رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
جمعتني ظروف السفر بشخصية عربية في قاعة المسافرين بمطار جدة، كان متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكانت وجهتي نحو الدوحة.. تعارفنا وقال: إنه من المتابعين لمحطة الجزيرة باللغتين العربية والإنجليزية، وشاهدني مرات عديدة على شاشتها، وأنني غبت عنها أو غيبت طويلا، وكذلك شاهدني على محطات أجنبية ناطقة باللغة العربية، وقال إنه يتابع ما أكتب، وقال عني قولا كريما لست في حاجة إلى ذكره رغم أنه قول إيجابي.
(2 )
سألني سؤال أربكني: أين قطر اليوم مما يجري على الساحة العربية.. في سوريا والعراق واليمن ولبنان وليبيا؟ لماذا اختفت عن الساحة وبرزت مكانها دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الخليجية، لم نعد نسمع عن دورها في اليمن، إلا عن دور الإغاثة ومعونات معيشية، وليس دوراً سياسياً أو عسكرياً؟
قلت لمحدثي أنا لست موظفاً في أي جهاز من أجهزة الدولة التنفيذية، ولكني كمراقب ومتابع لما يجري على الساحة العربية، اليوم، أستطيع أن أدلي برأيي فيما سألتني عنه. قلت: قطر متواجدة على كل الساحات التي ذكرت، وهناك تنسيق وتعاون منقطع النظير بين القيادة في المملكة العربية السعودية والقيادة السياسية القطرية، ولكون قيادة عاصفة الحزم في اليمن بيد المملكة العربية السعودية فإن الأمر سلم لها. تقوم تلك القيادة بتوزيع القوات وتحديد المهام بين القوات العربية المشاركة في قوات عاصفة الحزم. وأذكّر الكل بمعركة عاصفة الصحراء عام 1991 شارك فيها 33 دولة، وكانت القيادة والتوجيه بيد القيادة الأمريكية (الجنرال شوارزسكوف) على الرغم من أن قوات بريطانية وفرنسية وألمانية وإيطالية وعربية كانت هناك، لكن لم يظهر إلا القادة الأمريكان. ولا يقلل هذا الموقف من قوات عاصفة الحزم، ولا من دور بقية القوات الأخرى المشارك في المعركة.
وبشأن دور القوات الإماراتي، أعتقد أن ذلك تم حسب خطة القياد المشتركة، وتم توزيع المهام بين القوات المتعددة، وقد أدى جيش دولة الإمارات العربية المتحدة دورا في عدن، تجدر الإشادة به، وفي تقديري أيضا أنه لو كلفت الوحدات العسكرية القطرية المشاركة ضمن قوات التحالف العربي بأي مهام فإنها ستنجزها حسب الخطة الموضوعة من قبل القيادة العامة للمجهود العسكري.
ما تقوم به دولة قطر من معونات إنسانية ، تقوم به جمعيات خيرية وحكومية، ودور الدولة أكبر وأهم من تقديم المعونات الإنسانية، ولكن يجب أن لا نقلل من ذلك الأداء، فيد تحارب، وأخرى تضمد جراحا، وثالثة تبني وهكذا والجميع في المعركة.
أريد تأكيد أن مجموعة من دول مجلس التعاون أعطت تفويضا للقيادة السعودية في إدارة الأزمات الراهنة في الوطن العربي، بالتشاور والتنسيق فيما بين تلك القيادات العليا, واتفقوا على جميع السيناريوهات لإدارة الأزمات ، وأعتقد أن ذلك أمر مطلوب.
لم يفوت صاحبي ما قلت دون تعليق. قال: كلامك يحتاج إلى إعادة النظر فيه. ليست دولة الإمارات العربية المتحدة على وفاق مع مجموعة دول مجلس التعاون في القضايا السورية والإيرانية والليبية. وفي اليمن، انفردت الإمارات باتخاذ قراراتها مستقلة عن القيادة المشتركة، وهذا ما يقول به اليمنيون.
قلت: شاركت القوات الجوية السعودية والخليجية في تحرير عدن ومحافظات أخرى، وما أعلمه أن القيادة في عدن مشتركة بين الأطراف المعنية، ولا تنكر القيادة السياسية في أبوظبي ذلك.
قال صاحبي إنه ليس مقتنعا بما قلت، وأكد احترامه لرأيي، ولو أنه لا يتفق مع رأيه في غياب قطر عن الساحة.
( 3 )
سألني ما هو رأيي فيما جرى ويجري في الكويت.. قلت ما جرى في 26 يونيوالماضي، جريمة كبرى، ارتكبت في مكان عبادة ضد مصلين لله قانتين، ليس فيهم حامل سلاح، ولا يهمني من ارتكب تلك الجريمة، سني أو شيعي, يهمني أن الوطن الكويتي تعرض لعمل إرهابي شنيع، لا تكفي إدانته، بل لا بد من الثأر من كل من فعل ذلك الجرم.
وفي 13 أغسطس الجاري تعرض الوطن الكويتي لعمل لا يقل خطورة عن تلك الجريمة آنفة الذكر، لكن المخطط والمنظم والممول قوى خارجية، بالتعاون مع قوى محلية، ذكرت وسائل الإعلام الكويتية أن وراء تلك الجريمة الإرهابية حزب الله اللبناني وإيران.. والأخطر أن المصادر الكويتية ذكرت أن هناك شخصيات كويتية ذات مكانة مرموقة متورطة في الجريمة. لكن، هالني موقف القيادة السياسية في الكويت التي طلبت من حركة 14 آذار اللبنانية عدم التصعيد ضد الأطراف اللبنانية المتورطة في تلك الجريمة النكراء. والسبب رغبة القيادة الكويتية في عدم إثارة الموضوع لبنانيا، كي لا يؤثر على المصالح الكويتية في لبنان. يا للهول!! هل المصالح الفردية، أو الجماعية أهم وأغلى وأثمن من الوطن؟ كنت أقدر أن الإدارة الكويتية ستطلب من مواطنيها الانسحاب من لبنان، وعدم السفر إليه، حتى يتم التحقيق، ثم لكل حادث حديث.
دبلوماسية الاسترضاء التي اتبعت سواء لحزب متهم أو لدولة متهمة بالتورط في العبث بأمن الوطن الكويتي، لكيلا تتضرر مصالح كويتيون، موقف يشجع أطرافا أخرى على أن تتجرأ على القيام بأفعال وأعمال في الكويت أو غيرها من دول مجلس التعاون، وتلحقها بأعمال إرهابية فردية ولو خارج الحدود، مهددة بأنه إذا ألقي القبض على أحد من تلك العصابات الإجرامية، فإن الويل والثبور سيحلان بتلك الدولة أو هذه.
كما أن التبرير الذي صدر عن الأسلحة المكتشفة غير منطقي، أنه تبرير الخائف... تقول تلك التبريرات، إن السلاح الذي تم العثور عليه، لم يكن الوطن الكويتي مستهدفا به، وإنما دولة مجاورة، وتبرير آخر قيل إن هذه الأسلحة كانت نتيجة للغزو العراقي للكويت، وبقيت مخزنة ولم تكتشف إلا الآن، علما بأن المعلومات تؤكد باتت تلك الأسلحة حديثة جدا ومتطورة.
جاء موعد إقلاع طائرة صاحبي ولم يكتمل الحديث.
آخر القول: واجب دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، أن يبينوا بكل وضوح وبلا تورية أو تبرير، جميع الأعمال الإرهابية، ومن القائمون بها، ومن المنظم والممول، ولو كانوا من بين صفوف الأسر الحاكمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025