رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. بثينة محمد الجناحي

مساحة إعلانية

مقالات

384

د. بثينة محمد الجناحي

مثالي لدرجة الواقعية!

05 أغسطس 2025 , 12:17ص

قررت أن أعيش في المثالية لهذا المقال، وان أرى من منظور سهل ممتنع بسؤال «ماذا لو»، حيث المثالية في الموهبة وحصولها على كافة التسهيلات والدعم كي تعبر بلا توقف، والمبدع بتطلعات نحو أعمال تطمح للعالمية. المسألة المثالية لا ينقصها مفتاح، إنما تفتقد ملء الفراغ والنظر في أعمق من التطلعات والآمال، وحتى أن نكون قادرين على سد هذه الثغرة، علينا النظر أكثر في مسألة التسهيلات كأحد عوامل تقويم التطلعات وبناء الرؤية وصقل الإمكانيات وتحديد الاحتياجات وفهم الاحتياجات حتى. وأقف كثيراً ومطولاً عند مسألة الاحتياجات، ولربما أطرح عدة تساؤلات هنا، ماهي الاحتياجات، وهل للمؤسسات دور في تلبية الاحتياجات أو حتى تحقيق جزء منها على الصعيد الفردي، المجتمع وحتى الكلي.  

نعود مرة أخرى للرومانسية المثالية، «ماذا لو» عملك لاقى الصدى المؤسسي المطلوب، فأصبحت جزءا من عجلة فاعلة تضمن لك الاستمرارية، وتدعم امكانياتك لتحقيق طموحاتك الكبيرة. لأن عملك لاقى اهتمام المؤسسة، فأصبحت الكفاءات الإدارية تتسابق عليك وتحاول العمل معك لصقل موهبتك أولاً ولإبرازك بشكل مستمر في محافل دولية، واستغلال الفرص لإبرازك محلياً حتى. ولأنك مبدع ومهتم، تلاقي الاهتمام الجماهيري تشجيعا نحو الاستمرارية، وتخصص أوقاتا لبناء أعمال حصرية. ولأن الكفاءات الإدارية على تواصل مستمر معك، أصبحت أكثر إلماما بالمجال، ولربما فتحت لك الأبواب والفرص للتعرف على قامة المواهب وأكثرها خبرة، بل أصبحت أكثر انطلاقاً واستقلالية. باختصار، أصبحت جزءا من المشهد الثقافي، أصبحت قوة ناعمة لها دور في الحراك المحلي المعاصر، أصبحت فاعلا من حيث الاستمرارية والتأثير من خلال اكتشاف المزيد من المواهب. بدأت تتأمل نفسك كجزء من معرض يبرز موهبتك، وجلسة نقاشية تحاورك حول أبرز أعمالك، وتنتقدك وتحاور أبرز صعوباتك في إخراج نصوصك وسرديتك. عطاؤك بلا توقف في فترة حضورك وفاعليتك في المشهد الثقافي، فلاتزال الكفاءات الإدارية تعمل لإبرازك، محاولة أن تشجع من حولك للتمثل على خطى انجازاتك، مقدمة لك التسهيلات والأدوات والإرشاد بداية من أولى الخطوات. كما أصبحت أنت المساهم في استقطاب وتشجيع المبدعين للعمل على تحسين وصقل مهاراتهم، بل شكلت مع المؤسسة ذراعا ثقافيا متكاملا تواصل جهودها لتحافظ على استمرارية الأداء وفاعلية تجديد المشاريع. 

لربما تعتبر هذه المثالية السردية في الأعلى جانبا اتكاليا، ولكن لو نظرت إليها من حيث سد الثغرات وصقل المهارات، لن تستهين بهذا المنظور، ولو تعمقت فيه المضمون بشكل أعمق ستلاحظ وجود المقومات الأساسية التي تضمن عدم تقوقع المبدع حول نفسه. تجد الجواب واضحا من بناء صورة مثالية بمقومات جداً واقعية ينقصها التطبيق الصحيح، فالكفاءة الإدارية على الصعيد المحلي هي أساس تلك المقومات التي تندرج تحتها أساسيات بناء وتجديد المشهد، بداية من فهم الاحتياجات الثقافية واكتشاف وسائل البناء المعنوي العميق للثقافة، تعزيز القدرات المالية، دراسة المحيط من حيث فهم نواقصه وتطوير أنساقه الثقافية، مصحوباً ببناء قاعدة جماهرية مستدامة، وأخيرا التأثير والتأثر لدفع عجلة استقطاب المواهب. تستيقن أن الصورة الثقافية هي تكميلية لرؤية مجتمع، فالسردية الثقافية لا تكتمل إلا بخصوصية استراتيجية تتطلب الوقت، التمويل، وتكريس الجهود الجماعية للوصول إلى بناء المشهد الثقافي المطلوب والطموح والمواكب. 

ما تم ذكره في الأعلى ليس يوتوبيا أو مثالية، بل من الممكن جدا أن يتحول إلى واقع فعلي. ماذا لو طبقت هذه السلاسة على تمكين واستقطاب المواهب، أين العوائق؟ وأين تكمن صعوبة تحقيق النتائج؟ لربما نستيقن من هذه التأملات أن قدرات الاستقطاب ليست بالأمر التعجيزي على المستوى الإداري لدى المؤسسات وحتى الأفراد، بل تتطلب إعادة تشكيل الكفاءات ممن لهم النظرة النوعية، الإدارية، والشمولية لاستقطاب المواهب وتعزيز إمكانياتهم، بل واستغلال الموارد المالية بشكل متزن وصحيح من أجل تحقيق الرؤى الثقافية من مناظير مختلفة نابعة من أساس المجتمع. 

فلا تضع كل آمالك على « ماذا لو» المثالية، وهي أقرب إلى الواقع مما تظن!

مساحة إعلانية