رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد العزيز محمود المصطفى

كاتب وأكاديمي

[email protected]
 

مساحة إعلانية

مقالات

1110

عبد العزيز محمود المصطفى

بين مواقيتِ الله ورغباتنا!!

18 أبريل 2025 , 01:30ص

في زحمة الحياة، حيث تعصفُ بنا الأحلامُ المؤجلةُ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، والأمنياتُ الّتي تبدو بعيدة المنال، ننسى أحيانًا أنّ لكلِّ شيءٍ توقيته المُقدّر من قِبلِ الخالقِ عزّ وجل، وأنّ ما نتوهمه تأخيرًا هو لا محالة عينُ الحكمة، وما نحسبه حرمانًا قد يكون عطاءً مؤجلًا، يتنزل حين تتهيأ له القلوبُ وتستعدُ له الأرواح.

والإنسانُ بطبيعته عجولٌ، يضيقُ صدره بالانتظار، ويظنه ضياعًا للوقت، كما قال المولى سبحانه وتعالى في القرآن الكريم» خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ».

المرءُ بفطرته يُنهكه الترقب، ويريدُ أن تأتي الإجابات فورَ السؤال، وأن تنجلي الغيوم عند أولِّ رجاءٍ!!! لكنّ الحكمة الإلهية تنسج أحداثَ الحياة بخيوطٍ لا تراها العينُ القاصرة، فتؤخر حين يكون التأخير خيرًا، وتمنعُ حين يكون الحرمانُ نجاة، وهنا قد يحبُ الإنسانُ أمرًا فيه ضررٌ له، وقد يكره ما فيه فوزه، وهذا مصداق لقول الخالق سبحانه» وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئـًٔا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

إنّها الحقيقة الّتي يجهلها الكثيرون؛ إذ أننا نحكمُ على الأشياءِ بمنظورنا الضيق، لكنّ اللهَ يراها بعلمه المحيط، يهيئُ الظروفَ، ويرتبُ الأسبابَ، وينتظر حتى ننضج بما يكفي لاستقبالِ ما يليقُ بعطاءِ الكريم.

الثقة بحكمة الله أن نبقى متفائلين رغم تأخر الأبواب في الانفتاح، ومؤمنين إيمان الموقنِ أنّ ما يأتي في أوانه يكون أكثر نضجًا وأجمل أثرًا في نفوسنا؛ فكم مرة بكينا على شيءٍ ظنناه خسارة، ثم اكتشفنا لاحقًا أنه كان عين النجاة؟ وكم مرّة استبطأنا رزقًا أو فرصة، ثم جاءت في وقتها، فإذا بها أنفع مما كنا نتصور؟ هذا هو التوقيت الإلهي، الذي يسير وفق ميزانٍ دقيق لا يعرف العجلة، ولا يخضع لأهوائنا الصغيرة.

ولذا قال بعضُ أهل العلم: «ما تأخر عنك شيءٌ إلا لحكمة، وما جاءك شيءٌ إلاّ بقدرٍ، فارضَ تكن أغنى الناس».

ختامًا: مواقيتُ الله عز وجلّ وأقداره لا تأمرنا أن نستكين ونستسلم؛ بل أن نعمل بهمةٍ ونشاط، مع يقينٍ لا يتزحزح أنّ خفايا القدر هي الأكثر خيرًا لنا في الدنيا والآخرة، كما قال ابنُ عطاء الله السكندري:» متى فُتح لك باب الفهم في المنع، عاد المنعُ عينُ العطاء».

• كاتبٌ وأكاديمي

مساحة إعلانية