريض متضمنًا العشرات من الأوراق التي قامت بطباعتها عن صفحته الشخصية، وتدعى بأنها عبارات تحريضية ودليل على استعداد هذا الشخص للمساس بأمن الاحتلال وتطالب المحكمة بإصدار عقوبة قاسية بحقه لأنه يشكل خطرا على أمن الاحتلال.

مساحة إعلانية