رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تشهد أسواق النفط هذا الانهيار منذ أكثر من 12 عاما، أي منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بعد أن هوت أسعار خام برنت لتصل إلى حاجز أقل من 30 دولارا للبرميل، في حين تراجع سعر سلة أوبك إلى 25 دولاراً للبرميل، خاصة أن المعروض العالمي من النفط الذي فاق 2.1 مليون برميل يوميا خلال عام 2014، بسبب ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة بـ1.6 مليون برميل يومياً، وهذه أول مرة يزيد فيها بلد إنتاجه النفطي بأكثر من مليون برميل في اليوم، ومما يزيد الأزمة تعقيدا بشكل أو بآخر الإعلان عن رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران على خلفية برنامجها النووي، ومن ثم عودة النفط الإيراني بمعدل 500 ألف برميل إضافي في السوق، وتمسك أوبك التي تنتج ثلثي النفط العالمي بالمحافظة على سقف الإنتاج الحالي بمعدلات إنتاج عالية للمحافظة على الحصص السوقية للتصدي للمنتجين غير التقليديين من أصحاب النفط الصخري، وكذلك في مواجهة دخول إيران التي تبحث عن حصتها في السوق التي حرمت منها طوال سنوات العقوبات، إلى جانب عوامل أخرى تسببت في هذا الهبوط الحاد إلى المستويات القياسية أهمها:
ضعف الطلب لأكثر من عام ونصف، وتخمة المعروض حيث تفيض أسواق النفط بالمعروض منذ أكثر من عام ونصف العام وهو عمر بدء حرب النفط بين المنتجين التقليديين والمنتجين الجدد، الأمر الذي يهدد إمكانية إعادة التوازن السريع إلى سوق النفط، مما يفتح الباب أمام تراجعات مستقبلية للأسعار في ظل الظروف القائمة، التي يصعب معها ارتفاع مستوى الأسعار ليحقق ولو إلى درجة قريبة من نقطة التعادل المناسبة لكل الأطراف من المنتجين التقليديين والصخريين والمستهلكين لأنها تشكل بذلك معادلة صعبة، بعد زيادة إنتاج النفط الصخري وسماح الكونجرس الأمريكي للشركات الأمريكية بتصدير النفط للخارج، لأن هذه النقطة هي الأمل الذي يتطلع إليه الجميع للخروج من أزمة الأسعار وحرب النفط القائمة حاليا والتي يمكن أن تكسر عظام الجميع، مما يجعل الاقتصاد العالمي يئن تحت وطأة التباطؤ وتراجع النمو إلى فترة أطول، وهذه العوامل تلقي بتبعاتها وظلالها السلبية على التجارة والاقتصاد في العديد من دول العالم، مع استمرار ضعف النمو في الاقتصادات الصاعدة نتيجة انخفاض الطلب على صادراتها خصوصا الصين الذي قاد سريعا إلى هبوط وارداتها من السلع الأساسية والنفط تحديدا، وهي مؤشرات خطيرة على أسواق النفط لأن زيادة المعروض سينعكس حتما على الأسعار العالمية، وسيكون المتضرر الأكبر من ذلك هو الدول التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل، وبالتالي ستشهد سوق النفط تراجعات في الأسعار في ظل استمرار الظروف الحالية، لأن الاقتصاد العالمي سيقبل على أزمة اقتصادية عالمية، ولا يوجد أدنى شك أن حرب النفط ستكون هي المحور الرئيسي لهذه الأزمة، ولاسيَّما مع اشتعال الصراع داخل أسواق النفط وزيادة المنافسة بين المنتجين، التي يدعمها بقوة بعض العوامل السياسية الحاضرة بقوة في المشهد القائم، التي تعتمد على حسابات خاصة بالعلاقات بين بعض الدول،على الرغم من أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع المالية للدول المنتجة للنفط، التي بدأت تتحول من تحقيق فوائد وعوائد مرتفعة إلى أن تسجل لأول مرة عجزا في ميزانيتها، سينعكس حتما على أنماط الحياة الاجتماعية وحياة الرفاهية التي تعودت عليها بعض المجتمعات، والخطير أن يستمر ذلك لعدة سنوات قادمة، إذا لم تسع دول الأوبك في وقت عاجل إلى إنهاء حرب الأسعار بتخفيض الإنتاج، سعيا إلى العودة إلى أسعار تناسب المنتجين الذين فقدوا حتى القدرة على زيادة الاستثمارات في تطوير حقول النفط التي سوف تتأثر سلبا لعدة سنوات قادمة، حيث تفقد قدرتها الإنتاجية ومن ثم لا يمكنها مواجهة زيادة الطلب على المدى الطويل إلا بتوسيع طاقتها الإنتاجية، ولاسيَّما أن الدول النفطية قد خسرت نحو 500 مليار دولار في حرب الأسعار خلال عام ونصف العام فقط، والمنتجون الأصغر في أوبك هم الأكثر تضررا، وإذا لم يتم تدارك الأزمة بسرعة، فقد تتفاقم الأوضاع إلى حدود لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وفضلا عن أنها قد تتسبب في فتح أبواب جديدة للصراع تجر العالم إلى مزيد من الأزمات والانتكاسات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3252
| 23 أكتوبر 2025