رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة بنت يوسف الغزال

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

4695

فاطمة بنت يوسف الغزال

وصية الشهيد البطل يحيى للأحياء من الأبطال

23 أكتوبر 2024 , 02:00ص

أنا يحيى، ابن اللاجئ الذي حوّل الغربة إلى وطن مؤقت، وحوّل الحلم إلى معركة أبدية.

وأنا أكتب هذه الكلمات، أستحضر كل لحظة مرت في حياتي، من طفولتي بين الأزقة، إلى سنوات السجن الطويلة، إلى كل قطرة دم أُريقت على تراب هذه الأرض.

لقد وُلدت في مخيم خان يونس عام 1962، في زمن كانت فيه فلسطين ذاكرة ممزقة وخرائط منسية على طاولات الساسة.

أنا الرجل الذي نسجت حياته بين النار والرماد، وأدرك مبكرًا أن الحياة في ظل الاحتلال لا تعني إلا السجن الدائم.

عرفت منذ نعومة أظافري أن الحياة في هذه الأرض ليست عادية، وأن من يولد هنا عليه أن يحمل في قلبه سلاحًا لا ينكسر، وأن يعي أن الطريق إلى الحرية طويل.

هذا النص جزء من وصية البطل الشهيد يحيى السنوار الذي سعى الكيان الصهيوني الى اغتياله بكل الوسائل والطرق، وأرادت إسرائيل ان تغتاله كما اغتالت القيادات السابقة للمقاومة الفلسطينية بصاروخ او تفجير بطائرة مسيرة او بصاروخ موجه بإحداثيات لاسليكية، ولكن أراد قدر الله ان يتم اغتياله وهو يحمل بيده سلاحا ويحمل على ظهره قنابل يدوية، وذكر احد القيادات العسكرية الإسرائيلية ان الشهيد السنوار رمى على الجنود قنبلة يدوية قبل وبعد اصابته، أي بطولة هذه التي غرزت في قلب هذا البطل واي عزيمة واقتدار تربى عليها هذا البطل الذي رضع المقاومة والبطولة من ثدي أم فلسطينية ثائرة تطالب بحقوق أبناء وطنها.

أول طفل رمى حجر على المحتل

وقال الشهيد في وصيته: وصيتي تبدأ من ذاك الطفل الذي رمى أول حجر على المحتل، والذي تعلم أن الحجارة هي الكلمات الأولى التي ننطق بها في مواجهة العالم الذي يقف صامتاً أمام جرحنا، تعلمت في شوارع غزة أن الإنسان لا يقاس بسنوات عمره، بل بما يقدمه لوطنه، وهكذا كانت حياتي، سجون ومعارك، ألم وأمل، دخلت السجن أول مرة في عام 1988، وحكم علي بالسجن مدى الحياة، لكنني لم أعرف للخوف طريقا، في تلك الزنازين المظلمة، كنت أرى في كل جدار نافذة للأفق البعيد، وفي كل قضيب نورًا يضيء درب الحرية، في السجن، تعلمت أن الصبر ليس مجرد فضيلة، بل هو سلاح. سلاح مرير، كمن يشرب البحر قطرة قطرة.

لا تفاوض على مصير قضية

من أهم ما ورد في وصية الشهيد البطل لإخوانه الأبطال بألا يهابوا السجون، فهي ليست إلا جزءًا من طريقنا الطويل نحو الحرية، وصيتي أن تظلوا متمسكين بالبندقية، بالكرامة التي لا تساوم، وبالحلم الذي لا يموت، العدو يريدنا أن نتخلى عن المقاومة، أن نحول قضيتنا إلى تفاوض لا ينتهي، لا تفاوضوا على ما هو حق لكم، إنهم يخشون صمودكم أكثر مما يخشون سلاحكم، المقاومة ليست مجرد سلاح نحمله، بل هي حبنا لفلسطين في كل نفس نتنفسه، هي إرادتنا في أن نبقى، رغم أنف الحصار والعدوان،

وختم وصيته بقوله: «إذا عاد الطوفان ولم أكن بينكم، فاعلموا أنني كنت أول قطرة في أمواج الحرية، وأنني عشت لأراكم تكملون المسير، كونوا شوكة في حلقهم، طوفانا لا يعرف التراجع، ولا يهدأ إلا حين يعترف العالم بأننا أصحاب الحق، وأننا لسنا أرقاما في نشرات الأخبار».

هيبة الشهيد التي تخيف العدو

رغم ان جثمان الشهيد البطل لم يتم تسليمه حتى الآن الى أي جهة بل يحتفظ به العدو ليساوم عليه فيما بعد في أي مفاوضات قادمة، لأنهم يخشون من ابطال المقاومة الفلسطينية سوف يشيعونه في موكب مهيب رغم الظروف الأمنية المحيطة بالقطاع كله، ولكن أرادت الأقدار ان ينشر العدو فيديو لنقل جثة السنوار إلى مركز الطب الشرعي وسط قافلة كبيرة من الشرطة الإسرائيلية تنقل جثمان السنوار إلى معهد الطب العدلي، سبحان الله موكب مهيب يصنعه له اعداؤه وكأن الله سخرهم ليرفعوه ويظهروا هيبته حتى بعد الشهادة كان يكفي سيارة واحدة وشرطي واحد ولكن القوم يساقون إلى أقدارهم سوقا.

كسرة أخيرة

لو كانت الاغتيالات نصرا لانتهت المقاومة منذ اغتيال عز الدين القسام قبل 90 عاما، ولكن الاغتيالات كانت تزيد الأبطال عزيمة وقوة واقداما، ويخلف القائد قادة جدد ويخلف الجندي عشرة ويخلف الشهيد الف مقاوم، وأرض فلسطين ولادة وستظل تنبت كل يوم مقاومين وأبطالا كما تنبت غصون الزيتون وعمرها مائة عام، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون.

 

مساحة إعلانية