رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي إبراهيم العبد الغني

- رئيــس مجموعة الإسلامية القطرية للتأمين

مساحة إعلانية

مقالات

2901

علي إبراهيم العبد الغني

التأمين الطبي أو الصحي (المشاكل والحلول 2-2)

09 أغسطس 2015 , 01:11ص

استمراراً لمعالجتنا ومناقشتنا لموضوع التأمين الطبي أو الصحي (المشاكل والحلول) الذي تناولنا في مقالنا السابق، في محاولة لتعريف الجمهور والمهتمين بمفهوم هذا النوع من التأمين، نواصل اليوم تسليط الضوء على التأمين الطبي أو الصحي بالدولة، خصوصاً أننا حينما نعود إلى وطننا الحبيب نجد أن المسئولين بالدولة لم يألوا جهداً في توفير المظلة الطبية الكاملة والمثالية لمواطنيها من خلال ذراعها الطبية ألا وهو مستشفى حمد ومراكز خدماته الطبية المنتشرة في أرجاء الدولة مع العمل على دعم مواطنيها في العلاج بخارج الدولة في أي مستشفيات أو مراكز طبية متخصصة في أرجاء المعمورة لو ارتأت الضرورة الطبية ذلك..

والحقيقة، هذا الجهد لا يستطيع أي محايد أن ينكره أو يشكك فيه بل هو جهد ملموس ومقدر من الجميع في المجتمع باختلاف الأعمار، حيث احتلت دولة قطر المرتبة الأولى من بين الدول العشر الأكثر اهتماماً بالصحة حيث يوجد 8 أطباء لكل ألف مواطن مع تراجع معدل الوفيات في البلد متقدماً بذلك على جميع دول العالم مما يعكس مدى اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي في تقديم الخدمات، بل أن الدولة وسعت من تلك المظلة أيضاً لتغطي إخواننا المقيمين والمشاركين في مجالات النهضة الاقتصادية القطرية في كافة المجالات إضافة بالطبع إلى ما تقوم به المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة من تقديم تلك الخدمات للكثير من المقيمين عن طريق تعاقدات مع أرباب العمل والمسؤولين عنهم قانونياً.

ولكن في الفترة الأخيرة ومع ارتفاع تكلفة الخدمة المضطردة وفقاً لمعايير التضخم المعروفة وللأسباب السابق ذكرها مع الزيادة السكانية المستمرة سواء للمواطنين أو المقيمين فقد ارتأت الدولة والمجلس الأعلى للصحة ضماناً لاستمرارية توفير الخدمة المميزة لمواطنيها في المقام الأول واستفادة من تجارب الدول الشقيقة في هذا المضمار أن تؤسس كما أسلفنا شركة للتأمين الصحي مملوكة للدولة وتعمل على توفير الخدمات الطبية والصحية لمواطنيها في الدرجة الأولى مع تكليف إحدى الشركات الوطنية للتأمين بالقيام بدور شركة إدارة النفقات الطبية (TAP) مستفيدة من شبكة خدمات صحية واسعة تكون مستشفى حمد وأذرعها الطبية أحد مكونات تلك الشبكة إضافة إلى مقدمي الخدمة الطبية الآخرين الممثلين في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة تشجيعاً للقطاع الخاص الوطني العامل في حقل الخدمات الطبية على أن تبدأ شركة التأمين الصحي بتوفير الخدمة الطبية للمواطنين القطريين وأسرهم وهو ما شرعت به بالفعل ثم تبدأ بدراسة الكيفية اللازمة لمد تلك التغطيات الطبية للمقيمين بالدولة وأسرهم.. وفي الحقيقة إن هذا الدور الذي تقوم به حكومتنا الرشيدة يستحق الإشادة لتمسكها بدورها الاجتماعي ومسئولياتها تجاه مواطنيها والمقيمين على أرضها رغماً عن الكلفة المتزايدة التي تتكبدها ميزانية الدولة لقاء ذلك..

ولكن لو نظرنا إلى الأسواق المجاورة بدول مجلس التعاون الخليجي كدراسة مقارنة نجد أن المملكة العربية السعودية تمثل السوق الأكبر في المنطقة أي حوالي 52,3% من أسواق دول مجلس التعاون وهي الأكثر إنفاقاً على الرعاية الصحية بما يمثل 24,7 بليون دولار، وهو يمثل الانعكاس الطبيعي لعدد السكان والإنفاق الحكومي مع معدل نمو في مصاريف الرعاية الطبية يبلغ 12% ويليها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تعد السوق الثاني بالمجلس بإجمالي 11,7 بليون دولار في مصاريف الرعاية الطبية أي بما يمثل 17,7% من إجمالي النفقات ممثلة بذلك الشريحة الأعلى من الإنفاق الحكومي في مجال الرعاية الصحية ومع ذلك تعد قطر السوق الأكثر والأسرع نمواً في مجال الرعاية الصحية بما يمثله ذلك من 23% من إجمالي الإنفاق الحكومي ولكن تمثل 2,1% من سوق الرعاية الصحية بدول مجلس التعاون الخليجي، وتأتي البحرين كأقل الدول بالمجلس بما إجماليه 728 مليون دولار أي حوالي 11,4% وترشح قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة للدول الأكثر والأسرع نمواً في مجال الخدمة الصحية حتى 2018 ..

والآن لننظر إلى تجربة سوق التأمين الصحي بدولة الإمارات العربية المتحدة كسوق مرشح مع السوق القطري كالأسرع نمواً في تقديم الخدمة الصحية حتى 2018 وهنا سنجد أن حكومة إمارة أبوظبي أسست هيئة حكومية تسمى هيئة الصحة، وهي تشرف قانوناً على شركة ضمان وهي شركة تأمين صحي مدعمة من الحكومة تعمل جنباً إلى جنب مع أقسام التأمين الصحي بشركات التأمين العاملة بالدولة وأيضاً جميع مقدمي الخدمة الطبية من مستشفيات أو مجمعات أو مراكز طبية لتقديم الخدمة الصحية وبدون احتكار لأي جهة لكون الاحتكار في أي مجال يقتل أي نمو في الخدمة أو إمكانية التطوير..

وقد حددت الحكومة شريحة إجبارية للعاملين الأقل دخلاً باشتراك سنوي أقل ولكن أيضاً بسقف خدمات أقل يتناسب مع معدل الاشتراك تاركة لجميع شركات التأمين التنافس الحر في تقديم الشرائح الأخرى الأعلى سقفاً والأعلى اشتراكاً على أساس الروح التنافسية التي تفرضها روح السوق، ومن ثم فإن دور هيئة التأمين في إمارة أبوظبي تقوم بدور الإشراف والرقابة على شركات التأمين التي تمارس التأمين الطبي مع الشركة ضمان مع شبكة مقدمي الخدمة من مستشفيات ومراكز طبية وبالطبع انعكس ذلك على حجم الاستثمارات التي ضخت في مجال بناء المستشفيات والمراكز الطبية والتي انعكس نمو معدلات التأمين الطبي على معدلات نموها واتساع شبكتها والحقيقة أن تجربة إمارة أبوظبي استفادت من القول المأثور "إن أهل مكة أدرى بشعابها" فتركت الباب مفتوحاً لشركات التأمين بأن تشارك في نمو ذلك القطاع والاستفادة من الخبرات التراكمية التي كونتها تلك الشركات من خلال ممارستها للتأمين الصحي عقوداً كأحد أفرع التأمين الممارسة بنشاطها التأميني المختلفة فروعة.. وبالطبع اطمأنت الهيئة على سلامة العملية التأمينية وبتوفر الكوادر الفنية التأمينية مع سلامة اتفاقيات الإعادة التي تبرمها شركات التأمين في هذا المجال مع معيدي تأمين عالميين تضمن بها سلامة الاكتتاب وحماية حقوق المؤمنين أو المشاركين في العملية التأمينية الصحية.

وفي المملكة العربية السعودية نجد أن التأمين الطبي حقق لشركات التأمين العاملة بالسوق السعودي خسائر فادحة أدت إلى خروج البعض من السوق أو تأثر المراكز المالية لتلك الشركات، مما أدى إلى تدخل ساما أو البنك المركزي السعودي الذي يشرف على صناعة التأمين بالدولة وفرضت تعديلات تشريعية في مجال التأمين الطبي بضرورة وجود خبير إكتواري يتناول وفقاً لمعايير حساباته الإكتوارية كل ما يتعلق بالتسعير ليكون سعر الخدمة متوافقاً مع طبيعة الخدمة المقدمة ولصالح جميع الأطراف وبالتالي بدأت شركات التأمين تصلح من حالة محافظها التأمينية في مجال التأمين الصحي.

وهنا في قطر فإننا نرى أن المجلس الأعلى للصحة أسس شركة التأمين الصحي (صحة) لتقوم بالدور الحكومي الإجباري لتوفير الخدمات الصحية أولاً للشريحة الأولى وهي للمواطنين والمواطنات بالدولة، وقد أتمت الشركة للإنصاف هذة الخطوة منفردة دون دعوة شركات التأمين الوطنية لدعمها والتعاون معها في تنفيذ تلك المظلة وحالياً تقوم بدراسة المرحلة الثانية ألا وهي بسط المظلة الخاصة بتأمين الخدمات الطبية إلى شريحة المقيمين بالدولة وهم حوالي 2,200,000 نسمة على أساس آخر إحصاء للسكان بالدولة وهنا فقط نتساءل هل شركة صحة قادرة على توفير تلك الخدمة منفردة أيضاً لتلك الشريحة الأكبر من مستخدمي الخدمة ؟! أم أن عليها الاستفادة من تجربة إمارة أبوظبي مثلاً بدعوة شركات التأمين الوطنية للمشاركة معها في توفير تلك الخدمة للشريحة الأكبر وهي المقيمون بالدولة مستفيدة من خبراتهم لتوفير الجهد والمال على الدولة ولذلك فإننا نحتاج هنا من المشرع أن ينظر بعين الاهتمام حينما يبدأ في تطبيق المرحلة الثانية من مشروع التأمين الصحي للمقيمين إلى الحقائق الآتية:

1- الاستفادة من الخبرات التراكمية التي تكونت لدى شركات التأمين الوطنية والتي مارست التأمين الصحي عقوداً طويلة كأحد أفرع التأمينات العامة لديها وتكونت لديها محافظ كبيرة وشبكة عملاء بأعداد متنامية وتكونت لديها الخبرة القوية في كيفية التعامل مع هذا الحقل الهام من حقول التأمين الطبي بما في ذلك كوادر فنية متمرسة واتفاقيات إعادة تأمين قوية واتفاقيات طويلة المدى مع شركات إدارة الخدمات الطبية TPA مع علاقات قوية مع جميع مقدمي الخدمة الطبية بالدولة سواءً مستشفيات أو مراكز طبية.

2- ضرورة دعم مستشفى حمد ومراكزها الطبية بأن تكون إحدى أذرع شبكة مقدمي الخدمة على أساس روح السوق التنافسية في طبيعة الخدمة ونوعيتها والتي تتميز بها مستشفى حمد عن الجميع بخبرتها الطويلة التراكمية والأطقم الطبية ذات الخبرة المهنية العالية والمشهود بها على مستوى المراكز الطبية العالمية.

3- أن تبادر الدولة إلى تشجيع الاستثمار في مجال مقدمي الخدمة للحيلولة دون الزيادة التي يشهدها هذا المجال مما أدى إلى أن تكون قطر أعلى من مثيلاتها في قيمة الخدمة المقدمة مما ينعكس سلباً على السوق ولكن بدعم الدولة للمستثمرين الراغبين في المشاركة في حقل مقدمي الخدمة بمنح أراض تُخصص لإنشاء مستشفيات أو مراكز طبية تؤدي إلى زيادة مضطردة في عدد وحجم مقدمي الخدمة مما سيؤدي بالتالي إلى خفض المعدلات المرتفعة التي يفرضها مقدمو الخدمة حالياً مما سيكون في صالح جموع المنتفعين من خدمات التأمين الطبي.

4- دعم الدولة لصناعة الدواء بالسوق المحلي وذلك للتغلب على مشاكل الاستيراد دوماً وما يستتبعه من ارتفاع في التكلفة بزيادة هامش الربح الذي يفرضه المستوردون مما سينمي الصناعة والخدمة وبالطبع متلقي الخدمة في نهاية الأمر.

5- وضع معايير طبية ثابتة تسمى مثلا معايير قطر الطبية تلتزم بها جميع أطراف العملية الطبية سواءً من شركات تأمين أو مقدمي الخدمة أو شركات إدارة الخدمة وبالطبع سيكون ذلك في مصلحة ارتقاء العمل والخدمة الطبية المقدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

6- مراعاة أن جميع أسعار الخدمة أو الأدوية المصاحبة لتلك الخدمة الطبية تتأثر دائماً بمعدلات التضخم والتطورات الاقتصادية المختلفة سواءً ارتفاع أسعار المواد الخام أو ارتفاع مستوى المعيشة، وبالتالي بجب النظر سنوياً في جدول الأسعار ونوعية الخدمات المقدمة سنوياً على ضوء كل تلك المتغيرات.

وهنا في الحقيقة جدير بنا أن نوضح بجلاء حتى لا يساء فهمنا أو نتهم بأننا في موقع النقد أن هدفنا من هذه السلسلة من المقالات مجرد نشر الوعي التأميني في مجتمعنا وبين جمهورنا الحبيب للتعرف على جميع جوانب صناعة التأمين ونحن هنا في تجربة التأمين الصحي بالدولة لانتعرض لتجربة التأمين الصحي بإيجابياته وسلبياته لكوننا من منطلق الإنصاف ندعو للتريث وتقييم العملية على قاعدة المراجعة والتصحيح ولذلك فمن موقعي كمسئول في شركة تأمين وطنية فإنني أدعو القائمين على المجلس الأعلى للصحة والمسؤولين عن شركة التأمين الصحي (صحة) لمراجعة نتائج المرحلة الأولى والاستماع إلى شركات التأمين الوطنية من باب التشاور وتبادل الآراء لما لهذه الشركات الوطنية من خبرة طويلة تراكمية في مجال تقديم الخدمة الطبية ولها من الكوادر وشبكة العملاء ما يؤهلها لدعم مسيرة شركة التأمين الصحي (صحة).

وإننا نثق أن الدولة والمشرع لا يألوون جهداً في سبيل توفير كل سبل الرفاهية والراحة لمواطنيها بل والمقيمين على أرضها وهي الجهود والحمد لله التي يشهد بها القاصي والداني ولذلك نرى أن الدولة والمشرع يضع دائماً نصب عينية توفير السبل التي يمكن بها تطوير كل الخدمات وطرق الدعم لجميع المواطنين والمقيمين على أرض وطننا الحبيب تحقيقاً لتوجيهات ورؤية صاحب السموً أمير البلاد المفدى وحكومته الرشيدة.

مساحة إعلانية