رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ميز الله الإنسان وكرمه بالعقل، فكان سيداً لهذا الكوكب بما شرفه الله من خير النعم، لكنه في الحقيقة يتشارك هذه الأرض ويتقاسمها مع مخلوقات الله الأخرى التي تسبح بحمده، وتسبح في ملكوته، وقد ولد هذا العقل حراً وساعياً للحرية، وهو عبد لله سبحانه، باختياره، فلو اختار أن يكون عبداً لشيء آخر لكان، ولكنه في رأيي يكون قد سلك المسلك الخطأ، الذي يسلم فيه بطوع اختياره حريته لشيء قد يضره ولا ينفعه، فمن الحرية أن اختار، ومن الحكمة أن اختار ما ينفع ولا يضر ! واي اختيار ذلك الذي تسير إليه بعد سلسلة من المعارف والدلائل والخبرات كلها تقودك إلى الإله الذي لا شك فيه.
ولا يبرح الإنسان مطالباً بحريته، معتقدا بأنها تشترى من متاجر السياسة، وباعة الأنظمة، وبأنه لو ابتاع ذلك الدستور أو تلك القوانين، أو تبادل المجالس النيابية والحكام سوف يجد ضالته ويهنأ بالحرية التي هي غاية مطلبه، وغنوته التي لا ينفك يدندن بكلماتها الرنانة، على كل منبر، وينشد ألحانها من كل نافذة ينفذ منها صوته.
وليت الحرية هي وليدة ما يعتقدون، حين بذلوا في سبيل معتقدهم الغالي والنفيس، فكم من أرواح زهقت، ودماء أهدرت، وانقلابات وثورات في سبيل الحرية كما تتصور لهم، وتتغنى بها خيالاتهم، ولكن رغم كل ذلك السخاء في بحثهم عن الحرية، لم تزل الحرية طيفاً يراود أحلامهم ولا يلامس واقعهم، فقد راحوا يبحثون عنها في شتى الأماكن والبقاع، ولن يجدوا لها أثراً، وكيف تقتفي أثر من لا وجود له في هذا المكان أو ذاك، إذا لم تلتفت إلى أن مكان الحرية هو داخلك، في نفسك وفي قلبك وأفكارك، فلن تستطيع عبثاً أن تجدها في أي زمان أو مكان !! ولا تباع في أسواق الأنظمة أو لدى آلات الحكم !
وقبل أن تكون حراً، فلطالما كنت تتشارك هذه الأرض كما أسلفت مع شركائك، من الأنس والجن، والبهيمة والحشرة، والشجر والجبل، إذاً دامت حريتك ورغبتك مقيدة برغبات هؤلاء كلهم، فتتبادل الأدوار ما بين سيد ومسود، ورئيس ومرؤوس، فأنى لك أن تفهم رغبتها وتسيطر على إرادتها ؟! وما نفع سعيك في الانتفاض والتظاهر والنضال، لتبديل نظام بنظام أو قانون بقانون أو عروش بعروش؟!
ولا يزال الإنسان جاهلا، فلو أوتي الفرصة أن يكون قيصراً على مشارق الأرض ومغاربها، لما شعر يوماً بالحرية ! فكيف يشعر بالحرية وهو يجهل الأرض التي هي جزء من عالم لا نعرف أبعاده وامتداداته؟! فكيف يحكم ما يجهله ؟! أن تكون حراً تعني أن تكون عارفاً ومستأثراً بالعلم وحدك، ومسيطراً على مناهل المعرفة والعلم بلا منازع، إن المعرفة التامة هي الطريق إلى الحرية وكلما زاد جهل الإنسان كلما تعثر في هذا الطريق، كيف لا ورغم كل ما توصل إليه الإنسان من علم يظل نقطة في بحر العلم الخفي الذي يجهله يقول العليم الخبير "وفوق كل ذي علم عليم" ويقول سبحانه "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" آيات صارخات معلنات جهل الإنسان مهما بلغ من العلم، فأنى نطلق على هذا عالم والعالم هو الخالق جل جلاله !
ورحم الله من عرف قدر نفسه واعترف بضعفه، وعدم قدرته على جهله الأعظم، ووضع الحرية هدفاً ساميا يرتقي إليه، ببحثه عن العلم والمعرفة، بدل أن يراها هدفاً في مرمى السياسة، فيجري أميالاً ويبعثر أوقاتاً ويصرف أموالاً ويزهق نفوساً ويريق دماءً ويعيث شغباً واضطراباً، ويرفع صوته بالضجيج والفوضى واللغط.
فإلى أين يأخذك الطريق إلى الحرية ؟ وهي مبعثرة بين شعاب نفسك، ومفارق أفكارك، فقاوم كبرياءك الذي ينكر جهلك، ولا يفتنك ما وصلت إليه من علم، فتتشدق بلفظ الحرية الرفيع، كلما واتتك الفرصة لذلك.
أكاد أجزم بأن ما بات حديث المجالس الخليجية والعربية اليوم بعد تفجر أحداث غزة المؤلمة والهجوم الإسرائيلي الآثم... اقرأ المزيد
126
| 29 سبتمبر 2025
في العصر الرقميّ الحاليّ، لم تعد هوية الأطفال والمراهقين تتشكل فقط من خلال الأسرة والمدرسة والبيئة المحيط بهم،... اقرأ المزيد
294
| 29 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من... اقرأ المزيد
2451
| 29 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
3399
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2886
| 25 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2406
| 22 سبتمبر 2025