رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تمر الأمة العربية بأسوأ مراحلها التاريخية ،تجري عمليات تفكيك لمكوناتها القطرية ،تشتيت للجهودفي مجال التنمية المستدامة ، والنهوض بالتعليم والصحة العامة ورفاهة الإنسان ، تشتيت للجهود الأمنية محاربة الإرهاب والمخدرات والفساد ، في ظل تلك الظروف انخرطت الأنظمة العربية في معراج التبعية والانصياع للغير لتحقيق مصالح الدول الأخرى طمعا في رضاها .
الأمة العربية في مواجهات عسكرية،في اليمن والعراق وسورية وليبيا،مع أنفسنا كعرب، ،ومع قوى أجنبية باغية علينا وعلى أراضينا العربية ، نحن في شقاق عربي عربي ،السودان ومصر على حلايب ، السعودية ومصر في تيران وصنافير ، الجزائر والمغرب حول الصحراء ( البوليساريو ) وخلافات كامنة تحت رمال الخليج العربي لا نعرف متى تستدعى .
(2)
لعل البعض من القراء كان يتوقع أن أكتب عن الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأمريكي رنالد ترمب ،المتعلقة بمنع دخول الولايات المتحدة الأمريكية على مواطني سبع دول مسلمة وأكثر تلك الدول عربية ،وتصدى لها القضاء الأمريكي وأبطلوا مفعول تلك الأوامر الرئاسية ، صحيح أن تلك الظاهرة شغلت وسائل الإعلام وكذلك الشعوب والحكومات عبر العالم ، إلا العالم العربي وحكوماته والسبب معروف .
ما أريد قوله في هذا الشأن ، هل يمكن أن يتعلم القضاه في عالمنا العربي أن يكونوا مستقلين ،وأن تكون أحكامهم لصالح الأمة ، وهل يتعلم حكامنا الميامين من هذه التجربة الأمريكية وأن يقبلوا باستقلال القضاء في دولهم ؟
(3)
كنت في زيارة قصيرة للمملكة الأردنية الهاشمية قدر لي اللقاء مع نخبة من أهل الرأي والقلم كما جمعتني الظروف بلقاء صفوة من الدبلوماسيين العرب المعتمدين في عمان ، وكما هي العادة في كل اللقاءات حديثنا دائما عن هموم الأمة العربية وما يحاك ضدها ، نختلف في بعض الآراء ونتفق في آراء أخرى .كان محور حواراتنا إلى جانب هموم أمتنا ،يدور حول مؤتمر القمة العربي المتوقع انعقاده في شهر مارس القادم في العاصمة الأردنية عمان ،وزيارة الملك عبدالله الثاني لواشنطن واللقاء بالرئيس الأمريكي ، والحق أنني لم أكن متحمسا لتلك الزيارة في الوقت الذي يواجه الرئيس الأمريكي معركة دستورية وقانونية حول أوامره التنفيذية،والتي تحداها الدستوريون والمحامون ورفضوها،وأصدروا أحكاما ببطلانها ، وكذلك الشعب الأمريكي وبقية الشعوب الأوربية التي خرجت في مسيرات شعبية احتجاجا على ما فعله الرئيس ترامب ، الأمر الثاني أن عمّان تعد العدة لاستقبال القمة العربية وخشيتي أن يطلب من الملك أمر يتعلق بشأن القمة فلا يستطيع الاستجابة له وهذا قد يؤثر إلى حدما على العلاقات الأردنية الأمريكية .
(4)
في أحد اللقاءات الأخوية طرح رأي مؤداه، أن الأردن ستتحمل تكاليف مالية باهظة لاستضافة القمة ، والأردن يمر بحالة اقتصادية ليست مريحة ، وقال أحد المشاركين لعل بعض الدول أو مجموعة من الدول المقتدرة ( .... ) تساهم في تحمل بعض التكاليف كما فعلوا مع دول عربية أخرى ،قال أحدهم كيف ندعو الزعماء العرب لاجتماعهم في عمان، ونطلب منهم دفع تكاليفهم ، نحن في الأردن لا نقبل بذلك وسنتحمل كل تكاليف الضيافة .
تطرق رواد المجلس إلى الأزمة المالية التي تتعرض لها الأردن والمنح الخليجية ،ومسألة اللاجئين السوريين والعراقيين ومن قبلهم اللبنانيون والنازحون من غزة ، وتكلفة هذا اللجوء عالية وباهظة . قال أحدهم نضرب مثلا بالمياه ، الأردن شحيحة المصادر المائية ،وبالكاد تكفي المواطن الأردني ، إذا كان الإنسان الأردني يحتاج لبيته ما يقارب عشرة لترات على الأقل من الماء في اليوم ،فإن مجموع ما يستهلكه الشعب الأردني كله في اليوم الواحد 10 في 5 مليين أردني فإنه يحتاج إلى 50 مليون لتر ماء ، فما بالك باللاجئين والعابرين والبالغ عددهم تقريبا 3 ملايين إنسان ، ونفترض بأن الأسرة الضيفة على الأردن تحتاج إلى نفس القدر اعلاه فإن الأردن سوف يتحمل تكاليف 30 مليون لتر ماء . ولن أضرب مثلا {خر بالنسبة للكهرباء والبنزين والسلع الغذائية كل تلك التكاليف ستكون على حساب رفاهة المواطن الأردني .
يرد آخر بالقول لدينا عروض سياحية بالملايين من إيران والعراق ولبنان، لدينا مقابر /مراقد ،ممكن الاستفادة منها سياحيا لكننا أبينا ذلك ، ولكن ياإخواني الجوع كافر، قد نضطر إلى فتح هذا الباب وتاكدوا بأنه سيغنينا ويغطي حاجتنا ، فلا تدفعونا إلى ذلك يا من حباهم الله بالوفرة المالية والنفطية.
تأكدوا أننا لا نريد منكم نقودا نريد بترولا وديزلا وغازا بأسعار خاصة ، نريدكم أن تعاملونا كدولة أوْلى بالرعاية، ولكم سابقة خير مع مصر وتركيا ، جربوها معنا يا أهلنا المقتدرين من الجزائر إلى الخليج العربي لا تتركوا الحاجة ترغمنا على مالا تحبون ولا نحب نحن أيضا ، نحن معكم في السراء والضراء في الحرب والسلم وقد جربتمونا ولم نقصر .
(5)
قلت ياإخواني أهل الخليج في تقديري قدموا ويقدمون ولست في حاجة إلى ذكر الدول التي أعانت الأردن في محنته الاقتصادية، ولكن نلمح أحيانا أنكم تشيحون بوجوهكم عنا في أزماتنا ،ولا تشاركوننا أحزاننا وأفراحنا ولا مواقفنا ،لكن الخليج أيضا يتعرض لهجمة شرسة أثرت على عملية التنمية وخفضت الشركات الكبرى عمالتها إلى حد كبير نظرا لانخفاض أسعار البترول . ولكن فوق هذا كله يجب أن أقول :" إن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه " وعلينا من الخليج إلى الجزائر تفهم حال الأردن ومد يد العون لأشقائنا ، هم يتحملون الكثير عنا في شأن اللاجئين والنازحين والعابرين وحماية الحدود . لست شيخا من شيوخ تفسير القرآن الكريم ولكني أقول لأهلنا في الأردن ، قدركم كما قال القرآن الكريم "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وسيرا " (الإنسان الايه 9 ) وآية أخرى تقول :" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة "( الحشر الآية 9 ) وأخيرا الآية التي نصها " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم "(الذاريات الآية 19 ) والآية الأخيرة تنطبق على أهلنا في الخليج والجزائر
آخر القول : يا قادتنا الميامين لا تتركوا الأردن ينفرط من العقد العربي .فقدنا العراق وسوريا، فلا نضيع من أيدينا الأردن ونحن القادرون .
يأتي يوم المعلم هذا العام ليؤكد من جديد المكانة السامية التي يحظى بها المعلم في دولة قطر، تلك... اقرأ المزيد
195
| 06 أكتوبر 2025
الاغتراب الثقافي هو ابتعاد الفرد عن جذوره الثقافية وقيم مجتمعه، إما بإرادته أو نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية خارجة... اقرأ المزيد
264
| 06 أكتوبر 2025
تتقدم قضية التغير المناخي ومحركها الأساسي الاحترار العالمي قائمة التهديدات الخطيرة على مستقبل البشرية، إذ في بعض المؤشرات... اقرأ المزيد
369
| 06 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5196
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
1899
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
1728
| 02 أكتوبر 2025