رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ليس مصير قطاع غزة وحده بل مصير الحاضر الفلسطيني برمته قد يدخل منعرجا جديدا وتحريرا لو اندلعت انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية. ستقلب هذه الانتفاضة كل الحسابات الإسرائيلية رأسا على عقب وتعيد الأمور إلى المربع الأول والأصلي: احتلال عسكري كولونيالي وشعب مُحتل يثور ضد ذلك الاحتلال. وستربك مثل هذه الانتفاضة الإستراتيجية الإسرائيلية العسكرية الحالية ضد قطاع غزة القائمة على الاستفراد والاستفادة من "الهدوء" الذي أتاحته مرحلة أوسلو العقيمة في الضفة الغربية. صحيح أن انتفاض الضفة الغربية لم يعد سهلا بعد سنوات التنسيق الأمني الطويلة والعمل المتواصل على "تعقيم المقاومة" هناك, لكن ذلك لا يعني أن ذلك لم يعد خيارا. احتمالية هذا الخيار ما زالت قائمة لأن فتح وأجيالها الجديدة تحتاج إلى نفض ثوري حقيقي وتجديد حتى تلحق بالمقاومة الكبيرة في قطاع غزة, وحتى تُستعاد البوصلة الوطنية مرة ثانية. لماذا الحاجة إلى انتفاضة ثالثة؟
السبب الأول هو تصحيح المسار الوطني العام خاصة بعد فشل مفاوضات السلام وبعد أن تبدى أن إسرائيل ليست في وارد تقديم أي حل للفلسطينيين حتى لو لم يلب أيا من طموحاتهم. بعد أكثر من عشرين سنة مفاوضات, تعاقبت عليها حكومات إسرائيلية عديدة, وإدارات أمريكية متلاحقة, يجب أن يكون قد ثبت للقيادة الفلسطينية أن المفاوضات بشكلها الحالي, ومن دون أي ضغط دولي (وليس تركها للاحتكار الأمريكي) هي انتحار سياسي ووطني للفلسطينيين وتذرية لما تبقى من حقوقهم الوطنية. خلال عقدين من المفاوضات فرضت إسرائيل منطقها التفاوضي وهو التفاوض بعيدا عن الشرعية الدولية وقراراتها, وعدم قبول أي طرف ثالث نزيه أو شبه نزيه يشارك فيها. الموقف الأمريكي, والعربي من ورائه مع الأسف, يقوم على مقولة نقبل ما يتوصل إليه الطرفان, وكأن الطرفين متكافآن في القوة والندية.
الانتفاضة الثالثة وعلى خلفية الصمود الكبير للمقاومة في قطاع غزة معناه التقاط فرصة غالية لتوحيد الموقف الفلسطيني على قاعدة جديدة وعملية وهي رفض الاحتلال ومقاومته بعد أن فشلت المفاوضات معه, وليس على قاعدة فرض المفاوضات واشتراطاتها الإسرائيلية على كل الأطراف الفلسطينية. عناد الإرادة الفلسطينية وأداء المقاومة في قطاع غزة والمفاجآت التي صدمت إسرائيل وجيشها دفعت بكل الفلسطينيين في الداخل والخارج إلى الالتفاف حولها, رغم التضحيات والثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون. وكل ذلك دفع بالرئيس الفلسطيني ومنظمة التحرير والشرائح الأعرض في القيادات الفلسطينية لأن تتبنى مطالبات المقاومة بكونها حقوقا للفلسطينيين في قطاع غزة, وعلى رأسها فك الحصار. الالتفاف التضامني والسياسي حول تلك المطالب يعني أنه في مقدور القيادة الفلسطينية في هذه اللحظة أن تفرض مساراً جديدا, وأن تتحدث لغة جديدة, وأن تعيد "فلسطنة" الأجندة وعدم تركها للتنافسات الإقليمية, بل إعادة توجيهها بالاتجاه الصحيح والوطني.
السبب الثاني الذي يبرر الحاجة إلى انتفاضة ثالثة هو إعادة القضية الفلسطينية إلى الأجندة الإقليمية (المزدحمة بالصراعات والقضايا), وحتى إعادتها إلى رأس قائمة القلق والأجندة الإسرائيلية. في السنوات العجاف الأخيرة, وخاصة بعد الانقسام الفلسطيني, انخفض الاهتمام والقلق من القضية الفلسطينية من كونها القضية المركزية التي تواجه "الأجندة الإسرائيلية" إلى مجرد أن قضية مزايدات في سوق التنافس الحزبي بين التيارات والجماعات الإسرائيلية. تحولت الحالة الاستعمارية الأكبر والأهم في النص الثاني من القرن العشرين وفي القرن الواحد والعشرين إلى بند على برامج الأحزاب الإسرائيلية, كل منها يريد أن يثبت لناخبيه أنه أكثر تطرفا وتشددا كي يكسب أصواتا أكثر في أوساط "دولة الاستيطان" التي صارت تحكم وتتحكم في إسرائيل. الانتفاضة الثالثة تكسر هذه الرتابة التي ندفع ثمنها غاليا وتعيد القضية إلى كل الواجهات بما فيها الإسرائيلية.
السبب الثالث, وربما يكون الأهم, الذي يفرض على الفلسطينيين الآن التحرك الانتفاضي في الضفة الغربية هو كسر "الأمر الواقع" الذي اشتغلت على تثبيته إسرائيل خلال سنوات ما بعد الانقسام الفلسطيني, وهو أمر واقع مدمر بشكل هائل للحقوق الفلسطينية, وللأرض الفلسطينية, وللفلسطينيين. هذا الأمر الواقع قام على ثلاثة مرتكزات: تعميق الانقسام, تعميق التنسيق الأمني, وتعميق الاستيطان. وقد اشتغلت الإستراتيجية الإسرائيلية على الحفاظ على هذه المرتكزات مع توفير غطاء سياسي ودبلوماسي يحميها وهو الاستمرار المتقطع لـ "عملية السلام". تحت ستار ومظلة جولات المفاوضات العقيمة تضاعف الاستيطان, عددا وحجماً, إلى ثلاثة أضعاف خلال منذ التوقيع على أوسلو. وخلالها أيضاً نجح التنسيق الأمني في تفريغ الضفة الغربية من المقاومة وأنتج أجيالا خاضعة لأجهزة الأمن الفلسطيني التي نجحت إسرائيل في تجيير كل أعمالها لتعزيز "الاستقرار والهدوء" الذي حيَد الضفة الغربية من معادلة الصراع والمقاومة مع إسرائيل. حتى المقاومة السلمية وغير العسكرية تم ضبط إيقاعها والسيطرة عليها حتى لا تتسع. بالتوازي مع ذلك استمر الانقسام الفلسطيني الذي خدم إسرائيل خدمة جليلة أيضاً, وعملت هي بدورها على ترسيخه واستثماره. والسعار الإسرائيلي الذي تبع المصالحة الفلسطينية كان سببه أن ركيزة أساسية من ركائز الأمر الواقع الذي ترتاح إسرائيل فوقه قد بدأت تهتز وفي طريقها إلى الانهيار. والحرب الوحشية والإبادية التي أطلقتها إسرائيل ضد قطاع غزة هدفها الأساسي العودة بالأمور إلى "الأمر الواقع".
كسر الأمر الواقع معناه إجبار إسرائيل وداعميها الغربيين والعالم على مواجهة القضية الفلسطينية مرة أخرى, ودفعهم, وخاصة إسرائيل, لمواجهة استحقاقات تفرضها حقوق الفلسطينيين في التحرر الوطني والاستقلال, أو تحويل الأرض كلها إلى دولة واحدة لمواطنيها. يجب ألا يستمر الأمر الواقع الذي جوهره ابارتيهد عنصري يكون فيه العنصر والجنس اليهودي متفوقا على الفلسطينيين الذين يعتبرون أفرادا من الدرجة العاشرة وغير مكتملي الإنسانية. عبر استمرار الأمر الواقع فإن إسرائيل تتملص من المواجهة المباشرة مع السؤال عن مصير الفلسطينيين: هل هم شعب تحت الاحتلال, هل هم مواطنون من درجات دنيا, أم ماذا؟
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
7314
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4962
| 02 أكتوبر 2025