رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يوم الخميس الفائت أيقظني أحدهم من عز النوم يتحدث الإنجليزيه بطلاقة، قال: صباح الخير، أريد أن أبلغك بأنك محظوظة، وأن الله أعطاكِ هذا الحظ. استوضحت: أي حظ؟ قال: ربحتِ معنا مائتي ألف ريال. سألته: من أنتم؟ قال: أنا من Ooredoo وأنتِ عميلتنا في الدوحة التي فازت في مسابقه انتقاء عشوائي بالجائزة. سألني عن جنسيتي وأعاد مباركته، صدقته وملأني فرح حقيقي، شكرته جدا وسألته متى أحضر لاستلام المبلغ، قال: لا داعي للحضور فقط ارسلي لي اسم البنك الذي تتعاملين معه، ورقم حسابك فيه، وكي نتأكد من شخصيتك صوري لي الـ (ID) وارسليها لي. قلت في نفسي: يا سلام شكرا يا Ooredoo.. شكرا جزيلا ستعوضينني عن آلاف الآلاف التي طالما دفعتها بالاتصالات الدولية. عدت من سرحاني، وقد هاجمني هاجس مفاجئ من موضوع تصوير الـ (ID) وارسالها لجهة لا أعرف المتحدث منها لأقول له: افضل استلام المبلغ بنفسي عن تسلمه بحسابي، ولكن أريد منك لو تكرمت بعض المعلومات.. وهنا قطع الخط، في نفس اللحظة اتصلت بالأخت فاطمة الكواري مديرة العلاقات العامه في Ooredoo، لم اجدها، تركت رقمي وابلغت اني اريد التحدث معها لاستيضاح امر يهمني.. بعد دقائق اتصلت السيدة فاطمة الكواري فرويت لها كل ما حدث، وعلمت منها انه محتال، ولا علاقه له بـ Ooredoo، وحذرتني من إعطاء أي بيانات خاصة، إذ هناك عصابات مختصة بالاحتيال على الناس لسحب اموالهم بمعلومات عنهم، وطلبت الرقم الذي حدثني منه ذلك المحتال فأعطيتها إياه، بعد لحظات طلبني (الأخ) مرة اخرى معتذرا عن قطع الخط، وعاود طلب رقم حسابي، سألته وأنا أضمر السخرية: متى يصلني المبلغ في حسابي بالبنك؟ قال: لن يستغرق الأمر طويلا اذا اعطيتني اسم البنك، ورقم حسابك وارسلتي صورة من الـ (ID) ويمكنني ان ابلغك فورا على الهاتف متى يكون المبلغ في حسابك. صبرت عليه على مضض، اريد المزيد لأعرف مصدر البلاء، كان يقاطعني دائما ويحثني على اعطائه البيانات المطلوبة لتسليمي جائزتي، عندما قلت له إنني أفضل استلام المبلغ بنفسي عن إرسال المعلومات التي طلبها، سبني مسبة لا يتصورها أحد وقطع الخط. ثم توالت اتصالات الإزعاج بأصوات أناس غيره يقولون ألفاظا غاية في السوقيه. بالمناسبة الرقم الذي اتصل بي هو 923035600091، أضعه هنا لأخذ الحيطة والحذر من هؤلاء المحتالين، مع التنبيه بحجب أي بيانات شخصية، إذ كل معلومة يمكن الاستدلال بها عن الشخص المستهدف، وتستغل. ونصيحة مهمة أود أن أوردها عند استخدام البطاقه الائتمانية: مهم جدا أن نتوخى الدقة فنجري عملية الدفع والبطاقة تحت نظرنا، لا نسلمها لأحد برقمها السري ليذهب ويعود لنا بالفاتورة، هذا حدث بحسن نية مع أحدهم، وربنا ستر.. يبقى لي رجاء بأن تخصص البرامج الإذاعية والتلفزيونية لقاءات مع السادة المسئولين في الداخلية، لتقديم فقرات توعوية تنبه الناس لجرائم الاحتيال وكل الجرائم الإلكترونية وكيفية التوقي منها، إذ كثيرون يمكن أن يضروا أنفسهم بقلة وعيهم.
طبقات فوق الهمس
*رسائل لناس في المحروسة
* منير الزاهد رئيس بنك القاهرة يقترح ضريبة على العاملين بالخارج، تقدر بـ 20 %. للسيد منير الذي أرجو ألا "ينطفئ" أقول: شرفنا حضرتك لترى بعينيك أن بعض العاملين بالخارج عاجزون عن دفع إيجارات منازلهم، ومهددون بالإخلاء الجبري، وبعضهم تتكرم الجهات الخيرية القطرية بدفع متأخراتهم.. نرجو يا سيد منير ان تجمعوا ما تريدون من جيوب (الحرامية) الذين سرقوا مصر، وإجبارهم على دفع ضرائبهم أولا، قبل بحثكم عمن بالخارج.
* بعض الرائعين المجاملين لحكومة المحروسة يقترحون زيادة الضرائب رغم جنون الأسعار والناس المطحونة، لهم أقول: كان بإمكان الدولة ألا تشتري أربع طائرات (فالكون) لزوم (الفخفخة) الخاصة بالرئاسة، وتوفر أربعة مليارات ثمنها للشعب (المهري) أقصد المصري!!
* في مجلس الشعب المخوّل ببحث مصائب الناس وإيجاد حلول لمشكلاتهم، رأينا البرلمانيين (بيتسلوا) بالفول السوداني واللب والترمس، ولا عزاء للموجوعين المنتظرين.
* إلى رئيس البرلمان المصري: بطل نفاق.. ستحشر في قبر ضيق.. خاف ربك.
كلام يخوّف
* لا تستهن بصرخة أحدهم في وجهك بـ (حسبنا الله ونعم الوكيل)! فإنها عبارة إن قيلت في موضعها الصحيح كفيلة بأن تجردك من كل نعم الله عليك!!
"د.عمر عبد الكافي"
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
5568
| 25 سبتمبر 2025
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
5409
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4437
| 29 سبتمبر 2025