رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حظي الانقلاب العسكري في النيجر بزخم إعلامي ودولي ربما غير مسبوق، رغم أن الانقلابات في أفريقيا وخاصة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا أمر معتاد سنويا. ومرد هذا الزخم يكمن في الأساس بالانعكاسات الواسعة الجذرية لهذا الانقلاب.
إذ يسطر لحقبة أو بالأحرى لخريطة جديدة من مراكز النفوذ والهيمنة في الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا. إن أول ما طرحه هذا الانقلاب من سؤال لا يزال مطروحا حتى الآن، هو هل يمثل هذا الانقلاب بداية النهاية لانحسار النفوذ الفرنسي التاريخي في منطقة الساحل، مقابل بداية لحقبة نفوذ روسي صيني؟.
من واقع مجريات وأحداث الانقلاب، حدث هذا الانقلاب ضد الرئيس «محمد بازوم» حليف فرنسا الوثيق، من جانب جناح عسكري رافض للهيمنة والتمدد الفرنسي في النيجر، ونال هذا الانقلاب تأييدا شعبيا واسعا، وذلك في ظاهرة نادرة الحدوث في أفريقيا.
ويأتي هذا الانقلاب بعد أشهر قليلة من انقلابات مماثلة في مالي وبوركينا فاسو من أجنحة عسكرية معادية لفرنسا، حيث اضطرت فرنسا إثر هذه الانقلابات إلى سحب قواتها العسكرية من تلك الدول.
على الرغم من الثراء الشديد لدول الساحل بما في ذلك النيجر بالموارد الطبيعية حيث تمتلك احتياطيات هائلة من المعادن النادرة كاليورانيوم والذهب؛ ومع ذلك تئن شعوب هذه الدول من الفقر المدقع. وتجزم شعوب هذه الدول أن المستفيد الوحيد من هذه الثروات فرنسا والنخب الحاكمة المتحالفة معها أو المدعومة منها.
لذا، تراكمت عبر عقود درجات عالية من الغضب والسخط ضد فرنسا من جانب هذه الشعوب، إذ أصعب شيء قد يواجه المرء هو شعوره بالاستغلال دون مقابل يذكر، ففرنسا والغرب عامة يستغل تلك الدول اقتصاديا وأمنيا لمحاربة الإرهاب المهدد لمصالحه دون مقابل، بل ويتركها فريسة لنخب شديدة القمع والفساد.
ومما سبق يمكن القول، إن انقلاب النيجر الذي سبقه عدة انقلابات مماثلة يمثل بلا أدنى مجال للشك، بداية لانحسار النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل، وذلك بسبب اتحاد إرادة هذه الشعوب مع إرادة نخب عسكرية قوية متذمرة على إنهاء النفوذ الفرنسي.
ونحن هنا لا نغفل أن تلك النخب قد يكون لها تطلعات بتوثيق التحالف مع قوى أخرى كروسيا أو الصين، وكذلك نوايا للبقاء الأبدي في السلطة ووأد أية محاولات لانتقال مدنى ديمقراطي حقيقي، كحال الانقلابات العسكرية على مدار التاريخ وخاصة في أفريقيا. لكن الشاهد في الأمر أن القطيعة التامة لهذه النخب مع فرنسا قد باتت أمرا لا يمكن النكوص عنه.
ولعل ما حدث بعد الانقلاب من تطورات عدة تعد بمثابة شواهد قوية على انحسار النفوذ الفرنسي في الساحل وغرب أفريقيا عموما، ومن أهمها عدم نجاح فرنسا ومن ورائها واشنطن في محاولة تدخل عسكري ضد القوات الانقلابية عبر منظمة «الإيكواس» أو مجموعة غرب أفريقيا، التي أعلنت استعدادها للتدخل فور الانقلاب.
وللعلم، لدى كل دولة من دول الإيكواس دوافع وحسابات مختلفة من التدخل العسكري. فإذا كانت ذريعة الإيكواس هي الحفاظ على المسار الديمقراطي وعودة الشرعية؛ فواقع الأمر أن دول الإيكواس مثل السنغال وسيراليون وساحل العاج المحكومة من نخب تابعة لفرنسا، تخشى بشدة من انقلابات مماثلة خاصة وأن لديها نخبا عسكرية وسياسية معادية لفرنسا. كما أن نيجيريا لها حسابات مختلفة تماما تتداخل فيها اعتبارات داخلية وزعامة إقليمية، والأعجب من ذلك أن ممثل نيجيريا في الإيكواس من الرافضين للتدخل.
والصاعقة الأكبر للغرب، كانت الرفض التام لكل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا التدخل، بل إعلانهم المحاربة بجانب القوات الانقلابية ضد الإيكواس.
خلاصة الأمر، أن تدخل الإيكواس في النيجر قد غدا أمرا مستبعدا وهذا يتضح من كم الانقسامات والتوترات (عدم حسم الأمر) في قمم الإيكواس التي انعقدت عقب الانقلاب.
ويشير ذلك بجلاء إلى مدى تدهور النفوذ الفرنسي والغربي عموما في تلك المنطقة الحيوية، إذ قبل عقد من الزمان كانت الإيكواس تتحرك بمجرد مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الفرنسي، كما أن جميع تدخلات الإيكواس السابقة كالتدخل في زامبيا وليبيريا وغينيا بيساو كانت بضوء أخضر فرنسي.
ويتبقى نقطة أخيرة تعد شاهدا قويا على تراجع النفوذ الفرنسي عامة وليس في الساحل فقط، وهي المعارضة الدولية لأي تدخل عسكري في النيجر، حيث عارضت روسيا التدخل، كذلك إيطاليا، وبعض الدول الصديقة لفرنسا مثل الجزائر. خلاصة القول، إن النفوذ الفرنسي في الساحل على المحك، فبحسب نظرية الدومينو، تنتقل الظاهرة إذا حدثت في مكان ما بسرعة البرق كالعدوى إلى أقرب جوار جغرافي لديه جميع المقومات لانتقال الظاهرة. وبالتالي، فعلى الأرجح أن انقلاب النيجر هو مقدمة لسلسلة انقلابات في دول غرب أفريقيا والساحل تعاني من حنق شديد شعبيا ونخبويا من النفوذ الفرنسي، لتصفية ما تبقى من نفوذ فرنسي وإحلال قوى جديدة غيرها وغالبا ستكون الصين عبر النفوذ الاقتصادي الهادئ.
اليوم الوطني.. تجديد الولاء وتعزيز الهوية الوطنية
يحل اليوم الوطني لدولة قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، بوصفه مناسبة تتجاوز حدود الاحتفال... اقرأ المزيد
96
| 14 ديسمبر 2025
التوازن السكاني.. ودوره في ارتفاع نسبة المواطنة
لم نضع أقدامنا في أي موقع خدماتي أو في المجمعات التجارية أو الأماكن السياحية الا ونجد أفواجًا بشرية... اقرأ المزيد
195
| 14 ديسمبر 2025
جائزة سمو الشيخ تميم .. نحو عالم أكثر نزاهة وعدلاً
تمثل جائزة «سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد» نموذجاً رائداً على المستوى... اقرأ المزيد
126
| 14 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025