رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحمدُ للذي أنطقَ اللسان، وجعل للكلمةِ سُلطانا
وللبيانِ جَنانًا لا يطويهِ الزمانُ ولا المكان.
وبعدُ :
أيُّها الجمعُ الكريمُ
فقد كانت مكتبتُنا منذ أيامٍ معدودات، على موعدٍ مع مجلسٍ ماتعٍ من مجالس «قطر تقرأ» و»مركز القيادات»،
حيث دار الحديثُ عن مقامات الحريري، فأحيا الحاضرُ صليلَ الماضي،
واستيقظتْ البلاغةُ من سِباتٍ طويلٍ سامي.
ويومها صُغتُ «المقامة الكَوّارية الأولى»
مجاراةً لفنٍّ عربيٍّ نبيل، وتأكيدًا أنّ هذه الأرض تُنبتُ الفصاحةَ كما تُنبتُ النخيل،
وتَسقي البيانَ بماءِ الثقافةِ الأصيل.
واليوم… نعودُ للمقاماتِ عودةَ الغيثِ للروابي بعد طولِ ظمأ،
ولقاءَ الروحِ بالمعنى بعد طولِ عناء.
فأحيّيكم جميعًا تحيّةَ الحرفِ للحرف،
والمدادِ للصفحاتِ النضر.
وأخصّ بالترحيب الأخ العزيز
محمد بن أحمد بن طوار الكواري،
وهأنذا أضعُ بين أيديكم:
المقامة الكَوّارية الثانية
تيمّنًا بالوصل، وتثبيتًا للفضل،
في زمنٍ تعودُ فيه لغتُنا شامخةً بهيّة،
تسترجعُ مكانتها السامقة في مدائن المعرفة الإنسانية
حُكِيَ - والحديثُ ذو شجونٍ وشؤون -
أنَّه في يومٍ من أيّام الدوحةِ الغرّاء، حيث تلتقي العقولُ والكتب بالضياءِ
وتظلّلنا مكتبةٌ جعلت من العلمِ منارًا، ومن الذاكرةِ إرثًا يتجدّدُ نهارًا بعد نهار،
خطرَ لي أن أكتبَ مقامةً عن الصَّمْدَة،
كلمةٍ حيّةٍ في ذاكرةِ قطر،
ولفظةٍ خرجت من رحمِ الصحراءِ تحملُ في طيّاتها معاني الكرم، الأمن، والضيافة.
فقلتُ مخاطبًا نفسي:
يا أبا تميم…
إنَّ للمقاماتِ رجالًا، وللبيانِ فرسانًا،
وما لهذا المقامِ إلا أبو زيد السروجي
سيّد الحيلةِ والبديهةِ واللسان الفصيح الملتهبِ طلاقة.
فناديته بصوتٍ سافرٍ عبرَ الزمن،
فقامَ من بين طيّاتِ التاريخِ كأنّه حيٌّ لم يمت،
عمامةٌ على الرأس، ولسانٌ فيه فصاحةٌ لا تكلّ ولا تَسأم.
فقال - وقد رفع حاجبيه دهشةً واستنكارًا -
ما شأنُك تدعوني من رقادٍ طويل؟ وما حاجتُك بي في هذا السبيل؟
فقلتُ - مستزيدًا من تأنّقه -
أريدُ مقامةً في الصَّمْدَة،
محطّةِ العابرين، ومأمنِ الضالّين،
ومجلسِ المسافرين حين يضيقُ الطريقُ ويشتدُّ الهجير.
قال - وقد تفتّحت ذاكرته -
الصَّمْدَة؟ تلك التي كانت ملاذًا من شدائدِ السفر؟ وراحةً من وعثاءِ السَّير؟
قلتُ: هيَ هي…
لكنّها اليوم في قطر تحوّلت من خيمةٍ على أطرافِ الرمال
إلى رمزٍ حضاريٍّ بين النجومِ والأطلال،
تُعانقُ المطاراتِ والجامعاتِ والندوات،
وتُشيعُ في العالمِ رسالة الضيافة والثقافات.
فقال السروجي: إن كان هذا شأنُها، فلا بُدَّ من مقامةٍ تُخلّدُ أمرَها وتُسطّرُ خبرَها.
قلتُ: هاتِ نكتبها سويًّا؛
أنتَ تسعفُني بالعبارة، وأنا أُسعفُك بالدلالة والإشارة.
فجلسنا على رُخامِ المكتبة،
حيث الكتبُ شهود،
والأقلامُ جنود،
والصفحاتُ تنتظرُ مولدَ الكلامِ الولود.
فقال السروجي: حدّثني عن أصل الكلمةِ في أرضكم يا قومَ الندى والهمم.
كانت الصَّمْدَةُ - يا أبا زيد -
قلتُ: خيمةَ الراحةِ على قارعةِ الظمأ،
ومجلسَ القهوةِ والأنس والبهجة،
يأوي إليها المسافرون من جهدِ الطريق،
ويستعيدون فيها قوّةَ عزمٍ يواصلون به المسير.
فضحك وقال - مفتخرًا بسفرِه القديم -:
وما أكثرَ ما طويتُ البيداءَ، ،، ومشيتُ على الرمالِ الصفراء،
فالسياحةُ عندنا كانت سفرًا لطلبِ رزقٍ أو علم،
أو موعظةٍ تُهذّبُ الروحَ والقيم.
فقلتُ: صدقتَ يا بطلَ المقامات،
لكنّ للسفرِ في عصرنا وجهًا جديدًا وجَنابًا مجيدًا:
سافِرْ ففي الأسفارِ خمسُ فوائدٍ
تفريجُ همٍّ واكتسابُ معيشةٍ وعِلمٌ وآدابٌ وصُحبةُ ماجدِ
ثم أضفت: أمّا اليوم…
فقد تبدّلت الوسيلةُ وتغيّرت الغاية؛ صار الترحالُ في الأجواءِ،
بعد أن كان على ظهورِ الإبلِ والخيولِ العَتاق،
وصارت السياحةُ رسالةَ سلام، ولقاءً بين الأنام،
وجسرًا من القلب إلى القلب قبل أن يكون من الأرض إلى الأرض.
فقال السروجي وقد أشرق وجهُه إعجابًا:
سبحانَ من بدّل رواحلَ الأمسِ طائراتِ اليوم،
وجعل من مشقّةِ الطريقِ متعةَ الاكتشافِ والتفاهم والوئام.
قلتُ: وقد اجتمعنا اليومَ في مكتبتِنا الوطنية -
مهوى الأفئدة، وموئلُ المعرفة -
لنحتفي بكتابٍ عنوانُه:
«الصَّمْدَة: مستقبل السياحة في قطر»
كتابٌ يوثّقُ الشواهدَ والمَعالِم، وينطقُ بلسانِ النهضةِ والقِيَم،
ويُخبرُ العالمَ أنَّ قطرَ جعلت السياحةَ دبلوماسيةً ثقافيةً راقية،
تُخاطبُ الضميرَ الإنساني قبل الجَيبِ والمَغنم.
ففتح السروجيُّ صفحاتِه،
وتأمّلَ أسرارَه، ثم قال:
ما أروعَ ما أنجزتم!
نقلتم الضيافةَ من زادِ الصحراءِ إلى فخامةِ الحاضرة،
ومن صَفحة الرمالِ إلى صفحاتِ التاريخِ المدوَّنة.
قلتُ: وهنا جوهرُ الصَّمْدَة يا صاحِ…
فالضيفُ عندنا لا يُستقبلُ ببابٍ من حديد،
بل ببابِ قلبٍ مفتوحٍ لا يُغلقُ في وجهِ أحد.
فقال: صدقتَ، فما السياحةُ إلا ضيافةُ الروح،
وما الصَّمْدَةُ إلا عهدُ أمانٍ ووعدُ حنانٍ يُقدَّمُ قبل المكان.
فقلتُ وأنا أزيدُ من وصفِ النعمةِ والبُنى: يا أبا زيد…
لقد صار المسافرُ في بلادنا يجدُ: فنادقَ تُنافسُ قصورَ الملوك ومتاحفَ تُنطِقُ الآثارَ والفنون
وأحياءً ثقافيةً ك كتارا ومشيرب لا تنضبُ فيها الينابيع
وجامعاتٍ تُعانقُ السماءَ بعلمٍ وفكرٍ رفيع
ومكتبتَنا هذه… تاجًا على رأسِ الثقافة
وحدائقَ فيحاءَ كانت حلمًا فأصبحت حاضرًا مدهشًا
فقال السروجيُّ - وهو ينظرُ بدهشةِ الطفل وفرحةِ المكتشف -
يا لروعةِ الدوحة! ،، جمعتِ المتعةَ والفائدة،
والضيافةَ والمعرفة،،، فغدتِ مقصدَ الأسرةِ والعالِمِ والمغامرِ في آن.
ثم التفتَ إليّ وقال: أترى أنَّ هذه المقامةَ قد اكتملت؟
فقلتُ: لا يا صاحِ…
فكلُّ صَمْدَةٍ بدايةُ مسير،
وكلُّ ضيافةٍ بذرةُ تقدير،
وما دامت قطرُ تُنيرُ،
وتُبدعُ وتُوقّرُ الإنسان،
فالمقامةُ مستمرةٌ على مَرِّ الزمان.
فخطَّ السروجيُّ خاتمتَه وقال:
هذه مقامةٌ كَوّاريةٌ مُشتركة، كتبَها قلمٌ من الماضي،
وصوتٌ من الحاضر،
ليثبتا للعالمِ أنَّ الصَّمْدَةَ القطرية
ليست استراحةً على طريق،
بل عهدُ وطنٍ يَمضي…
بين الرمالِ والنجومِ بثقةِ الملوك.
صيف سويسري ضائع
«سأعود مُعافَى من الشعارات المخزونة في طيات لساني، أترك التعصب الذي يستولي عليَّ ويحيلني ببغاء تكرر المحفوظات. تطرفت... اقرأ المزيد
348
| 06 نوفمبر 2025
بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل المتجددة
كانت المقالات في الصحف من أكثر الأشياء المؤثرة في صناعة الرأي العام والتوجيه المجتمعي، وكان كاتب المقال صاحب... اقرأ المزيد
492
| 06 نوفمبر 2025
مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون للأطراف بشأن تغيرات المناخ.. لحظة الحقيقة
تبدأ اليوم في منطقة الأمازون البرازيلية «قمة بيليم» التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للأطراف بشأن تغير المناخ... اقرأ المزيد
213
| 06 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3519
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2142
| 03 نوفمبر 2025