رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
... نواصل الحديث حول كتاب «محمد كريشان يروي: وإليكم التفاصيل» لمؤلفه/ محمد كريشان. ومن أطرف ما يتذكره الإعلامي في الفصل الثاني (وبدأت الهجرة)، زميلهم الذي صاحبهم من لندن وقد عاش لعدة سنوات من قبل في قطر، والذي خبر تلك العجمة التي تشوب لغة الهنود المعرّبة وهم يشكلون جالية كبيرة في البلد، إذ ما كان منه إلا أن أعدّ قاموساً مصغراً لتلك الألفاظ المبهمة ومرادفاتها، لمساعدة زملائه الجدد، وأسماه «معجم مفيد عشان نفر جديد». أما «قراءة النوايا القطرية في إطلاق مشروع إخباري»، و (الصداع الكبير) الذي تنبأ به السفير الأمريكي في قطر -إذا صدق القطريون- وأسرّه به، فقد صدق.. إلا أن على قدر ما تسببت به تلك القناة من تصدّع لأدمغة مؤسسات عربية رسمية، فقد أخذت بقلوب شعوبها، حين تبنت همومهم وأزماتهم وحرياتهم، وتصدت للوقائع لا لتبثّها وحسب، بل لتشبعها تمحيصاً وتحليلاً وتشهيراً، وتجعل منها قضية رأي عام «جديرة بالمتابعة».
أما في (الفصل الثالث: العراق: زيارات ومطبات)، فيغالب الإعلامي دمعه حين تعرّف بعد مرور الأعوام على مواطنه التونسي الذي عاد إلى بلاده في نعش، وقد لاقاه في عراق السبعينات كطالب مستجد في القانون، وكانت نصيحته سبباً في عودته لبلاده ودراسة الصحافة هناك. لا يلبث الإعلامي حتى يعود إلى بغداد من جديد بعد مغادرتها، في بعثة صيفية قصيرة يحظى بها كطالب متفوق، فيزور المصانع والمكتبات والأسواق والمؤسسات الصحفية والمقامات الدينية، والعراق في أوج نهضته الاقتصادية، غير أن أحد الباعة يحذّره من ذكر اسم الشاعر (مظفر النواب) وهو معارض سياسي، وقد أراد الحصول على أحد دواوينه! ثم يزور العراق في الألفية الثالثة كصحفي، فيلتقي بالطبيب والرسام (علاء بشير) وشهرته (بيكاسو العرب) لتسجيل برنامج (ضيف وحلقة) وقد نهب الأمريكيون بيته بعد هجرته.. ووزير الإعلام (سعيد الصحاف) صاحب (العلوج) الذي صرّح في ختام لقائه عن حماقة أي عمل عدواني يعقب التهديد الأمريكي بالهجوم الوشيك على العراق، وقد تم في صبيحة العشرين من مارس عام 2003 حين كان الإعلامي قد غادر العراق قبلها بيومين فقط! لا يلبث حتى يعود وطاقم إعلامي إلى بغداد بعد سقوطها بأسبوع، لتصوير برنامج (العراق ما بعد الحرب)، فيتخذون من فيلا القائم بالأعمال القطري سكناً مريحاً وموقعاً للتصوير، وقد قيل إنها تعود لإحدى أميرات العهد الملكي. وهناك، يجن جنون المسئولين الأمريكيين لتغطية القناة وقائع الحرب. غير أن كرم العراقيين وحسن ضيافتهم رغم صعوبة الأوضاع، قد كان خير معين لهم، وقد دأبوا على ابتدار استضافتهم بالماء كتقليد شعبي موروث ارتبط بواقعة عطش الإمام الحسين قبل مقتله!
وفي (الفصل الرابع: فلسطين: المهنة والوجع)، يلتقي الإعلامي برئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) في الدوحة، شخصياً لا رسمياً، وذلك لأسباب تعود لغضبه على القناة التي وجدها منحازة لحركة حماس ضد السلطة، إلا أن الإعلامي كان يستمتع بحضور جلسات (البرلمان الفلسطيني في المنفى) التي كانت تشهد اجتماع كافة الفصائل على خلافاتها التي قد تأتي من داخل الفصيل نفسه، مع حدة الكلام المتبادل وجدية الأفكار المطروحة «بل والغضب الساطع أحياناً». لا يستنكف الإعلامي عن زيارة فلسطين -لا سيما وبتأشيرة إسرائيلية- تحت وطأة التوجهات المعارضة لزيارتها وهي رهن الاحتلال، لا لأسباب مهنية وحسب كما يحتج، بل لدعوة الفلسطينيين أنفسهم وهم يقولون قولاً حكيما: «عندما ترفض أن تزورنا هنا ونحن تحت الاحتلال فأنت تعاقبنا مع أنك تحبنا! أنت كمن يرفض زيارة قريب له في السجن لأن لديه موقفاً من السجان الذي يستنكف أن يكون تصريح الزيارة بيديه، والنتيجة أن قريبك سيظل قابعاً وراء القضبان دون أن يخفف من كربته أحد». وفي حين يضطر الإعلامي لإنهاء إجراءات التأشيرة بنفسه داخل سفارة إسرائيل في العاصمة الأردنية، يدور بينه وبين أحد الدبلوماسيين الذي كان بانتظاره حديث، وقد علم أنه المذيع الذي حاور رئيس وزرائهم السابق (إيهود باراك) من خلال القناة التي ما برحت تسبب لهم صداعاً، وهو الذي ينهي حديثه معه بوعيد «ستواجهون في المستقبل فلسطينيين آخرين لا قبل لكم بهم أبداً»، وذلك حين يصل الفلسطينيون الحاليون إلى قناعة بعدم جدوى التسويات معهم، ورغم كل ما يُطرح عليهم وفق القانون الدولي! حينها ينتفض ذلك الديبلوماسي ليسأل سؤالاً مباشراً يفصح عن اضطراب رهابي مركب: «تقصد حماس؟»، فيكون الرد المباشر أيضاً: «لا! هم أقسى عليكم بكثير من حماس وممن سبقها. لست قادراً على تحديد هويتهم لكن هم بالتأكيد قوم لم يسبق لكم التعامل مع أمثالهم». وبعيداً عن هذا الديبلوماسي الرعديد، يلتقي الإعلامي بأحد أصدقائه الذي يقلّب عليه أوجاعاً عربية وهو يسأله: «هل تدري أنه حتى بعد حرب 1967 وقبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى، كان بإمكانك أن تستقل سيارتك من عمان وتذهب لتناول العشاء في رام الله أو القدس ثم تعود، فكلتاهما لا تبعد عن العاصمة الأردنية سوى سبعين كيلومتراً، وتصلهما دون حواجز إسرائيلية ولا تفتيش ولا تنغيص؛ بل وبإمكانك أن تذهب لشواطئ يافا وحيفا كذلك.. لكن ذلك زمن ولى ومضى».
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
2106
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
327
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
324
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2871
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2487
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
2106
| 04 نوفمبر 2025