رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

327

هديل رشاد

قانون الغاب يطوق (مادلين) !

11 يونيو 2025 , 02:00ص

إنَّ اعتراض قوات كوماندوز إسرائيلية لسفينة «مادلين» التابعة لأسطول الحرية (FFC) يوم أمس الأول، والتي تحمل 12 ناشطا دوليا، بهدف كسر الحصار البحري على غزة، لم يكن سوى برهان جديد على أن إسرائيل لم تعد تخترق القانون الدولي فحسب، بل باتت تقف فوقه بكل وقاحة وتبجح، السفينة كانت تحمل مساعدات إنسانية فلا شبهة سلاح، لا تهديد أمني ولا أي مبرر عسكري، ومع ذلك أقدمت قوات كوماندوز إسرائيلية على محاصرتها واعتقال من كانوا على متنها في عمق المياه الدولية، ضاربة بعرض الحائط نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، التي تحظر اعتراض السفن المدنية في أعالي البحار إلا في حالات قرصنة أو تجارة عبيد أو بث إذاعات غير مرخصة، لا ينطبق منها شيء على سفينة «مادلين» بالاستناد إلى المختصين.

لكن الجريمة القانونية لم تتوقف عند التنفيذ، بل امتدت إلى رد الفعل الدولي الباهت، الذي لم يرقَ إلى مستوى الانتهاك، سلسلة من الإدانات اللفظية صدرت عن بعض الدول والمنظمات، كأنها تستنكر زلة دبلوماسية لا عملية قرصنة مكتملة الأركان، ألمانيا، فرنسا، النرويج وبلجيكا تحدثت بلغة القلق والدعوة لضبط النفس، فيما طالب الاتحاد الأوروبي بـالإفراج عن النشطاء الدوليين، بينما الأمم المتحدة أعربت عن الانزعاج العميق، وضرورة التحقيق، وكأن حادثة الاختطاف هذه مجرد حالة سوء تفاهم عابرة، فما فعلته إسرائيل هو انتهاك فاضح للقواعد المعمول بها دوليًّا، فوفق «دليل سان ريمو» و»دليل نيوبورت»، لا يجوز استخدام القوة ضد سفن مدنية إلا بعد إنذارها ورفضها الواضح التفتيشَ بالاستناد إلى الدكتور محمود الحنفي- أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان-، كما أنها انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني الذي يفرض حماية الإغاثة الإنسانية حتى في زمن النزاعات المسلحة.

* السؤال هنا ليس فقط حول مدى شرعية التصرف الإسرائيلي؟، بل أيضًا حول طبيعة المعايير التي تحكم ردود الأفعال الدولية؟، ماذا لو لم تكن إسرائيل هي الجهة التي اعترضت السفينة؟ هل كانت ردود العواصم الغربية ستكون بالمستوى ذاته من الحذر والخجل؟ هل كانت الولايات المتحدة ستكتفي بالدعوة إلى التهدئة، لو أن روسيا مثلًا هي من اختطفت نشطاء إغاثة في عرض البحر؟ هل سيكون رد الفعل لبعض الدول بالصورة التي عليها الآن؟!، هناك ازدواجية فجّة في المعايير لا يمكن تغطيتها بعبارات دبلوماسية، عندما تكون إسرائيل هي الفاعل، تتجمّد قوانين الملاحة، وتتعطل آليات المحاسبة، وتُعامل القرصنة كحق سيادي مشروع.

فالرد على جريمة قرصنة سفينة «مادلين» لم يكن بحجم الجرم، لا مجلس أمن دعا لانعقاد جلسة طارئة!، لا عقوبات، لا محاسبة، القانون دُهس، والمنظومة الدولية وقفت متفرجة، كأن ما حدث مجرد تفصيل صغير لا يستحق سوى إدانة وشجب واستنكار!، رغم أنَّ الاحتلال لا يخشى السفينة عينها، بل يخشى من اسمها الذي يحمل قصة نضال يتوارثها الأجيال.

* ومن بين ما حرّك هذه السفينة وأثار الذعر من وجودها، ليس حمولتها ولا مسارها، بل رمزها، لم يكن اختيار اسم «مادلين» عبثيًا. بل أُطلق عليها نسبةً إلى الصيادة مادلين كلاب، أول فتاة فلسطينية تمارس الصيد كمهنة مع والدها منذ سن الثالثة عشرة، وأصبحت رمزًا لصمود العائلات في وجه الحصار البحري. عملها لم يكن خيارا بل ضرورة، في مواجهة الحصار الخانق الذي يفرضه المحتل، فحين قرر منظمو الحملة إطلاق اسمها على السفينة، كانوا يعلنون أن هذه الرحلة لا تحمل طعاما فحسب، بل تحمل قصة فتاة تمثّل مئات الآلاف من المحاصرين والمحاصرات في قطاع غزة.

من كانوا على متنها لم يكونوا سياسيين ولا عسكريين، كانوا متضامنين من خلفيات مختلفة، من ضمنهم ناشطون دوليون معروفون في مجالات المناخ وحقوق الإنسان، أتوا بدافع أخلاقي بحت، لا تربطهم بالمنطقة لا قومية ولا مصلحة، وجودهم ليس بهدف استعراض العضلات أو بحثا عن الشهرة!، بل تذكيراً رمزياً بأن الحصار جريمة، وأن كسره واجب في ظل تخاذل وتقاعس المجتمع الدولي، لكن إسرائيل تعاملت مع هؤلاء كخطر إستراتيجي، وأرسلت قوات كوماندوز لردعهم، لتمنع روايتهم من الوصول، قبل أن تمنعهم هم أنفسهم.

ورغم كل محاولات التعتيم، ما جرى في عرض البحر أشعل من جديد جذوة التضامن، ففي تونس انطلقت قافلة الصمود بمشاركة نشطاء من تونس والجزائر والمغرب بغية الوصول إلى معبر رفح لكسر حصار غزة المطبق، وهذه دلالة على أنَّ سفينة «مادلين» بلغت الهدف وأوصلت الرسالة، من خلال المبادرات الشعبية التي تخرج من ضمير الشارع العربي الذي سئم الصمت الرسمي، فهذا التضامن الشعبي المتصاعد يفضح بؤس المواقف الرسمية العربية والعالمية التي التزمت الصمت كالعادة، رغم أن الحادثة تضع المنطقة كلها أمام اختبار أخلاقي: هل تبقى القرارات بيد أنظمة لا ترى في الدم الفلسطيني إلا ملفًا يجب القفز عنه !

ختاما...

ما فعلته إسرائيل على ظهر سفينة «مادلين»، لم يكن ليحدث لولا الدعم الذي تلقاه من القوى العظمى، عسكرياً وسياسياً، وكأن إسرائيل تريد إحلال القانون الدولي الإنساني بقانون الغاب.!.

اقرأ المزيد

alsharq مرحلة جديدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، القانون رقم (22) لسنة 2025... اقرأ المزيد

237

| 08 أكتوبر 2025

alsharq بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة التنمية، بل كان دائماً هو الأصل والجوهر، فهو الخليفة في... اقرأ المزيد

1161

| 08 أكتوبر 2025

alsharq قراءة في العقل الأمريكي.. كيف هندس ترامب صفقة غزة؟

بعد عامين تنفست غزة فيها الصعداء مع الاعلان الأمريكي عن اتفاق بين حماس واسرائيل، ليكسر دوامة الحرب التي... اقرأ المزيد

237

| 08 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية