رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

9472

عبدالله النعمة: الخوف من الفقر ونقص الأرزاق سوء ظن بالرازق

19 فبراير 2016 , 07:41م
alsharq
محمد دفع الله

قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إن الإسلامَ دينُ وسطٍ بين الغالي والجافي والمُفرِط والمُفرِّط، اذ يأمر بطلب الرزق، ويحضُّ على السعيِ فيه وفي الوقتِ نفسِه يذُمُّ القعودَ عنه والإخلادَ إلى الاتِّكال وتكفُّف الغير، ولقد قال النبيُّ : (اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى) . يقول ابن قُتيبة رحمه الله: "اليدُ العليا هي المُعطية، فالعَجَب عندي من قوم يقولون: هي الآخِذة! ولا أرى هؤلاء القوم إلا قومًا استطابوا السؤال".

وقال في خطبة الجمعة بجامع الأمام محمد بن عبدالوهاب إن داء الهلع و فقدان التوازن من كثرة الخوف و شدته لم يصب بشرارته الأفراد والشعوب فقط بل ها نحن نرى ان دولاً عربية اسلامية قد جُنّ جنونها مع ما يعرفه الوضع الاقتصادي العالمي من اضطرابات ، و هذا وان كان مرده إلى سواء تدبير أثناء الرخاء فإنه يعود أيضاً الى قلة ثقة و سوء ظن في الله حال الشدة.

وذكر النعمة إنَّ العملَ مهما كانَ حَقيرًا فهو خيرٌ من البِطالة؛ لأنّ العزةَ بلا سؤال خيرٌ ذِلَّة بسؤال، وقد سُئل النبي : أيّ الكسب أفضل؟ قال: (عملُ الرجل بيده، وكلّ بيعٍ مبرورٍ) وقال : ((ما أكلَ أحدٌ طعامًا خيرًا مِن أن يأكلَ من عمل يدِه، وإنَّ نبيَّ الله داود كان يأكل من عمل يده)) .

المسلم يسعى دائما

وقال أنّه يجِب على المسلمِ أن يسعَى في الرزقِ ويبذلَ وسعه، وأن يرضى بما يقسم الله له، وأن يجعل الغنى والقلةَ مطيَّتين لا يُبالي أيّهما قُسِم له، فإن كانت القلّة فإنها قد تسمو كما سَمَت قلّة المُصطفى مع أنّ فيها الصبر والاحتساب، وإن كانت الغنى فإنَّ الغنى قد يدنو كما دنا غنى قارون.إن المالَ قِوامُ الحياةِ وزِينتُها، والنّاسُ يستقبِلون صباحَهم في كلِّ يومٍ وشؤونُ الرّزق مستولِيةٌ على أفئدتهم، مُستحوِذةٌ على أفكارِهم، المُقِلُّ منهم يريدُ سَعَةً، والموسِع يُريدُ مَزيدًا، فإمّا غنيٌّ فيه طمَع، أو فقيرٌ عنده قَلقٌ، وقَليلٌ مَن هم بَين ذلك.

وأوضح في خطبة الجمعة بجامع أمام محمد بن عبدالوهاب إن للناسِ مع الرزقِ في هذه الحياة مذاهبُ شتى ودروبٌ متفاوِتة، كلٌّ بحسَب ما يحملُهُ قلبُه واعتقادُه عن مفهوم الرزق ومفهوم طلَبه واستيعاب الواجبِ تحقيقُه من الوسائل المُؤدِّية إليهما.

وقال إن كثيراً من الناس يحصرون الرزق في درهم و دينار ، و لم يعلموا ان الصاحب الوفي هو رزق من الله ، و ان الصحة و العافيه هي رزق من الله ، و ان الذرية الصالحة و الزوجة المؤمنه هما رزقا من الله .

وذكرأن اعظم الرزق و اجله و اكبره و اقدسه هو الإيمان و صلاح الأعمال .. (و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلومٌ كفَّار) ..

الناسِ قَلِقٌون ز مُتوجِّسٌون

وقال في هذه الأثناء إن من الناسِ قَلِقٌ مُتوجِّسٌ، لا يَهنأُ بنومٍ ولَو أغمَض عَينيه، ويتجرَّع طعامَه وشرابَه على شَرَقٍ ولا يكادُ يُسيغُهما؛ لأن هاجِسَ الرزق مُستولٍ عليه وجاثمٌ بقلبه، فهو لا يثِقُ بوعدٍ، ولا يستحضرُ قدَرًا قدَّرَه الله، ولا يَأمنُ سَبيلاً، يرَى نفسَه بين الحياةِ والموت إن لم يلهَث وراء الرزق بلا شرطٍ ولا قيد؛ بل تستوِي عنده وسائلُ التحصيل حلالاً كانت أم حرامًا ما دامَت غايتُه تُبرِّرُ الوسيلة ..وأضاف " مثلُ هذا إذا رأى أَوّلَ الرزقِ سالَ لُعابُهُ لآخره حتى يأكلَ ولا يشبَع، ويشرب ولا يرتوي، ليصدُقَ عليه قول المصطفى : ( لو كان لابنِ آدَم واديان من مالٍ لابتغَى واديًا ثالثًا، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدم إلا الترابُ، ويتوبُ الله على من تاب) .

ولفت إلى أن في الناسِ مَن هو عكسُ ذلك تمامًا؛ قد أخلدَت نفسُه إلى الراحةِ، وآثَر الدَّعَة، وجلسَ حِلْسَ بيتِه، لا يهُشُّ ولا ينُشُّ، ينتظِر السماءَ أن تُمطِر ذهبًا أو فضّة، يرَى أنَّ القاعدَ كالساعي أو خيرٌ منه؛ بل يرَى أن السعي لطلب الرزق جُهدٌ مُهدَر ونقص في التوكّل والقناعة، لقد ظلمَ فِئامٌ من الناسِ القناعةَ، فحسِبوها الرضَا بالدُّون، فعمُوا وصمُّوا عن غير هذا المعنى، فضعُفَت الهِمَم عَن طلب معالي الأمورِ، وعَلَت هِمَّة تمجيدِ الفقر والجوع.

الاعتدال سعادة

وقال إنَّ المسلمَ السعيدَ هو الذي تعتدِل أمامَه مَسالكُ الحياةِ في طلبِ الرزق، فيعمَل ويتصبَّب منه عَرَقُه ليتطهَّر من فَضَلات الكسَل وجمودِ النفس، ويَكسِب الكسبَ الحلال الطيب؛ إذِ المسلم ليس قابعاً في مُعتَكَف أو راهبًا في دَيْر لا عملَ له ولا كَسب؛ لأنّ الإسلام لا يعرف المؤمنَ إلا كادحًا عاملاً في هذه الحياة، آخِذًا منها، مُعطِيًا لها،روى البخاري عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه "

وجاء في الخطبة " إنَّ المالَ غادٍ ورائح، ومُقبِلٌ ومُدبِر، يغتني بحصولِه أقوامٌ، ويفتقر بعدَمه آخرون، وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء " .

مسألة الأرزاق عميقة

وقال إن على العبدِ المؤمن إلاَّ أن يبذُل الأسباب، ويبتغي عند الله الرزق، فلا يدرِي أينَ خبَّأ الله له رزقَه، فمصادرُ الرزق ليسَت سواءً، والناسُ يتناوبون على معايِشِ الحياةِ، يطلبونها على صورة تناوُبٍ لا يقدِر عليه إلا الله سبحانه .

وذكر خطيب الجمعة إن الله قسَم المعاشَ وقدَّر الأرزاق، والناسُ أجمعون لا يملِكون لك عطاءً ولا منعًا، وإنما الناس وسائط، فما أعطوك فهو بقدَر الله، وما منَعوك فهو بقدَر الله، وما كانَ لك فسَوف يأتيكَ علَى ضَعفك، وما كان لغَيرك فلن تناله بقوّتك.

وقال إن مسألة الرزق أدقُّ من أن يفهمَ الناس أغوارها، وأعظمُ من أن يُدرِكوا حِكَمَ الله فيها؛ لأن الله هو الرّزّاق ذو القوة المتين وقال إن منَ الناس من لم يُكتَب له رزقُه إلاّ في أعماقِ البحار كالغوَّاصين، أو في ثَبَج الهواء بين السماء والأرض كالطيَّارين والملاَّحين، أو تحت الأرض يجِدون لقمَة عيشِهم في كسرِ صخر صلدٍ كأصحاب المناجم.

واشار إلى أن المؤمِنُ الحقّ هو الراضي بما قسَم الله لَه مِن رزقٍ، وهو المُوقِنُ بعَدل الله فيما قسَم من أرزاقٍ لحكمةٍ يعلمها سبحانه، وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ".

مساحة إعلانية