كشف سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي عن مزايا جديدة في قانون الموارد البشرية...
رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
أوضح فضيلة الشيخ عبد الله محمد النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أن كسب الرزق وطلب العيش شيء مأمور به شرعا مندفعة إليه النفوس طبعا، فالله قد جعل النهار معاشا وجعل للناس فيه سبحا طويلا، أمرهم بالمشي في مناكب الأرض ليأكلوا من رزقه وقرن في كتابه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله فقال وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله، وأخبر عليه الصلاة والسلام كما جاء في صحيح البخاري أنه ما أكل أحد طعام قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يدهK ولقد قال بعض السلف إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة. وأكد الخطيب أن الاستغناء عن الناس بالكسب الحلال شرف عال وعز منيع ومن مقصود حكم لقمان قال يا بني استغن بالكسب الحلال عن الفقر فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال رقة في دينه وضعف في عقله وذهاب مروءته، فإن في طيب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين وصون العرض وجمال الوجه ومقام العز، ومن المعلوم أن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب، فالله طيب لا يقبل إلا طيبا، وقد أمر به المؤمنين كما أمر به المرسلين فقال سبحانه يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وذكر الشيخ عبدالله النعمة أن التعامل مع الناس بيعا وشراء ونحو ذلك امر خطير وعظيم ولقد جاء الوعيد الشديد على من غش فيها أو خدع أو أخذ أخيه المسلم بغير حق أو استغله في غير منفعة بغبن، جاء في صحيح مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال له رجل وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وإن كان قضيبا من أراك أي وإن كان حقا يسيرا في حجم عود السواك.
906
| 02 ديسمبر 2023
قال فضيلة الشيخ عبدالله النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: إن الله قد جعل في التوبة ملاذا مكينا وملجأ حصينا يلجه المذنب معترفا بذنبه مؤملا في ربه نادما على فعله غير مصر على خطيئة يحتمي بحمى الاستغفار ويلوذ بالتوبة والإنابة، يتبع السيئة الحسنة فيكفر الله عنه سيئاته ويرفع من درجاته. وقال إن التوبة خضوع وانكسار وتذلل واستغفار، التوبة صفحة بيضاء صفاء ونقاء خشية وإشفاق وبكاء. وأضاف: التوبة خجل ووجل ورجوع وإنابة نجاة من كل غم جُنة من كل هم بابها مفتوح وخيرها ممنوح، أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب عليكم». وقال إن الله فتح أبوابه لكل التائبين يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، قال سبحانه: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم». وذكر الخطيب بأن من ظن أن ذنبا لا يتسع لعفو الله فقد ظن بربه ظن السوء، فكم من عبد كان بعيدا عن أمر الله، فمن الله عليه بتوبة محت عنه ما سلف، فصار من أولياء الرحمن صواما قواما قانتا لله ساجدا. وزاد القول: إن رحمة الله وسعت الذنوب جميعها، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن عبد أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء» فمهما تكرر من العبد الذنب فإن رحمة الله واسعة وكرمه عظيم، ومغفرته قريبة من التائبين، روى الطبراني بإسناد حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يذنب، فقال: يُكتب عليه، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال يُغفر له ويتاب عليه، قال: فيعود فيذنب: قال فيكتب عليه، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال: يغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا». الإقلاع عن المعصية شرط للتوبة ونوه الخطيب بأن المؤمن ليس معصوما من الخطيئة وليس في منأى عن الهفوة ليس في معزل عن الوقوع في الذنب، فأكثروا عباد الله من التوبة والاستغفار، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»، فاعلموا أن التوبة واجبة على كل مسلم في كبيرة أو صغيرة وركنها الأعظم وشرطها المقدم هو الإقلاع عن المعصية والنزوع عن الخطيئة، ولا توبة إلا بفعل المأمور واجتناب المحظور والتخلص من المظالم وإبراء الذمة من حقوق الآخرين.
1072
| 08 يوليو 2023
وصف فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أيام ذي الحجة بأنها مواسم الخيرات فيما وصلت أفواج الحجيج البيت العتيق من كل فج عميق استجابة لنداء الخليل أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام حين أمره ربه بالدعوة للحج. وأوضح الخطيب أن تلك المواسم والأزمنة تتوالى على العباد بفضل الله وكرمه فما ينقضي زمن إلا واعقبه زمن مثله أو أعظم منه، وها نحن نعيش هذه الأيام العظيمة من العشر التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم «أفضل أيام الدنيا العشر» حديث صحيح رواه البزار، وفي هذه الأيام يوم عرفة الذي قال عنه النبي «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» رواه مسلم، وعند الترمذي بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله والحمد وهو على كل شيء قدير». وذكر الشيخ النعمة أن يوم النحر هو الذي سماه الله تعالى يوم الحج الأكبر، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم «إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر» رواه أبو داود بسند صحيح، ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، ويعقبها أيام التشريق، هذه الأيام العظيمة الجليلة هي أيام ذكر لله تعالى وشكر في كل وقت وحين، لكن يتأكد ذلك في هذه الأيام المباركة أيام التشريق، روى مسلم عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل» وهي الأيام المعدودات التي قال الله تعالى فيها «واذكروا الله في أيام معدودات» يسن فيها الإكثار من ذكر الله تعالى، ومن الذكر المشروع في أيام التشريق المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات، والتكبير المطلق في كل وقت وحين من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا.
922
| 24 يونيو 2023
قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إن الدنيا ليست بدار قرار، والركون إليها خطر، والثقة بها غرر، فهي كثيرة التغير، وسريعة التنكير، وشديدة المكر، دائمة الغدر، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما ساءت أشهراً وأعواماً، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما حصل للعبد فيها سرور إلا خبأت له شرورا، ولا ملأت بيتا فرحا إلا ملأته ترحاً وحزنا. وذكر في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب "إن الدنيا شغل بها كثير من الناس، وغرهم سرابها وبريقها وزينتها، فراحوا يتهافتون على جمعها، ويتنافسون في اكتنازها، ورضوا منها الإقامة والتمتع في شهواتها وملاذها، وتركوا الاستعداد ليوم الرحيل والعمل لدار القرار. ونسوا أنها في حقيقتها ما هي إلا معبر إلى الدار الآخرة، وميدان يتنافس فيه المتنافسون ويتسابق فيه المتسابقون للفوز بالدار الآخرة". الغفلة أصابت الناس وقال الخطيب "من ير الناس وهم يتصارعون على هذه الدنيا، ويتكالبون عليها يدرك لماذا يفقد البعض دينه، ويضيع الكثير أهله وأبناءه، وتنتشر الأحقاد، وتزرع الضغائن، وتعم البغضاء. وهذا مصداق ما قاله النبي- صلى الله عليه وسلم-(من كان همه الآخرة جمع له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له). وأعرب عن أسفه للغفلة التي أصابت الناس في هذه الحياة مع كثرة العبر والمواعظ . وقال الخطيب إن من أعظم الغفلة أن يعلم الإنسان أنه يسير في هذه الحياة إلى أجله ينقص عمره، وتدنو نهايته، وهو مع ذلك لاهٍ غافل لا يحسب ليوم الحساب، ولا يتجهز ليوم المعاد. وقال إن لنا في السلف الصالح أعظم أسوة على غير هذه الحال، مع شدة إيمانهم، وتبشيرهم بالجنة، يقول الحسن البصري: (أدركتُ أقواما كانوا لا يفرحون بشيء من الدنيا أوتوه، ولا يأسَون على شيءٍ منها فاتهم، ولقد كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه) . هذه حقيقة الدنيا وتطرق خطيب جامع الإمام إلى نظر الدنيا في عين الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها". وتساءل النعمة "لماذا حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأمة من التنافس والتناحر والتخاصم حباً في الدنيا؟ ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا فتحت عليكم فارس والروم، أي قوم أنتم، قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك، تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون أو نحو ذلك ...". وقال: إن الدنيا إلا فرصة ثمينة، ومزرعة للآخرة نفيسة، فهي موسم الطاعات، وزمن للعبادات، وميدان للتنافس في الصالحات، فيها يتزود المسلم للآخرة، ويعمل للباقية، وما فاز من فاز يوم القيامة إلا بما أسلف في الأيام الخالية، وقدم في هذه الدنيا الفانية. الكل راحل عنها وقال في خاتمة الخطبة "لقد رأينا من يملك هذه الدنيا الفانية وقد رحل منها بكفن، ومن لا يملك منها شيئا قد رحل بكفن مثله، فالجميع لا شك متساوون في القبور، المعظم والمحتقر الغني والفقير الحاكم والمحكوم، ولكن بواطن القبور مختلفة إما روضة من رياض الجنة، وحفرة من حفر النيران، فمن عمل في هذه الحياة صالحا واستعد للقاء الله، واستثمر أوقاتها فيما يعود عليه بالنفع فرح يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وإن كثيرا من الناس مع شديد الأسف لا يزيدهم تعاقب الأيام وتتابع الأعوام وإمهال الله لهم إلا عنادا وكفرا وبعدا عن الله تعالى.
1419
| 28 أبريل 2017
حذر الداعية فضيلة الشيخ عبد الله النعمة المسلمين من الغلو والتطرف لكون أن الاعتدال والتوازن في حياة الإنسان سنة من سنن الله تعالى في خلقه، وسمة من سمات التشريع الإسلامي، وصفة الأمة التي وصفها الله تعالى بأنها الأمة الوسط.وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب الذي احتضن آلاف المصلين: إن التوازن والاعتدال في الحياة سنة الله تعالى في خلقه وكونه، وسمة التشريع الإسلامي العظيم، وصفة الأمة المسلمة التي اصطفاها الله تعالى على الناس، وجعلها خاتمة الأمم، شاهدة عليهم يوم الدين، قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )، كما أن المسلم يقرأ كل يوم في صلاته مرات الدعاء الرباني العظيم الذي علمه الله إياه ووجهه إليه في قوله: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ). الإسلام دين يسروقال: إن من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام ورفقة بها أن جعل شريعته لها شريعة سهلة ميسورة، قائمة على اليسر والعدل والسماحة، بعيدة عن المشقة والحرج والتكلف والرهبنة والغلو، فدين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، روى البخاري في صحيحة ما وصى به النبي أمته قائلاً: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ والقصد القصد تبلغوا).روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: (قَدِمَ ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوتِ أزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم يسألونَ عن عبادةِ النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلما أُخبروا كأنَّهمْ تقالُّوها، فقالوا: وأينَ نحنُ مِنَ النبيِ صلى الله عليه وسلم، قد غُفِرَ لَهُ ما تَقدَمَ منْ ذَنبِهِ وما تأَخرْ، قال أحدَهُمْ: أما أنا فإني أصلي الليلَ أبداً، وقال الآخرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أفطرْ، وقال آخر: أنا أعتزلُ النساءَ فلا أتزوجُ أبداً، فجاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: "أنتمُ الذينَ قلتم كذا وكذا أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكمْ له لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلي وأرقُدُ، وأتزوج النساءَ، فمنْ رغِبَ عن سنتي فليسَ مني). الغلو مصيبةوبيّن فضيلته أن الغلوُ في الدينِ آفةُ الأمَمِ السابقةِ وسببُ هلاكِ أقوامٍ اتخذوهُ دينا، فقد صحَ من حديثِ ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إيّاكُم والغُلُوَّ في الدِّينِ فإنَّما أهلَكَ مَنْ كانَ قبلَكُم الغُلُوُّ في الدّين".، كما بيّن النبيُ صلى الله عليه وسلم عاقبةَ الغالينَ في الدِينِ فقال: " هلكَ المتنطعون، قالها ثلاثاً " والمتنطعون — المتعمقونَ المغالونَ المجاوزونَ الحدودَ في أقوالِهِمْ وأفعالِهِمْ، وهذا يوضَح لنا أن الغلوُ مشقةٌ حقيقيةٌ لهديِ الإسلامِ، وإعراضٌ عن منهجِهِ في الوسطيةِ والاعتدال والرحمةِ واليُسرِ والرِفقِ، والغلوُ ظلمٌ للنفسِ وظلمٌ للناسِ، بل هو صدٌ عن سبيلِ اللهِ لما يُؤرِثُهُ من تشويهٍ وفتنةٍ وتنفيرٍ، فالغلاةُ يتعصبونَ لأفكارِهِمْ ويجعلونِها مصدرَ الحقِ الذي لا يُخالفَ، ويتبرؤونَ من مجتمعاتِ المسلمينَ ويكفرون بالمعاصي، فهم للجهلِ أقربُ ومن العلمِ والعلماءِ أبعد، قال ابنُ المُنيرِ — رحمهَ الله —: " رأينَا ورأىُ الناس قَبْلَنَا أنَّ كُلَ مُتنطِع في الدينِ ينقَطِعُ ".ولفت إلى أن الغلوُ سببٌ لتشديدِ اللهِ على العبدِ وعلى الأمةِ، يقولُ ابنُ القيمِ: نهى النبيُ صلى الله عليه وسلم عن التشديدِ في الدينِ بالزيادةِ على المشروعِ، وأخبرَ صلى الله عليه وسلم أن تشديدَ العبدِ على نفسِهِ هو السببُ لتشديدِ اللهِ عليهِ، إِمَّا بالقدرِ وإِمَا بالشرعِ، فالقدر كَفِعلِ أهلِ الوَسواسِ فإِنَّهُمْ شدَّدُوا على أنفسِهِم فشدَدَ عليهِمْ حتى استَحكَمَ وصَارَ صِفةً لا زمَةً لهم، وأما التشديدُ بالشرعِ، كمن شَدَدَ على نفسِهِ بالنَّذرِ، فشدَدَ اللهُ عليه فألزَمَهُ الوفاءَ بهِ، لذلك جاءتِ الشريعةُ الإسلاميةُ ناهيةً عن السؤالِ في مواطنِ السكوتِ حتى لا تُحرمَ أشياءُ وتُضيقَ أمورٌ على المسلمينَ، ففي الحديث المتفق عليه عن سعد ابن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ "، فكان هذا دأبُ الصحابةِ والتابعينَ من بعدِهِم تأسياً بهديِ النبيِ صلى الله عليه وسلم وأتباعاً لهذهِ الشريعةِ الغراءِ التي جاءتْ للتوسطِ والاعتدالِ، والتيسيرِ والرفقِ، ناهيةً عن الغلوِ والتكليفِ والإفراطِ والتفريطِ.وحثّ الشيخ النعمة المسلمين على أن يدفعوا عن أنفسِهمْ الغلوَ والتكلفَ، كما طالبهم بالاقتداء بالعلماءِ لا المتعالمينَ، وأهلِ الهدي لا أهلِ الهوى الذين لاحظَ لهم من العلمِ الشرعي، قال سبحانه وتعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا). الاعتدال مطلوبوذكّر فضلته بأهمية التوازن والاعتدال في جميع الأمور، مشيرا إلى أن السلامة من الزيادة والنقصان، والنجاة من الغلو والتفريط، هي فضائل تحصل بها السنة والمتابعة، وتُنال بها غنيمة الأجر والمثوبة، وتضمن النجاة والاستمرار في الخير حتى الممات، وفيه تأس بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار عليهم من الله الرضوان، ومخالفة طريق الشيطان، فالتوازن والاعتدال منهج عظيم وأصل كبير بنيت عليه أحكام الدين كلها ليقوم الناس بشرع الله تعالى من غير تساهل وتفريط ولا تشدد، أو غلو، وما سوى الدين من أمور الحياة من باب أولى، فالاعتدال خلق رفيع وأدب جليل يتحلى به المسلم في كل جوانب الحياة، من عبادة وعمل، وإنفاق وملبس، ومأكل ومشرب، ونوم وسهر، وراحة واستجمام وصحبة ومخالطة، بل كل قول وفعل وسلوك يقوم به المرء يجب أن يكون متصفا بالتوازن والاعتدال، ونبذ الغلو والإهمال، حتى يكون نافعا مؤديا نتائجه المرجوة منه على اكمل الوجوه وأحسنها، وروى النسائي وابن ماجه وغيرُهم من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قَالَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْقُطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَوَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ، قال: " بأمثالِ هؤلاءِ وإياكُمُ والغُلو في الدينِ". أسباب الغلوونبّه الخطيب إلى أسباب الغلو، مشيرا إلى أنها كثيرةٌ، لعلَ من أبرزِها: قلةُ التفقهِ في الدينِ وإصدارِ الأحكامِ دون الرجوعِ إلى القرآنِ والسنةِ، أو دونَ العلمِ ببقيةِ النصوصِ المتصلةِ بها أو الأخذِ بظواهرِ النصوصِ في كُلِ حالِ، ومنها أيضا فُقدانُ الثقةِ بأهلِ العلمِ وعدمُ الأخذِ والرجوعِ إلى أقوالِهِم، خصوصا في مستجداتِ المسائِلِ الفقهيةِ والنوازِلِ، وعليه لا بدَ من مدِ جسورِ المودةِ والسؤالِ والرجوعِ لأهلِ العلمِ والعلماءِ، ومن أسباب الغلو أيضا إتباعُ الهوى الذي يَصدُ عن الحقِ ويُعمى البصيرة، قال سبحانهُ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله)، فهذا هوى شيئاً فاستحسنه وأرادَ باستحسانه جرَ الأمةِ أفراداً وجماعةً خَلْفَ هواهُ، كما أن الاستعلاء والتكبر على الغيرِ بالعبادَةِ أحد أسباب الغلو، لذلكَ نهى النبيُ صلى الله عليه وسلم عن الغلوِ في العبادةِ حتى ولو كان منِ أهلِ بيتهِ، ففي البخاري عن أنس — رضي الله عنه قال: (دَخَل النبيُ صلى الله عليه وسلم، فإذا حَبلٌ ممدودٌ بين الساريَتَينِ، قالَ: ما هذا الحبلُ قالوا: هذا حَبْلٌ لزينبَ فإذا فَتَرَتْ تَعَلَقَتْ، فقال النبيُ صلى الله عليه وسلم: حُلُّوهُ لِيُصلِ أحدُكُم نشاطَهُ فإذا فَتَرَ فَليَقْعَدْ).وحثّ فضيلته في نهاية خطبته على الطريق الموصلة إلى الاعتدال، والتي هي العلم والعمل، والتفقه في الدين، والإخلاص، والتجرد لرب العالمين، ولأجلِ ذلك يدعو المسلمُ في كلِ يومِ سبعَ عشرةَ مَرةٍ (اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم)، قال الامام ابن القيم رحمه الله:"إن الصراط المستقيم الذي أوصانا الله به وباتباعه هو الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ وهو قصد السبيل، وما خرج عنه فهو من السبل الجائرة، والجائرة عنه؛ إما مفرط ظالم، أو مجتهد متأول، أو مقلد لأحدهما جاهل، وكل ذلك قد نهى الله عنه، فلم يبق إلا الاقتصاد والاعتصام بالسنة، وعليهما مدار الدين".
3658
| 29 أبريل 2016
قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إن الإسلامَ دينُ وسطٍ بين الغالي والجافي والمُفرِط والمُفرِّط، اذ يأمر بطلب الرزق، ويحضُّ على السعيِ فيه وفي الوقتِ نفسِه يذُمُّ القعودَ عنه والإخلادَ إلى الاتِّكال وتكفُّف الغير، ولقد قال النبيُّ : (اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى) . يقول ابن قُتيبة رحمه الله: "اليدُ العليا هي المُعطية، فالعَجَب عندي من قوم يقولون: هي الآخِذة! ولا أرى هؤلاء القوم إلا قومًا استطابوا السؤال". وقال في خطبة الجمعة بجامع الأمام محمد بن عبدالوهاب إن داء الهلع و فقدان التوازن من كثرة الخوف و شدته لم يصب بشرارته الأفراد والشعوب فقط بل ها نحن نرى ان دولاً عربية اسلامية قد جُنّ جنونها مع ما يعرفه الوضع الاقتصادي العالمي من اضطرابات ، و هذا وان كان مرده إلى سواء تدبير أثناء الرخاء فإنه يعود أيضاً الى قلة ثقة و سوء ظن في الله حال الشدة. وذكر النعمة إنَّ العملَ مهما كانَ حَقيرًا فهو خيرٌ من البِطالة؛ لأنّ العزةَ بلا سؤال خيرٌ ذِلَّة بسؤال، وقد سُئل النبي : أيّ الكسب أفضل؟ قال: (عملُ الرجل بيده، وكلّ بيعٍ مبرورٍ) وقال : ((ما أكلَ أحدٌ طعامًا خيرًا مِن أن يأكلَ من عمل يدِه، وإنَّ نبيَّ الله داود كان يأكل من عمل يده)) . المسلم يسعى دائما وقال أنّه يجِب على المسلمِ أن يسعَى في الرزقِ ويبذلَ وسعه، وأن يرضى بما يقسم الله له، وأن يجعل الغنى والقلةَ مطيَّتين لا يُبالي أيّهما قُسِم له، فإن كانت القلّة فإنها قد تسمو كما سَمَت قلّة المُصطفى مع أنّ فيها الصبر والاحتساب، وإن كانت الغنى فإنَّ الغنى قد يدنو كما دنا غنى قارون.إن المالَ قِوامُ الحياةِ وزِينتُها، والنّاسُ يستقبِلون صباحَهم في كلِّ يومٍ وشؤونُ الرّزق مستولِيةٌ على أفئدتهم، مُستحوِذةٌ على أفكارِهم، المُقِلُّ منهم يريدُ سَعَةً، والموسِع يُريدُ مَزيدًا، فإمّا غنيٌّ فيه طمَع، أو فقيرٌ عنده قَلقٌ، وقَليلٌ مَن هم بَين ذلك. وأوضح في خطبة الجمعة بجامع أمام محمد بن عبدالوهاب إن للناسِ مع الرزقِ في هذه الحياة مذاهبُ شتى ودروبٌ متفاوِتة، كلٌّ بحسَب ما يحملُهُ قلبُه واعتقادُه عن مفهوم الرزق ومفهوم طلَبه واستيعاب الواجبِ تحقيقُه من الوسائل المُؤدِّية إليهما. وقال إن كثيراً من الناس يحصرون الرزق في درهم و دينار ، و لم يعلموا ان الصاحب الوفي هو رزق من الله ، و ان الصحة و العافيه هي رزق من الله ، و ان الذرية الصالحة و الزوجة المؤمنه هما رزقا من الله . وذكرأن اعظم الرزق و اجله و اكبره و اقدسه هو الإيمان و صلاح الأعمال .. (و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلومٌ كفَّار) .. الناسِ قَلِقٌون ز مُتوجِّسٌون وقال في هذه الأثناء إن من الناسِ قَلِقٌ مُتوجِّسٌ، لا يَهنأُ بنومٍ ولَو أغمَض عَينيه، ويتجرَّع طعامَه وشرابَه على شَرَقٍ ولا يكادُ يُسيغُهما؛ لأن هاجِسَ الرزق مُستولٍ عليه وجاثمٌ بقلبه، فهو لا يثِقُ بوعدٍ، ولا يستحضرُ قدَرًا قدَّرَه الله، ولا يَأمنُ سَبيلاً، يرَى نفسَه بين الحياةِ والموت إن لم يلهَث وراء الرزق بلا شرطٍ ولا قيد؛ بل تستوِي عنده وسائلُ التحصيل حلالاً كانت أم حرامًا ما دامَت غايتُه تُبرِّرُ الوسيلة ..وأضاف " مثلُ هذا إذا رأى أَوّلَ الرزقِ سالَ لُعابُهُ لآخره حتى يأكلَ ولا يشبَع، ويشرب ولا يرتوي، ليصدُقَ عليه قول المصطفى : ( لو كان لابنِ آدَم واديان من مالٍ لابتغَى واديًا ثالثًا، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدم إلا الترابُ، ويتوبُ الله على من تاب) . ولفت إلى أن في الناسِ مَن هو عكسُ ذلك تمامًا؛ قد أخلدَت نفسُه إلى الراحةِ، وآثَر الدَّعَة، وجلسَ حِلْسَ بيتِه، لا يهُشُّ ولا ينُشُّ، ينتظِر السماءَ أن تُمطِر ذهبًا أو فضّة، يرَى أنَّ القاعدَ كالساعي أو خيرٌ منه؛ بل يرَى أن السعي لطلب الرزق جُهدٌ مُهدَر ونقص في التوكّل والقناعة، لقد ظلمَ فِئامٌ من الناسِ القناعةَ، فحسِبوها الرضَا بالدُّون، فعمُوا وصمُّوا عن غير هذا المعنى، فضعُفَت الهِمَم عَن طلب معالي الأمورِ، وعَلَت هِمَّة تمجيدِ الفقر والجوع. الاعتدال سعادة وقال إنَّ المسلمَ السعيدَ هو الذي تعتدِل أمامَه مَسالكُ الحياةِ في طلبِ الرزق، فيعمَل ويتصبَّب منه عَرَقُه ليتطهَّر من فَضَلات الكسَل وجمودِ النفس، ويَكسِب الكسبَ الحلال الطيب؛ إذِ المسلم ليس قابعاً في مُعتَكَف أو راهبًا في دَيْر لا عملَ له ولا كَسب؛ لأنّ الإسلام لا يعرف المؤمنَ إلا كادحًا عاملاً في هذه الحياة، آخِذًا منها، مُعطِيًا لها،روى البخاري عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " وجاء في الخطبة " إنَّ المالَ غادٍ ورائح، ومُقبِلٌ ومُدبِر، يغتني بحصولِه أقوامٌ، ويفتقر بعدَمه آخرون، وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء " . مسألة الأرزاق عميقة وقال إن على العبدِ المؤمن إلاَّ أن يبذُل الأسباب، ويبتغي عند الله الرزق، فلا يدرِي أينَ خبَّأ الله له رزقَه، فمصادرُ الرزق ليسَت سواءً، والناسُ يتناوبون على معايِشِ الحياةِ، يطلبونها على صورة تناوُبٍ لا يقدِر عليه إلا الله سبحانه . وذكر خطيب الجمعة إن الله قسَم المعاشَ وقدَّر الأرزاق، والناسُ أجمعون لا يملِكون لك عطاءً ولا منعًا، وإنما الناس وسائط، فما أعطوك فهو بقدَر الله، وما منَعوك فهو بقدَر الله، وما كانَ لك فسَوف يأتيكَ علَى ضَعفك، وما كان لغَيرك فلن تناله بقوّتك. وقال إن مسألة الرزق أدقُّ من أن يفهمَ الناس أغوارها، وأعظمُ من أن يُدرِكوا حِكَمَ الله فيها؛ لأن الله هو الرّزّاق ذو القوة المتين وقال إن منَ الناس من لم يُكتَب له رزقُه إلاّ في أعماقِ البحار كالغوَّاصين، أو في ثَبَج الهواء بين السماء والأرض كالطيَّارين والملاَّحين، أو تحت الأرض يجِدون لقمَة عيشِهم في كسرِ صخر صلدٍ كأصحاب المناجم. واشار إلى أن المؤمِنُ الحقّ هو الراضي بما قسَم الله لَه مِن رزقٍ، وهو المُوقِنُ بعَدل الله فيما قسَم من أرزاقٍ لحكمةٍ يعلمها سبحانه، وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ".
9472
| 19 فبراير 2016
قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إن الإنسان في هذه الدنيا يرنو إلى تمتيع نفسه وحسه وجسده، بألوان اللذائذ وأسباب النعيم، فإذا ما ناله الخير استبشر وسعد وتهلل وشع الرضا والحبور في نفسه، أما إذا مسه ضرٌ وشر، اسودت الدنيا في عينيه وملأ اليأس قلبه، وضاقت عليه نفسه قال تعالى "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ". وقال في خطبة الجمعة بجامع الامام أمس أنه اذا ما أنعم الله على الإنسان ومكن له بتحقيق أمله، واستجابة رجائه انتفخ وانتفش، وبلغ به الفرح البطر والطغيان، فزعم أن ما يرتع فيه من خير إنما مرده إلى جهوده وجهاده، ويغلو متخيلا أن مكاسبه ستدوم، مؤكدا أن سعيد الدنيا هو سعيد الآخرة وأنه سيضم الى ما معه من الدنيا الحسنى عند ربه. ولفت إلى أن الانسان في هذه الحياة يسعى الى السعادة، وهي مطلب المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والغني والفقير، فمنهم من يراها في جمع المال والدرهم، وآخر يراها في الحصول على المناصب الرفيعة، وآخر يراها في الحصول على الشهادات العالية، ومنهم من يراها في غير ذلك. والحق أن هذه الامور جزء من السعادة فهي سعادة وقتية تزول بزوالها، فصاحب المال قد يفقد ماله، وصاحب المنصب قد يزاح من منصبه، بل إن هذا المال الذي هو عصب الحياة اذا لم يستخدمه صاحبه في طاعة الله يكون وبالاً عليه، قال تعالى (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ). قال الشاعر: ولست أرى السعادة جمع مال.. ولكن التقي هو السعيد. طلبها فرعون في الملك، ولكنه ملك بلا إيمان، وتسلطن بلا طاعة، فتشدق في قومه قائلا (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي) ونسي أن الذي ملكه هو الله، والذي جمع له الناس هو الله، والذي أطعمه وسقاه هو الله، فكان جزاء هذا التكبر والتمرد على الله؛ انه لم يتحصل على السعادة التي طلبها، بل كان نصيبه الشقاء والهلاك (فأخذه الله نكال الآخرة والاولى ).. وأضاف "إن الله منح قارون كنوزا كالتلال ما جمعها بجهده، ولا بذكائه، ولا بعرقه، ولا بعبقريته، وظن أنه هو السعيد وحده، وكفر بنعمة الله، فقال عنه (فخسفنا به وبداره الأرض).. وقال " وطلب السعادة الوليد بن المغيرة، فأتاه الله عشرة من الابناء، كان يحضر بهم المحافل، خمسة عن يمينه وخمسة عن يساره، ونسي أن الله خلقه فرداً بلا ولد. مى تحجب السعادة؟ وقال إن الله يحجب السعادة عن كل من لم يعترف بألوهيته، ويدين بربوبيته، فيقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) عباد الله... فأين السعادة إذاً؟ أين مكانها؟ وما هو السبيل إليها؟ والجواب على ذلك، هو الإيمان سر السعادة، والعمل الصالح هو السبيل إليها. وجدها يونس بن متى وهو في ظلمات ثلاث، في بطن الحوت، في ظلمة اليم، في ظلمة الليل، حين انقطعت به الحبال، إلا حبل الله، وتمزقت كل الأسباب، إلا سبب الله، فهتف من بطن الحوت بلسان ضارع حزين (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فوجد السعادة، وجدها موسى عليه السلام وهو بين الأموج في البحر، وهو يستعذب العذاب في سبيل الواحد الأحد: (كلا إن معي ربي سيهدين).. وجدها محمد عليه الصلاة والسلام، وهو يطوق في الغار بسيوف الكفر، ويرى الموت رأي العين، ثم يلتفت إلى أبي بكر ويقول مطمئناً (لا تحزن إن الله معنا). وجدها ذاك الصحابي في ضحك النبي صلى الله عليه وسلم له، فقد روى الترمذي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (بينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قد خفقت برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني — أي دلكها — وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا).. ووجدها ابن تيمية، وهو مكبل بالحديد، في غرفة ضيقة مظلمة فيقول: مايصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن سرت فهي معي.. أنا قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة.. ووجدها إبراهيم بن أدهم، وهو ينام في طرف السكك في بغداد، لا يجد كسرة الخبز ويقول: والذي لا إله إلا هو، إنا في عيش، لو علم به الملوك لجالدونا عليه بالسيوف هذه هي السعادة، وهذه أحوال السعادة، ولا يكون ذلك إلا في الإيمان والعمل الصالح. ولفت إلى قول الشيخ السعدي رحمه الله بشأن أسباب السعادة وهي: أولاً: الإيمان بالله والعمل الصالح، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال ابن عباس: الحياة الطيبة هي الحياة السعيدة.. وقال الشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (إن في الدنيا لجنةً من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة). ثانياً: من أسباب السعادة الإيمان بقضاء الله وقدره، فإن الانسان إذا آمن بالقضاء والقدر أحس براحة نفس، وانشراح صدر، قال عمر رضي الله عنه: أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر. ثالثاً: الإكثار من ذكر الله عز وجل، فإن له سراً عجيباً، في انشراح الصدر، ونعيم القلب، ويطرد الهم والحزن، وجلب الفرح والسرور وطيب العيش. رابعاً: القناعة برزق الله، فإن من قنع بما قسم الله له انشرح صدره وارتاحت نفسه، روى مسلم في صحيحه، من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ". خامساً: أن يعلم المؤمن علم اليقين أن السعادة الحقيقية في الآخرة، وأن الدنيا دار المصائب والنكد والأحزان، قال تعالى {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
1893
| 08 يناير 2016
قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إنه لا قيمة في الحياة مهما تيسرت فيها سبل الرخاء، وتنوعت فيها وسائل المتع والملذات دون أن يشعر الإنسان فيها بالأمان من البوائق والسلامة من الشرور، وينعم بظل الأمن الوارف وحتى تستقر القلوب في حنايا الصدور.وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، إن الأمان من الشرور لا يتحقق لك إلا بالإيمان الصادق بالله، والقيام بالأمانات الموكولة إلى الناس، موضحا أن الأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة، وهي أبرز أمارات الإيمان ودلائل التقوى، والإيمان نفسه أمانة في عنق العبد فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.لا إيمان بلا أمانةواعتبر الأمانة أجلّ صفات المسلم التي تظهر بها ديانته ويتأكد بها إيمانه، ولقد أمر الله عباده المؤمنين بالمحافظة على الأمانة وأدائها إلى أهلها، وأن يحكموا بين الناس بالعدل، وهذان أمران عظيمان لا تقوم الأمانة إلا بهما، واستشهد بالآية الكريمة: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً }.وبما صح عند أحمد، قال رسول الله — صلى الله عليه وسلم —: (أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولاتخن من خانك),مارواه أنس بن مالك — رضي الله عنه — قال: ما خطبنا نبي الله إلا قال: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له).وأشار إلى أن النبي — صلى الله عليه وسلم — كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة).أبرز أخلاق الرسلوذكر أن الأمانة كانت من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ ولقد قص الله علينا في القرآن قصص نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وغيرهم من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.وأضاف بأنه كان لنبينا محمد القدح المعلّى في ذلك ؛ فقد كان معروفاً في قومه بالصادق الأمين، يستودعونه على ودائعهم مع كفرهم بما جاء به وعدوانهم له ولدينه ولأتباعه، إلا أنهم أيقنوا في قرارة نفوسهم أنه الصادق الأمين.وقال النعمة: لئن كانت الأمانة عظيمة القدر حميدة الذكر فإنها واسعة الدلالة ترمز إلى معانٍ شتى من أهمها الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه على النحو الذي فصله قول النبي — صلى الله عليه وسلم — الذي جاء في الحديث المتفق عليه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".القيام بالمسؤوليةوشدد النعمة على أن الأمانة في الإسلام تعني القيام بالمسؤولية في جميع الوجوه، وكل المستويات، في علاقة العبد بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالناس أجمعين.وأضاف بأنها تمتد مع شمولية الإسلام إلى كل مرافق الحياة، في الراعي والرعية، والإدارة والسياسة، في التعليم والتربية، في الصناعة والتجارة.وأشار خطيب جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى أن من أهم أوجه الأمانة حفظ العبد جوارحه وحواسه عن الحرام، ومعرفته نعم الله عليه في أهله ونفسه وماله، والقيام بشكرها.وقال إنه من الأمانة حفظ حقوق الجلساء والأصدقاء؛ فإن المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حقه. فكم من حبال تقطعت، ومصالح تعطلت بسبب إفشاء الأسرار، والغيبة والنميمة والتجسس على المسلمين.ونبه على أن من أوجب الأمانات: حفظ الودائع التي يودعها الناس عند بعضهم ليحفظوها ويردوها عند طلبها وسداد الديون لأهلها فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم" من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري.أمانة الكلمةوذكر النعمة أن من أعظم مجالات الأمانة: أمانة الكلمة إذ بها تهدم أمم وتبنى دول وتنهار شعوب، فكم من كلمة خائنة لا يلقي لها قائلها بالا يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب تكون سببا في هدم كيان مستقيم وتخريب بناء منتظم.وقال: كم من كلمة موبوءة لم تلق للمسؤولية بالا فرقت أمماً، وحطمت أسراً، وصدعت مجتمعات عامةً، فرقت بين الابن وأبيه، والأخ وأخيه، والزوج وزوجه، والجار وجاره، حتى صار حبل المودة مقطوعاً، وصلة القرابه منبوذة. وكم من كلمة كاذبة تجردت من الأمانة أُكِلت بها حقوق، واقتطع مها ممالك، وانتهبت بها أموال، تحريفاً وتزويراً وتدليساً وغشاً، واذا اختلت أمانة الرجال سقط البناء، وسلب الأمن، وضاعت الحقوق، وتفتحت أبواب الفقر والفاقة.الأمانة حمل ثقيلوأشار خطيب جامع الإمام إلى أن الأمانة عبء ثقيل، ومسؤولية كبرى عرضها الله على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الانسان لجهله وظلمه.وأورد قول ابن عباس رضي الله عنهما: الأمانة الفرائض، عرضها الله على السماوات والأرض والجبال ان أدوها أثابهم، وان ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيماً لدين الله تعالى ان لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها جهلا منه وظلماً لنفسه، فما كان إلا مقدار ما بين العصر الى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب آدم الخطيئة).
3177
| 25 ديسمبر 2015
حث فضيلة الشيخ عبد الله النعمة المسلمين على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباع سُنته والسير على منهجه للنجاة من الضيق والكدر والحزن .. وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أن الهم يصيب الغني والفقير والكبير والصغير وأصحاب المناصب والسلطان والجاه، كما يصيب الأفراد البسطاء . وأشار إلى أن الهم والغم والدين يقود الإنسان إلى اليأس حتى يظن أن النهار لن يدرك الليل ويشعر بأن الدقائق تمر بطيئه كأنها ساعات طويله تصحبها آهات وأنات وكدر وملل وتضجر وسخط وتعاسىة وقلق، وكره ،وبغضاء للناس من حوله . وقال إن الهم يجعل البال مشتتا ، والفكر مشغولا ، ولايسلم ولا ينجو منه أحد ،إلا من رحم الله ؛ ولفت إلى أن صاحب المنصب والشرف يتوجس فقد منصبه كل لحظة فيصيبه الهم والأبوان همومهما كثيرة بسبب حاضر الأولاد ومستقبلهم . الهم يصيب الجميع ونبه علي خطأ مَنْ جعل الهم حكرا على ذوي المسكنة وملتحفي المسغبة والإملاق ؛ لافتا إلى أننا نرى كبراء مهمومين وأغنياء مضطربين .. كما نرى فقراء راضين مستقرين .. وتابع قائلا : إذا كان بعض الفقراء يصاب بالهم من فراغ بطنه إبان إملاقه ، فإننا نرى من الأغنياء من يصاب بالهم بسبب تخمة بطنه إبان إغداقه و مثل ذلك في الصبي والشاب والذكر والأنثى والصحيح والسقيم ، والغني والفقير . ولفت خطيب جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى أن الكثيرين يتبرمون بالزوابع التي تحيط بهم والمدلهمات التي تفاجئهم بين الحين والآخر ، مع أن المتاعب والآلام تربة خصبة تنبت على جوانبها بذور القوة والنشاط ؛ إذ ما تفتقت مواهب العظماء إلا وسط ركام من المشاق والجهود المضنية .. وذكر أن الحوادث والخطوب فلن ينال المرء منها إلا ما كُتب له ، ولن يصرف عنه منها إلا ما كٌتب أن يصرف عنه ؛ داعيا لعدم الحزن والهم . وأوضح أن عواقب الأمور تتشابه في الغيوب ، فرب محبوب في مكروه ، ورب خير في شر مستشهدا بقول الله عز وجل :" وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) جند من جنود الله وأكد الداعية النعمة أن الهم جند من جنود الله يبتلي به عباده لينظر ما يعملون ، وهو وإن كان شعورا وليس مادة إلا أنه أشد أثرا من المؤذيات المادية ، واستشهد بما ذكره علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حينما سئل : " من أشد جند الله ؟ فقال : الجبال ، والجبال يقطعها الحديد .. فالحديد أقوى ، والنار تذيب الحديد .. فالنار أقوى ، والماء يطفئ النار .. فالماء أقوى ، والسحاب يحمل الماء .. فالسحاب أقوى ، والريح تعبث بالسحاب .. فالريح أقوى ، والإنسان يتكفأ الريح بيده وثوبه .. فالإنسان أقوى ، والنوم يغلب الإنسان .. فالنوم أقوى ، والهم يغلب النوم ؛ فأقوى جند الله هو الهم .. يسلطه الله على من يشاء من عباده " ، ولقد صدق الله القائل : "فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " وذكر أن إبراهيم بن أدهم مر على رجل مهموم فقال له : إني سائلك عن ثلاثة فأجبني ، قال : أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله ؟ أو ينقص من رزقك شيء قدَرَهُ الله ؟ أو ينقص من أجلك لحظة كتبها الله ؟ فقال الرجل : لا ، قال إبراهيم : فعلام الهم إذن ؟ علاج الهم والحزن وأوضح النعمة ما ينبغي على المسلم فعله عندما يصاب بالهم والحزن ..واستشهد بما رواه أبو داوود في سننه ، عن أبي سعيد الخدري وأرضاه قال: دخل رسول الله المسجد ذات يوم فرأى رجلاً من الأنصار يقال له أبو أمامة جالسًا فيه فقال : يا أبا أمامة ما الذي أجلسك في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: يا رسول الله، هموم لزمتني وديون غلبتني. فقال : ((أو لا أدلك على كلمات إذا قلتهن أذهب الله عنك همك وقضى عنك دينك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أمسيت وأصبحت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) وذكر قول أبو أمامة : فعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني . ودعا الخطيب للإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلص من الهم والحزن بالدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى . واستدل بما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ( ماأصاب عبداُ هم ولاحزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه – فرحا ) الحزن يفرح الشيطان وأوضح أن الشريعة الإسلامية تدعو للبشارة والفأل الحسن ، والبعد عن الهم والحزن ، مؤكدا أن الحزن لم يرد في القرآن الكريم إلا منهيا عنه ، كما في قوله تعالى :" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون " وفي قوله سبحانه :"ولاتحزن عليهم " وقوله تعالى :"ولايحزنك قولهم " وبيَّن خطيب جامع الإمام أن سبب النهي عن الحزن أنه لامصلحة فيه ، وهو أحب شيء إلى الشيطان ، كما قال قال الله عز وجل :"إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله " ونبه خطيب الجمعة إلى إن الدنيا دار لاتخلو من الشدة والمحن ، ولايسلم فيها إنسان من الهموم والغموم والشقاء ، واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " وأشار النعمة إلى إن المتأمل لأهل هذا العصر يجد كثرة الشكوى من الكآبة والضيق، والتضجر والقلق بسبب الهموم المتنوعة والأمراض النفسية المختلفة، حتى وصل الأمر عند البعض إلى الانتحار لهذا فالحاجة ماسَّة لمعرفة المنهج الذي يُقيم الحياة الطيبة، ويكفُل انشراح الصدور، ويجلب الفرح والحبور والبهجة والسرور. نصائح للتخلص من الهموم وذكر جملة من النصائح المساعدة على التخلص من الهموم والأحزان ، في مقدمتها الإيمان بالله عز وجل ،ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ،وإفراد الله - جل وعلا - بالخوف والرجاء، وتفويض الأمور إليه والاعتماد عليه وحده، والوقوف عند حدوده.. {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}. وشدد النعمة على أن السعادة في الطاعة والبهجة في العبادة، والشقاء بكل معانيه، والضنك بجميع مفاهمه في الشرك بالله - جل وعلا - والابتداع في الدين، وفي المعاصي والسيئات، فما يُجازى به المسيءُ من ضيق الصدر وقسوة القلب، وغمه وهمه وحزنه وخوفه، فهي عقوبات عاجلة ونار دنيوية، كما قال ابن القيم - رحمه الله - يقول - جل وعلا -: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} التحلي بالصبر ودعا للتحلي بالصبر عند المصائب، والتخلق به عند المضايق..مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له" وبقوله: "ما يصيب المسلمَ من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكةِ يُشاكها إلا كفر الله بها خطاياه " ، وفي رواية: "ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب، ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كُفِّر به من سيئاته".
1331
| 25 سبتمبر 2015
مساحة إعلانية
كشف سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي عن مزايا جديدة في قانون الموارد البشرية...
27152
| 07 أكتوبر 2025
أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي تعميما بشأن تنظيم اليوم الدراسي خلال فترتي اختبارات منتصف الفصل الدراسي الأول ومنتصف الفصل الدراسي الثاني للعام...
22540
| 08 أكتوبر 2025
أوضح سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي أن من أهم تعديلات قانون الموارد البشرية...
22056
| 07 أكتوبر 2025
أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم القانون رقم 25 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون...
16862
| 07 أكتوبر 2025
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل
أكد سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي، أن الحرص على الأسرة هو في صلب...
10758
| 07 أكتوبر 2025
أصدرت المحكمة المدنية حكماً بإلزام مؤسسة طبية بأن تؤدي لمقيمة مبلغ (2,000,000) مليوني ريال تعويضاً لخطأ طبى فى التشخيص. وتفيد وقائع الدعوى أن...
7442
| 08 أكتوبر 2025
نفي سعادة الدكتور عبدالعزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، رئيس ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي، ما يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي...
6490
| 07 أكتوبر 2025