رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد موفق زيدان

@ahmadmuaffaq

مساحة إعلانية

مقالات

984

د. أحمد موفق زيدان

بين زيارة الشرع إلى اللاذقية وتهديدات نتنياهو

25 فبراير 2025 , 02:00ص

لا يخفى اليوم درجة مأزومية رئيس الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، إن كان على صعيد الوضع الصهيوني البيني، ومعه حجم الاعتراض والانتقاد الداخلي الصهيوني له، أو المأزق الذي وصله بعد وقف إطلاق النار في غزة، وفتحه النار حتى على من رعى الاتفاق الأخير، بالإضافة إلى تهديداته الأخيرة للعهد الجديد في دمشق، حيث هدده بعدم نشر قواته جنوب دمشق، مع إطلاق تصريحات تدعي الاستعداد لحماية من وصفها بالأقلية الدرزية، وسؤال المليون ما الذي دفع نتنياهو إلى هذا كله، ومن الذي طلب منه حماية الأقلية الدرزية الشريكة في هذه الثورة المباركة منذ سنوات.

تزامنت هذه التهديدات، مع زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى عدة محافظات سورية، والاستعداد للمؤتمر الوطني السوري، والذي انطلق بالأمس في دمشق، مما سيُرسخ الإجماع الوطني على عقد اجتماعي جديد، بلا حارس لبوابة الكيان الصهيوني، وهو النظام الأسدي الذي قام بهذه المهمة على أحسن وجه من المنظور الصهيوني، لأكثر من نصف قرن، كل هذا خلط الأوراق الصهيونية في الداخل والخارج، فتجلى ذلك بعكس المخاوف الصهيونية على أن رحيل النظام السوري خسارة للمحور الصهيوني في المنطقة، تماماً كما رأى المحور الإيراني أن رحيله خسارة لهم ولساحاتهم، والظاهر لنا جميعاً أن رحيله خسارة للمحورين، لكن كل واحد منهما يرى الخسارة، بفقدان سيطرته على ساحاتنا وأهلنا وشعبنا، عبر قتلهم وتشريدهم وتفقيرهم، لكن النتيجة واحدة.

* الرئيس الشرع بزيارته الأخيرة إلى الساحل السوري ومنه اللاذقية وطرطوس أرسل رسائل داخلية وخارجية قوية، فالرسائل إلى مليشيات قسد المتمردة حتى الآن على الحكومة المركزية في دمشق، كانت واضحة وهي أن معاقل النظام السوري السابق، وقد خرجت بحشود جماهيرية عفوية تؤيد وتدعم وتساند العهد الجديد، مع انشقاقها عن العهد البائد، الأمر الذي يعني بشكل مباشر أن تعويل المليشيات القسدية على حلف الأقليات لم يعد وارداً، وقد أصبح جزءاً من الماضي، لاسيما بعد قطع رؤوس الإجرام الأسدي وهروبهم إلى خارج البلد، وتخليهم عن ما يصفونه بحاضنتهم بشكل كامل، ودون أي اهتمام بها، على الرغم من حظي النظام البائد بقوى دولية واقليمية داعمة له لعقود، فضلاً عن مليشيات طائفية عابرة للحدود، ولكن كل هذا لم يُغنهم شيئاً، وهي رسالة واضحة لبعض المكونات الأخرى التي ربما يظن بعض رموزها أنها قادرة على العبث في الأمن السوري، ولكن هذا العبث لن يؤمن لها مستقبلاً آمناً إن هي ابتعدت عن ثورتها وعهدها الجديد، وظلت تعول على الاستقواء على الخارج.

* رئيس الكيان الصهيوني يتوعد بحماية المكون الدرزي في السويداء، لكن لا ندري ممن سيحميه، وهو يعرف تماماً أن هذا المكون منخرط بالثورة السورية منذ وقت ليس قصيرا، فضلاً عن أن المزاج العام لهذا المكون هو مع العهد الجديد بغض النظر عن بعض الأصوات النشاز التي ردّ عليها أهلنا في جبل العرب، ولا يحتاجون إلى من يتصدى لها، فثمة أطراف شاذة جداً، لا تعكس رؤية أهلنا الكرام في السويداء وقد تضررت من الإطاحة بعصابات الكبتاغون، فبارت أسواق كبتاغونها، وهو سرطان الكبتاغوني لا يزال يهدد أهلنا في السويداء وسمعتها ومكانتها كما يهدد معه دول الجوار الأقرب والأبعد.

* نخبنا الكرام في السويداء عليها أن ترفع أصواتها عالياً، وذلك على درب الأخوة الدكتور يحيى العريضي والأستاذ ماهر شرف الدين، وفيصل القاسم وغيرهم كثير بفضل الله، فالسويداء محمية كما درعا وإدلب ودمشق وحلب وغيرهم من المدن السورية، بأهلها وبعهدها الجديد، وهي ليست بحاجة إلى استقواءات خارجية معادية لجميعنا. هذه النخب، ومعها كل أهلنا الكرام في السويداء عليهم النزول إلى ساحة الكرامة لرفض كل من يتحدث باسمهم من أمثال مجرم الحرب الصهيونية نتنياهو، الذي ظن بتدميره لترسانة الحرب السورية، يوم سلّم وقدّم النظام له كل خرائط مخازن هذه الأسلحة والذخائر، سيكسر معنويات الشعب السوري الذي هزم نظاماً مجرماً ودولاً إقليمية ودولية، وصبر وصابر حتى انتزع نصره من أشداق الضباع والوحوش.

* احتلال الكيان الصهيوني اليوم لأراض سورية عمل عدائي مستمر منذ وقت ليس قصيرا، وخرق واضح جديد للقانون الدولي، وتتحمل مسؤوليته الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهو تهديد أخرق لكل دول المنطقة، والحكومة الجديدة في دمشق تقوم بجهدها اليوم في ظل ألغام سياسية مليئة بطريقها الصعب والوعر لمواجهة هذه التهديدات، عبر حشد قوى المجتمع الدولي للوقوف بوجه هذه التصريحات والتهديدات وتغيير الوقائع على الأرض، لكن التحرك الشعبي مهم جداً من أجل إرسال رسائل للعدو، ودعم العهد الجديد، التي ستقوّي أوراقه في مواجهة هذه العربدة الوقحة، والتي لن تخدم السلم المنطقوي والعالمي، والتي هي مسؤولية منطقوية وعالمية.

* أخيراً لن نخرج من هذا الواقع المرير إلاّ بتكاتفنا كسوريين، فالتاريخ يسجل اليوم من ختم تاريخه بالوقوف مع الثورة السورية، ومن خانها وأصرّ على المراهنة على خيارات خارجية معادية للشعب السوري، ليخسرها ويخسر معها شعبه، تماماً كما حلّ مع النظام السوري يوم راهن على الخارج، ولم يراهن على شعبه.

مساحة إعلانية