رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد اللطيف آل محمود

عبد اللطيف آل محمود

مساحة إعلانية

مقالات

792

عبد اللطيف آل محمود

من أمن العقوبة .. أساء الأدب

02 مايو 2005 , 12:00ص

المجتمع القطري مجتمع صغير متجانس ومترابط، أفراده يعرف بعضهم بعضاً، بينهم أواصر قرابة ونسب وعلاقات سكنى وجوار. مصاب العائلة الواحدة يشمل عشرات العوائل والأفراد. مجتمعنا هذا مصاب بنزيف شبه يومي في خسارة أفراده من جراء الحوادث المرورية. فلا يكاد يمر أسبوع إلا وتجبرك الظروف على أداء واجب العزاء في وفاة، أو واجب المواساة لزيارة مصاب في المستشفى لضحية من ضحايا الحوادث المرورية. وأصبح عندنا - للأسف - نوع من التقبل لرتابة هذه الحوادث وما تسببه من ازهاق للأرواح وهدر للأموال، وكأنها ضريبة ندفعها مقابل التطور الاجتماعي والتقدم الاقتصادي.

أمس الأول دشن سعادة الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للشؤون الداخلية الحملة الوطنية للحد من الحوادث. وأسفر الحديث خلال الندوة المصاحبة لبدء الحملة التي شاركت فيها وزارتا الصحة والأوقاف عن أن معدلات الوفيات خلال 2004 جراء الحوادث المرورية قد بلغت 164 حالة وفاة، وأن المعدل للشهور الأربعة الأولى من 2005 قد بلغ 67 حالة وفاة، أي بمعدل حالة وفاة واحدة كل يومين!!! وأضافت وزارة الصحة انه خلال الـ 20 سنة الماضية ازدادت معدلات الوفاة بواقع 10% إلى 12% سنويا. وهذا يعني أن الوتيرة إذا استمرت على نفس المنوال فإنه سيكون لدينا حوالي 182 مجلس عزاء قبل نهاية السنة الحالية.

الحديث خلال الندوة تركز كالعادة على الحملات والدراسات السابقة التي لم تخرج عن نطاق ان الحوادث سببها السرعة الزائدة وتجاوز أنظمة وقواعد المرور، وأن العلاج يكمن في برامج التوعية وأهمية الالتزام بنصائح وارشادات وقواعد ونظم المرور وضرورة تعاون المواطنين لإنجاح الحملة إلخ.. إلخ.. إلخ.

وفي تصوري أن الحملة - المتوقع استمرارها عدة شهور - لن تسفر عن شيء يذكر للحد من الحوادث لأنها أغفلت السبب الأول والرئيسي لاستفحال الحوادث المرورية خلال السنوات القليلة الماضية. فهي شخّصت الداء وصرفت الدواء المختلف. كلنا نعرف أن أغلب الحوادث تأتي نتيجة السرعة والرعونة والتهور من قبل الشباب في قيادة السيارات والدراجات النارية التي قادت إلى حوالي 50% من الحوادث المرورية خلال العام الماضي.

فيكفي أن يمتلك الشاب سيارة فخمة ورقماً مميزاً ليحس بأنه اكتسب الحق لانتهاك قواعد المرور بالطريقة التي تحلو له. فتراه يقود سيارته بسرعات رهيبة أو يقطع إشارات المرور أو يتحدى زملاءه وأقرانه في عمل «تخميسات» يرسمها في وسط الشوارع والأرصفة وتعتبر كأنها تواقيع شخصية له. وتراهم يصعدون الأرصفة بواسطة سيارات الدفع الرباعي ليتخطوا صفوف السيارات الأخرى بدون أدنى احترام للآخرين. والأدهى والأمر هو قيادتهم السيارات ليلاً بأنوار مطفأة أو شبه معدومة، أو قيادة السيارة بسرعة بطيئة جداً في الطرق السريعة حيث تشاهد السائق وقد تمدد على كرسيه يرضع من هاتفه النقال أو يشاهد تليفزيونه الخاص.

أين رجال المرور من هذه النوعية التي تسرح وتمرح في شوارع الدوحة؟ ألا يعرفون ويشاهدون استعراضاتهم ومخالفاتهم المرورية؟ أين هيبة رجال المرور التي ينتهكها الشباب يومياً، وهم يمرون مسرعين أمام سيارات الدوريات؟ لماذا لا نرى أعداد رجال المرور ليلاً كما نراهم نهاراً؟ وهل اقتصر وجودهم على تسليك السير وعمل تقارير الحوادث فقط؟ هذه النوعية من السائقين تشبعت بمقولة «من أمن العقوبة أساء الأدب» ولا تفيد معها التوعية المرورية. وهؤلاء السائقون وأغلبهم مراهقون تصعب السيطرة على تصرفاتهم ولا يدركون المسؤولية ولن تجدي معهم الارشادات والتوعية المرورية. ولن تجدي معهم إلا العقوبات الصارمة. تراهم يلتزمون بقواعد ونظم المرور في الدول الأخرى خلال الإجازات الصيفية لأنهم يعرفون أن القانون هو السائد على الجميع هناك. والحل يكمن في تشديد العقوبة أولاً وثانياً وثالثاً ثم إعادة الهيبة لرجال المرور. وكلنا ثقة في أن سعادة وزير الدولة للشؤون الداخلية وقد كان شخصياً على رأس الحضور أمس الأول في الندوة المصاحبة لبدء الحملة، في دعمه الكامل لإدارة المرور ورجالها بتمكينهم من الصلاحيات والقوانين الرادعة واللازمة لفرض النظام والقانون على مقلي الأدب في الطرق.

ويبقى الأمر الأخير لأولياء الأمور في أن يتقوا الله في أبنائهم بعدم تمكينهم من قيادة السيارات في سن مبكرة، ومعرفة أين وكيف يقضون أوقات فراغهم، خاصة ليلاً، وأن يكونوا عوناً للمسؤولين في ضبط تصرفاتهم الصبيانية للحد من النزيف اليومي المستمر للدم القطري.

مساحة إعلانية