رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في كل عام يقف العالم أجمع في الخامس من أكتوبر ليُكرِّم صنّاع العقول وبُناة الحضارة (المعلمين) في يومهم العالمي، هذا اليوم الذي يُذكّرنا جميعاً بأن وراء كل طبيب ماهر، ومهندس مبدع، وجندي شجاع، وقاض عادل، معلّماً أميناً حمل أمانة الكلمة، وغرس بذور العلم في عقولٍ صغيرة لتزهر حضارات كبيرة.
إن مكانة المعلم ليست ترفاً اجتماعياً ولا شعاراً احتفالياً، بل هي واجب ديني وأخلاقي وإنساني، فالمعلم هو من يضع اللبنات الأولى في بناء الإنسان، والإنسان هو الذي تبنى به الأوطان، وما من نهضة قامت، ولا حضارة أشرقت، إلا وكان المعلم هو أول من أضاء شمعتها.في اليوم العالمي للمعلمين لهذا العام، أطلقت اليونسكو ومنظمة العمل الدولية واليونيسف والاتحاد الدولي للمعلمين، نداءً للحكومات والشركاء والمجتمع الدولي إلى «الالتزام جماعياً بضمان الاعتراف بالتعاون كقاعدة أساسية في مهنة التدريس، لأن التعاون الفعال على جميع المستويات هو السبيل الوحيد لإقامة أنظمة تعليمية شاملة للجميع ومنصفة وقادرة على الصمود في جميع أرجاء العالم».
المعلم في ميزان الدين
لقد عظّم الإسلام من شأن العلماء والمعلمين أيّما تعظيم، فقال الله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (سورة المجادلة: 11)، كما قال النبي ﷺ: “إن العلماء ورثة الأنبياء” (رواه الترمذي)، فمن الذي يحمل ميراث الأنبياء بعدهم؟ إنه المعلم الذي يعلّم الناس الخير، ويُهذّب النفوس، ويزرع القيم، وينشر النور في العقول.
المعلم أساس كل تنمية
جميع الكوادر البشرية من الأطباء والمهندسين والضباط والإعلاميين والاقتصاديين مروا يوماً بين يدي معلم صبور حمل على عاتقه مسؤولية تعليمهم وتربيتهم، ولهذا فإن احترام المعلم ليس احترامًا لشخصه فقط، بل احترام لرسالة الأمة كلها.
ومن هنا، يجب أن يكون وضع المعلم المعيشي والاجتماعي هو الأعلى بين موظفي الدولة، لأن مسؤولياته لا تنتهي عند نهاية الدوام، فهو يصنع المستقبل بيده، ويغرس في الأجيال حب الوطن والانتماء له.
حين تُكرم الدولُ معلّميها تنهض الشعوب
إن الدول التي أدركت قيمة المعلم جعلت منه تاجًا على رؤوس أبنائها، ففي فنلندا، تُعد مهنة التعليم من أكثر المهن احتراماً وهيبة، ولا يُسمح لأحد بدخولها إلا بعد اختبارات صارمة، كما تُمنح للمعلمين رواتب ومزايا تليق بمكانتهم.
وفي اليابان، يُقدَّم المعلم في التحية حتى على الوزراء، لأنهم يرونه من صُنّاع النهضة والتقدم حتى بعد نزوله الى المعاش وأثناء حياته التقاعدية.
وفي ألمانيا، يُروى أن المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، حين أضرب الأطباء يومًا للمطالبة بمساواتهم في الرواتب مع المعلمين، أجابتهم بعبارتها الشهيرة: “كيف أُساويكم بمن علّموكم وأوصلوكم إلى ما أنتم عليه من علم ورفعة؟”، كلمةٌ واحدة اختصرت فلسفة التقدير، وأظهرت أن احترام المعلم هو سرُّ تقدّم الأمم ورفعة الشعوب.
المعلم في قطر صانع المستقبل ورافعة التنمية
إن دولة قطر تسير بخطى ثابتة نحو تطوير التعليم وبناء الإنسان، وهو ما أكدته رؤية قطر الوطنية 2030 التي جعلت من التعليم محور التنمية المستدامة، ومن هنا، فإن تمكين المعلمين القطريين، ورفع شأنهم المادي والمعنوي، وتشجيع الشباب على الالتحاق بكليات التربية، يمثل استثماراً في مستقبل البلاد وأمنها الفكري والعلمي.
ويجب أن تُعزَّز ثقافة احترام المعلم في نفوس الطلاب منذ الصغر، وأن تُدرج فضيلة تقدير المعلم في المناهج التربوية، ليشبّ الجيل على حب هذه المهنة الجليلة التي هي في حقيقتها رسالة لا وظيفة.
واجب المعلم تجاه مهنته ودولته
كما أن المجتمع والدولة مطالبان بتكريم المعلم وتقديره، فإن على المعلم أيضًا واجبات عظيمة: أن يكون قدوة في السلوك والانضباط والخلق، أن يؤدي رسالته بإخلاص بعيدًا عن التهاون والرتابة، أن يُواكب التطور العلمي والتكنولوجي ليبقى مؤثرًا ومواكبًا لعصره، أن يُغرس في طلابه حب الوطن والولاء له، وأن يُربّيهم على القيم النبيلة والإيجابية، فالمعلم الذي يحترم نفسه ومهنته يجبر الجميع على احترامه، مهما تغيّرت الظروف أو تبدّلت الأزمان.
*كسرة أخيرة
إن تكريم المعلم ليس مناسبة تُقام ليومٍ واحد، بل ثقافة تُغرس في المجتمع كل يوم، فبقدر ما نُعلي من شأن المعلم، نرفع من قيمة العلم، ونسمو بالوطن، وإذا أردنا لقطر أن تظل منارة علم وحضارة، فعلينا أن نُكرم معلميها، لأنهم هم الذين يصنعون الأجيال التي تصنع المستقبل.
وكما قال الشاعر:
قُمْ للمعلِّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولا
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد
222
| 13 أكتوبر 2025
عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد
162
| 13 أكتوبر 2025
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد
117
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8796
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
7161
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
3312
| 13 أكتوبر 2025