رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أي حرب عالمية تحوم في سمائنا في ضوء ما يحدث في غزة؟ أو في ضوء حرب أوكرانيا؟ أو حتى في ضوء التحذير المتواصل من حرب كبرى قد تنتج عن غزو صيني لتايوان؟ وهل نحن فعلا بانتظار حرب عالمية جديدة؟ أم أننا ربما نعيش بالفعل حربا عالمية «أبدية»؟
في السنوات الأخيرة تزايد الحديث عن حرب عالمية قادمة اعتبر البعض أنها ستكون الثالثة، الرابعة، الخامسة، وربما السادسة. كل يحسب بحسب تقديره. منهم من يقول إن الحرب الثالثة كانت «الحرب الباردة»، وإن « الحرب على الإرهاب» هي الرابعة، وجائحة كورونا هي الخامسة وعليه تكون المنتظرة هي السادسة. ومنهم من يعتبر أن الضربات الاقتصادية التي أدت لتدمير «النمور الآسيوية» عام 1997 ثم تدمير جانب كبير من الاقتصاد العالمي في 2008 كانتا حربين عالميتين، وعليه تدخل الأزمات الاقتصادية السابقة في القرن المنصرم والحالي، في سياق الحروب العالمية التي يجب حسابها وعدها، بداية بالحرب الأولى 1914. وهنا سيختلف العدُّ بحسب وجهات النظر إزاء المعيار الذي يجعلها حروبا. وسيدخل في ذلك بالتأكيد ما سمي بالكساد الكبير عام 1929.
لكن بما أن المقصود بالحديث الآن هو الحرب العسكرية فسيكون كلامنا عن «الحرب العالمية الثالثة» وعن إرهاصاتها التي هي أخطر كثيرا مما يظن كثيرون. ولعل البعض يندهش عندما يعرف أن الحديث عن الحرب «الثالثة» بدأ والحرب الثانية في منتصفها تقريبا، إذ جاء أول ذكر لها في تقرير لمجلة «تايم» الأمريكية أواخر عام 1941. وفي مارس 1943 نشرت المجلة ذاتها تصريحا لنائب الرئيس آنذاك هنري والاس يقول «نحن سنحدد هذا العام أو في 1944 ما إذا كنا سنبذر بذور حرب عالمية ثالثة»! ومنذئذ لم يتوقف الحديث عن تلك الحرب. وقبل أيام نقلت مجلة «بيلد» الألمانية عن تقرير لوزارة الدفاع في بلدها أن برلين تستعد لحرب مع روسيا خلال أسابيع، تتوقع انفجارها لتكون الحرب «الثالثة»، التي ستمتد إلى العام 2025 وما بعده. وينسجم ذلك مع معلومات أفادت بأن موسكو أعدت بالفعل ميزانية حرب حتى عام 2025، ومع تقرير للمجلة ذاتها نشرته السبت الماضي حول استعدادات لإنشاء مخابئ محصنة في ألمانيا تحسبا للحرب. وهنا نجد في موقع «دييجو.كوم» الأمريكي كلاما عن حرب عالمية ثالثة خلال 2025، تخسر فيها الولايات المتحدة 70 إلى 80 بالمائة من سكانها، مشيرا إلى أنها ستكون حربا نووية. وهذا موقع 1945 الأمريكي أيضا وقد تنبأ قبل أشهر بأن الحرب الثالثة قادمة بأسرع مما يتوقع كثيرون.
على أي حال فإن استقراء التاريخ يجعلنا نستخلص أن الحرب «الثالثة» المرتقبة قادمة لا محالة أيا كان موعدها، حتى ولو تأخرت شهورا أو سنوات أخرى. وهي قادمة لأسباب عدة منها أن الليلة أشبه ما تكون بالبارحة. فقُبيل الحرب الثانية، مثلا، كانت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن قدومها بتفصيل لا يختلف كثيرا عما نحن بصدده الآن، ولم يكن الكثيرون يكترثون لذلك، تماما كما يحدث الآن. وسبب آخر هو أن هذه الحرب الثالثة ستكون جزءا مما أسميه «الحرب العالمية الأبدية» التي يشنها بالفعل «أعداء الإنسانية»، سدنة رأس المال، المتخفون وراء الماسونية العالمية في إطار ما اعتبره عملية مستمرة لـ «صناعة الكفر» كما أسميها في كتابي القادم «صناعة الكفر، تأملات في الدين والسياسة والتاريخ». وفي هذا تفصيل أرجو أن تتاح له الفرصة لاحقا.
وهذه الحرب الأبدية الجارية بالفعل ليست حربا بين قوى متصارعة على النفوذ ولكنها حرب تشنها القوى الرأسمالية على عموم البشر، ومنها حرب غزة، لإبادة أعداد كبيرة منهم في إطار معتقدات يغلفونها بمسميات تبدو علمية من قَبيل، تحسين النسل، والتي يندرج تحتها كثير من النظريات الشيطانية مثل الداروينية وتفوق العرق الأبيض وما شابهها، في إطار سعي لا يتوقف لفرض الهيمنة الغربية والأمريكية تحديدا على العالم كما يقول الخبير الإستراتيجي الفرنسي باسكال بونيفاس في كتابه «نحو حرب عالمية رابعة؟» 2004، والذي حذر فيه من مخططات المحافظين الجدد، ولقي بسببه متاعب عدة واضطهادا من القوى الصهيونية.
وللحرب العالمية «الأبدية» أبدية وجهٌ سماه الدكتور المسيري «الإمبريالية النفسية» وعرفها بأنها «عملية الهيمنة على المجتمعات الغربية»، وأحسب أنها تستهدف العالم كله. تلك الإمبريالية النفسية، تحول الإنسان إلى سلعة مستهدفة بالتعديل والتغيير والتلقين والتشفير من خلال الغذاء المهرمن والدواء المزيف الذي يضر أكثر مما يعالج وهو ما بات يطلق عليه بدوره «استعمار البدن»، بحسب المؤرخ ديفيد أرنولد صاحب كتاب استعمار البدن: طب الدولة والأمراض الوبائية في الهند في القرن 19، (1993).
وتتضح ملامح تلك الحرب الأبدية أكثر إذا أضفنا إلى ما سبق عملية «الاستعمار الأكاديمي» و»الحرب الثقافية»، ومنها حرب التخريب الأخلاقي المتمثلة في محاولة فرض الشذوذ بكل أنواعه على العالم، وخلط الخيال بالواقع والكذب بالحقيقة. وهذه الأخيرة يتناولها كتاب حديث بعنوان «الذكاء الاصطناعي 2041: عشرون رؤية لمستقبلنا»، وضعه كاتبان، أحدهما الرئيس السابق لشركة جوجل (الصين)، كاي-فو لي، والذي يسير على نهج جورج أورويل ليؤكد من وجهة نظره أن «المجتمع الأورويلي» قادم وبتفاصيل أكثر قتامة مما تخيلها أورويل نفسه. يقول كاي-فو لي، إن الذكاء الاصطناعي سيقلب مجتمعاتنا رأسا على عقب، تماما كما حدث مع اختراع الكهرباء والموبايل. هذا بالطبع إن بقي العالم بتفاصيله الحالية أو قريبا منها عند هذا التاريخ. ويتحدث الكتاب عن زمن ستختفي فيه الخصوصية الشخصية بالكامل، والتي تعني عبودية أقسى من عبودية الجاهلية، وعندها سيعلن أعداء الإنسانية انتصارهم في حربهم العالمية الأبدية. وما بعدها يعلمه الخالق وحده.
هل شيطنة زوجة الأب حقيقة أم وهم؟
في زمن تتقاذفه الصور النمطية والأحكام المسبقة، يطل علينا الإعلام بوجهه الملون، ينسج خيوطاً من الخوف والريبة حول... اقرأ المزيد
153
| 14 نوفمبر 2025
حين يثقل الحزن قلبك.. اطرق باب الصلاة
إذا داهمك الخوف وشعرت بالحزن فقم حينها إلى الصلاة، فتطمئن نفسك ويهدأ قلبك، لأن الصلاة تقصي القلق وتبعد... اقرأ المزيد
180
| 14 نوفمبر 2025
السقوط إلى هاوية الطلاق
من المؤسف ان اتحدث عن الطلاق وهي ظاهرة اجتماعية باتت منتشرة وبكثرة في مجتمعنا القطري والخليجي، فنسبة الطلاق... اقرأ المزيد
135
| 14 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16938
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7914
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
5871
| 10 نوفمبر 2025