رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبدالعزيز آل إسحاق

عبدالعزيز آل إسحاق

مساحة إعلانية

مقالات

444

عبدالعزيز آل إسحاق

سقف ترامب

18 فبراير 2025 , 02:00ص

منذ دخوله الساحة السياسية، برع دونالد ترامب في استخدام إستراتيجيات تفاوضية غير تقليدية، تجمع بين التهديدات القصوى والانسحاب الوهمي من الاتفاقيات، ثم إعادة الدخول في المفاوضات من موقع قوة. هذه الطريقة قد تكون فعالة في عالم الأعمال والتجارة الذي يأتي منه ترامب، لكنها تحمل مخاطر كارثية عندما تُستخدم في السياسة الدولية. فأسلوب ترامب قائم على رفع سقف المطالب إلى الحد الأقصى، وخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ليعود لاحقًا للتفاوض من موقع أقوى.

يؤمن ترامب بمبدأ أن الطرف الذي يضع شروطًا متطرفة منذ البداية، يحصل في النهاية على أفضل صفقة ممكنة. ويعتمد لتحقيق ذلك على أساليب متعددة، مثل خلق أزمة مصطنعة بتصعيد غير مسبوق ليضع الطرف الآخر تحت ضغط شديد كما فعل مع المكسيك مؤخراً، أو يهدد بأقصى العواقب كما فعل مع كوريا الشمالية حين قال إنها ستواجه «النار والغضب» أو يعلن انسحابًا أو رفضًا صارمًا قبل إعادة الدخول في المفاوضات مثلما حدث مع اتفاقية نافتا واتفاق باريس للمناخ. أو يتعمد فرض عقوبات أو حروب تجارية لدفع الطرف الآخر إلى التنازل كما فعل مع الصين وإيران.

لكن لو راجعنا ما حدث لاحقاً لوجدنا مثلاً أنه في 2017، هدد ترامب كوريا الشمالية بـ»النار والغضب»، مما جعل العالم يترقب اندلاع حرب نووية. لكنه عاد لاحقًا والتقى كيم جونغ أون، ووقع اتفاقات لم تكن جوهرية لكنها منحته صورة المنتصر. ورغم ذلك، لم يتغير شيء على أرض الواقع، واستمرت كوريا الشمالية في تطوير برنامجها النووي.

وفي حادثة أخرى وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، فرض عقوبات خانقة، معتقدًا أن النظام الإيراني سينهار. لكن ما حدث هو العكس، إذ أصبحت إيران أكثر عدائية، وبدأت في تعزيز تحالفاتها مع روسيا والصين، مما زاد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

الخضوع لأسلوب ترامب لا يعني تحقيق الاستقرار، بل على العكس، يؤدي إلى خلق بيئة دولية مليئة بالفوضى وعدم اليقين. إليك بعض الأسباب التي تجعل الخضوع له خيارًا كارثيًا، فإذا استسلمت الدول لتهديداته سيصبح النظام العالمي مبنيًا على الابتزاز وليس على القانون الدولي والتفاهمات المتبادلة، كما أن نجاح ترامب في استخدام أسلوبه التهديدي قد يدفع قادة آخرين حول العالم لاعتماد التكتيك ذاته، مما يجعل العالم أكثر توترًا.

إن كثيراً من قرارات ترامب كانت تستهدف حلفاء أمريكا التقليديين، مثل تهديده بالانسحاب من الناتو وفرضه تعريفات جمركية على حلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبي، مما جعل التحالفات الغربية أكثر هشاشة، وبالرغم أن أسلوب ترامب في التصعيد قبل التفاوض قد ينجح أحيانًا، لكنه يحمل مخاطر غير محسوبة، حيث قد تتحول التصعيدات الكلامية إلى صراعات فعلية، كما حدث عندما اغتالت إدارته قاسم سليماني، وكادت الحرب تندلع بين الولايات المتحدة وإيران.

إن الخضوع لسقف ترامب ينذر بخطر كبير على أي دولة، والدول القادرة على الصبر هي التي ستتخطى خطر قراراته، فالإيرانيون مثلاً قدموا نموذجا في عدم الرد العاطفي على تهديداته، بل انتظاره حتى يعود إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر منطقية، وتتطلب هذه التهديدات عملا جماعيا يعتمد على تحالفات جماعية كما تحاول أوروبا فعله الآن وكما يحاول العرب في قمة القاهرة القيام به، لأنه في كل مرة ينجح فيها ترامب في فرض شروطه عبر التهديد، سيصبح أسلوبه أكثر خطورة، لذلك يجب مقاومة أسلوبه بدلًا من الخضوع له.

ترامب ليس مجرد رئيس أمريكي عادي، بل هو رجل أعمال يطبق قواعد التجارة في السياسة الدولية. وبينما نجح في بعض الحالات في تحقيق مكاسب قصيرة المدى، إلا أن إستراتيجيته خلقت عالمًا أكثر اضطرابًا. الخضوع لأسلوبه التهديدي ليس حلًا، بل يزيد من حالة عدم الاستقرار العالمي لذلك يجب على الدول أن تتعامل معه بحذر، وأن تدرك أن أسلوبه لا يمكن مواجهته إلا عبر الصمود، والعمل المشترك، والتفاوض من موقع قوة حقيقية، وليس عبر الرضوخ لابتزازه السياسي والاقتصادي.

اقرأ المزيد

alsharq القضية الكردية بين تركيا وسوريا والولايات المتحدة

شكّلت القضية الكردية أحد أبرز التحديات التي واجهتها تركيا لعقود طويلة، فالجمهورية التركية الحديثة، التي قامت على قطيعة... اقرأ المزيد

315

| 17 نوفمبر 2025

alsharq مؤامرة الصمت

لعل أبرز إشكالية يعاني منها المريض المتضرر من خطأ طبي هي إثبات دعواه أمام القضاء، إذ يتعين عليه... اقرأ المزيد

309

| 17 نوفمبر 2025

alsharq التعلّق.. خيطٌ من المحبة يجرّنا إلى الوجع

التعلّق شعورٌ يولد مع الإنسان منذ أول لحظةٍ يبصر فيها النور، كأنه نداء خفيّ في أعماق القلب يبحث... اقرأ المزيد

204

| 17 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية