رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

264

هديل رشاد

الوسيط النزيه.. يضع المجتمع الدولي في ميزان العدالة

10 سبتمبر 2025 , 02:50ص

في خطوة تنم عن «عته» سياسي، استهدفت إسرائيل مقر حركة حماس في الدوحة، أمس، محاولة اغتيال عدد من قادة الحركة السياسيين، هذا الهجوم ليس مجرد استهداف عابر، بل اعتداء صارخ على دولة ذات سيادة، تلعب دوراً محورياً في الوساطة الإقليمية، وعلى خط مباشر في إدارة الملف التفاوضي لإنهاء الحرب الإسرائيلية الفلسطينية الحالية، بما في ذلك جهود الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الهدن السابقة، قطر لطالما أثبتت قدرتها على إدارة ملفات حساسة تتطلب دقة وحكمة، متجنبة الانحياز، محققة المعادلة الصعبة في الحفاظ على التوازن في إدارة مسار المفاوضات رغم حساسيته، مبقية قنوات التفاوض مفتوحة بين الأطراف المختلفة، ما يجعل استهداف أراضيها انتهاكا واضحا للسيادة الوطنية وتحديا صريحا للقوانين الدولية، وبالأخص البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز لمجلس الأمن اتخاذ إجراءات ضد أي تهديد للسلم والأمن الدوليين بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، فاستهداف مقر حركة حماس والوفد الفلسطيني المفاوض على الأراضي القطرية رغم فشله، أضعف الموقف الإسرائيلي وأدى إلى زيادة عزلة الكيان على الصعيدين الإقليمي والدولي إلا من بعض الدول المنحازة للباطل على مختلف أوجهه.

العملية التي أُطلق عليها اسم «قمة النار»، نفذتها القوات الإسرائيلية في وقت حساس، إذ كانت قيادة حماس بصدد دراسة مقترح هدنة أمريكي في غزة، فاستهداف قادة الحركة المشاركين في مفاوضات الإفراج عن الأسرى يطرح تساؤلات حول نية إسرائيل الحقيقية في تقويض جهود الوساطة، فهذه العملية عززت من الانقسامات الداخلية في الأوساط الإسرائيلية فمنها من رأى أن العملية خطوة ضرورية لإرسال رسالة سياسية، إلا أن آخرين أبدوا مخاوف من أن توقيتها قد يعقد جهود السلام ويزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسيا، هذا الانقسام الداخلي يعكس توترًا في السياسة الإسرائيلية بين من يسعى للتصعيد ومن يحذر من العواقب، ويتضح من تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين باركوا العملية في بدايتها وتراجعوا بشكل غير مباشر من خلال الإشارة إلى أن الهجوم لم يأتِ بعد دراسة شاملة للآثار الإقليمية والدولية، بل يعكس عقلية قيادة تميل إلى اتخاذ خطوات متهورة لتحقيق أهداف آنية، متجاوزة كل الاعتبارات القانونية والدبلوماسية.

وما يجعل الهجوم على قطر مختلفا وخطيرا هو أنه استهدف دولة وسيطا في ملف غاية في الحساسية، هذا الاستهداف يشير إلى استراتيجية إسرائيلية تستخدم الاغتيالات والتصعيد العسكري نهجاً عندما يضيق الخناق عليها، وتتسرب كل السبل الدبلوماسية من بين أيديها، كما ظهر في اغتيال صالح العاروري في لبنان واستهداف إسماعيل هنية في إيران.

إن قطر التي لطالما تبنّت نهجا دبلوماسيا متزنا، لم تكن يوما طرفا في النزاعات، بل جسدت نموذجا فريدا في الوساطة النزيهة، واضعة مصلحة الشعوب فوق الحسابات السياسية الضيقة، هذا الاعتداء الغاشم لا يستهدف أرضا ذات سيادة فقط، بل يهدد منظومة الوساطة الدولية برمتها، ويبعث برسالة خطيرة مفادها أن من يسعى للسلام قد يدفع الثمن، إن الرد الدولي يجب أن يتجاوز بيانات الشجب، ليصل إلى إجراءات عملية تضمن حماية الدول التي تؤدي أدوارا إنسانية وسياسية محورية، وتردع كل من يحاول تقويض جهود السلام عبر العنف والاغتيال، فيجب أن يكون ردا صارما وحازما لردع هذا العدوان السافر وضمان احترام سيادة الدول، وحماية قطر وسيادتها لمكانتها الدولية، ودورها المحوري في الوساطة وإدارة الأزمات الإنسانية والدبلوماسية، فإن عدم اتخاذ إجراءات فعالة سيجعل مثل هذه الأعمال السافرة قاعدة مهددة للأمن الإقليمي واستقرار جهود السلام، فالاصطفاف إلى جانب الحق السيادي لدولة قطر لابد أن يتجاوز الإدانات والشجب والبيانات لفعل يضمن حقها وحق من بعدها من الدول التي قد تكون طرفا من أطراف السلام لا النزاع.

ختاما 

رغم ما تدفعه دولة قطر من أثمان بسبب دورها كوسيط، إلا أنها لن تُقايض على سيادتها ولن تتوانى عن دورها الإنساني والدبلوماسي، وإن استهداف أراضيها لا يُضعف من عزيمتها، بل يعزز من مسؤوليتها الأخلاقية في مواصلة جهود الوساطة رغم التهديدات، وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن السكوت عن هذا العدوان يُعد تواطؤًا ضمنيا وأن حماية الدول التي تسعى للسلام هو واجب لا خيار، قطر التي اختيرت كوسيط، تستحق الدعم الكامل، لا الإدانة الرمزية الجوفاء، بل خطوات عملية تردع كل من يظن أن لغة القوة يمكن أن تُسكت صوت العقل والعدالة.

اقرأ المزيد

alsharq ورقة برسيم لا ورقة توت

يحاول نتنياهو تبرير عدوانه الغادر على دولة قطر التي أثبتت للعالم من خلال مكانها الرسمي في مجلس الأمن... اقرأ المزيد

42

| 22 سبتمبر 2025

alsharq عقول مستهدفة.. الوجه الجديد للهندسة الاجتماعية في عصر الذكاء الاصطناعي

العقل البشري أصبح جبهة الحرب الجديدة. لم تعد الهندسة الاجتماعية مجرّد حيلة نفسية بدائية كما عرفناها في الماضي،... اقرأ المزيد

48

| 22 سبتمبر 2025

alsharq صورة السودان في الإعلام الخارجي: من يرسم ملامحها؟ 2-2

الجدال الكبير الذي أثاره قرار سحب ترخيص مديرة مكتب إحدى القنوات العربية من ممارسة العمل الصحفي في البلاد... اقرأ المزيد

36

| 22 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية