رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"الفلسطينيون متخلفون عنا ثقافيا بـ500 سنة، وروحيا لا يمتلكون الصلابة ولا الصمود الذي نملكه... (ومع ذلك) فإن كل شعب أصيل سوف يقاوم أي مستوطنين أغراب طالما يرى فسحة أمل في إنهاء الخطر القادم مع الاستيطان الأجنبي، وهذا ما يفعله عرب فلسطين وما سوف يواصلون فعله طالما بقي لهم أي بصيص أمل في الحيلولة دون تحويل "فلسطين" إلى "أرض إسرائيل".
هذا الخطاب الخليط من العنصرية والتعالي والإدراك أيضا لما سيكون عليه موقف الفلسطينيين من المشروع الصهيوني هو بعض مما كان قد قاله فلاديمير جابوتنسكي أحد غلاة المنظرين الصهاينة، ومؤسس الحركة التصحيحية اليهودية، قبل قيام دولة إسرائيل في مقال نشره في نوفمبر 1923، جابوتنسكي كان يجادل ضد بعض الأصوات الصهيونية "المعتدلة" التي كانت ترى ضرورة الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين حول الهجرة اليهودية وحول الوجود اليهودي المتعاظم في فلسطين، جابوتنسكي وصف تلك الأصوات بأنها ساذجة وأن عليها أن تغادر الفكرة الصهيونية إن لم تتحمل رؤية الصهيونية وهي تتحقق على الأرض بالقوة والجبروت ورغم أنف سكان البلاد المحليين، وكان يرى أن أرض إسرائيل تمتد على ضفتي نهر الأردن ويكرر "هذه الضفة لنا، وتلك الضفة لنا أيضا"، وقد رفض بشدة توصية لجنة بيل بالتقسيم سنة 1947، وعلى أفكار جابوتنسكي تربى والد بنيامين نتنياهو الذي عمل سكرتيرا خاصا له، ومن مدرسة جابوتنسكي تخرج عتاة القادة الإسرائيليين من اليمين إلى اليسار، من مناحيم بيجن وشارون، إلى إسحق رابين وإيهود باراك،
في نفس المقال المذكور والشهير تابع المنظر الصهيوني توضيح أفكاره قائلاً: "لا نستطيع أن نعد عرب إسرائيل أو في البلدان العربية بأي شيء، ذلك أن موافقتهم الطوعية (على المشروع الصهيوني) غير واردة، لذلك فعلى الذين يحملون فكرة أن اتفاقا مع السكان الأصليين هو شرط جوهري للصهيونية أن يقولوا "لا" ثم يتركوا الصهيونية، الاستعمار الصهيوني، حتى في أكثر صوره محدودية، يجب إما أن ينتهي وإما أن يتواصل على الضد من رغبة السكان المحليين، ولهذا فليس ثمة طريقة لهذا الاستعمار كي يتواصل ويتحقق إلا بالقوة – بجدار حديدي لا يتمكن السكان المحليون من اختراقه، وهذه سياستنا تجاه العرب أيضا... بعضنا يفضل هذا أن يقوم هذا الجدار بحراب يهودية، وبعضنا الآخر يقترح حربا بريطانية، وبعض ثالث يقترح أن يكون عبر حراب اتفاق مع بغداد... لكن المهم أننا جمعيا نريد جدارا حديدياً".
"الرؤية" التي كان يقترحها جابوتنسكي على الحركة الصهيونية أصبحت في نهاية المطاف العمود الفقري للفكر والإستراتيجية الصهيونية الإسرائيلية على مدار عقود طويلة، وكما يثبت المؤرخ آفي شلايم في كتابه الشهير بعنوان "الجدار الحديدي"، وهي تتلخص في ضرورة إغلاق باب الأمل نهائيا أمام الفلسطينيين وتحطيم إرادتهم كلياً، بحيث لا يجدون بديلا عن الاستسلام والرضوخ لواقع "الجدار الحديدي" الصلب الذي لا يستطيعون هدمه، آنذاك، أي عندما يتأكد للفلسطينيين أن لا طريق أمامهم سوى الاستسلام يمكن الوصول إلى توقيع اتفاق معهم، يكون عمليا صك استسلام وبحسب الشروط والإملاءات الصهيونية، لذلك فإن أي شكل من أشكال مقاومة المشروع الصهيوني ورفضه والوقوف في وجهه يجب أن تضرب كل قشوة ممكنة ويتم تسويتها بالأرض، لأن ذلك هو الطريق الوحيد الذي يمهد لظافرية فكرة وإستراتيجية "الجدار الحديد".
تمكننا قراءة كل تاريخ إسرائيل العدواني والتوسعي من زاوية نظرية "الجدار الحديد" الذي يريد أن يدمي رؤوس الفلسطينيين والعرب وهم يحاولون تدميره، ولنظرية "الجدار الحديد" آليات أخرى تشتغل على مستويات متعددة متعلقة بالداخل الإسرائيلي ومكوناته الصهيونية، وأهمها "إبقاء النيران متقدة" كما كان يقول جابوتنسكي، ومعنى ذلك الإبقاء الدائم على حالة التوتر والحرب والتيقظ وتصوير الحياة اليومية الصهيونية بكونها تحفز للحرب والدفاع ضد "الأغيار" الذين يحتشدون وراء "الجدار الحديد" ويريدون أن يفترسوا إسرائيل واليهود، ومن دون هذه السيكولوجيا التخويفية والاستعدائية فإن مخاطر الترهل والتساهل قد تبدأ في السريان في "الصف الصهيوني"، ولهذا وبسبب هذا التخوف فإن جانبا لا يُستهان به من الفكر الصهيوني اللاحق، أي بعد بأسس الدولة العبرية، وحتى الآن ورغم قوتها وجبروتها، ما زال يقف جوهريا وفلسفيا ضد فكرة "السلام مع العرب والفلسطينيين"، فمثل هذا السلام حتى لو كان بحسب الشروط الصهيونية وبحسب طموحات ورؤية جابوتنسكي سوف ينهي سمات التيقظ والتحفز للحرب والجاهزية ضد الأغيار، ويفتح الأبواب للدعة والترهل والاسترخاء، وبحسب هذه النظرة فإن معنى بقاء إسرائيل مرتبط عضويا بفكرة إبقاء الخوف من الخطر الوجودي عليها، الحقيقي أو المتخيل، متقدة نصب أعين كل اليهود.
حرب نتنياهو على غزة هذه الأيام هي الإعادة الدورية لإنتاج "الجدار الحديدي" الذي أسسه جابوتنسكي، رسالتها هي ذات الرسالة القديمة، لكن التي أصابها التوتر والهشاشة على مدار العقود، على الفلسطينيين أن يرضخوا وحسب، وليس أمامهم أي خيار سوى القبول بالاستسلام، التوتر الذي صارت تميز به رسالة وإستراتيجية "الجدار الحديد" هي أن إرادة الفلسطينيين ومنذ أن بشر جابوتنسكي برؤيته سنة 1923 لم تهن ولم تنكسر رغم كل الهزائم، ورغم الخذلان العربي، ورغم التضحيات، ورغم ما قد يتبدى من انسداد في الأفق، لم تستطع إسرائيل بكل جبروتها العاتي، وبكل الدعم الغربي والأمريكي الذي تعتاش عليه، ورغم اتفاقات السلام مع دول عربية مجاورة التي حيدت عبرها الجيوش والمواقف السياسية، أن تكسر الإرادة الكلية للفلسطينيين وأن توقف مقاومتهم، صحيح أن الأكلاف الفلسطينية الحالية وككل مرة تكون باهظة، لأن البطش الإسرائيلي وآلة الحرب العمياء النازية لا ترحم وتريد أن تذل الفلسطينيين وتسكتهم، لكن في الصورة التاريخية والأعم فإن جدار إسرائيل الحديد هو الذي يتهشم، وكما أن خيارات الفلسطينيين محدودة بعد أن أرادت إسرائيل منهم أن يوافقوا على توسيع الاستيطان ولا يعترضوا، وعلى تهويد القدس ولا يعترضوا، وعلى التنسيق الأمني ولا يعترضوا، فإن خيارات إسرائيل هي الأخرى محدودة، عوض أن يترسخ الجدار الحديد بعد كل جولة حربية تنخرط فيها إسرائيل وقادتها المهووسون بتتبع أبيهم الروحي الموغل في التطرف والعنصرية، فإن ذلك الجدار يتهشم أكثر.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
7314
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4962
| 02 أكتوبر 2025